المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(26) باب الولد للفراش - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٤

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(14) كِتَاب الإِمَارَةِ وَالبَيعَةِ

- ‌(1) بَاب اشتِرَاطِ نَسَبِ قُرَيشٍ في الخِلافَةِ

- ‌(2) باب في جواز ترك الاستخلاف

- ‌(3) باب النهي عن سؤال الإمارة والحرص عليها وأن من كان منه ذلك لا يولاها

- ‌(4) باب فضل الإمام المقسط وإثم القاسط وقوله كلكم راع

- ‌(5) باب تغليظ أمر الغلول

- ‌(6) باب ما جاء في هدايا الأمراء

- ‌(7) باب قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم}

- ‌(8) باب إنما الطاعة ما لم يأمر بمعصية

- ‌(9) باب في البيعة على ماذا تكون

- ‌(10) باب الأمر بالوفاء ببيعة الأول ويضرب عنق الآخر

- ‌(11) باب يصبر على أذاهم وتؤدَّى حقوقهم

- ‌(12) باب فيمن خلع يدا من طاعة وفارق الجماعة

- ‌(13) باب في حكم من فرَّق أمر هذه الأمة وهي جميع

- ‌(14) باب في الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم وشرارهم

- ‌(15) باب مبايعة الإمام على عدم الفرار وعلى الموت

- ‌(16) باب لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وعمل صالح

- ‌(17) باب في بيعة النساء والمجذوم وكيفيتها

- ‌(18) باب وفاء الإمام بما عقده غيره إذا كان العقد جائزا ومتابعة سيد القوم عنهم

- ‌(19) باب جواز أمان المرأة

- ‌(15) كتاب النكاح

- ‌(1) باب الترغيب في النكاح وكراهية التبتل

- ‌(2) باب ردّ ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة

- ‌(3) باب ما كان أبيح في أول الإسلام من نكاح المتعة

- ‌(4) باب نسخ نكاح المتعة

- ‌(5) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وما جاء في نكاح المحرم

- ‌(6) باب النهي عن خِطبَةِ الرجل على خِطبَةِ أخيه وعن الشغار وعن الشرط في النكاح

- ‌(7) باب استئمار الثيب واستئذان البكر والصغيرة يزوجها أبوها

- ‌(8) باب النّظر إلى المخطوبة

- ‌(9) باب في اشتراط الصَّداق في النكاح وجواز كونه منافع

- ‌(10) باب كم أصدق النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه؟ وجواز الأكثر من ذلك والأقل والأمر بالوليمة

- ‌(11) باب عِتق الأمةِ وتزويجها وهل يصح أن يجعل العتق صداقا

- ‌(12) باب تزويج زينب ونزول الحجاب

- ‌(13) باب الهدية للعروس في حال خلوته

- ‌(14) باب إجابة دعوة النكاح

- ‌(15) باب في قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) الآية وما يقال عند الجماع

- ‌(16) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها، ونشر أحدهما سر الآخر

- ‌(17) باب في العزل عن المرأة

- ‌(18) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع، وذكر الغيل

- ‌أبواب الرضاع

- ‌(19) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة

- ‌(20) باب التحريم من قِبَل الفحل

- ‌(21) باب تحريم الأخت وبنت الأخ من الرضاعة

- ‌(22) باب لا تُحرِّم المَصَّةُ ولا المَصَّتان

- ‌(23) باب نسخ عشر رضعات بخمس، ورضاعة الكبير

- ‌(24) باب إنما الرَّضاعة من المَجَاعة

- ‌(25) باب في قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)

- ‌(26) باب الولد للفراش

- ‌(27) باب قبول قول القافة في الولد

- ‌(28) باب المقام عند البكر والثيب

- ‌(29) باب في القَسم بين النساء وفي جواز هبة المرأة يومها لضرتها

- ‌(30) باب في قوله تعالى: {تُرجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوِي إِلَيكَ مَن تَشَاءُ}

