المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) باب نسخ نكاح المتعة - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٤

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(14) كِتَاب الإِمَارَةِ وَالبَيعَةِ

- ‌(1) بَاب اشتِرَاطِ نَسَبِ قُرَيشٍ في الخِلافَةِ

- ‌(2) باب في جواز ترك الاستخلاف

- ‌(3) باب النهي عن سؤال الإمارة والحرص عليها وأن من كان منه ذلك لا يولاها

- ‌(4) باب فضل الإمام المقسط وإثم القاسط وقوله كلكم راع

- ‌(5) باب تغليظ أمر الغلول

- ‌(6) باب ما جاء في هدايا الأمراء

- ‌(7) باب قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم}

- ‌(8) باب إنما الطاعة ما لم يأمر بمعصية

- ‌(9) باب في البيعة على ماذا تكون

- ‌(10) باب الأمر بالوفاء ببيعة الأول ويضرب عنق الآخر

- ‌(11) باب يصبر على أذاهم وتؤدَّى حقوقهم

- ‌(12) باب فيمن خلع يدا من طاعة وفارق الجماعة

- ‌(13) باب في حكم من فرَّق أمر هذه الأمة وهي جميع

- ‌(14) باب في الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم وشرارهم

- ‌(15) باب مبايعة الإمام على عدم الفرار وعلى الموت

- ‌(16) باب لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وعمل صالح

- ‌(17) باب في بيعة النساء والمجذوم وكيفيتها

- ‌(18) باب وفاء الإمام بما عقده غيره إذا كان العقد جائزا ومتابعة سيد القوم عنهم

- ‌(19) باب جواز أمان المرأة

- ‌(15) كتاب النكاح

- ‌(1) باب الترغيب في النكاح وكراهية التبتل

- ‌(2) باب ردّ ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة

- ‌(3) باب ما كان أبيح في أول الإسلام من نكاح المتعة

- ‌(4) باب نسخ نكاح المتعة

- ‌(5) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وما جاء في نكاح المحرم

- ‌(6) باب النهي عن خِطبَةِ الرجل على خِطبَةِ أخيه وعن الشغار وعن الشرط في النكاح

- ‌(7) باب استئمار الثيب واستئذان البكر والصغيرة يزوجها أبوها

- ‌(8) باب النّظر إلى المخطوبة

- ‌(9) باب في اشتراط الصَّداق في النكاح وجواز كونه منافع

- ‌(10) باب كم أصدق النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه؟ وجواز الأكثر من ذلك والأقل والأمر بالوليمة

- ‌(11) باب عِتق الأمةِ وتزويجها وهل يصح أن يجعل العتق صداقا

- ‌(12) باب تزويج زينب ونزول الحجاب

- ‌(13) باب الهدية للعروس في حال خلوته

- ‌(14) باب إجابة دعوة النكاح

- ‌(15) باب في قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) الآية وما يقال عند الجماع

- ‌(16) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها، ونشر أحدهما سر الآخر

- ‌(17) باب في العزل عن المرأة

- ‌(18) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع، وذكر الغيل

- ‌أبواب الرضاع

- ‌(19) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة

- ‌(20) باب التحريم من قِبَل الفحل

- ‌(21) باب تحريم الأخت وبنت الأخ من الرضاعة

- ‌(22) باب لا تُحرِّم المَصَّةُ ولا المَصَّتان

- ‌(23) باب نسخ عشر رضعات بخمس، ورضاعة الكبير

- ‌(24) باب إنما الرَّضاعة من المَجَاعة

- ‌(25) باب في قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)

- ‌(26) باب الولد للفراش

- ‌(27) باب قبول قول القافة في الولد

- ‌(28) باب المقام عند البكر والثيب

- ‌(29) باب في القَسم بين النساء وفي جواز هبة المرأة يومها لضرتها

- ‌(30) باب في قوله تعالى: {تُرجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوِي إِلَيكَ مَن تَشَاءُ}

- ‌(31) باب الحث على نكاح الأبكار وذوات الدين

- ‌(32) باب مَن قَدم من سفر فلا يعجل بالدخول على أهله فإذا دخل فالكيس الكيس

- ‌(33) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، ومداراة النساء

- ‌(16) كتاب الطلاق

- ‌(1) باب في طلاق السنة

- ‌(2) باب ما يُحِلُّ المطلقة ثلاثًا

- ‌(3) باب إمضاء الطلاق الثلاث من كلمة

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}

- ‌(5) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاةَ الدُّنيَا} الآية

- ‌(6) باب إيلاء الرَّجل من نسائه وتأديبهن باعتزالهن مدة

- ‌(7) باب فيمن قال: إن المطلقة البائن لا نفقة لها ولا سكنى

- ‌(8) باب فيمن قال: لها السكنى والنفقة

- ‌(9) باب لا تخرج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها إلا إن اضطرت إلى ذلك

