الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) باب ردّ ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة
[1450]
عَن جَابِرٍ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَأَى امرَأَةً فَأَتَى امرَأَتَهُ زَينَبَ، وَهِيَ تَمعَسُ مَنِيئَةً لَهَا فَقَضَى حَاجَتَهُ منها، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصحَابِهِ فَقَالَ: إِنَّ المَرأَةَ تُقبِلُ فِي صُورَةِ شَيطَانٍ، وَتُدبِرُ فِي صُورَةِ شَيطَانٍ، فَإِذَا أَبصَرَ أَحَدُكُم امرَأَةً، فَليَأتِ أَهلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفسِهِ.
ــ
الشيطان والنسوان. فوالله الذي لا إله إلا هو لقد حلَّت العزبة والعزلة، بل وتعيّن الفِرار من فتنتهنَّ، والرحلة، فلا حول ولا قوة إلا بالله (1).
(2)
ومن باب: ردّ ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة
(قوله: رأى امرأة) أي: وقع بصره عليها فجأة، وكان صلى الله عليه وسلم لا تحتجب النساء منه، وكان إذا أعجبته امرأة فرغب فيها حَرُمَ على زوجها إمساكها، هكذا ذكره أبو المعالي وغيره.
و(قوله: وهي تَمعَسُ منيئةً لها) أي: تدبغ جلدًا. قال أبو عبيد: الجلد أول ما يُدبغ يسمّى: منيئة، على وزن فعيلة، ثم هو: أَفِيق، وجمعه: أَفَقٌ، ثم يكون أدِيمًا.
و(قوله: إن المرأة تقبل في صورة شيطان) أي: في صفته من الوسوسة، والتحريك للشهوة؛ لما يبدو منها من المحاسن المثيرة للشهوة النفسية، والميل الطبيعي، وذلك يدعو إلى الفتنة التي هي أعظم من فتنة الشيطان، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:
(1) هذا رأي الإمام أبي العباس القرطبي رحمه الله تعالى، وبما يتناسب مع ظروفه وزمانه، والحقيقة أنَّ كل زمان فيه نساء مؤمنات صالحات طيِّبات، وفيه غير ذلك. ويبقى قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا. . .} [الروم: 21]، وقوله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر الشباب. . ." وما فيهما من أحكام، هو الأصل.
وفي رواية: إِذَا أَحَدُكُم أَعجَبَتهُ المَرأَةُ فَوَقَعَت فِي قَلبِهِ فَليَعمِد إِلَى امرَأَتِهِ فَليُوَاقِعهَا.
رواه أحمد (3/ 330)، ومسلم (1403)(9) و (10)، وأبو داود (2151)، والترمذي (1158).
* * *
ــ
(ما تركت في أمتي فتنة أعظم على الرجال من النساء)(1) فلمّا خاف صلى الله عليه وسلم هذه المفسدة على أمته أرشدهم إلى طريق بها تزول وتنحسم، فقال:(إذا أبصر أحدكم المرأة فأعجبته فليأت أهله)(2) ثم أخبر بفائدة ذلك، وهو قوله:(فإن ذلك يردّ ما في نفسه). وللردّ وجهان:
أحدهما: أنَّ المنَّي إذا خرج انكسرت الشهوة، وانطفأت، فزال تعلُّق النَّفس بالصّورة المَريبة.
وثانيهما: أن محل الوطء والإصابة متساوٍ من النساء كلِّهن، والتفاوت إنما هو من خارج ذلك، فليُكتَف بمحلِّ الوطء، الذي هو المقصود، ويُغفَل عمَّا سواه، وقد دلّ على هذا ما جاء في هذا الحديث في غير الأم بعد قوله:(فليأت أهله): (فإن معها مثل الذي معها)(3).
تحذير: لا يُظنُّ برسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا فعل ذلك - ميلُ نَفسٍ، أو غلبة شهوة - حاشاه عن ذلك، وإنما فعل ذلك لِيَسُنَّ، وليُقتدى به، وليحسمَ عن نفسه ما يتوقع وقوعه.
(1) رواه أحمد (5/ 200 و 210)، والبخاري (5096)، ومسلم (2740)، والترمذي (2780).
(2)
هو حديث الباب.
(3)
رواه ابن حبان (5572).