الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكَانَ يَقسِمُ لِثَمَانٍ، وَلَا يَقسِمُ لِوَاحِدَةٍ. قَالَ عَطَاءٌ: الَّتِي لَا يَقسِمُ لَهَا صَفِيَّةُ بِنتُ حُيَيِّ بنِ أَخطَبَ. وكَانَت آخِرَهُنَّ مَوتًا مَاتَت بِالمَدِينَةِ.
رواه أحمد (1/ 231)، والبخاريُّ (5067)، ومسلم (1465)(51) و (52)، والنسائيُّ (6/ 53).
* * *
(31) باب الحث على نكاح الأبكار وذوات الدين
[1529]
عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ أَنَّ عَبدَ اللَّهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ تِسعَ بَنَاتٍ
ــ
العرب جلالة، وفخامة. وكانت العرب تتفاخر بقوة النكاح، وكان صلى الله عليه وسلم من قوة البنية، واعتدال المزاج، وكمال الخلقة على نهايتها، على ما شهدت به الأخبار. ومن كان بهذه الصِّفة؛ كانت دواعي هذا الباب أغلب عليه، وكان من عداها منسوبًا إلى نقص الجبلّة، وضعف النَّحيزة (1)، فأبيح له الزيادة على أربع لاحتياجه إلى ذلك. وأيضًا: فلقوَّته على العدل بينهن. ولَمَّا لم يكن غيره كذلك: قصر على أربع، والله تعالى أعلم.
(31)
ومن باب: الحث على نكاح الأبكار
(قول جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (إن عبد الله هلك) يعني: والده. وكان استشهد يوم أحد، اختلفت عليه أسياف المسلمين. وهم يظنونه من الكفار.
(1)"النحيزة": الطبيعة.
(أَو قَالَ: سَبعَ) فَتَزَوَّجتُ امرَأَةً ثَيِّبًا فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا جَابِرُ تَزَوَّجتَ؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَم قَالَ: فَبِكرٌ أَم ثَيِّبٌ؟ قَالَ: قُلتُ: بَل ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَال: فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ وتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ! قَالَ: قُلتُ لَهُ: إِنَّ عَبدَ اللَّهِ هَلَكَ، وَتَرَكَ تِسعَ بَنَاتٍ - أَو سَبعَ -، وَإِنِّي كَرِهتُ أَن آتِيَهُنَّ - أَو أَجِيئَهُنَّ - بِمِثلِهِنَّ، فَأَحبَبتُ أَن أَجِيءَ بِامرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيهِنَّ، وَتُصلِحُهُنَّ قَالَ: فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَو قَالَ لِي: خَيرًا.
وفي رواية: قَالَ: فَأَينَ أَنتَ مِن العَذَارَى وَلِعَابِهَا؟
ــ
فكان جابر يقول: أبي! أبي! فلم يسمعوه حتى استشهد فتصدَّق ابنه بدمه على المسلمين (1).
و(الثيب): المرأة التي دخل بها الزوج، وكأنَّها ثابت إلى غالب أحوال كبار (2) النساء.
و(قوله: فهلَاّ جارية (3) تلاعبها، وتلاعبك) يدلُّ على تفضيل نكاح الأبكار، كما قال في الحديث الآخر:(فإنهنَّ أطيب أفواهًا، وأنتَقُ أرحامًا)(4).
و(تلاعبها): من اللعب، بدليل قوله:(وتضاحكها). وفي كتاب أبي عبيد: (تداعبها وتداعبك).
و(قوله في الرواية الأخرى: (أين أنت من العذارى ولعابها) - بكسر
(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع). . وفي حاشية (ل 1) ما يلي: من نسخة فرح بخطه: هذا وهمٌ في أن عبد الله والد جابر قتله المسلمون، وأن جابرًا حضر أحدًا، ولم يحضرها محققًا. إنما كان ذلك اليمان بن حُسيل، أبو حذيفة بن اليمان، والقائل: أبي! أبي! حذيفة، وهو المتصدق بدم أبيه على المسلمين رضي الله عنهم أجمعين-.
(2)
سقطت من (ع).
(3)
في (ع): بكرًا.
(4)
رواه ابن ماجه (1861).
رواه البخاري (2097)، ومسلم (715)(55) و (56)، والنسائي (6/ 65)، وابن ماجه (1860).
[1530]
وعَن أبي هريرة: عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: تُنكَحُ المَرأَةُ لِأَربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا
ــ
اللام هنا لا غير - وهو مصدر لاعب، من الملاعبة. كما يقال: قِتالًا؛ من: قَاتَل، يقاتل. وقد رواه أبو ذر (1) من طريق المستملي:(لُعَابها) - بالضم-؛ يعني به: ريقها عند التقبيل. وفيه بُعدٌ. والصواب: الأول.
وهذا الحديث يدلُّ على فضل عقل جابر؛ فإنه راعى مصلحة صيانة أخواته، وآثرها على حق نفسه، ونيل لذته؛ ولذلك استحسنه منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:(فبارك الله لك) وقال له خيرًا.
وفيه ما يدلُّ على قصد الرجل من الزوجة القيام له بأمور وبمصالح ليست لازمة لها في الأصل، ولا يُعاب من قصد شيئًا من ذلك.