- ‌(31) باب الحث على نكاح الأبكار وذوات الدين

- ‌(32) باب مَن قَدم من سفر فلا يعجل بالدخول على أهله فإذا دخل فالكيس الكيس

- ‌(33) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، ومداراة النساء

- ‌(16) كتاب الطلاق

- ‌(1) باب في طلاق السنة

- ‌(2) باب ما يُحِلُّ المطلقة ثلاثًا

- ‌(3) باب إمضاء الطلاق الثلاث من كلمة

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}

- ‌(5) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاةَ الدُّنيَا} الآية

- ‌(6) باب إيلاء الرَّجل من نسائه وتأديبهن باعتزالهن مدة

- ‌(7) باب فيمن قال: إن المطلقة البائن لا نفقة لها ولا سكنى

- ‌(8) باب فيمن قال: لها السكنى والنفقة

- ‌(9) باب لا تخرج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها إلا إن اضطرت إلى ذلك

- ‌(10) باب ما جاء أن الحامل إذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها

- ‌(11) باب في الإحداد على المَيِّت في العدة

- ‌(12) باب ما جاء في اللِّعَان

- ‌(13) باب كيفية اللِّعان ووعظ المتلاعنين

- ‌(14) باب ما يتبع اللِّعان إذا كمل من الأحكام

- ‌(15) باب لا ينفى الولد لمخالفة لون أو شبه

- ‌(17) كتاب العتق

- ‌(1) باب فيمن أعتق شركًا له في عبد وذكر الاستسعاء

- ‌(2) باب إنما الولاء لمن أعتق

- ‌(3) باب كان في بريرة ثلاث سنن

- ‌(4) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وفي إثم من تولى غير مواليه

- ‌(5) باب ما جاء في فضل عتق الرِّقبة المؤمنة وفي عتق الوالد

- ‌(6) باب تحسين صحبة ملك اليمين، والتغليظ على سيده في لطمه، أو ضربه في غير حد ولا أدب، أو قذفه بالزنا

- ‌(7) باب إطعام المملوك مما يأكل ولباسه مما يلبس، ولا يكلف ما يغلبه

- ‌(8) باب في مضاعفة أجر العبد الصالح

- ‌(9) باب فيمن أعتق عبيده عند موته وهم كل ماله

- ‌(10) باب ما جاء في التدبير وبيع المُدَبَّر

- ‌(18) كتاب البيوع

- ‌(1) باب النهي عن الملامسة، والمنابذة، وبيع الحصاة، والغرر

- ‌(2) باب النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وعن تلقي الجلب، وعن التصرية، وعن النجش

- ‌(3) باب لا يبع حاضر لباد

- ‌(4) باب ما جاء: أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌(5) باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض أو ينقل

- ‌(6) باب بيع الخيار، والصدق في البيع، وترك الخديعة

- ‌(7) باب النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها

- ‌(8) باب النَّهي عن المزابنة

- ‌(9) باب الرُّخصة في بيع العَرِيَّةِ بخرصها تمرا

- ‌(10) باب فيمن باع نخلًا فيه تمر، أو عبدا وله مال

- ‌(11) باب النَّهي عن المحاقلة والمخابرة والمعاومة

- ‌(12) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌(13) باب فيمن رأى أن النهي عن كراء الأرض إنما هو من باب الإرشاد إلى الأفضل

- ‌(14) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع

- ‌(15) باب في فضل من غرس غرسًا

- ‌(16) باب في وضع الجائحة

- ‌(17) باب قسم مال المفلس، والحث على وضع بعض الدين

- ‌(18) باب من أدرك ماله عند مُفلس

- ‌(19) باب في إنظار المُعسِر والتجاوز عنه ومطل الغني ظلم، والحوالة

- ‌(20) باب النَّهي عن بيع فضل الماء، وإثم منعه

- ‌(21) باب النهي عن ثمن الكلب، والسنور، وحلوان الكاهن، وكسب الحجام

- ‌(22) باب ما جاء في قتل الكلاب واقتنائها

- ‌(23) باب في إباحة أجرة الحجَّام

- ‌(24) باب تحريم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام

- ‌أبواب الصرف والربا

- ‌(25) باب تحريم التفاضل والنساء في الذهب بالذهب والورق بالورق

- ‌(26) باب تحريم الرِّبا في البُرِّ والشعير والتمر والملح

- ‌(27) باب بيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌(28) باب من قال: إن البُرَّ والشعير صنف واحد

