الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) باب ما جاء في اللِّعَان
[1561]
عَن سَهلَ بنَ سَعدٍ: أَنَّ عُوَيمِرًا العَجلَانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بنِ عَدِيٍّ الأَنصَارِيِّ فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيتَ يَا عَاصِمُ لَو أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقتُلُهُ فَتَقتُلُونَهُ؟ أَم كَيفَ يَفعَلُ؟ سَل لِي يَا عَاصِمُ عَن ذَلِكَ
ــ
للآخر؛ لأنهما لا نسبة بينهما. وعند بعضهم: (قُسط ظَفَار) وهذا له وجه؛ فإن ظفار مدينة باليمن نسب إليها القُسط. وما في مسلم أحسن، والله تعالى أعلم.
وعلى هذا: فينبغي (1) ألا يصرف للتعريف والتأنيث. ويكون كـ (حَذَامِ) و (قَطَامِ) أو يكون مبنيًّا على القول الثاني في (حذام) و (قطام) أعني: مبنيًّا (2) على الكسر.
(12)
ومن باب: اللِّعَان
وهو موضوع لحفظ الأنساب، ودفع المضرَّة عن الأزواج.
(قوله: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ ) هذا سؤال غيران متحرِّز من الحدِّ، متشوِّف لمعرفة الحكم، ولو صرَّح للزمه الحدُّ، أو يُبَيِّن، أو يلتعن، كما جاء في الحديث (3) الآخر لمن صرَّح:(البينة وإلا حدٌّ في ظهرك)(4). وكونه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على السَّائل قوله: أيقتله؟ تقرير منه على ذلك.
(1) في (ل 1) و (ع): فيتعين.
(2)
ما بين حاصرتين استدرك من (ل 1).
(3)
في (ج 2) كما قد قال في الحديث.
(4)
رواه البخاري (2671)، وأبو داود (2254)، والترمذي (3178).
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَسَائِلَ، وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهلِهِ جَاءَهُ عُوَيمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيمِرٍ: لَم تَأتِنِي بِخَيرٍ قَد كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَسأَلَةَ الَّتِي سَأَلتُهُ عَنهَا، قَالَ عُوَيمِرٌ: فوَاللَّهِ لَا أَنتَهِي حَتَّى أَسأَلَهُ عَنهَا، فَأَقبَلَ عُوَيمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ
ــ
ويلزم منه إن قتله لم يكن فيه قصاص، ولا غيرهُ. وقد عضده قول سعد:(لو رأيته ضربته بالسيف). ولم ينكر عليه. بل صوَّبه بقوله: (تعجبون من غيرة سعد)(1).
ولهذا قال أحمد، وإسحاق: يهدر دمه إذا جاء القاتل بشاهدين.
واختلف أصحابنا بذلك. فقال ابن القاسم: يهدر دمه إن قتله إذا قامت البينة؛ محصنًا كان أو غير مُحصَن، واستحب الدية في غير المحصن. وقال ابن حبيب: إن كان مُحصنًا فهذا الذي ينجي قاتله البينة.
وقد اختلف عن عمر رضي الله عنه في هدر دم مثل هذا. وروي عن علي رضي الله عنه: يُقَاد منه. فأمَّا لو لم يأت ببيَّنة فإنَّه يقتل به، ولا يقبل قوله عند الجمهور. وقال الشافعي، وأبو ثور: وسعه فيما بينه وبين الله تعالى قتله. يعنيان: إذا كان محصنًا، والله تعالى أعلم.
و(قوله: كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائلَ وعابها) يحتمل أن تكون هذه الكراهة لكثرة المسائل، كما قد جاء النهي عنها نصًّا. ويحتمل أن تكون لقبح هذه المسألة. ويدلّ على هذا قول عاصم:(وقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألتُه عنها).
(1) رواه البخاري (7416)، ومسلم (1499).
امرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقتُلُهُ فَتَقتُلُونَهُ؟ أَم كَيفَ يَفعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَد نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذهَب فَأتِ بِهَا. قَالَ سَهلٌ: فَتَلَاعَنَا (في رواية: في المسجد) وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيمِرٌ: كَذَبتُ عَلَيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِن أَمسَكتُهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبلَ أَن يَأمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
و(قوله: قد أُنزل فيك وفي صاحبتك) يدل: على أنه صلى الله عليه وسلم عرف أنه صاحب المسألة: فإمَّا بقرائن الأحوال، وإمَّا بالوحي.
و(قوله: فتلاعنا في المسجد) فيه بيان: أن سنَّة اللعان كونه في المسجد (1)، ولم يختلف في ذلك إلا ما روي عن عبد الملك: أنَّه يكون في المسجد أو عند الإمام، وفيه: أنه يكون بحضرة الإمام. والقياس والإجماع على أنه لا يكون إلا بسلطان.
و(قوله: كذبت عليها إن أمسكتُها. فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حجة للشافعي على جواز إيقاع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة. ووجه احتجاجه: أنه صلى الله عليه وسلم أقرَّه على ذلك. وقد انفصل أصحابنا عن ذلك بأن قالوا: إنَّه إنما أقرَّه؛ لأن الطلاق لم يقع؛ إذ لم يصادف محلًا؛ فإنها قد بانت منه بفراغهما من اللَّعان؛ بدليل قوله في الحديث الآخر: (لا سبيل لك عليها)(2). وقد تقدَّم القول في هذه المسألة.
و(قوله صلى الله عليه وسلم للذي سمعه يطلق ثلاثًا في كلمة واحدة: (أَيُلعَب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ ! )(3) إنكارُ محقَّقٌ.
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(2)
رواه البخاري (5312)، ومسلم (1493)(5).
(3)
رواه النسائي (6/ 142).
قَالَ ابنُ شِهَابٍ: فَكَانَت تلك سُنَّةَ المُتَلَاعِنَينِ.
وفي رواية: فَفَارَقَهَا عِندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ذَاكُم التَّفرِيقُ بَينَ كُلِّ مُتَلَاعِنَينِ.
رواه البخاريُّ (5308)، ومسلم (1492)، وأبو داود (2245)، والنسائيُّ (6/ 144)، وابن ماجه (2066).
* * *
ــ
و(قول ابن شهاب: (فكانت تلك سنة المتلاعنين) ظاهره: أنها إشارة إلى كونه طلقها ثلاثًا. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ذاكم التفريق بين كل متلاعنين) وبه تمسَّك من شذَّ من العلماء، فقال: هو ثلاث. والجمهور على أنه ليس بثلاث.
لكن اختلفوا؛ فأكثرهم: على أنه بفراغها من اللِّعَان يقع التحريم المؤبَّد، ولا تحل له أبدًا؛ وإن أكذب نفسه، متمسِّكين في ذلك بقوله:(لا سبيل لك عليها). وبما جاء في حديث ابن شهاب من رواية ابن وهب: (فمضت سنَّة المتلاعنين أن يفرق بينهما، ولا يجتمعا). وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن، وعبيد الله بن الحسن (1)، هو واحدة بائنة، وإن أكذب نفسه بعد اللعان حدّ، وحلت له. وغيرهم يحدُّونه، ويلحقون به الولد، ولا يحلونها له، وأشذُّ الخلاف في هذه المسألة قول عثمان البَتِّي: إنه لا يفرق بينهما. وحكاه الطبري عن جابر بن زيد. وهذا القول مردود بالنصوص المُتقدِّمة.
قلت: وهذه الرواية ظاهرها: أنَّه لاعنها لمجرد القذف، فإنَّه لم ينصّ فيها على رؤية الزنا، ولا على نفي الحمل، فيمكن أن يحتجّ بها من رأى اللعان لمجرد القذف، وهو الشافعي، والأوزاعي، وفقهاء المحدثين، والكوفيون. وهو أحد
(1) في (ع): عبد الله بن الحسين.