الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضًا: الْقَتْلَ جَزَاءٌ عَلَى الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ مِنْ أَعْظَمِ الْجَرَائِمِ، وَلِهَذَا كَانَ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ مِنْ خَالِصِ حَقِّ اللَّه تَعَالَى، وَمَا يَكُونُ مِنْ خَالِصِ حَقِّ اللَّه فَهُوَ جَزَاءٌ. . .، والْجِنَايَةَ بِالرِّدَّةِ أَغْلَظُ مِنْ الْجِنَايَةِ بِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ، فَإِنَّ الْإِنْكَارَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَغْلَظُ مِنْ الْإِصْرَارِ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الْإِنْكَارِ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ (1).
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وكذا العرب لما ارتدت بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أجمعت الصحابة رضي الله عنهم على قتلهم (2).
قال ابن قدامة: وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين؛ روى ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد رضي الله عنهم وغيرهم، فلم ينكر فكان إجماعًا (3).
وقال ابن حزم: وصح أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقتل من بدل دينه؛ فصرنا إلى ذلك (4).
وقال ابن تيمية: وقتل المرتد أوجب من قتل الكافر الأصلي والذمي إذا سب، فإنه يصير كافرًا محاربًا سابًا بعد عهدٍ متقدم، وقتل مثل هذا أغلظ (5).
5 - بيان من هو الزنديق والمنافق والساحر:
أولًا: الزنديق:
وهو القائل ببقاء الدهر، فارسيٌ معرب، وهو بالفارسية: زندكراي، يقول بدوام بقاء الدهر، والزندقة: الضيق، وقيل: الزنديق منه لأنه ضيق على نفسه.
قال الأزهري: الزنديق معروف، وزندقته أنه لا يؤمن بالآخرة ووحدانية الخالق.
(1) المصدر السابق (10/ 109).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 134).
(3)
المغني والشرح الكبير (10/ 74)، العدة شرح العمدة (616)(باب حكم المرتد).
(4)
المحلى (11/ 40).
(5)
الصارم المسلول (166).
وقال أحمد بن يحيى: ليس زنديق ولا فَرْزين من كلام العرب، ثم قال: ولكن البياذقة هم الرَجَّالةُ وقال: وليس في كلام العرب زنديق، وإنما تقول العرب: رجل زندق وزندقي إذا كان شديد البخل، فإذا أرادت العرب معنى ما تقوله العامة قالوا: ملحد ودهري، فإذا أرادوا معنى السن قالوا: دهري قال: وقال سيبويه: الهاء من زنادقة وفرازنة عوض من الياء في زنديق وفرزين، وأصله الزناديق.
الجوهري: الزنديق من الثنوية: وهو معرب، والجمع الزنادقة، وقد تزندق والاسم زندقة (1).
والزنديق بالكسر: من الثنوية، أو القائل بالنور والظلمة، أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية، أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان، أو هو معرب زن دين أي: دين المرأة (2).
وقال ابن حجر: إن أصل الزنادقة أتباع ديصان، ثم ماني، ثم مزدك. . . .، وحاصل مقالتهم أن النور والظلمة قديمان، وأنهما امتزجا فحدث العالم كله منهما، فمن كان من أهل الشر فهو من الظلمة، ومن كان من أهل الخير فهو من النور، وأنه يجب السعي في تخليص النور من الظلمة فيلزم إزهاق كل نفس، وإلى ذلك أشار المتنبي حيث قال قصيدته المشهورة:
فكم لظلام الليل عندك من يد
…
تخبر أن المانوية تكذب
وكان بهرام جد كسرى تحيل على ماني حتى حضر عنده وأظهر له أنه قبل مقالته ثم قتله، وقتل أصحابه؛ وبقيت منهم بقايا اتبعوا مزدك المذكور، وقام الإِسلام والزنديق يطلق على من يعتقد ذلك، وأظهر جماعة منهم الإِسلام خشية القتل؛ ومن ثم أطلق الاسم على كل من أسر الكفر وأظهر الإِسلام، حتى قال مالك: الزندقة ما كان عليه المنافقون، وكذا أطلق جماعة من الفقهاء الشافعية وغيرهم أن الزنديق هو الذي يظهر الإِسلام ويخفي الكفر، فإن أرادوا اشتراكهم في الحكم فهو كذلك، وإلا فأصلهم ما ذكرت. وقد قال النووي في لغات الروضة: الزنديق الذي لا ينتحل دينًا.
(1) لسان العرب (3/ 1871 - باب: تزندق).
(2)
القاموس المحيط (2/ 1184 - باب: القاف: فصل: الزاي).