الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(14) باب في الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم وشرارهم
[1432]
عَن أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعرِفُونَ وَتُنكِرُونَ، فَمَن عَرَفَ بَرِئَ، وَمَن أَنكَرَ سَلِمَ، وَلَكِن مَن رَضِيَ وَتَابَعَ. قَالَوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُم؟ قَالَ: لَا، مَا صَلَّوا.
ــ
(14)
ومن باب: الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم
قوله ستكون أمراء فتَعرِفُون وتُنكِرُون؛ أي: يعمل الأمراءُ أعمالًا منها ما تعرفون كونه معروفًا، ومنها ما تعرفون كونه منكرا فتنكرونه.
وقوله فمن عرف برئ؛ أي: من عرف المنكر وكرهه بقلبه، بدليل الرواية الأخرى، فتُقَيَّدُ إحداهما بالأخرى؛ يعني: أنَّ مَن كان كذلك فقد برئ - أي تبرَّأ من فعل المنكر ومن فاعله.
وقوله ومن أنكر فقد سلم؛ أي بقلبه، بدليل تقييده بذلك (1) في الرواية الأخرى، أي اعتقد الإنكار بقلبه وجزم عليه بحيث لو تمكن من إظهار الإنكار لأنكره، ومَن كان كذلك فقد سَلِم من مؤاخذة الله تعالى على الإقرار على المنكر، وهذه المرتبة هي رتبة من لم يقدر على تغيير المنكر لا باللسان ولا باليد، وهي التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: وذلك أضعف الإيمان (2)، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.
وقوله ولكن مَن رضي وتابع؛ أي: من رضي المنكر وتابع عليه هو المؤاخذ والمُعَاقَبُ عليه وإن لم يفعله.
(1) من (ج 2).
(2)
رواه أحمد (3/ 54)، ومسلم (49)، والترمذي (2172)، والنسائي (8/ 112).
وفي رواية: فَمَن كَرِهَ فَقَد بَرِئَ، وَمَن أَنكَرَ فَقَد سَلِمَ - وذكر نحوه.
وفي أخرى: مَن كَرِهَ بِقَلبِهِ وَأَنكَرَ بِقَلبِهِ.
رواه أحمد (6/ 395)، ومسلم (1854)(62 و 63).
[1433]
وعَن عَوفِ بنِ مَالِكٍ، عَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: خِيَارُ أَئِمَّتِكُم الَّذِينَ تُحِبُّونَهُم وَيُحِبُّونَكُم وَيُصَلُّونَ عَلَيكُم وَتُصَلُّونَ عَلَيهِم، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُم الَّذِينَ تُبغِضُونَهُم وَيُبغِضُونَكُم وَتَلعَنُونَهُم وَيَلعَنُونَكُم. قِيلَ: يَا رسول الله، أَفَلَا نُنَابِذُهُم بِالسَّيفِ؟ قَالَ: لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُم الصَّلَاةَ، وَإِذَا
ــ
وقوله خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلُّون عليهم ويصلُّون عليكم؛ أي: تدعون لهم في المعونة على القيام بالحق والعدل، ويدعون لكم في الهداية والإرشاد وإعانتكم على الخير، وكل فريق يحب الآخر لما بينهم من المواصلة والتراحم والشفقة والقيام بالحقوق كما كان ذلك في زمن الخلفاء الأربعة وفي زمان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم، ونقيض ذلك في الشرار لترك كل فريق منهما القيام بما يجب عليه من الحقوق للآخر ولاتّباع الأهواء والجَورِ والبُخل والإساءة، فينشأ عن ذلك التباغض والتَّلاعن وسائر المفاسد.
وقوله أفلا ننابذهم بالسيف؟ ؛ أي: أفلا ننبذ إليهم عهدهم، أي ننقضه، كما قال تعالى: فَانبِذ إِلَيهِم عَلَى سَوَاءٍ، ونخرج عليهم بالسيف، فيكون المجرور متعلقًا بمحذوف دلّ عليه المعنى وحُذف إيجازا واختصارًا.
وقوله لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ظاهره: ما حافظوا على الصلوات