الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4) باب نسخ نكاح المتعة
[1455]
عَن سَلَمَةَ بن الأكوع، قَالَ: رَخَّصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَامَ أَوطَاسٍ فِي المُتعَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ نَهَى عَنهَا.
رواه مسلم (1405)(18).
[1456]
وعَن الرَّبِيعِ بنِ سَبرَةَ الجهني أَنَّ أَبَاهُ غَزَا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَتحَ مَكَّةَ قَالَ: فَأَقَمنَا بِهَا خَمسَ عَشرَةَ (ثَلَاثِينَ بَينَ لَيلَةٍ وَيَومٍ) فَأَذِنَ لَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي مُتعَةِ النِّسَاءِ فَخَرَجتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِن قَومِي وَلِي عَلَيهِ فَضلٌ فِي الجَمَالِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِن الدَّمَامَةِ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ
ــ
(4)
ومن باب: نسخ نكاح المتعة (1)
غزوة أوطاس هي: غزوة حنين، على ما قاله أبو عمر، وكانت غزوة حنين بعد فتح مكة بأيام (2)، وذلك: أن فتح مكة كان لعشر بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة، وكانت وقعة حنين في أول شوال من السنة المذكورة.
و(قوله: رخَّصَ لنا في المتعة ثلاثًا) وفي حديث سبرة: (فكنّ معنا ثلاثًا) يدلُّ على قِصَرِ مدّة الرخصة، وأنه لم يكن إلا ثلاث ليال لا غير.
و(الدَّمامةُ) - بالدال المهملة - هي: دِقة في الخَلق، وقُبحٌ في المنظر (3).
(1) ما بين حاصرتين ساقط من الأصول، واستدركناه من التلخيص.
(2)
من (ج 2).
(3)
في هامش (ج 2) تتميم: الدمامة -بالدال المهملة- في الخَلْق، وبالمعجمة: في الخُلُق. وقد قيل: الدمامة تختصُّ بالوجه.
مِنَّا بُردٌ، فَبُردِي خَلَقٌ، وَأَمَّا بُردُ ابنِ عَمِّي فَبُردٌ جَدِيدٌ غَضٌّ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَسفَلِ مَكَّةَ (أَو بِأَعلَاهَا) فَلَقّينَا فَتَاةٌ مِثلُ البَكرَةِ العَنَطنَطَةِ فَقُلنَا: هَل لَكِ أَن يَستَمتِعَ مِنكِ أَحَدُنَا؟ قَالَت: وَمَاذَا تَبذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُردَهُ، فَجَعَلَت تَنظُرُ إِلَى الرَّجُلَينِ، وَيَرَاهَا صَاحِبِي تَنظُرُ إِلَى عِطفِهَا فَقَالَ: إِنَّ بُردَ هَذَا خَلَقٌ، وَبُردِي جَدِيدٌ غَضٌّ فَتَقُولُ: بُردُ هَذَا لَا بَأسَ بِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، أَو مَرَّتَينِ، ثُمَّ استَمتَعتُ مِنهَا، فَلَم أَخرُج حَتَّى حَرَّمَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية: فَكُنَّ مَعَنَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَمَرَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِفِرَاقِهِنَّ.
رواه أحمد (3/ 404)، ومسلم (1406)(20) و (21)، وابن ماجه (1962).
[1457]
وعنه عن أبيه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي كُنتُ أَذِنتُ لَكُم فِي الِاستِمتَاعِ مِن النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَد حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَومِ
ــ
و(الجديد): الغضُّ الذي عليه نضارة الجدَّة، وغضارتها. والغضُّ من التفاح: الطَّريّ، المتناهي طيبًا. و (البكرة): الفتيَّة من الإبل؛ شبهها بها لقوتها، وعبالتها. و (العَنَطنَطَة): الطويلةُ العنق باعتدالٍ وحُسنٍ، وهي: العيطاء أيضًا؛ كما جاء في الرواية الأخرى. والعنقاء، والعطبول نحوه. وفي الأم (1):(بُردُ هذا خَلِقٌ مُحٌ) بالميم والحاء المهملة المشددة، وهو الدَّارس، المتغير من القدم. و (العِطف) بكسر العين: الجانب. وكأنها تتبختر، وتُزهَى بنفسها.
و(قوله: فلم أخرج حتى حرَّمها) يعني: من مكة، وهذا نصٌّ صريح في التحريم بعد الإباحة.
و(قوله: ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقهن) وفي الرواية الأخرى: (من كان
(1) انظر: صحيح مسلم (2/ 1025).
القِيَامَةِ فَمَن كَانَ عِندَهُ مِنهُنَّ شَيءٌ فَليُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلَا تَأخُذُوا مِمَّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئًا.
وفي رواية: قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما بين الركن والباب وهو يقول: أيها الناس. . . نحوه.
رواه مسلم (1406)(21).
[1458]
وعن عَبدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيرِ أنه قَامَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا أَعمَى اللَّهُ قُلُوبَهُم كَمَا أَعمَى أَبصَارَهُم يُفتُونَ بِالمُتعَةِ يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ
ــ
عنده منهنّ شيءٌ فليخلِّ سبيلها) هذا ردٌّ على زُفر؛ إذ صَحَّح العقد، وأبطل الشرط، وهو حجة للجمهور على قولهم:(إنه يُفسخُ على كل حال).
و(قوله: ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا) يعني: لأنهن قد استحققن ذلك بالدّخول عليهن.
