الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) كتاب البيوع
(1) باب النهي عن الملامسة، والمنابذة، وبيع الحصاة، والغرر
[1594]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن المُلَامَسَةِ
ــ
(18)
ومن كتاب البيوع
البيعُ في اللغة مصدر: باع كذا بكذا؛ أي: دفع معوضًا، وأخذ عوضا منه. وهو يقتضي بائعًا، وهو المالك، أو من يتنزل منزلته، ومبتاعًا، وهو الذي يبذل الثمن، ومبيعًا، وهو المثمون، وهو الذي يبذل في مقابلة الثمن.
وعلى هذا فأركان البيع أربعة: البائع، والمبتاع، والثمن، والمثمَّن (1)، وكل واحد من هذه يتعلَّق النظر فيها بشروط ومسائل ستراها إن شاء الله تعالى.
والمعاوضة عند العرب تختلف بحسب اختلاف ما يضاف إليه، فإن كان أحد العوضين في مقابلة الرّقبة سُمي: بيعًا. وإن كان في مقابلة منفعة رقبة؛ فإن كانت منفعة بضع سُمِّي: نكاحًا. وإن كانت منفعة غيرها سُمِّي: إجارة.
(1)
ومن باب: النهي عن بيع (2) الملامسة والمنابذة وبيع الغرر
(الملامسة): مفاعلة، وأصلها لا يكون إلا بين اثنين. وأصلها من لمس
(1) في (ع): المثمون.
(2)
زيادة من (ل 1).
وَالمُنَابَذَةِ، أَمَّا المُلَامَسَةُ: فَأَن يَلمِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا ثَوبَ صَاحِبِهِ بِغَيرِ تَأَمُّلٍ، وَالمُنَابَذَةُ: أَن يَنبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا ثَوبَهُ إِلَى الآخَرِ، وَلَم يَنظُر وَاحِدٌ مِنهُمَا إِلَى ثَوبِ صَاحِبِهِ.
رواه أحمد (2/ 476)، والبخاري (368)، ومسلم (1511)(2)، والترمذي (1310)، والنسائي (7/ 260)، وابن ماجه (2169).
[1595]
وعن أبي سَعِيدٍ الخُدرِيَّ قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن بَيعَتَينِ وَلِبسَتَينِ: نَهَانا عَن المُلَامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ فِي البَيعِ. وَالمُلَامَسَةُ: لَمسُ الرَّجُلِ ثَوبَ الآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيلِ والنَّهَارِ، وَلَا يَقلِبُهُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَالمُنَابَذَةُ: أَن يَنبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ بِثَوبِهِ، وَيَنبِذَ الآخَرُ إِلَيهِ ثَوبَهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيعَهُمَا، عن غَيرِ نَظَرٍ وَلَا تَرَاضٍ.
رواه البخاري (2144)، ومسلم (1512)، وأبو داود (3378 و 3379)، والنسائي (7/ 260)، وابن ماجه (2170).
ــ
الشيء باليد. و (المنابذة): مأخوذة من النبذ. وهو الرَّمي. وقد جاء تفسيرهما في الحديث.
و(قوله: ويكون ذلك بيعهما عن (1) غير نظر ولا تراض) يعني: أنه كان يجب البيع بنفس اللمس والنبذ، ولا يبقى لواحد منهما خيرةٌ في حلّه. وبهذا تحصل المفسدة العظيمة؛ إذ لا يدري أحدهما ما حصل له، فيعم الخطر، ويكثر القمار والضرر.
(1) في (ل 1): من.
[1596]
وعنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن بَيعِ الحَصَاةِ، وَعَن بَيعِ الغَرَرِ.
رواه أحمد (2/ 436)، ومسلم (1513)، وأبو داود (3376)، والنسائي (7/ 262)، وابن ماجه (2194).
ــ
و(بيع الحصاة) اختلف فيه على أقوال:
أولها: أن يبيعه من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة.
وثانيها: أيُّ ثوب وقعت عليه الحصاة فهو المبيع.
وثالثها: أن يقبض على الحصى، فيقول:(1) ما خرج كان لي بعدده دراهم أو دنانير.
ورابعها: أيُّ زمان وقعت الحصاة من يده وجب البيع. فهذا إيقاف لزوم على زمن مجهول.
وهذه كلها فاسدة لما تضمنته من الخطر، والجهل، وأكل المال بالباطل.
و(بيع الغرر): هو البيع المشتمل على غرر مقصود، كبيع الأجنَّة، والسمك في الماء، والطير في الهواء، وما أشبه ذلك. فأمَّا الغرر اليسير الذي ليس بمقصود فلم يتناوله هذا النَّهي؛ لإجماع المسلمين على جواز إجارة العبد والدار مشاهرة ومساناةً، مع جواز الموت وهدم الدار قبل ذلك، وعلى جواز إجارة (2) الدَّخول في الحمَّام، مع تفاوت الناس فيما يتناولون من الماء، وفي قدر المقام فيه، وكذلك الشرب من السقاء مع اختلاف أحوال الناس في قدر المشروب. وأيضًا: فإن كل بيع لا بدَّ فيه من نوع من الغرر، لكنَّه لما كان يسيرًا غير مقصود لم يلتفت الشرع إليه. ولما انقسم الغرر على هذين الضربين فما تبين أنه من الضرب الأول منع. وما كان من الضرب الثاني أجُيز. وما أشكل أمره، اختلف فيه، من أي القسمين هو، فيلحق به.
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع) و (ل 1).
(2)
ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
[1597]
وعن ابنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ أَهلُ الجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ لَحمَ الجَزُورِ إِلَى حَبَلِ الحَبَلَةِ. وَحَبَلُ الحَبَلَةِ: أَن تُنتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تَحمِلَ الَّتِي نُتِجَت، فَنَهَاهُم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِكَ.
رواه البخاري (2143)، ومسلم (1514)(6)، وأبو داود (3380)، والنسائي (7/ 293).
* * *
ــ
و(الجزور): ما يجزر من الإبل. والجزرة: من غيرها.
و(حبل الحبلة) بفتح الباء فيهما، وهو الصحيح في الرواية واللغة. والحبل: مصدر حبلت المرأة - بكسر الباء - تحبل - بفتحها -: إذا حملت (1). والحبلة: جمع حابلة. وأصل الحبل في بنات آدم، والحمل في غيرهن. قاله أبو عبيد. وقد فسَّره ابن عمر في الحديث. وإلى تفسيره ذهب مالك، والشافعي. قال المبرِّد: حبل الحبلة عندي: حمل الكرمة قبل أن تبلغ. والحبلَة: الكرمة -بسكون الباء وفتحها-. وقال ابن الأنباري: والهاء في (حبلة) للمبالغة، كقولهم: سُخَرة (2).
قلت: وهذه البيوع كانت بيوعًا في الجاهلية نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنها، لما فيها من الجهل والغرر، والقمار والخطر، وكلها تؤدي إلى أكل المال بالباطل، فمتى وقع شيء منها فهو فاسد، لا يصح بوجه، ولا خلاف أعلمه في ذلك.
و(اللِّبستان) - بكسر اللام -: تثنية لبسة، وهي: هيئة اللباس. ويعني بهما: الاحتباء في ثوب واحد، وليس على فرجه شيء، واشتمال الصماء (3). وسيأتي لهما مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
(1) ما بين حاصرتين من (ج 2).
(2)
"سُخَرة": كثير السخرية من الناس.
(3)
"اشتمال الصَّمَّاء": أن يُجَلِّل جسدَه بثوبه نحو شِمْلة الأعراب بأكسيتهم، وهو أن يَرُدَّ =