الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَأَيتُم مِن وُلَاتِكُم شَيئًا تَكرَهُونَهُ فَاكرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنزِعُوا يَدًا مِن طَاعَةٍ.
رواه أحمد (6/ 24)، ومسلم (1855)(65).
* * *
(15) باب مبايعة الإمام على عدم الفرار وعلى الموت
[1434]
عَن جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا يَومَ الحُدَيبِيَةِ أَلفًا وَأَربَعَمِائَةً، فَبَايَعنَاهُ،
ــ
المعهودة بحدودها وأحكامها وداموا (1) على ذلك وأظهروه، وقيل: معناه ما داموا على كلمة الإسلام، كما قد عبَّر عن المصلين بالمسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم: نهيتُ عن قتل المصلين (2) أي المسلمين، والأوَّل أظهر، وقد تقدَّم التنبيه على ما في هذا الحديث من الأحكام والخلاف.
(15)
ومن باب: مبايعة الإمام على عدم الفرار
الحديبية ماء قريب من مكة نزله النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد العمرة فصَدَّته قريش، فوجَّه إليهم عثمان بن عفان ليخبرهم بأنه جاء معتمرًا ولم يجئ لقتال، فأبطأ عليه، فأُرجِفَ بأنه قُتل، فبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه هذه البيعة المسماة ببيعة الرُّضوان - وقد تقدّم ذِكرُها.
وقول جابر كنَّا في الحديبية ألفًا وأربعمائة، قد روي أنَّهم كانوا ألفًا وخمسمائة، وإنما اختلف قوله لأنَّ ذلك العدد كان عنده تخمينًا لا تحقيقًا إن لم يكن غلطًا من بعض الرواة.
(1) في (م): داوموا.
(2)
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 296).
وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحتَ الشَّجَرَةِ - وَهِيَ سَمُرَةٌ، وَقَد بَايَعنَاهُ عَلَى أَن لَا نَفِرَّ، وَلَم نُبَايِعهُ عَلَى المَوتِ.
رواه أحمد (3/ 396)، والبخاريُّ (4154)، ومسلم (1856)(67) والترمذيُّ (1591 و 1594)، والنسائي (7/ 140 و 141).
ــ
وقوله بايعناه على ألا نفرَّ، ولم نبايعه على الموت مخالفٌ لما قاله سلمةُ أنهم بايعوه في ذلك اليوم على الموت، وكذلك قال عبد الله بن زيد: وهذا خلاف لفظيٌّ، وأمَّا المعنى فمتَّفق عليه؛ لأن من بايع على ألا يفرَّ حتى يفتح الله عليه أو يُقتل فقد بايع على الموت، فكأنَّ جابرًا لم يسمع لفظ الموت وأخذ غيره الموتَ من المعنى فعبَّر عنه. ويشهد لما ذكرته أنَّه قد روي عن ابن عمر في غير كتاب مسلم أن البيعة كانت على الصبر (1)، وكان هذا الحكم خاصًّا بأهل الحديبية، فإنه مخالف لما في كتاب الله تعالى من إباحة الفرار عند مِثلَي العدد كما نصَّ عليه في سورة الأنفال (2)، وعلى مقتضى بيعة الحديبية لا فرار أصلًا، فهذا حكمٌ خاصٌّ بهم، والله تعالى أعلم. ولذلك قال عبد الله بن زيد: لا أبايع على هذا أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).
ثم إنَّ الناس اختلفوا في العدد المذكور في آيتي الأنفال (4)؛ فحمله جمهور
(1) رواه البخاري (2958).
(2)
يشير بذلك إلى قوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66].
(3)
أشار المصنف رحمه الله بهذه العبارة إلى ما جاء في صحيح مسلم رقم (1861).
ولم نجده في الأصول التي بين أيدينا.
(4)
يشير إلى قول الله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا. . .} [الأنفال: 65]، وقوله تعالى:{فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [الأنفال: 66].
[1435]
وعن أَبي الزُّبَيرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَسأَلُ: هَل بَايَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الحُلَيفَةِ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِن صَلَّى بِهَا، وَلَم يُبَايِع عِندَ شَجَرَةٍ إِلَّا الشَّجَرَةَ الَّتِي بِالحُدَيبِيَةِ.
رواه مسلم (1856)(70).
[1436]
وعَن مَعقِلِ بنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقَد رَأَيتُنِي يَومَ الشَّجَرَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النَّاسَ، وَأَنَا رَافِعٌ غُصنًا مِن أَغصَانِهَا عَن رَأسِهِ، وَنَحنُ أَربَعَ عَشرَةَ مِائَةً. قَالَ: لَم نُبَايِعهُ عَلَى المَوتِ، وَلَكِن بَايَعنَاهُ عَلَى أَلَا نَفِرَّ.
رواه مسلم (1858).
[1437]
وعَن يَزِيدَ بنِ أَبِي عُبَيدٍ قَالَ: قُلتُ لِسَلَمَةَ: عَلَى أَيِّ شَيءٍ بَايَعتُم رسول الله صلى الله عليه وسلم يَومَ الحُدَيبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى المَوتِ.
رواه البخاريُّ (2960)، ومسلم (1860)، والترمذيُّ (1952)، والنسائي (7/ 141).
* * *
ــ
العلماء على ظاهره من غير اعتبار للقوة والضعف والشجاعة والجبن، وحكى ابن حبيب عن مالك وعبد الملك أنَّ المراد بذلك القوة والتكافؤ دون تعيين (1) العدد، وقال ابن حبيب: والقول الأول أكثر، فلا تفرَّ المائة من المائتين وإن كانوا أشد جلدًا وأكثر سلاحًا (2).
قلت: وهو الظاهر من الآية.
قال عياض: ولم يختلف أنه متى جهل منزلة بعضهم على بعض في مراعاة العدد لم يجز الفِرارُ.
(1) في (ج 2): لفظ.
(2)
ساقط من (ع).