- ‌(29) باب فسخ صفقة الربا

- ‌(30) باب ترك قول من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌(31) باب اتِّقاء الشبهات ولعن المقدم على الربا

- ‌(32) باب بيع البعير واستثناء حملانه

- ‌(33) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه

- ‌(34) باب في السلم والرهن في البيع

- ‌(35) باب النَّهي عن الحكرة، وعن الحلف في البيع

- ‌(36) باب الشفعة

- ‌(37) باب غرز الخشب في جدار الغير، وإذا اختلف في الطريق

- ‌(38) باب إثم من غصب شيئًا من الأرض

- ‌(19) كتاب الوصايا والفرائض

- ‌(1) باب الحث على الوصية وأنها بالثلث لا يتجاوز

- ‌(2) باب الصدقة عمَّن لم يوص، وما ينتفع به الإنسان بعد موته

- ‌(3) باب ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند موته

- ‌(4) باب ألحقوا الفرائض بأهلها، ولا يرث المسلم الكافر

- ‌(5) باب ميراث الكلالة

- ‌(6) باب من ترك مالًا فلورثته وعصبته

- ‌(7) باب قوله عليه الصلاة والسلام: لا نورث

- ‌(20) كتاب الصَّدقة والهِبَة والحَبس

- ‌(1) باب النهي عن العود في الصدقة

- ‌(2) باب فيمن نحل بعض ولده دون بعض

- ‌(3) باب المنحة مردودة

- ‌(4) باب ما جاء في العمرى

- ‌(5) باب فيما جاء في الحُبس

- ‌(21) كتاب النذور والأيمان

- ‌(1) باب الوفاء بالنذر، وأنه لا يرد من قدر الله شيئا

- ‌(2) باب لا وفاء لنذرٍ في معصية، ولا فيما لا يملك العبد

- ‌(3) باب فيمن نذر أن يمشي إلى الكعبة

- ‌(4) باب كفارة النذر غير المسمى كفارة يمين، والنهي عن الحلف بغير الله تعالى

- ‌(5) باب النهي عن الحلف بالطواغي، ومن حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله

- ‌(6) باب من حلف على يمين فرأى خيرًا منها فليكفر

- ‌(7) باب اليمين على نية المستحلف والاستثناء فيه

- ‌(8) باب ما يخاف من اللجاج في اليمين، وفيمن نذر قربة في الجاهلية

الفصل: ‌(26) باب الولد للفراش

(26) باب الولد للفراش

[1521]

عَن عَائِشَةَ قَالَت: اختَصَمَ سَعدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبدُ بنُ زَمعَةَ فِي غُلَامٍ فَقَالَ سَعدٌ: هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابنُ أَخِي عُتبَةَ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ

ــ

الأصالة على المشهور. وهو الصحيح لِعُرُّوِّ أنكحتهم عن الشروط الشرعية.

وقد تقدَّم من حكاية الحسن: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستبرئون المسبيَّة بحيضة. وأمَّا على قول من يرى أن أنكحتهم صحيحة - وهو الشافعي، وأبو حنيفة - فتعتد عدَّةً كاملةً؛ لأنها قد انفسخ عنها نكاح صحيح كان، لولا أن عارض السَّبِي قَطَعَه، وهي أولى بذلك على مذهب الحسن الذي يقول: إن نكاحها ينفسخ بطلاق، فتكون مطلقة من زوج في نكاح صحيح، وتعتدّ عدَّة كاملة. وهل تعتد على مذاهب هؤلاء عدَّة الأمة، أو عدَّة الحرَّة؛ فيه نظر على أصولهم.

