الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7) باب النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها
[1616]
عَن ابنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَبتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبدُوَ صَلَاحُهُ وَتَذهَبَ عَنهُ الآفَةُ. قَالَ: يَبدُوَ صَلَاحُهُ: حُمرَتُهُ وَصُفرَتُهُ.
وفي رواية: نَهَى عَن بَيعِ الثَّمرِ حَتَّى يَبدُوَ صَلَاحُها، نَهَى البَائِعَ وَالمُشتَرِيَ.
وفي أخرى: نَهَى عَن بَيعِ النَّخلِ حَتَّى يَزهُوَ، وَعَن السُّنبُلِ حَتَّى يَبيَضَّ وَيَأمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائِعَ وَالمُشتَرِيَ.
رواه أحمد (2/ 59)، والبخاريُّ (2183)، ومسلم (1534)(51) و (1535)(50)، والنسائي (7/ 262).
ــ
وسبب الخلاف في هذه الأبواب اختلافهم في هذا الحديث. هل هو خاصٌّ بهذا الرجل، أو هو عام له ولغيره، وإذا تنزلنا على حمله على العموم، فهل دلالة هذا الحديث على هذه الأحكام ظاهرة فيها، أم لا؟ وإذا تنزلنا على الظهور. فهل سلمت مِمَّا يعارضها، أم لا؟ وبسط هذا يستدعي تطويلًا.
(7)
ومن باب: النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها
(قوله: نهى عن بيع النخل حتى يزهو أو حتى تزهي) جاء الحديث باللفظتين. يقال: أزهت الثمرة تزهو، وأزهت، تزهي: إذا بدا طيبها وتلونها.
[1617]
وعن جَابِرٍ قَالَ: نَهَى، أَو نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن بَيعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ.
رواه مسلم (1536).
ــ
حكاه صاحب الأفعال (1). وقال ابن الأعرابي: يقال: زها النخل يزهو (2): إذا ظهرت ثمرته. وأزهى: إذا احمرَّ أو اصفرَّ، قال غيره:(يزهو) خطأ. وإنما يقال: يزهي. وحكاهما أبو زيد. وقال الخليل: أزهى الثمر: بدا صلاحه. قال غيره: هو ما احمرَّ منه واصفرَّ. وهو الزَّهو والزُّهو معًا.
قلت: أحاديث هذا الباب؛ وإن اختلفت ألفاظها متواردة على النهي عن بيع الثمرة - وإن أُبِّرت - حتى تصلح لأن يؤكل منها أكلًا غالبًا. وهل ذلك النهي محمول على ظاهره من التحريم - وهو مذهب الجمهور - أو على الكراهة - وهو مذهب أبي حنيفة -؟ وعليه: فلو وقع بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها، فسخه الجمهور، وصححه أبو حنيفة إذا ظهرت الثمرة، وبناء على أصله في ردِّ أخبار الآحاد للقياس. والصحيح مذهب الجمهور للتمسُّك بظاهر النهي، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(أرأيت إن منع الله الثمرة، بم يأكل أحدكم مال أخيه بغير حق! )(3). وهذا يدل على أن بيعها قبل بدوِّ صلاحها من أكل المال بالباطل، ولأنَّه غررٌ، وبيع الغرر محرَّم.
وعلى مذهب الجمهور؛ فهل يجوز بيعها قبل بدوِّ الصلاح بشرط القطع
(1) ما بين حاصرتين مستدرك من (م).
(2)
جاء في حاشية (ل 1): النخل يذكر ويؤنث. قال الخطابي: التمر: اسم للرُّطب واليابس في قول أكثر أهل العلم. وعند بعض أهل اللغة: اسم للرُّطب لا غير. وعلى هذا ما جاء من النهي عن بيع التمر بالتمر.
(3)
رواه البخاري (2198)، والنسائي (7/ 264).
[1618]
وعَن أَبِي البَختَرِيِّ قَالَ: سَأَلتُ ابنَ عَبَّاسٍ عَن بَيعِ النَّخلِ فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن بَيعِ النَّخلِ حَتَّى تَأكُلَ مِنهُ، أَو يُؤكَلَ، وَحَتَّى يُوزَنَ. قَالَ: فَقُلتُ: مَا يُوزَنُ؟ فَقَالَ رَجُلٌ عِندَهُ: حَتَّى يُحزَرَ.
رواه البخاريُّ (2246)، ومسلم (1537).
* * *
ــ
- وهو مذهب عامتهم-، أو لا يجوز؛ وإن شرطه؟ وهو مروي عن الثوري، وابن أبي ليلى، تمسكًا بعموم تلك الأحاديث. وخصصه العامة بالقياس الجلي؛ لأنه بيع معلوم، يصح قبضه حالة العقد عليه، كسائر المبيعات، فإن وقع بيعها قبل بدوِّ الصلاح من غير شرط؛ فهل يصح، ويُحمل على القطع، أو لا يفسخ؟ قولان، وبالثاني قال الجمهور؛ لأنه إذا لم يشترط القطع تناوله النهي عن بيع الثمار قبل بدوِّ صلاحها. وقد اتفق العلماء: على أنه لا يجوز شراؤها قبل البدوِّ على التبقية، فأمَّا بعد الطيب فيجوز اشتراط البقاء عند كافة العلماء، خلا ما ذكر من مذهب الحنفي (1)، وكذلك له الإبقاء (2) وإن لم يصرَّح باشتراطه عند مالك، إذ لا يصح اجتناء الثمرة دفعة واحدة؛ لأن تناهي طيبها ليس حاصلًا حالة التعاقد، وإنما يحصل في أوقات مختلفة. وقد شذَّ ابن حبيب، فقال: هي على الجَدِّ حتى يشترط البقاء. وما صار إليه مالك أوضح المسالك.
* * *
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع) و (ل 1).
(2)
ما بين حاصرتين ساقط من (ل 1).