المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(29) باب فسخ صفقة الربا - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٤

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(14) كِتَاب الإِمَارَةِ وَالبَيعَةِ

- ‌(1) بَاب اشتِرَاطِ نَسَبِ قُرَيشٍ في الخِلافَةِ

- ‌(2) باب في جواز ترك الاستخلاف

- ‌(3) باب النهي عن سؤال الإمارة والحرص عليها وأن من كان منه ذلك لا يولاها

- ‌(4) باب فضل الإمام المقسط وإثم القاسط وقوله كلكم راع

- ‌(5) باب تغليظ أمر الغلول

- ‌(6) باب ما جاء في هدايا الأمراء

- ‌(7) باب قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم}

- ‌(8) باب إنما الطاعة ما لم يأمر بمعصية

- ‌(9) باب في البيعة على ماذا تكون

- ‌(10) باب الأمر بالوفاء ببيعة الأول ويضرب عنق الآخر

- ‌(11) باب يصبر على أذاهم وتؤدَّى حقوقهم

- ‌(12) باب فيمن خلع يدا من طاعة وفارق الجماعة

- ‌(13) باب في حكم من فرَّق أمر هذه الأمة وهي جميع

- ‌(14) باب في الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم وشرارهم

- ‌(15) باب مبايعة الإمام على عدم الفرار وعلى الموت

- ‌(16) باب لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وعمل صالح

- ‌(17) باب في بيعة النساء والمجذوم وكيفيتها

- ‌(18) باب وفاء الإمام بما عقده غيره إذا كان العقد جائزا ومتابعة سيد القوم عنهم

- ‌(19) باب جواز أمان المرأة

- ‌(15) كتاب النكاح

- ‌(1) باب الترغيب في النكاح وكراهية التبتل

- ‌(2) باب ردّ ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة

- ‌(3) باب ما كان أبيح في أول الإسلام من نكاح المتعة

- ‌(4) باب نسخ نكاح المتعة

- ‌(5) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وما جاء في نكاح المحرم

- ‌(6) باب النهي عن خِطبَةِ الرجل على خِطبَةِ أخيه وعن الشغار وعن الشرط في النكاح

- ‌(7) باب استئمار الثيب واستئذان البكر والصغيرة يزوجها أبوها

- ‌(8) باب النّظر إلى المخطوبة

- ‌(9) باب في اشتراط الصَّداق في النكاح وجواز كونه منافع

- ‌(10) باب كم أصدق النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه؟ وجواز الأكثر من ذلك والأقل والأمر بالوليمة

- ‌(11) باب عِتق الأمةِ وتزويجها وهل يصح أن يجعل العتق صداقا

- ‌(12) باب تزويج زينب ونزول الحجاب

- ‌(13) باب الهدية للعروس في حال خلوته

- ‌(14) باب إجابة دعوة النكاح

- ‌(15) باب في قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) الآية وما يقال عند الجماع

- ‌(16) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها، ونشر أحدهما سر الآخر

- ‌(17) باب في العزل عن المرأة

- ‌(18) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع، وذكر الغيل

- ‌أبواب الرضاع

- ‌(19) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة

- ‌(20) باب التحريم من قِبَل الفحل

- ‌(21) باب تحريم الأخت وبنت الأخ من الرضاعة

- ‌(22) باب لا تُحرِّم المَصَّةُ ولا المَصَّتان

- ‌(23) باب نسخ عشر رضعات بخمس، ورضاعة الكبير

- ‌(24) باب إنما الرَّضاعة من المَجَاعة

- ‌(25) باب في قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)

- ‌(26) باب الولد للفراش

- ‌(27) باب قبول قول القافة في الولد

- ‌(28) باب المقام عند البكر والثيب

- ‌(29) باب في القَسم بين النساء وفي جواز هبة المرأة يومها لضرتها

- ‌(30) باب في قوله تعالى: {تُرجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوِي إِلَيكَ مَن تَشَاءُ}

