الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثالث: الآية نفسها (فحوى الآية) تدل على النكاح الشرعي
.
قال الجصاص: وَفي فَحَوَى الْآيَةِ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النِّكَاحُ دُونَ الْمُتْعَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أحَدُهَا: أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى إبَاحَةِ النِّكَاحِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ، وَذَلِكَ إبَاحَةٌ لِنِكَاحِ مَنْ عَدَا الْمُحَرَّمَاتِ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ النِّكَاحَ مُرَادٌ بِذَلك فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الِاسْتِمْتَاعِ بَيَانًا لِحُكْمِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِالنِّكَاحِ فِي اسْتِحْقَاقِهَا لِجَمِيعِ الصَّدَاقِ.
والثاني: قَوْله تَعَالَى: {مُحْصِنِينَ} ، وَالْإِحْصَانُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْوَاطِئَ بِالْمُتْعَةِ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا وَلَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا الِاسْمُ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ النِّكَاحَ.
وَالثالث: قَوْله سبحانه وتعالى: {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} فَسَمَّى الزِّنَا سِفَاحًا لِانْتِفَاءِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ عَنْهُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَبَقَاءِ الْفِرَاشِ، إلَى أَنْ يُحْدِثَ لَهُ قَطْعًا؛ وَلمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمَعَانِي مَوْجُودَةً فِي الْمُتْعَةِ كَانَتْ فِي مَعْنَى الزِّنَا، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ سَمَّاهَا سِفَاحًا ذَهَبَ إلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ إذْ كَانَ الزَّانِي إنَّمَا سُمِّيَ مُسَافِحًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ وَطْئِهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ إلَّا عَلَى سَفْحِ الْمَاءِ بَاطِلًا مِنْ غَيْرِ اسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ بِهِ؛ فَمِنْ حَيْثُ نَفَى اللَّه تَعَالَى بِمَا أَحَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَثْبَتَ بِهِ الْإِحْصَانُ اسْمَ السِّفَاحِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِمْتَاعِ هُوَ الْمُتْعَةُ إذْ كَانَتْ فِي مَعْنَى السِّفَاحِ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ النِّكَاحُ (1).
الطريق الثاني: استدلوا على أنها في المتعة بقراءة {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}
والجواب عليه من هذه الوجوه:
الوجه الأول: هذه قراءة شاذة لم تثبت قرآنًا
. (2)
(1) أحكام القرآن (2/ 148).
(2)
راجع بحث "قراءات القرآن" في الموسوعة.