- ‌(10) باب ما جاء أن الحامل إذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها

- ‌(11) باب في الإحداد على المَيِّت في العدة

- ‌(12) باب ما جاء في اللِّعَان

- ‌(13) باب كيفية اللِّعان ووعظ المتلاعنين

- ‌(14) باب ما يتبع اللِّعان إذا كمل من الأحكام

- ‌(15) باب لا ينفى الولد لمخالفة لون أو شبه

- ‌(17) كتاب العتق

- ‌(1) باب فيمن أعتق شركًا له في عبد وذكر الاستسعاء

- ‌(2) باب إنما الولاء لمن أعتق

- ‌(3) باب كان في بريرة ثلاث سنن

- ‌(4) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وفي إثم من تولى غير مواليه

- ‌(5) باب ما جاء في فضل عتق الرِّقبة المؤمنة وفي عتق الوالد

- ‌(6) باب تحسين صحبة ملك اليمين، والتغليظ على سيده في لطمه، أو ضربه في غير حد ولا أدب، أو قذفه بالزنا

- ‌(7) باب إطعام المملوك مما يأكل ولباسه مما يلبس، ولا يكلف ما يغلبه

- ‌(8) باب في مضاعفة أجر العبد الصالح

- ‌(9) باب فيمن أعتق عبيده عند موته وهم كل ماله

- ‌(10) باب ما جاء في التدبير وبيع المُدَبَّر

- ‌(18) كتاب البيوع

- ‌(1) باب النهي عن الملامسة، والمنابذة، وبيع الحصاة، والغرر

- ‌(2) باب النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وعن تلقي الجلب، وعن التصرية، وعن النجش

- ‌(3) باب لا يبع حاضر لباد

- ‌(4) باب ما جاء: أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌(5) باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض أو ينقل

- ‌(6) باب بيع الخيار، والصدق في البيع، وترك الخديعة

- ‌(7) باب النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها

- ‌(8) باب النَّهي عن المزابنة

- ‌(9) باب الرُّخصة في بيع العَرِيَّةِ بخرصها تمرا

- ‌(10) باب فيمن باع نخلًا فيه تمر، أو عبدا وله مال

- ‌(11) باب النَّهي عن المحاقلة والمخابرة والمعاومة

- ‌(12) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌(13) باب فيمن رأى أن النهي عن كراء الأرض إنما هو من باب الإرشاد إلى الأفضل

- ‌(14) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع

- ‌(15) باب في فضل من غرس غرسًا

- ‌(16) باب في وضع الجائحة

- ‌(17) باب قسم مال المفلس، والحث على وضع بعض الدين

- ‌(18) باب من أدرك ماله عند مُفلس

- ‌(19) باب في إنظار المُعسِر والتجاوز عنه ومطل الغني ظلم، والحوالة

- ‌(20) باب النَّهي عن بيع فضل الماء، وإثم منعه

- ‌(21) باب النهي عن ثمن الكلب، والسنور، وحلوان الكاهن، وكسب الحجام

- ‌(22) باب ما جاء في قتل الكلاب واقتنائها

- ‌(23) باب في إباحة أجرة الحجَّام

- ‌(24) باب تحريم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام

- ‌أبواب الصرف والربا

- ‌(25) باب تحريم التفاضل والنساء في الذهب بالذهب والورق بالورق

- ‌(26) باب تحريم الرِّبا في البُرِّ والشعير والتمر والملح

- ‌(27) باب بيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌(28) باب من قال: إن البُرَّ والشعير صنف واحد

- ‌(29) باب فسخ صفقة الربا

- ‌(30) باب ترك قول من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌(31) باب اتِّقاء الشبهات ولعن المقدم على الربا