- ‌(31) باب الحث على نكاح الأبكار وذوات الدين

- ‌(32) باب مَن قَدم من سفر فلا يعجل بالدخول على أهله فإذا دخل فالكيس الكيس

- ‌(33) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، ومداراة النساء

- ‌(16) كتاب الطلاق

- ‌(1) باب في طلاق السنة

- ‌(2) باب ما يُحِلُّ المطلقة ثلاثًا

- ‌(3) باب إمضاء الطلاق الثلاث من كلمة

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}

- ‌(5) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاةَ الدُّنيَا} الآية

- ‌(6) باب إيلاء الرَّجل من نسائه وتأديبهن باعتزالهن مدة

- ‌(7) باب فيمن قال: إن المطلقة البائن لا نفقة لها ولا سكنى

- ‌(8) باب فيمن قال: لها السكنى والنفقة

- ‌(9) باب لا تخرج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها إلا إن اضطرت إلى ذلك

- ‌(10) باب ما جاء أن الحامل إذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها

- ‌(11) باب في الإحداد على المَيِّت في العدة

- ‌(12) باب ما جاء في اللِّعَان

- ‌(13) باب كيفية اللِّعان ووعظ المتلاعنين

- ‌(14) باب ما يتبع اللِّعان إذا كمل من الأحكام

- ‌(15) باب لا ينفى الولد لمخالفة لون أو شبه

- ‌(17) كتاب العتق

- ‌(1) باب فيمن أعتق شركًا له في عبد وذكر الاستسعاء

- ‌(2) باب إنما الولاء لمن أعتق

- ‌(3) باب كان في بريرة ثلاث سنن

- ‌(4) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وفي إثم من تولى غير مواليه

- ‌(5) باب ما جاء في فضل عتق الرِّقبة المؤمنة وفي عتق الوالد

- ‌(6) باب تحسين صحبة ملك اليمين، والتغليظ على سيده في لطمه، أو ضربه في غير حد ولا أدب، أو قذفه بالزنا

- ‌(7) باب إطعام المملوك مما يأكل ولباسه مما يلبس، ولا يكلف ما يغلبه

- ‌(8) باب في مضاعفة أجر العبد الصالح

- ‌(9) باب فيمن أعتق عبيده عند موته وهم كل ماله

- ‌(10) باب ما جاء في التدبير وبيع المُدَبَّر

- ‌(18) كتاب البيوع

- ‌(1) باب النهي عن الملامسة، والمنابذة، وبيع الحصاة، والغرر

- ‌(2) باب النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وعن تلقي الجلب، وعن التصرية، وعن النجش

- ‌(3) باب لا يبع حاضر لباد

- ‌(4) باب ما جاء: أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌(5) باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض أو ينقل

- ‌(6) باب بيع الخيار، والصدق في البيع، وترك الخديعة

- ‌(7) باب النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها

- ‌(8) باب النَّهي عن المزابنة

- ‌(9) باب الرُّخصة في بيع العَرِيَّةِ بخرصها تمرا

- ‌(10) باب فيمن باع نخلًا فيه تمر، أو عبدا وله مال

- ‌(11) باب النَّهي عن المحاقلة والمخابرة والمعاومة

- ‌(12) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌(13) باب فيمن رأى أن النهي عن كراء الأرض إنما هو من باب الإرشاد إلى الأفضل

- ‌(14) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع

- ‌(15) باب في فضل من غرس غرسًا

- ‌(16) باب في وضع الجائحة

- ‌(17) باب قسم مال المفلس، والحث على وضع بعض الدين

- ‌(18) باب من أدرك ماله عند مُفلس

- ‌(19) باب في إنظار المُعسِر والتجاوز عنه ومطل الغني ظلم، والحوالة

- ‌(20) باب النَّهي عن بيع فضل الماء، وإثم منعه

- ‌(21) باب النهي عن ثمن الكلب، والسنور، وحلوان الكاهن، وكسب الحجام

- ‌(22) باب ما جاء في قتل الكلاب واقتنائها

- ‌(23) باب في إباحة أجرة الحجَّام

- ‌(24) باب تحريم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام

- ‌أبواب الصرف والربا

- ‌(25) باب تحريم التفاضل والنساء في الذهب بالذهب والورق بالورق

- ‌(26) باب تحريم الرِّبا في البُرِّ والشعير والتمر والملح

- ‌(27) باب بيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌(28) باب من قال: إن البُرَّ والشعير صنف واحد

- ‌(29) باب فسخ صفقة الربا

- ‌(30) باب ترك قول من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌(31) باب اتِّقاء الشبهات ولعن المقدم على الربا

