المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(7) باب قوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٤

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(14) كِتَاب الإِمَارَةِ وَالبَيعَةِ

- ‌(1) بَاب اشتِرَاطِ نَسَبِ قُرَيشٍ في الخِلافَةِ

- ‌(2) باب في جواز ترك الاستخلاف

- ‌(3) باب النهي عن سؤال الإمارة والحرص عليها وأن من كان منه ذلك لا يولاها

- ‌(4) باب فضل الإمام المقسط وإثم القاسط وقوله كلكم راع

- ‌(5) باب تغليظ أمر الغلول

- ‌(6) باب ما جاء في هدايا الأمراء

- ‌(7) باب قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم}

- ‌(8) باب إنما الطاعة ما لم يأمر بمعصية

- ‌(9) باب في البيعة على ماذا تكون

- ‌(10) باب الأمر بالوفاء ببيعة الأول ويضرب عنق الآخر

- ‌(11) باب يصبر على أذاهم وتؤدَّى حقوقهم

- ‌(12) باب فيمن خلع يدا من طاعة وفارق الجماعة

- ‌(13) باب في حكم من فرَّق أمر هذه الأمة وهي جميع

- ‌(14) باب في الإنكار على الأمراء وبيان خيارهم وشرارهم

- ‌(15) باب مبايعة الإمام على عدم الفرار وعلى الموت

- ‌(16) باب لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وعمل صالح

- ‌(17) باب في بيعة النساء والمجذوم وكيفيتها

- ‌(18) باب وفاء الإمام بما عقده غيره إذا كان العقد جائزا ومتابعة سيد القوم عنهم

- ‌(19) باب جواز أمان المرأة

- ‌(15) كتاب النكاح

- ‌(1) باب الترغيب في النكاح وكراهية التبتل

- ‌(2) باب ردّ ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة

- ‌(3) باب ما كان أبيح في أول الإسلام من نكاح المتعة

- ‌(4) باب نسخ نكاح المتعة

- ‌(5) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وما جاء في نكاح المحرم

- ‌(6) باب النهي عن خِطبَةِ الرجل على خِطبَةِ أخيه وعن الشغار وعن الشرط في النكاح

- ‌(7) باب استئمار الثيب واستئذان البكر والصغيرة يزوجها أبوها

- ‌(8) باب النّظر إلى المخطوبة

- ‌(9) باب في اشتراط الصَّداق في النكاح وجواز كونه منافع

- ‌(10) باب كم أصدق النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه؟ وجواز الأكثر من ذلك والأقل والأمر بالوليمة

- ‌(11) باب عِتق الأمةِ وتزويجها وهل يصح أن يجعل العتق صداقا

- ‌(12) باب تزويج زينب ونزول الحجاب

- ‌(13) باب الهدية للعروس في حال خلوته

- ‌(14) باب إجابة دعوة النكاح

- ‌(15) باب في قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) الآية وما يقال عند الجماع

- ‌(16) باب تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها، ونشر أحدهما سر الآخر

- ‌(17) باب في العزل عن المرأة

- ‌(18) باب تحريم وطء الحامل من غيره حتى تضع، وذكر الغيل

- ‌أبواب الرضاع

- ‌(19) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة

- ‌(20) باب التحريم من قِبَل الفحل

- ‌(21) باب تحريم الأخت وبنت الأخ من الرضاعة

- ‌(22) باب لا تُحرِّم المَصَّةُ ولا المَصَّتان

- ‌(23) باب نسخ عشر رضعات بخمس، ورضاعة الكبير

- ‌(24) باب إنما الرَّضاعة من المَجَاعة

- ‌(25) باب في قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)

- ‌(26) باب الولد للفراش

- ‌(27) باب قبول قول القافة في الولد

- ‌(28) باب المقام عند البكر والثيب

- ‌(29) باب في القَسم بين النساء وفي جواز هبة المرأة يومها لضرتها

- ‌(30) باب في قوله تعالى: {تُرجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوِي إِلَيكَ مَن تَشَاءُ}