(26)

ومن باب: الولد للفراش

(قوله: اختصم سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة في غلام) سببُ هذا الاختصام: أنهم كانوا يبتاعون الإماء في الجاهلية، ويستأخرونهن للوطء، ويُلحقون النسب بالزنى، فمن ألحقته المزنيُّ بها التحق به، ومن ألحقه بنفسه من الزناة بها التحق به إذا لم ينازعه غيره. فكان عتبة بن أبي وقاص قد وقع بأَمَةِ زمعة؛ فحملت فولدت غلامًا، فلمَّا حضرت وفاةُ عتبة عَهِدَ لأخيه سعدٍ بأن يأخذه إليه، لأنه ابنه، ثم مات عتبة على شركه، فحينئذٍ تخاصم سعد مع عبد بن زمعة في ذلك الغلام، فاحتجّ سعد باستلحاق أخيه عتبة له على عاداتهم في الاستلحاق بالزنى. وتمسَّك عبدٌ بفراش أبيه، وكأنَّ عبدًا كان قد سمع: أن الشرع يُلحق بالفراش. وإلَاّ فلم تكن عادتهم الإلحاق به. فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بالولد لصاحب الفراش، وقطع الإلحاق بالزنى بقوله:(وللعاهر الحجر).

ص: 194

عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابنُهُ انظُر إِلَى شَبَهِهِ، وَقَالَ عَبدُ بنُ زَمعَةَ: هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِن وَلِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتبَةَ، فَقَالَ: هُوَ لَكَ يَا عَبدُ؛

ــ

و(قول عبد بن زمعة في الغلام: أخي، وابن وليدة أبي) تمسَّك به الشافعي: على أن الأخ يستلحق، ومنعه مالك وقال: لا يستلحق إلا الأب خاصَّة؛ لأنه لا يتنزل غيره في تحقيق الإصابة منزلته. وقد اعتذر لمالك عن ذلك الظاهر بوجهين:

أحدهما: أن الحديث ليس نصًّا في أنه ألحقه به بمجرد نسبة الأخوة، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم علم وطء زمعة تلك الأمة (1) بطريق اعتمدها من اعترافٍ، أو غيره، فحكم بذلك، لا باستلحاق الأخ.

والثاني: أن حكمه به لم يكن لمجرد الاستلحاق، بل بالفراش. ألا ترى قوله:(الولد للفراش)؟ وهذا تقعيد قاعدة، فإنه لَمَّا انقطع إلحاق هذا الولد بالزاني، لم يَبق إلا أن يلحق بصاحب الفراش؛ إذ قد دار الأمر بينهما. وهذا أحسن الوجهين.

وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة، حيث يقول: إن الولد لا يلحق إلا إذا تقدَّمه ولد سابق، على ما حكاه عنه الإمام أبو عبد الله المازري.

و(قوله: فرأى شبهًا بيِّنًا بعتبة، وقال: (هو لك يا عبد) يدلُّ على أن الشبه لا يعمل عليه في الإلحاق عند وجود ما هو أقوى منه، فإنَّه ألغاه هنا، وحكم بالإلحاق لأجل الفراش، كما ألغاه في حديث اللعان لأجل اللعان. وأمَّا في حديث القافة: فليس له هناك معارض هو أقوى منه، فأُعمِل.

و(قوله: هو لك يا عَبدُ) هكذا الرواية بإثبات (يا) النداء و (عبد) منادى

(1) في (ل 1): الوليدة.

ص: 195

الوَلَدُ لِلفِرَاشِ،

ــ

مفرد، يريد به: عبد بن زمعة، ولا شك في هذا. وقد وقع لبعض الحنفية:(عبدُ) بغير (يا) فنوَّنه. وفرَّ بذلك عمَّا لزمهم من إلحاق الولد من غير اشتراط ولد متقدم. وقالوا: إنما ملَّكَه إياه؛ لأنه ابن أَمَةِ أبيه، لا أنَّه ألحقه بأبيه. وهذه غفلةٌ عن الرواية واللسان. أمَّا الرواية: فقد ذكرناها. وأمَّا اللسان: فلو سلَّمنا أن الرواية بغير (يا) فالمخاطب عبد بن زمعة، وهو بلا شك: منادى، إلا أن العرب تحذف حرف النداء من الأسماء الأعلام؛ كما قال تعالى:{يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا} ، وهو كثير. و (عبد) هنا: اسم علمٌ يجوز حذفُ حرف النداء منه.