- ‌(32) باب بيع البعير واستثناء حملانه

- ‌(33) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه

- ‌(34) باب في السلم والرهن في البيع

- ‌(35) باب النَّهي عن الحكرة، وعن الحلف في البيع

- ‌(36) باب الشفعة

- ‌(37) باب غرز الخشب في جدار الغير، وإذا اختلف في الطريق

- ‌(38) باب إثم من غصب شيئًا من الأرض

- ‌(19) كتاب الوصايا والفرائض

- ‌(1) باب الحث على الوصية وأنها بالثلث لا يتجاوز

- ‌(2) باب الصدقة عمَّن لم يوص، وما ينتفع به الإنسان بعد موته

- ‌(3) باب ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند موته

- ‌(4) باب ألحقوا الفرائض بأهلها، ولا يرث المسلم الكافر

- ‌(5) باب ميراث الكلالة

- ‌(6) باب من ترك مالًا فلورثته وعصبته

- ‌(7) باب قوله عليه الصلاة والسلام: لا نورث

- ‌(20) كتاب الصَّدقة والهِبَة والحَبس

- ‌(1) باب النهي عن العود في الصدقة

- ‌(2) باب فيمن نحل بعض ولده دون بعض

- ‌(3) باب المنحة مردودة

- ‌(4) باب ما جاء في العمرى

- ‌(5) باب فيما جاء في الحُبس

- ‌(21) كتاب النذور والأيمان

- ‌(1) باب الوفاء بالنذر، وأنه لا يرد من قدر الله شيئا

- ‌(2) باب لا وفاء لنذرٍ في معصية، ولا فيما لا يملك العبد

- ‌(3) باب فيمن نذر أن يمشي إلى الكعبة

- ‌(4) باب كفارة النذر غير المسمى كفارة يمين، والنهي عن الحلف بغير الله تعالى

- ‌(5) باب النهي عن الحلف بالطواغي، ومن حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله

- ‌(6) باب من حلف على يمين فرأى خيرًا منها فليكفر

- ‌(7) باب اليمين على نية المستحلف والاستثناء فيه

- ‌(8) باب ما يخاف من اللجاج في اليمين، وفيمن نذر قربة في الجاهلية

الفصل: ‌(29) باب فسخ صفقة الربا

(29) باب فسخ صفقة الربا

[1684]

عن أَبي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ بِلَالٌ بِتَمرٍ بَرنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مِن أَينَ هَذَا؟ . فَقَالَ بِلَالٌ: تَمرٌ كَانَ عِندَنَا رَدِيءٌ، فَبِعتُ مِنهُ صَاعَينِ بِصَاعٍ لِمَطعَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِندَ ذَلِكَ: أَوَّه،

ــ

أطبقوا على الاحتجاج به. ووجه ذلك: أن غايتهم في التمسك به أن يحتجوا بمذهب معمر. وهو صحابي، وهو أعلم بالمقال، وأقعد بالحال.

قلت: إن قول معمر هذا رأي منه، لا رواية. وما استدل به من قوله صلى الله عليه وسلم:(الطَّعام بالطَّعام) لا حجة له فيه؛ لأنه إن حمل على عمومه لزم منه: ألا يباع التمر بالبُرِّ، ولا الشعير بالملح، إلا مثلًا بمثل. وذلك خلاف الإجماع، فظهر: أن المراد به: الجنس الواحد من الطَّعام. وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الأجناس المختلفة في حديث عبادة بن الصامت (1) وغيره، وفصَّلها واحدًا واحدًا، ففصل التمر عن البر، والشعير عنه، ثم قال بعد ذلك:(فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم). ثم الظاهر من فتيا معمر: أنها إنما كانت تقية وخوفا. ألا ترى نصَّه، حيث قال: إني أخاف أن يُضَارع؟ ! والحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا في قول غيره.

(29)

ومن باب: وفسخ صفقة الرِّبا

(البَرنِّي): نوع من أجود أنواع التمر. وكذلك: الجنيب. و (الجمع) خلطٌ من التَّمر. وقيل: هو من أدنى التَّمر.

و(قوله صلى الله عليه وسلم لبلال: من أين هذا؟ ) دليل: على أن للإنسان أن يبحث عمَّا يستريب فيه، حتى ينكشف له حاله.