- ‌(32) باب بيع البعير واستثناء حملانه

- ‌(33) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه

- ‌(34) باب في السلم والرهن في البيع

- ‌(35) باب النَّهي عن الحكرة، وعن الحلف في البيع

- ‌(36) باب الشفعة

- ‌(37) باب غرز الخشب في جدار الغير، وإذا اختلف في الطريق

- ‌(38) باب إثم من غصب شيئًا من الأرض

- ‌(19) كتاب الوصايا والفرائض

- ‌(1) باب الحث على الوصية وأنها بالثلث لا يتجاوز

- ‌(2) باب الصدقة عمَّن لم يوص، وما ينتفع به الإنسان بعد موته

- ‌(3) باب ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند موته

- ‌(4) باب ألحقوا الفرائض بأهلها، ولا يرث المسلم الكافر

- ‌(5) باب ميراث الكلالة

- ‌(6) باب من ترك مالًا فلورثته وعصبته

- ‌(7) باب قوله عليه الصلاة والسلام: لا نورث

- ‌(20) كتاب الصَّدقة والهِبَة والحَبس

- ‌(1) باب النهي عن العود في الصدقة

- ‌(2) باب فيمن نحل بعض ولده دون بعض

- ‌(3) باب المنحة مردودة

- ‌(4) باب ما جاء في العمرى

- ‌(5) باب فيما جاء في الحُبس

- ‌(21) كتاب النذور والأيمان

- ‌(1) باب الوفاء بالنذر، وأنه لا يرد من قدر الله شيئا

- ‌(2) باب لا وفاء لنذرٍ في معصية، ولا فيما لا يملك العبد

- ‌(3) باب فيمن نذر أن يمشي إلى الكعبة

- ‌(4) باب كفارة النذر غير المسمى كفارة يمين، والنهي عن الحلف بغير الله تعالى

- ‌(5) باب النهي عن الحلف بالطواغي، ومن حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله

- ‌(6) باب من حلف على يمين فرأى خيرًا منها فليكفر

- ‌(7) باب اليمين على نية المستحلف والاستثناء فيه

- ‌(8) باب ما يخاف من اللجاج في اليمين، وفيمن نذر قربة في الجاهلية

الفصل: ‌(4) باب نسخ نكاح المتعة

(4) باب نسخ نكاح المتعة

[1455]

عَن سَلَمَةَ بن الأكوع، قَالَ: رَخَّصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَامَ أَوطَاسٍ فِي المُتعَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ نَهَى عَنهَا.

رواه مسلم (1405)(18).

[1456]

وعَن الرَّبِيعِ بنِ سَبرَةَ الجهني أَنَّ أَبَاهُ غَزَا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَتحَ مَكَّةَ قَالَ: فَأَقَمنَا بِهَا خَمسَ عَشرَةَ (ثَلَاثِينَ بَينَ لَيلَةٍ وَيَومٍ) فَأَذِنَ لَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي مُتعَةِ النِّسَاءِ فَخَرَجتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِن قَومِي وَلِي عَلَيهِ فَضلٌ فِي الجَمَالِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِن الدَّمَامَةِ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ

ــ

(4)

ومن باب: نسخ نكاح المتعة (1)

غزوة أوطاس هي: غزوة حنين، على ما قاله أبو عمر، وكانت غزوة حنين بعد فتح مكة بأيام (2)، وذلك: أن فتح مكة كان لعشر بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة، وكانت وقعة حنين في أول شوال من السنة المذكورة.

و(قوله: رخَّصَ لنا في المتعة ثلاثًا) وفي حديث سبرة: (فكنّ معنا ثلاثًا) يدلُّ على قِصَرِ مدّة الرخصة، وأنه لم يكن إلا ثلاث ليال لا غير.

و(الدَّمامةُ) - بالدال المهملة - هي: دِقة في الخَلق، وقُبحٌ في المنظر (3).

(1) ما بين حاصرتين ساقط من الأصول، واستدركناه من التلخيص.

(2)

من (ج 2).

(3)

في هامش (ج 2) تتميم: الدمامة -بالدال المهملة- في الخَلْق، وبالمعجمة: في الخُلُق. وقد قيل: الدمامة تختصُّ بالوجه.

