الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل هذا موجود في شركات عالمية كبيرة تستخدم إغراء المرأة؛ لتتم أعمالًا وصفقات مشبوهة، ما كانت لتتم لو أن الميزان كان معتدلًا. . والعقل هو الحكم الوحيد في هذه المسائل من أمور الدنيا.
الوجه الرابع: لماذا لا تحترم حرية المحجبة في اختيار الحجاب
؟
إذا كان من يدعو إلى السفور ينطلق من دعوى الحرية؛ فلماذا لا يحترم حرية المحجبة في اختيار الحجاب؟
لقد ردت على هؤلاء امرأة غير مسلمة، وحجتهم بالمنطق نفسه، منطق حرية الاختيار، إنها الروائية الفرنسية أنى أرنو تقول -معلقة على منع طالبات مسلمات في فرنسا من دخول المدارس وهن محجبات-:
أرى أن الحجاب وسيلة تؤكد بواسطته المسلمات هويتهن الثقافية، وهو أمر يجب أن يحترم؛ لأن منعه خرق للحرية الشخصية، صحيح أن المدارس الفرنسية علمانية، لكن هذه مسألة حرية شخصية، فهناك فرنسيات مسيحيات يأتين إلى المدارس بملابس دينية دون أن يحتج أحد.
وترد على هؤلاء أيضًا رئيسة اتحاد التلميذات في فرنسا كورين سيلر وسنها (17) سنة، فتقول: إن الكبار هم الذين يصنعون هذه المشاكل، ولقد سمعنا كثيرًا من ردود الفعل المتخلفة، إن كل شيء بسيط بالنسبة إلينا أن تلبس فتاة الإيشارب أو الحجاب ليس مشكلة في مدرستنا فتاتان ترتديان الحجاب منذ سنتين، دون أن يثير ذلك أي مشكلات، كما أن الطالبات اليهوديات اللاتي يتغيبن يوم السبت ينقلن بعد ذلك الدروس.
وكان قريبًا من هذا موقف وزير التعليم الفرنسي ليونيل جوسبان الذي أكد على ضرورة احترام آراء الآخرين. وكذلك ميشيل رو كار رئيس الوزراء الدي يدعو إلى ضرورة احترام حرية الآخرين وآرائهم.
وفي بريطانيا. . تكررت المعركة نفسها؛ حين أقدم رئيس إدارة إحدى المدارس في لندن؛ على طرد طالبتين مسلمتين بريطانيتين من أصل باكستاني من المدرسة، بسبب إصرارهما على ارتداء الزي الشرعي الإسلامي. وتلقفت الصحافة والإذاعة ومحطات
التلفزة الخبر، في إن مضت أيام قليلة حتى سيطرت معركة الزي الشرعي الإسلامي على الساحة السياسية والإعلامية والدينية في بريطانيا.
وسارع والد الطالبتين -وهو من مشاهير أطباء العيون الاختصاصيين في لندن- إلى رفع عدة شكاوى إلى الهيئات التي تدافع عن حقوق الإنسان، وإلى الهيئات التي تحارب التفرقة العرقية والعنصرية مطالبًا بإلغاء قرار رئيس إدارة المدرسة البريطانية، باعتباره قرارًا ينتهك الحرية الشخصية وحرية العقيدة، وباعتباره قرارًا يحمل رائحة التمييز العرقي والعنصري كون الطالبتين من أصل أسيوي.
ولم تأخذ معركة الزي الشرعي الإسلامي وقتًا طويلًا، إذ سرعان ما اضطر رئيس إدارة المدرسة أمام ضعف حججه ومبرراته، إلى التراجع عن قراره، وسمح للطالبتين بالعودة إلى المدرسة وهما تلتزمان بالزي الشرعي الإسلامي.
ونقلت محطات الإذاعة والتلفزة خبر عودة الطالبتين إلى المدرسة بالبث الحي المباشر، وشاهد ملايين البريطانيين عدة مئات من الطالبات البريطانيات يرحبن بالأناشيد والتصفيق بعودة الطالبتين المسلمتين إلى المدرسة، وشاهد الملايين أيضًا الأب وهو يحتضن ابنتيه قبل أن تدلفا إلى داخل المدرسة وقد انهمرت دموع الفرح من عينيه وعيني ابنتيه فرحًا بالنصر الذي حققه اللَّه لهما في معركتهما من أجل الالتزام بطاعة اللَّه عز وجل، وإطاعة أحكام شريعته.
وهكذا تنتصر المحجبات في فرنسا وإنكلترا، حيث الحرية الشخصية مصونة، بينما يمنع الحجاب في بعض أقطار المسلمين في الوقت الذي لا يُمنع فيه التكشف، بل العري!
يقول د/ عبد الكبير العلوي المدغري: فأين أدبيات الحرية الشخصية وأين حقوق الإنسان المعلن عنها في التصريح العالمي في حقوق الإنسان والتي تتصدر دساتير الدول المتمدنة؟ ! وأين المراقبة التي يمارسها منظمة العفو الدولية على الدول والحكومات لغرض احترام حقوق الإنسان، وهي ترى وتسمع حكومة فرنسا تطرد الفتيات المسلمات
المحجبات من المدارس والجامعات، وترى وتسمع المحاكم هناك وهنالك تصدر الأحكام والقرارات بالطرد، بدعوى أن الحجاب يتعارض مع مبدأ علمانية الدولة؟ !
هل بلغ الخزي بهذا العالم المادي العلماني هذه الدرجة التي تسمح لضمائر القضاة بحرمان إنسان من نور العلم والمعرفة وطرده من مدرسته أو جامعته بسبب أنه اختار أن يضمع منديلًا على رأسه؟ ! هل هذه هي الحضارة الغربية والمدنية الغربية والثقافة؟ !
لقد كان الإسلام يبسط سلطانه على إمبراطورية عظيمة تمتد من شرق آسيا إلى غرب إفريقيا وجنوب أوروبا، وكانت الشريعة هي دستور تلك الإمبراطورية، وما سمعنا أن المسلمين منعوا المسيحيين أو اليهود من ارتداء ملابسهم المميزة، سواء في معاهد العلم أو في الشارع بدعوى تعارض تلك الأزياء مع المبادئ التي تقوم عليها الدولة:
إن هذه القرارات التي اتخذها القضاء، سواء في فرنسا أو في تركيا أو في بلد علماني آخر، تعتبر مظهرًا من مظاهر إفلاس الفكر اللائكي، وصورة من صور انحطاطه وأنه فكر متطرف وبعيد كل البعد عن الموضوعية. (1)
* * *
(1) المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير (280 - 281).