و(قوله: الولد للفراش) الفراش هنا: كناية عن الموطوءة؛ لأن الواطئ يستفرشها؛ أي: يُصَيِّرها كالفراش. ويعني به: أن الولد لاحِقٌ بالواطئ. قال الإمام: وأصحاب أبي حنيفة يحملونه على أن المراد به صاحب الفراش، ولذلك لم يشترطوا إمكان الوطء في الحرَّة. واحتجُّوا بقول جرير:

باتت تعانقه وبات فراشها

خلق العباءة في الدماء قتيلًا

يعني: زوجها، والأول أولى لما ذكرناه من الاشتقاق، ولأن ما قدَّره من حذف المضاف ليس في الكلام ما يدلُّ عليه، ولا يُحوج إليه. وعلى ما أصَّلناه فقد أخذ بعموم قوله:(الولد للفراش) الشعبيُّ، ومن قال بقوله. فقال: الولد لا ينتفي عمَّن له الفراش لا بلعان، ولا غيره. وهو شذوذ، وقد حكي عن (1) بعض أهل المدينة، ولا حجة لهم في ذلك العموم لوجهين:

أحدهما: أنه خرج على سبب ولد الأمة، فيُقصر على سببه.

وثانيهما: أن الشرع قد قعَّد قاعدة اللّعان في حقّ الأزواج، وأن الولد ينتفي

(1) ليست في (ع).

ص: 196

وَلِلعَاهِرِ الحَجَرُ، وَاحتَجِبِي مِنهُ يَا سَودَةُ بِنتَ زَمعَةَ، قَالَت: فَلَم يَرَ سَودَةَ قَطُّ.

رواه أحمد (6/ 37)، والبخاريُّ (2218)، ومسلم (1457)(36)، وأبو داود (2273)، والنَّسائيُّ (6/ 180)، وابن ماجه (2004).

* * *

ــ

بالتعانهما، فيكون ذلك العموم المظنون مخصَّصًا بهذه القاعدة المقطوع بها. ولا يختلف في مثل هذا الأصل.

و(قوله: وللعاهر الحجر) العاهر: الزاني. وهو اسم فاعل من: عَهَرَ الرَّجلُ المرأة، يعهَرُهَا: إذا أتاها للفجور. وقد عهرت (1) هي، وتعيهرت؛ إذا زنت. والعهر: الزنى.

واختلف في معنى: (للعاهر الحجر). فمنهم من قال: عنى به الرَّجم للزاني المحصن. ومنهم من قال: يعني به: الخيبة؛ أي: لا حظَّ له في الولد؛ لأن العرب تجعل هذا مثلًا. كما يقولون: امتلأت يده ترابًا؛ أي: خيبة.

قلت: وكأن هذا هو الأشبه بمساق الحديث، وبسببه. وهي حاصلة؛ أي: الخيبة لكل الزناة. فيكون اللفظ محمولًا على عمومه. وهو الأصل. ويؤخذ دليل الرَّجم من موضع آخر. وحمله على الزاني المحصن تخصيص اللفظ من غير حاجة ولا دليل.

و(قوله صلى الله عليه وسلم لسودة: (احتجبي منه) يُستَدلُّ به على إعطاء الشوائب المختلفة أحكامها المختلفة؛ فإنه ألحق الولد بصاحب الفراش، وأمر سودة بالاحتجاب من الغلام الملحق، وإن كان أخاها شرعًا للشَّبَه (2). وهذا منه صلى الله عليه وسلم من باب الاحتياط، وتوقَّي الشُّبهات. ويحتمل أن يكون ذلك لتغليظ أمر الحجاب في حق سودة؛ لأنها

(1) في (ج 2): عَيْهَرَت.

(2)

أي: لشبه الغلام بـ "عتبة بن أبي وقاص".

ص: 197