ص: 96

مِنَّا بُردٌ، فَبُردِي خَلَقٌ، وَأَمَّا بُردُ ابنِ عَمِّي فَبُردٌ جَدِيدٌ غَضٌّ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَسفَلِ مَكَّةَ (أَو بِأَعلَاهَا) فَلَقّينَا فَتَاةٌ مِثلُ البَكرَةِ العَنَطنَطَةِ فَقُلنَا: هَل لَكِ أَن يَستَمتِعَ مِنكِ أَحَدُنَا؟ قَالَت: وَمَاذَا تَبذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُردَهُ، فَجَعَلَت تَنظُرُ إِلَى الرَّجُلَينِ، وَيَرَاهَا صَاحِبِي تَنظُرُ إِلَى عِطفِهَا فَقَالَ: إِنَّ بُردَ هَذَا خَلَقٌ، وَبُردِي جَدِيدٌ غَضٌّ فَتَقُولُ: بُردُ هَذَا لَا بَأسَ بِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، أَو مَرَّتَينِ، ثُمَّ استَمتَعتُ مِنهَا، فَلَم أَخرُج حَتَّى حَرَّمَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية: فَكُنَّ مَعَنَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَمَرَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِفِرَاقِهِنَّ.

رواه أحمد (3/ 404)، ومسلم (1406)(20) و (21)، وابن ماجه (1962).

[1457]

وعنه عن أبيه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي كُنتُ أَذِنتُ لَكُم فِي الِاستِمتَاعِ مِن النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَد حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَومِ

ــ

و(الجديد): الغضُّ الذي عليه نضارة الجدَّة، وغضارتها. والغضُّ من التفاح: الطَّريّ، المتناهي طيبًا. و (البكرة): الفتيَّة من الإبل؛ شبهها بها لقوتها، وعبالتها. و (العَنَطنَطَة): الطويلةُ العنق باعتدالٍ وحُسنٍ، وهي: العيطاء أيضًا؛ كما جاء في الرواية الأخرى. والعنقاء، والعطبول نحوه. وفي الأم (1):(بُردُ هذا خَلِقٌ مُحٌ) بالميم والحاء المهملة المشددة، وهو الدَّارس، المتغير من القدم. و (العِطف) بكسر العين: الجانب. وكأنها تتبختر، وتُزهَى بنفسها.

و(قوله: فلم أخرج حتى حرَّمها) يعني: من مكة، وهذا نصٌّ صريح في التحريم بعد الإباحة.

و(قوله: ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقهن) وفي الرواية الأخرى: (من كان

(1) انظر: صحيح مسلم (2/ 1025).

ص: 97

القِيَامَةِ فَمَن كَانَ عِندَهُ مِنهُنَّ شَيءٌ فَليُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلَا تَأخُذُوا مِمَّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئًا.

وفي رواية: قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما بين الركن والباب وهو يقول: أيها الناس. . . نحوه.

رواه مسلم (1406)(21).

[1458]

وعن عَبدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيرِ أنه قَامَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا أَعمَى اللَّهُ قُلُوبَهُم كَمَا أَعمَى أَبصَارَهُم يُفتُونَ بِالمُتعَةِ يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ

ــ

عنده منهنّ شيءٌ فليخلِّ سبيلها) هذا ردٌّ على زُفر؛ إذ صَحَّح العقد، وأبطل الشرط، وهو حجة للجمهور على قولهم:(إنه يُفسخُ على كل حال).

و(قوله: ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا) يعني: لأنهن قد استحققن ذلك بالدّخول عليهن.

و(قوله: بين الركن والباب) يعني: الحجر الأسود. وهذا كان يوم الفتح كما قاله (1) في الرواية الأخرى. ويمكن أن يقال: لا تناقض بين هذا وبين ما رُوي من تحريم نكاح المتعة يوم حنين، وفي حجة الوداع، ويوم الفتح، وفي غزوة تبوك؛ لأن ذلك محمولٌ على أنّه كرَّر تحريمها في هذه المواطن كلها توكيدًا لها، وزيادة في الإبلاغ.

و(قوله: يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ) يعني به: ابن عباس، وكان إذ ذاك قد عَمِي، وكان هذا من عبد الله زمن إمارته، وإنما قَدَعَه (2) ابنُ الزبير بهذا القول؛ لظهور الناسخ لنكاح المتعة، وشهرة الأحاديث في ذلك، فكأنَّه نسبه إلى التفريط. وكان

(1) في (ع): قالوه.

(2)

"القَدْع": الكفُّ والمنع.

