الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحسِنُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَصَحَابَةَ سَيِّدِهِ، نِعِمَّا لَهُ.
رواه مسلم (1667)، والترمذي (1985).
* * *
(9) باب فيمن أعتق عبيده عند موته وهم كل ماله
[1592]
عَن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ: أَنَّ رَجُلًا أَعتَقَ سِتَّةَ مَملُوكِينَ عِندَ مَوتِهِ، لَم يَكُن لَهُ مَالٌ غَيرَهُم، فَدَعَاهِم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَزَّأَهُم أَثلَاثًا،
ــ
(9)
ومن باب: من أعتق عبيده عند موته
(قوله: إن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته) ظاهره: أنه نَجز عتقهم في مرض موته. وفي الرواية الأخرى: (أنه أوصى بعتقهم). وهذا اضطراب؛ لأن القضية واحدة. ويرتفع ذلك: بأن بعض الرواة تجوز في لفظ: (أوصى) لما نفذ عتقهم بعد موت سيدهم في ثلثه؛ لأنه قد تساوى في هذه الصورة حكم تنجيز العتق وحكم الوصية به؛ إذ كلاهما يخرج من الثلث، وإنما كان يظهر الفرق بينهما لو لم يمت، فإنه كان يكون له الرجوع عن الوصية بالعتق دون تنجيز العتق؛ فإنه إذا صحَّ لزمه إما عتق جميعهم، وإما عتق ثلثهم؛ إذ ليس له مال غيرهم على الخلاف الذي في ذلك لأهل العلم.
و(قوله: فجزأهم أثلاثًا) ظاهره: أنه اعتبر عدد أشخاصهم دون قيمتهم. وإنما فعل ذلك لتساويهم في القيمة والعدد، فلو اختلفت قيمتهم لم يكن بد من تعديلهم بالقيمة، مخافة أن يكون ثلثهم في العدد أكثر من ثلث الميت في القيمة. ولو اختلفوا في القيمة أو في العدد لَجزئوا بالقيمة، ولعتق منهم ما يخرجه السهم، وإن كان أقل من ثلث العدد. وكيفية العمل في ذلك مفصلة في كتب أئمتنا.
ثُمَّ أَقرَعَ بَينَهُم فَأَعتَقَ اثنَينِ وَأَرَقَّ أَربَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَولًا شَدِيدًا.
وفي رواية: أَنَّ رَجُلًا مِن الأَنصَارِ أَوصَى عِندَ مَوتِهِ، فَأَعتَقَ سِتَّةَ مَملُوكِينَ.
رواه أحمد (4/ 438)، ومسلم (1668)(56) و (57)، وأبو داود (3961).
* * *
ــ
و(قوله: ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة) هذا نصٌّ في صحَّة اعتبار القرعة شرعا. وهو حجة للجمهور: مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق على أبي حنيفة حيث يقول: إنه يعتق من كل واحد منهم ثلثه، ولا يقرع بينهم، وهذا مخالف لنصّ الحديث، ولا حجة له بأن يقول: إن هذا الحديث مخالف للقياس، فلا يعمل به؛ لأنا قد أوضحنا في الأصول: أن القياس في مقابلة النص فاسد الوضع. ولو سلَّمنا: أنَه ليس بفاسد الوضع لكانا كالدليلين المتعارضين، وحينئذ يكون الأخذ بالحديث أولى؛ لكثرة الاحتمالات في القياس وقلتها في الحديث، كما بيناه في الأصول.
و(قوله: وقال له قولًا شديدا) أي: غلظ له بالقول، والذم، والوعيد؛ لأنه أخرج كل ماله عن الورثة، ومنعهم حقوقهم منه. ففيه دليل على أن المريض محجور عليه في ماله، وأن المدبر، والوصايا، إنما تخرج من الثلث، وأن الوصية إذا منع من تنفيذها على وجهها مانعٌ شرعي استحالت إلى الثلث، كما يقوله مالك.
* * *