و(قوله: أوَّه) كلمة تحزُّن، وتوجُّع. وهي مقصورة الهمزة، مشدَّدة الواو،

(1) رواه مسلم برقم (1587)(81).

ص: 481

عَينُ الرِّبَا، لَا تَفعَل، وَلَكِن إِذَا أَرَدتَ أَن تَشتَرِيَ التَّمرَ فَبِعهُ بِبَيعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشتَرِ بِهِ.

رواه أحمد (3/ 62)، والبخاريُّ (2312)، ومسلم (1594)، والنسائي (7/ 272 - 273).

[1685]

وعنه قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمرٍ فَقَالَ: مَا هَذَا التَّمرُ مِن تَمرِنَا. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِعنَا تَمرَنَا صَاعَينِ بِصَاعٍ مِن هَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا الرِّبَا فَرُدُّوهُ، ثُمَّ بِيعُوا تَمرَنَا وَاشتَرُوا لَنَا مِن هَذَا.

رواه مسلم (1594)(97).

ــ

ساكنة الهاء. وقد قيلت أيضا: بمد الهمزة. وقد قيلت أيضًا: (أووه).

و(قوله: عين الربا) أي: هو الربا المحرم نفسه، لا ما يشبهه.

و(قوله: لا تفعل) وفي الرواية الأخرى: (فردُّوه) يدل على: وجوب فسخ صفقة الربا، وأنها لا تصح بوجه. وهو حجة للجمهور على أبي حنيفة حيث يقول: إن بيع الربا جائز بأصله، من حيث إنه بيع ممنوع بوصفه من حيث هو ربا، فيسقط الرِّبا، ويصحَّ البيع. ولو كان على ما ذكر لما فسخ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الصفقة، ولأمره برد الزيادة على الصَّاع، ولصحَّح الصفقة في مقابلة الصَّاع.

و(قوله: ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر، ثم اشتر به) وفي الرواية الأخرى: (بيعوا تمرنا، واشتروا لنا من هذا) قد يحتج بإطلاقه من لم يقل بسدِّ الذرائع. وهو الشافعي، وأبو حنيفة، وكافتهم، فأجازوا شراء (البرني) مثلًا ممن باع منه (الجمع). ومنعه مالك رحمه الله على أصله في سدِّ الذرائع. فإن هذه الصورة تؤدي إلى بيع التمر بالتمر متفاضلًا، ويكون الثمن لغوا. ولا حجة

ص: 482

[1686]

وعنه قَالَ: كُنَّا نُرزَقُ تَمرَ الجَمعِ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الخِلطُ مِن التَّمرِ، فَكُنَّا نَبِيعُ صَاعَينِ بِصَاعٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا صَاعَي تَمرٍ بِصَاعٍ، وَلَا صَاعَي حِنطَةٍ بِصَاعٍ، وَلَا دِرهَمَ بِدِرهَمَينِ.

رواه أحمد (3/ 49 - 50)، ومسلم (1594)(98)، والنسائي (7/ 272).

* * *

ــ

لهم في هذا الحديث؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم لم ينص على جواز شراء التمر الثاني ممن باع منه التمر الأول، ولا تناوله ظاهر اللفظ بعموم، بل بإطلاقه. والمطلق يحتمل التقييد احتمالًا يوجب الاستفسار، فكأنه إلى الإجمال أقرب. وبهذا فرق بين العموم والإطلاق. فإن العموم ظاهر في الاستغراق، والمطلق صالح له، لا ظاهر فيه. وإذا كان كذلك فيتقيد بأدنى دليل. وقد دلَّ على تقييده الدليل الذي دلَّ على سدِّ الذرائع، كما بيَّنَّاه في الأصول. وقد نصَّ ابن عبَّاس رضي الله عنهما على منع مثل هذا، حيث منع فقال: ألا تراهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجأ.

وفي هذا الحديث من الفقه جواز اختيار طيبات الأطعمة دون أدانيها (1). وجواز الوكالة. وفيه ما يدلُّ على أن البيوع الفاسدة كلَّها تفسخ، وتُرَدُّ إذا لم تفت.

* * *

(1) في (ج 2): دانيها.

ص: 483