ص: 98

فَنَادَاهُ فَقَالَ: إِنَّكَ لَجِلفٌ جَافٍ، فَلَعَمرِي لَقَد كَانَت المُتعَةُ تُفعَلُ عَلَى عَهدِ إِمَامِ المُتَّقِينَ يُرِيدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ ابنُ الزُّبَيرِ: فَجَرِّب بِنَفسِكَ، فَوَاللَّهِ لَئِن فَعَلتَهَا لَأَرجُمَنَّكَ بِأَحجَارِكَ. قَالَ ابنُ شِهَابٍ: فَأَخبَرَنِي خَالِدُ بنُ

ــ

عبد الله بن عبَّاس في آخر عمره (1) قل ما يُصغي لمن يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدّم من قوله: (فلما ركب الناس الصعب والذلول لم يأخذ من الناس إلا ما يعرف). وكان قد عرف الإباحة فاقتصر عليها، ولم يُصغِ إلى غيرها. كما قال: (لقد كانت تفعل على عهد إمام المتقين رسول رب العالمين، رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و(الجِلفُ) و (الجافي) هما بمعنى واحد؛ قاله ابن السكيت وغيره. وكرَّرَهما لفظًا لاختلافهما على عادة العرب في ذلك، وعليه حملوا:{إِنَّمَا أَشكُو بَثِّي وَحُزنِي إِلَى اللَّهِ} و: حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَو تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ. وأصل الجلف: الشاة المسلوخة بغير رأس ولا قوائم، قاله القُتبي والهروي.

و(التائه)(2): الحائد عن مقصوده، الحائر.

و(قوله: لئن فعلتها لأرجمنَّك بأحجارك) حجة لأحد القولين المتقدمين في أن من نكح نكاح المتعة أقيم عليه الحدّ. ويحتمل أن يُحمل على الإرهاب والتغليظ.

وكِنَايَتُهم عن ابن عباس في هذه المسألة بـ (رجل) سترٌ منهم له؛ لأجل هذه الفتيا التي صدرت عنه، فإنها ما كانت تليق بعلمه، ولا بمنصبه في الفضل والدين.

وإنكار علي، وابن الزبير، وغيرهما، وإغلاظهم عليه، ولا منكر عليهم، يدلُّ على أن تحريم ذلك كان عندهم معلومًا.

(1) في (ج 2): أمره.

(2)

وردت هذه الروايةُ في إحدى روايات الحديث (1407/ 29) ولم يوردها التلخيص.

ص: 99

المُهَاجِرِ بنِ سَيفِ اللَّهِ أَنَّهُ بَينَما هُوَ جَالِسٌ عِندَ رَجُلٍ جَاءَهُ رَجُلٌ فَاستَفتَاهُ فِي المُتعَةِ، فَأَمَرَهُ بِهَا فَقَالَ لَهُ ابنُ أَبِي عَمرَةَ الأَنصَارِيُّ: مَهلًا قَالَ: مَا هِيَ؟ وَاللَّهِ لَقَد فُعِلَت فِي عَهدِ إِمَامِ المُتَّقِينَ. قَالَ ابنُ أَبِي عَمرَةَ: إِنَّهَا كَانَت رُخصَةً فِي أَوَّلِ الإِسلَامِ لِمَن اضطُرَّ إِلَيهَا كَالمَيتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحمِ الخِنزِيرِ، ثُمَّ أَحكَمَ اللَّهُ الدِّينَ، وَنَهَى عَنهَا.

رواه مسلم (1406)(27)، وأبو داود (3072)، والنسائي (6/ 126).

[1459]

وعَن عَلِيٍّ بن أبي طالب وسَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ فِي نكاح المُتعَةِ فَقَالَ: مَهلًا يَا ابنَ عَبَّاسٍ، فَإِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن متعة النساء يَومَ خَيبَرَ، وَعَن أكل لُحُومِ الحُمُرِ الِأنسِيَّةِ.

رواه أحمد (1/ 79)، والبخاري (5115)، ومسلم (1407)(30)، والترمذي (1121)، والنسائي (7/ 202)، وابن ماجه (1961).

* * *

ــ

وقول ابن عباس: (لقد فُعِلَت على عهد إمام المتقين) تنبيه منه: على أنه لو كانت المتعة مِمّا يُتَّقَى: لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بتقاةِ ذلك، فإنه أتقى لله، وأخوف من كل مُتِّقٍ.

وقول ابن أبي عمرة هو الحق الصريح، كما شهدت له الأحاديث الصحيحة المتقدمة.

وقول عليّ رضي الله عنه: (إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الأَنَسِيَّة) إلى ظاهر هذا ذهب جمهور العلماء، فحكموا بتحريم المتعة على ما قدّمناه، وبتحريم الحمر الأهلية؛ إلا أنه روي عن

ص: 100