الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) باب تحريم الأخت وبنت الأخ من الرضاعة
[1508]
عَن عَلِيٍّ قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ تَنَوَّقُ فِي قُرَيشٍ وَتَدَعُنَا؟ فَقَالَ: وَعِندَكُم شَيءٌ؟ قُلتُ: نَعَم ابِنة حَمزَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهَا لَا تحل لي إِنَّهَا ابنَةُ أَخِي مِن الرَّضَاعَةِ.
رواه أحمد (1/ 82)، ومسلم (1446)، والنسائي (6/ 99).
[1509]
وبعده من حديث ابنِ عَبَّاسٍ: وَيَحرُمُ مِن الرَّضَاعَةِ مَا يَحرُمُ مِن الرَّحِمِ.
رواه البخاري (5100)، ومسلم (1447)، والنسائيّ (6/ 100)، وابن ماجه (1938) وهذا الحديث لم يرد في النسخة (ش).
ــ
(21)
ومن باب: تحريم الأخت وبنت الأخ من الرضاعة
(قوله: ما لك تنَوَّق في قريش وتدعنا؟ ) هذا الحرف عند أكثر الرواة بفتح النون والواو وتشديدها. وهو فعل مضارع محذوف إحدى التاءين، وماضيه: تَنَوَّقَ، ومصدره: تَنَوُّقًا؛ أي: بَالَغَ في اختيار الشيء، وانتقائه. وعند العُذري، والهَوزَنِي، وابن الحذَّاء: تَتُوق - بتاء مضمومة من: تَاقَ، يَتُوقُ، تَوقًا وتَوقَانًا: إذا اشتاق.
وعرض عليٍّ رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم ابنةَ حمزة ليتزوَّجها: كأنَّه لم يعلم بأخوَّة حمزة له من الرَّضاعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عمَّ النبي صلى الله عليه وسلم أرضعتهما ثويبةُ مولاة أبي لهب؛ حكاه ابن الأثير. وبعيد أن يقال: إنَّه لم يعلم بتحريم ذلك. وأمَّا أمُّ حبيبة فالأمران في حقها مسوّغان.
[1510]
ومن حديث أُمَّ سَلَمَةَ وقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ حَمزَةَ أَخِي مِن الرَّضَاعَةِ.
رواه مسلم (1448) وهذا الحديث استدرك من النسخة (ك).
[1511]
وعَنَّ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنتِ أَبِي سُفيَانَ قَالَت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلتُ: هَل لَكَ فِي أُختِي عزة بِنتِ أَبِي سُفيَانَ؟ فَقَالَ: أَفعَلُ مَاذَا؟ قُلتُ: تَنكِحُهَا قَالَ: أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ؟ قُلتُ: لَستُ لَكَ بِمُخلِيَةٍ وَأَحَبُّ مَن يشَرِكَنِي فِي الخَيرِ أُختِي قَالَ: فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي قُلتُ: فَإِنِّي أُخبِرتُ أَنَّكَ تَخطُبُ دُرَّةَ بِنتَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: بِنتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قُلتُ: نَعَم قَالَ: لَو أَنَّهَا لَم تَكُن رَبِيبَتِي فِي حِجرِي مَا حَلَّت لِي،
ــ
و(قولها: لست لك بِمُخلِية) - بضم الميم، وسكون الخاء، وكسر اللام - اسم فاعل من: أخلى، يَخلِي؛ أي: لست بمنفردةٍ بك، ولا خالية من ضرَّة.
و(دُرَّة): الصحيح في هذا الاسم: بضم الدَّال المهملة. ووقع لبعض الرواة: ذَرة - بفتح الذال المعجمة - وكأنَّه وَهمٌ.
و(قوله: لو أنَّها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلَّت لي) تقييد تحريم الرَّبيبة هنا بكونها في حجر المتزوِّج؛ كتقيدها به في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُم مِن نِسَائِكُمُ} وبهذا التقييد تمسَّك داود، فقال: لا تحرم الربيبة إلا إذا كانت في حجر المتزوّج بأمِّها. وجمهور العلماء من السَّلف والخلف على أن ذلك ليس بشرط في التحريم، وإنما خرج ذلك القيد على تعريفهنَّ بغالب أحوالهن.
قال ابن المنذر (1): قد أجمع كلُّ مَن ذكرناه، وكلُّ مَن لم نذكره من علماء الأمصار على خلاف قول داود. وقد احتج بعضهم على عدم
(1) في (ع): ابن دريد.
إِنَّهَا ابنَةُ أَخِي مِن الرَّضَاعَةِ أَرضَعَتنِي وَأَبَاهَا ثُوَيبَةُ فَلَا تَعرِضنَ عَلَيَّ أَخَوَاتِكُنَّ، وَلَا بَنَاتِكُنَّ.
رواه البخاريُّ (5101)، ومسلم (1449)، وأبو داود (2056)، والنسائي (6/ 96)، وابن ماجه (1939).
* * *
ــ
اشتراط الِحجر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تعرضن عليَّ بناتكن ولا أخواتكن) ولم يقل: اللاتي في حجري.
و(قوله: إنَّها ابنة أخي من الرَّضاعة) هذا حجة على أن لبن الفحل يحرّم كما تقدَّم. وفيه تنبيه على جواز تعليل الحكم بعلّتين؛ فإنه علَّل تحريمها: بأنها ربيبة، وابنة أخ. وقد اختلف الأصوليون في ذلك، والصحيح جوازه لهذا الحديث وغيره.
و(ثُوَيبَةُ) - بضم الثاء المثلثة، وفتح الواو، وياء التصغير-: تصغير: ثوبة؛ وهي المَرَّةُ الواحدةُ، من: ثَابَ: إذا رَجَع. يقال: ثاب، يثوب، ثوبًا، وثوبة. وثويبةُ هذه: جاريةُ لأبي لهب، كانت أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا سلمة، ولأجل رضاعها للنبي صلى الله عليه وسلم سقي أبو لهب نطفةً من ماء في جهنم؛ وذلك أنه جاء في الصحيح: أنه رُئِيَ في النوم. فقيل له: ما فعل بك؟ فقال: سُقيت في مثل هذه، وأشار إلى ظفر إبهامه (1).
و(قوله: فلا تَعرِضنَ عليَّ بناتكن، ولا أخواتكن) أي بلفظ الجمع وإن كانتا اثنتين؛ ردعًا وزجرًا أن يعود له أحدٌ بمثل ذلك. ولذلك يحسنُ من المنكر على المرأة مثلًا المكلِّمة لرجل واحدٍ أن يقول: أتكلمين الرِّجال يا لكعاء؟ !
(1) رواه البخاري (5101).