و(قوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها) أي: هذه الأربع الخصال هي المُرغِّبة في نكاح المرأة. وهي التي يقصدها الرِّجال من النساء. فهو خبرٌ عما في الوجود من ذلك، لا أنه أمرٌ بذلك. وظاهره إباحة النكاح؛ لقصد مجموع هذه الخصال أو لواحدة منها، لكن قصد الدِّين أولى وأهم؛ ولذلك قال:(فاظفر بذات الدِّين تربت يمينك)(2).
و(الحسب) هنا: الشرف،
(1) في (ل): أبو داود، وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه. وأبو ذر، هو: مصعب بن محمد ابن مسعود الخشني: من علماء الحديث والسير والنحو. توفي (604 هـ).
(2)
زاد في (ج 2):
تتميم: في كتاب "ربيع الأبرار" للزمخشري، في الحديث: "تُنكح النساء على =
فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ.
رواه أحمد (2/ 428)، والبخاري (5090)، ومسلم (1466)(53)، وأبو داود (2047)، والنسائي (6/ 68)، وابن ماجه (1858).
ــ
والرفعة. وأصله من الحساب؟ الذي هو العدد، وذلك أن الشريف يعد لنفسه ولآبائه مآثر جميلة وخصالًا شريفة. والحسب - بسكون السين -: المصدر، وبفتحها: الاسم. كالنّقض، والنَّقَض، والقَبض، والقَبَض. وقد يراد بالحسب: قرابة الرجل، وأهله، وذريته؛ كما جاء في وفد هوازن؛ إذ قيل لهم: اختاروا، إما المال، وإمَّا السبي. فقالوا: إنا نختار الحسب. فاختاروا أبناءهم ونساءهم. وقد تقدم القول على: (تربت يداك).
ولا يُظَّنُّ من هذا الحديث أن مجموع هذه الأربع والمساواة فيها هي الكفاءة، فإن ذلك لم يقل به أحدٌ من العلماء فيما علمت، وإن كانوا قد اختلفوا في الكفاءة ما هي؟
فعند مالك: الكفاءة في الدِّين. فالمسلمون بعضهم لبعض أكفاء، والمولى كفؤ للقُرشيّة. وروى مثله عمر، وابن مسعود، وجماعة من الصحابة والتابعين.
وقال غيره: الكفاءة معتبرة في الحال والحسب. فعند أبي حنيفة: قريش كلهم أكفاء، وليس غيرهم من العرب لهم بكفؤ. والعرب بعضهم لبعض أكفاء، وليس الموالي لهم بأكفاء. ومن له من الموالي آباء في الإسلام؛ فبعضهم لبعض أكفاء، وليس المعتق نفسه لهم بكفؤ.
وقال الثوري: يفرق بين العربية والمولى، وشدَّدَ في ذلك، وقاله أحمد (1). قال الخطابي: الكفاءة في قول أكثر العلماء في
= أربع: الجمال والنسب والمال والدين" فمن نكح للجمال عاقبه الله بالغَيْرة، ومَن نكح للنسب عاقبة الله بالذل، ومن نكح للمال لم يخرج من الدنيا حتى يبتليه الله بماله، ثم يقسِّي قلبها فلا تعطه قليلًا ولا كثيرًا، ومن نكح للدين أعطاه الله: المال والجمال والنسب وخير الدنيا والآخرة.
(1)
ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
[1531]
وعن جَابِرُ قَالَ: تَزَوَّجتُ امرَأَةً على عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وذكر نحو ما تقدم، وزاد فقَالَ له رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تُنكَحُ المَرأَةَ عَلَى دِينِهَا، وَجَمَالِهَا، وَمَالِهَا، فَعَلَيكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ.
رواه مسلم (715)(54).
* * *
ــ
أربعة: في الدِّين، والنَّسب، والحرِّية، والصناعة. واعتبر بعضهم السلامة من العيوب. والكل منهم متفقون: على أنه لا يعتبر في الكفاءة المساواة فيما يُعَدُّ كفاءة، بل يكفي أن يكونا ممن ينطلق عليها اسم ذلك المعنى المعتبر في الكفاءة. فالمفضول كفؤ للأفضل، والمشروف كفؤ للأشرف؛ لأنهما قد اشتركا في أصل ذلك المعنى.
وقد استدل أصحابنا بهذا الحديث: على أن للزوج حق الاستمتاع والتجمُّل بمال الزوجة. ووجه ذلك: أنها إذا كانت ذات مال رغب الزوج فيها ووسّع في المهر لأجل المال، وبذل لها من ذلك أكثر مما يبذل للفقيرة. وقد سوَّغ الشرع هذا القصد، فلا بدَّ له من أثر ومقابل، لا جائز أن يكون عين مالها بالاتفاق، فلم يبق إلا أن يكون الاستمتاع، والتجمُّل به، وكفاية كثير من المؤن. وينبني على ذلك: أنها تُمنع من تفويت مالها كلِّه لأجل حق الزوج.
وقد شهد بصحة هذا الاعتبار قوله صلى الله عليه وسلم فيما خرَّجه النسائي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة أن تقضي في ذي بال من مالها إلا بإذن زوجها)(1). قال الإمام أبو عبد الله: وفي ظاهر هذا حجة لقولنا: إن المرأة إذا رفع لها الزوج في الصَّداق ليسارها، ولأنها تسوق إلى بيته من الجهاز ما جرت عادة أمثالها به، وجاء الأمر بخلافه، فإن للزوج مقالًا في ذلك، ويحط عنه من الصَّداق الزيادة (2) التي زادها
(1) رواه النسائي في الكبرى (6589 و 6590).
(2)
سقطت من (ع).