الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مني، ومن أجل غيرة اللَّه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن (1)، وعنه: إن اللَّه يغار وإن المؤمن يغار غيرة اللَّه أن يأتي العبد ما حرم عليه (2)، وقال أيضًا: لا أحد أغير من اللَّه من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من اللَّه من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ولا أحد أحب إليه المدح من اللَّه من أجل ذلك أثني على نفسه (3)، وفي الصحيحين في خطبته في صلاة الكسوف أنه قال يا أمة محمد واللَّه إنه لا أحد أغير من اللَّه أن يزنى عبده أو تزني أمته يا أمة محمد واللَّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرًا ثم رفع يديه فقال: اللهم هل بلغت (4).
وفي ذكر هذه الكبيرة بخصوصها عقيب صلاة الكسوف سر بديع لمن تأمله.
وظهور الزنا من أمارات خراب العالم وهو من أشراط الساعة كما في الصحيحين عن أنس بن مالك أنه قال: لأحدثكم حديثًا لا يحدثكموه أحد بعدي سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد (5)، وقد جرت سنة اللَّه سبحانه في خلقه أنه عند ظهور الزنا يغضب اللَّه سبحانه وتعالى ويشتد غضبه فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة (6).
5 - الزنا يشتت القلب ويُغضب الرب ويضيق الصدر:
ومن خاصيته أيضًا أنه يشتت القلب ويمرضه إن لم يمته ويجلب الهم والحزن والخوف ويباعد صاحبه من الملك ويقربه من الشيطان.
(1) أخرجه البخاري (7416).
(2)
أخرجه البخاري (4634).
(3)
أخرجه البخاري (4637).
(4)
أخرجه البخاري (1044).
(5)
أخرجه البخاري (6808).
(6)
الداء والدواء (صـ 208 - 209).
وقال: ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بذلك لقابله أسوأ مقابلة، ومنها سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين ومنها ظلمة القلب وطمس نوره وهو الذي أوجب طمس نور الوجه وغشيان الظلمة له ومنها الفقر اللازم وفي أثر يقول اللَّه تعالى: أنا اللَّه مهلك الطغاة ومفقر الزناة.
ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربه ومن أعين عباده ومنها أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفة والبر والعدالة ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن (1).
وقال أيضًا: ومنها الوحشة التي يضعها اللَّه سبحانه وتعالى في قلب الزاني وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه فالعفيف على وجهه حلاوة وفي قلبه أنس ومن جالسه استأنس به والزاني تعلو وجهه الوحشة ومن جالسه استوحش به، ومنها قلة الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم له وهو أحقر شيء في نفوسهم وعيونهم بخلاف العفيف فإنه يرزق المهابة والحلاوة ومنها أن الناس ينظرونه بعين الخيانة ولا يأمنه أحد على حرمته ولا على ولده ومنها ضيقة الصدر وحرجه فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه اللَّه عليه عاقبه بنقيض قصده فإن ما عند اللَّه لا ينال إلا بطاعته ولم يجعل اللَّه معصيته سببًا إلى خير قط ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور وانشراح الصدر وطيب العيش لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل له (2).
ونجاسة الزنا واللواطة أغلظ من غيرها من النجاسات من جهة أنها تفسد القلب وتضعف توحيده جدًّا ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركا فكلما كان الشرك في العبد أغلب كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر وكلما كان أعظم إخلاصا
(1) روضة المحبين (360).
(2)
روضة المحبين (362: 360) بتصرف.