و(قوله: بين الركن والباب) يعني: الحجر الأسود. وهذا كان يوم الفتح كما قاله (1) في الرواية الأخرى. ويمكن أن يقال: لا تناقض بين هذا وبين ما رُوي من تحريم نكاح المتعة يوم حنين، وفي حجة الوداع، ويوم الفتح، وفي غزوة تبوك؛ لأن ذلك محمولٌ على أنّه كرَّر تحريمها في هذه المواطن كلها توكيدًا لها، وزيادة في الإبلاغ.
و(قوله: يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ) يعني به: ابن عباس، وكان إذ ذاك قد عَمِي، وكان هذا من عبد الله زمن إمارته، وإنما قَدَعَه (2) ابنُ الزبير بهذا القول؛ لظهور الناسخ لنكاح المتعة، وشهرة الأحاديث في ذلك، فكأنَّه نسبه إلى التفريط. وكان
(1) في (ع): قالوه.
(2)
"القَدْع": الكفُّ والمنع.
فَنَادَاهُ فَقَالَ: إِنَّكَ لَجِلفٌ جَافٍ، فَلَعَمرِي لَقَد كَانَت المُتعَةُ تُفعَلُ عَلَى عَهدِ إِمَامِ المُتَّقِينَ يُرِيدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ ابنُ الزُّبَيرِ: فَجَرِّب بِنَفسِكَ، فَوَاللَّهِ لَئِن فَعَلتَهَا لَأَرجُمَنَّكَ بِأَحجَارِكَ. قَالَ ابنُ شِهَابٍ: فَأَخبَرَنِي خَالِدُ بنُ
ــ
عبد الله بن عبَّاس في آخر عمره (1) قل ما يُصغي لمن يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدّم من قوله: (فلما ركب الناس الصعب والذلول لم يأخذ من الناس إلا ما يعرف). وكان قد عرف الإباحة فاقتصر عليها، ولم يُصغِ إلى غيرها. كما قال: (لقد كانت تفعل على عهد إمام المتقين رسول رب العالمين، رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و(الجِلفُ) و (الجافي) هما بمعنى واحد؛ قاله ابن السكيت وغيره. وكرَّرَهما لفظًا لاختلافهما على عادة العرب في ذلك، وعليه حملوا:{إِنَّمَا أَشكُو بَثِّي وَحُزنِي إِلَى اللَّهِ} و: حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَو تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ. وأصل الجلف: الشاة المسلوخة بغير رأس ولا قوائم، قاله القُتبي والهروي.
و(التائه)(2): الحائد عن مقصوده، الحائر.
و(قوله: لئن فعلتها لأرجمنَّك بأحجارك) حجة لأحد القولين المتقدمين في أن من نكح نكاح المتعة أقيم عليه الحدّ. ويحتمل أن يُحمل على الإرهاب والتغليظ.
وكِنَايَتُهم عن ابن عباس في هذه المسألة بـ (رجل) سترٌ منهم له؛ لأجل هذه الفتيا التي صدرت عنه، فإنها ما كانت تليق بعلمه، ولا بمنصبه في الفضل والدين.
وإنكار علي، وابن الزبير، وغيرهما، وإغلاظهم عليه، ولا منكر عليهم، يدلُّ على أن تحريم ذلك كان عندهم معلومًا.
(1) في (ج 2): أمره.
(2)
وردت هذه الروايةُ في إحدى روايات الحديث (1407/ 29) ولم يوردها التلخيص.
المُهَاجِرِ بنِ سَيفِ اللَّهِ أَنَّهُ بَينَما هُوَ جَالِسٌ عِندَ رَجُلٍ جَاءَهُ رَجُلٌ فَاستَفتَاهُ فِي المُتعَةِ، فَأَمَرَهُ بِهَا فَقَالَ لَهُ ابنُ أَبِي عَمرَةَ الأَنصَارِيُّ: مَهلًا قَالَ: مَا هِيَ؟ وَاللَّهِ لَقَد فُعِلَت فِي عَهدِ إِمَامِ المُتَّقِينَ. قَالَ ابنُ أَبِي عَمرَةَ: إِنَّهَا كَانَت رُخصَةً فِي أَوَّلِ الإِسلَامِ لِمَن اضطُرَّ إِلَيهَا كَالمَيتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحمِ الخِنزِيرِ، ثُمَّ أَحكَمَ اللَّهُ الدِّينَ، وَنَهَى عَنهَا.
رواه مسلم (1406)(27)، وأبو داود (3072)، والنسائي (6/ 126).
[1459]
وعَن عَلِيٍّ بن أبي طالب وسَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ فِي نكاح المُتعَةِ فَقَالَ: مَهلًا يَا ابنَ عَبَّاسٍ، فَإِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن متعة النساء يَومَ خَيبَرَ، وَعَن أكل لُحُومِ الحُمُرِ الِأنسِيَّةِ.
رواه أحمد (1/ 79)، والبخاري (5115)، ومسلم (1407)(30)، والترمذي (1121)، والنسائي (7/ 202)، وابن ماجه (1961).
* * *
ــ
وقول ابن عباس: (لقد فُعِلَت على عهد إمام المتقين) تنبيه منه: على أنه لو كانت المتعة مِمّا يُتَّقَى: لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بتقاةِ ذلك، فإنه أتقى لله، وأخوف من كل مُتِّقٍ.
وقول ابن أبي عمرة هو الحق الصريح، كما شهدت له الأحاديث الصحيحة المتقدمة.
وقول عليّ رضي الله عنه: (إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الأَنَسِيَّة) إلى ظاهر هذا ذهب جمهور العلماء، فحكموا بتحريم المتعة على ما قدّمناه، وبتحريم الحمر الأهلية؛ إلا أنه روي عن