الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رواية قَالَ: فَأَشهِد عَلَى هَذَا غَيرِي. ثُمَّ قَالَ: أَيَسُرُّكَ أَن يَكُونُوا لَكَ فِي البِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَلَا إِذًا.
وفي أخرى قَالَ: فَلَيسَ يَصلُحُ هَذَا، وَإِنِّي لَا أَشهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ.
رواه أحمد (4/ 268)، ومسلم (1623)(10 و 12)، وأبو داود (3543)، والترمذي (1367)، والنسائي (6/ 258)، وابن ماجه (2376).
* * *
(3) باب المنحة مردودة
[1731]
عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةَ قَدِمُوا وَلَيسَ بِأَيدِيهِم شَيءٌ، وَكَانَ الأَنصَارُ أَهلَ الأَرضِ وَالعَقَارِ، فَقَاسَمَهُم الأَنصَارُ عَلَى أَن أَعطَوهُم أَنصَافَ ثِمَارِ أَموَالِهِم كُلَّ عَامٍ وَيَكفُونَهُم العَمَلَ وَالمَؤونَةَ، وَكَانَت أُمُّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ - وَهِيَ تُدعَى أُمَّ سُلَيمٍ، وَكَانَت أُمُّ عَبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي طَلحَةَ، كَانَ أَخًا لِأَنَسٍ لِأُمِّهِ، وَكَانَت أَعطَت أُمُّ
ــ
والشافعي: لا تلزم بالقول (1)، بل بالحوز. وذهب مالك إلى أنها تلزم بالقول وتتم بالحوز - وقد تقدم ذلك. والعلماء مُجمِعُون على لزومها بالقبض، وهبة المشاع جائزة عند الجمهور، ومنعها أبو حنيفة.
(3)
ومن باب: المنحة مردودة
ظاهر قول أنس فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف أموالهم كل عام ويكفونهم المؤونة يقتضي أن الأنصار ساقَوا المهاجرين، فيكون فيه حجة
(1) في (ع): القبول. وفي باقي النسخ: القول. (والقول يشمل الإيجاب والقبول).
أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِذَاقًا لَهَا، فَأَعطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ أَيمَنَ مَولَاتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ. قَالَ ابنُ شِهَابٍ: فَأَخبَرَنِي أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِن قِتَالِ أَهلِ خَيبَرَ وَانصَرَفَ إِلَى المَدِينَةِ رَدَّ المُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنصَارِ مَنَائِحَهُم الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُم مِن ثِمَارِهِم. قَالَ: فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّي عِذَاقَهَا، وَأَعطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ أَيمَنَ مَكَانَهُنَّ مِن حَائِطِهِ. قَالَ ابنُ شِهَابٍ: وَكَانَ مِن شَأنِ أُمِّ أَيمَنَ - أُمِّ أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ - أَنَّهَا كَانَت وَصِيفَةً لِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ، وَكَانَت مِن الحَبَشَةِ، فَلَمَّا وَلَدَت آمِنَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعدَمَا تُوُفِّيَ أَبُوهُ، وَكَانَت أُمُّ أَيمَنَ تَحضُنُهُ حَتَّى كَبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعتَقَهَا، ثُمَّ أَنكَحَهَا زَيدَ بنَ حَارِثَةَ، ثُمَّ تُوُفِّيَت بَعدَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمسَةِ أَشهُرٍ.
رواه البخاريُّ (2630)، ومسلم (1771)، (70)، والنسائي في الكبرى (8320).
ــ
على من أنكر المساقاة وهو أبو حنيفة، غير أن هذا لم يكن من جميع الأنصار، بل كان منهم من فعل هذا ومنهم من أعطى الثَّمرة من غير عمل كما فعلت أم سليم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما قال أنس في الرواية الأخرى إن الرَّجل كان يعطي النبي صلى الله عليه وسلم النخلات من أرضه، وكان هذا من المهاجرين تنزها عن الأخذ العَرِيِّ عن المعاوضة على مقتضى كرم أخلاقهم، ولم يفعل الأنصار ذلك إلا عند امتناع المهاجرين من القبول، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما آخى بين المهاجرين والأنصار كان الأنصاري يقول للمهاجري: إن عندي من المال كذا، فتعال أشاطرك عليه! وكان منهم من يقول: إن عندي زوجتين؛ أنزل لك عن أحسنهما! فيقول المهاجري: بارك الله لك في أهلك ومالك، دُلَّني على السوق (1)! وإنَّما أعطى
(1) رواه النسائي (6/ 137).
[1732]
وعنه أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَجعَلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّخَلَاتِ مِن أَرضِهِ حَتَّى فُتِحَت عَلَيهِ قُرَيظَةُ وَالنَّضِيرُ، فَجَعَلَ بَعدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيهِ مَا كَانَ أَعطَاهُ. قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ أَهلِي أَمَرُونِي أَن آتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسأَلَهُ مَا كَانَ أَهلُهُ أَعطَوهُ أَو بَعضَهُ، وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَد أَعطَاهُ أُمَّ أَيمَنَ، فَأَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَعطَانِيهِنَّ، فَجَاءَت أُمُّ أَيمَنَ فَجَعَلَت الثَّوبَ فِي عُنُقِي وَقَالَت: وَاللَّهِ لَا نُعطِيكَهُنَّ وَقَد أَعطَانِيهِنَّ! فَقَالَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا أُمَّ أَيمَنَ، اترُكِيهِ وَلَكِ كَذَا وَكَذَا. وَتَقُولُ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ! فَجَعَلَ يَقُولُ: كَذَا - حَتَّى أَعطَاهَا عَشرَةَ أَمثَالِهِ.
رواه أحمد (3/ 219)، والبخاري (3128)، ومسلم (1771)(71).
* * *
ــ
النبي صلى الله عليه وسلم لأمِّ أيمن ما كان يملكه من ثمر ذلك العَذق، فظنت أمُّ أيمن أنَّه إنما أعطاها الأصل، فلذلك امتنعت من ردِّه بناء منها على أنه كان يملكه، فكان منها ما يأتي بعد.
وهذا الحديث يدلُّ على جواز هبة المجهول؛ فإن الثمرة مجهولة، ولا وجه لمنع ذلك إذ لا يؤدي إلى فساد في عوض ولا إلى غرر في عقد؛ لأن هذه الهبة إن قصد بها الأجر فهو حاصل بحسب نيّة الواهب، وصل الموهوب لتلك الهبة أو لا. وإن أراد المحبَّة والتودد فإن حصلت الهبة للموهوب حصل ذلك المقصود، وإلا فقد علم الموهوبُ له اعتناءَ الواهب به وإرادة إيصال الخير له.
وفعل أم أيمن بأنس ما فعلت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وامتناعها من ردِّ ما أمرها بردِّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما صدر عنها كل ذلك لما كان لها على النبي صلى الله عليه وسلم من