الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10) باب ما جاء في التدبير وبيع المُدَبَّر
[1593]
عَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلًا مِن الأَنصَارِ أَعتَقَ غُلَامًا لَهُ عَن دُبُرٍ لَم يَكُن لَهُ مَالٌ غَيرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَن يَشتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشتَرَاهُ نُعَيمُ بنُ عَبدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيهِ.
ــ
(10)
ومن باب: بيع المُدَبَّر
وهو الذي يعتقه سيده عن دُبُر منه؛ بأن يقول: أنت مدَبَّرٌ، أو: قد دبَّرتُكَ، أو: أنت حرٌّ عن دبُر منِّي. وما أشبه ذلك مما يذكر فيه لفظ المدبَّر.
ولا خلاف في أنَّه عقد شرعي مآله العتق بعد الموت. وهل هو لازم بحيث لا يحل ببيع ولا غيره، أو هو عقد جائز، فيجوز حله ببيع المدبَّر، أو هبته، ثم هل يُكره حلُّه أو لا؟ اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال:
فذهب مالك، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح، وأصحاب الرأي إلى الأول. فلا يخرج عن ملك المدبَّر بوجه من الوجوه إلا بأن يعتقه.
وذهب إلى الثاني عائشة، ومجاهد، والحسن البصري، وطاوس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. فيجوز أن يبيعه صاحبه متى شاء.
وكرهت طائفة ذلك، وهو القول الثالث. وممن ذهب إلى ذلك ابن عمر، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، والشعبي، والزهري، والنخعي. وقال الليث: يكره بيعه. فإن جهل إنسان أو غفل فباعه، فأعتقه الذي اشتراه، فإن بيعه جائز، وولاؤه لمن أعتقه.
قلت: وهذا قياس من ذكر في القول الثالث. وقد تقدَّم سبب الخلاف في ذلك في كتاب الزكاة. ونكتته: تعارض الأدلة. وذلك: أن التدبير عقد شرعي، فالوفاء به واجب؛ لقوله تعالى:{أَوفُوا بِالعُقُودِ} ولقوله: {وَأَوفُوا
وفي رواية: فَاشتَرَاهُ ابنُ النَّحَّامِ عَبدًا قِبطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ فِي إِمَارَةِ ابنِ الزُّبَيرِ.
رواه أحمد (3/ 308)، والبخاري (2231)، ومسلم (997)(58) و (59)، والترمذي (1219)، وابن ماجه (2513).
* * *
ــ
بِالعَهدِ} (1) وظاهر الأمر الوجوب، ولأن التدبير عقد عتق موقوف على وقت، فيلزم كالعتق إلى أجل، ولما حكاه مالك من إجماع أهل المدينة على منع بيع المدبَّر، أو هبته. فهذه أدلة القول الأول. ويعارض ذلك كله حديث جابر المذكور في هذا الباب. فإن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبَّر. وهو حجة القول الثاني، وقد اعتذر عنه أصحابنا بأنها قضية معينة، فيحتمل أن يكون بيعه في دين سابق على التدبير، ويشعر بذلك قوله:(لم يكن له مال غيره). ومباشرة النبي صلى الله عليه وسلم لبيعه بنفسه، فكأنه باعه عليه بالحكم للغُرماء، والله تعالى أعلم.
وأوضح المسالك ما صار (2) إليه مالك.
* * *
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(2)
في (ع): ذهب.