- ‌(31) باب الحث على نكاح الأبكار وذوات الدين

- ‌(32) باب مَن قَدم من سفر فلا يعجل بالدخول على أهله فإذا دخل فالكيس الكيس

- ‌(33) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، ومداراة النساء

- ‌(16) كتاب الطلاق

- ‌(1) باب في طلاق السنة

- ‌(2) باب ما يُحِلُّ المطلقة ثلاثًا

- ‌(3) باب إمضاء الطلاق الثلاث من كلمة

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}

- ‌(5) باب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاةَ الدُّنيَا} الآية

- ‌(6) باب إيلاء الرَّجل من نسائه وتأديبهن باعتزالهن مدة

- ‌(7) باب فيمن قال: إن المطلقة البائن لا نفقة لها ولا سكنى

- ‌(8) باب فيمن قال: لها السكنى والنفقة

- ‌(9) باب لا تخرج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها إلا إن اضطرت إلى ذلك

- ‌(10) باب ما جاء أن الحامل إذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها

- ‌(11) باب في الإحداد على المَيِّت في العدة

- ‌(12) باب ما جاء في اللِّعَان

- ‌(13) باب كيفية اللِّعان ووعظ المتلاعنين

- ‌(14) باب ما يتبع اللِّعان إذا كمل من الأحكام

- ‌(15) باب لا ينفى الولد لمخالفة لون أو شبه

- ‌(17) كتاب العتق

- ‌(1) باب فيمن أعتق شركًا له في عبد وذكر الاستسعاء

- ‌(2) باب إنما الولاء لمن أعتق

- ‌(3) باب كان في بريرة ثلاث سنن

- ‌(4) باب النهي عن بيع الولاء وعن هبته وفي إثم من تولى غير مواليه

- ‌(5) باب ما جاء في فضل عتق الرِّقبة المؤمنة وفي عتق الوالد

- ‌(6) باب تحسين صحبة ملك اليمين، والتغليظ على سيده في لطمه، أو ضربه في غير حد ولا أدب، أو قذفه بالزنا

- ‌(7) باب إطعام المملوك مما يأكل ولباسه مما يلبس، ولا يكلف ما يغلبه

- ‌(8) باب في مضاعفة أجر العبد الصالح

- ‌(9) باب فيمن أعتق عبيده عند موته وهم كل ماله

- ‌(10) باب ما جاء في التدبير وبيع المُدَبَّر

- ‌(18) كتاب البيوع

- ‌(1) باب النهي عن الملامسة، والمنابذة، وبيع الحصاة، والغرر

- ‌(2) باب النهي عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وعن تلقي الجلب، وعن التصرية، وعن النجش

- ‌(3) باب لا يبع حاضر لباد

- ‌(4) باب ما جاء: أن التصرية عيب يوجب الخيار

- ‌(5) باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض أو ينقل

- ‌(6) باب بيع الخيار، والصدق في البيع، وترك الخديعة

- ‌(7) باب النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها

- ‌(8) باب النَّهي عن المزابنة

- ‌(9) باب الرُّخصة في بيع العَرِيَّةِ بخرصها تمرا

- ‌(10) باب فيمن باع نخلًا فيه تمر، أو عبدا وله مال

- ‌(11) باب النَّهي عن المحاقلة والمخابرة والمعاومة

- ‌(12) باب ما جاء في كراء الأرض

- ‌(13) باب فيمن رأى أن النهي عن كراء الأرض إنما هو من باب الإرشاد إلى الأفضل

- ‌(14) باب المساقاة على جزء من الثمر والزرع

- ‌(15) باب في فضل من غرس غرسًا

- ‌(16) باب في وضع الجائحة

- ‌(17) باب قسم مال المفلس، والحث على وضع بعض الدين

- ‌(18) باب من أدرك ماله عند مُفلس

- ‌(19) باب في إنظار المُعسِر والتجاوز عنه ومطل الغني ظلم، والحوالة

- ‌(20) باب النَّهي عن بيع فضل الماء، وإثم منعه

- ‌(21) باب النهي عن ثمن الكلب، والسنور، وحلوان الكاهن، وكسب الحجام

- ‌(22) باب ما جاء في قتل الكلاب واقتنائها

- ‌(23) باب في إباحة أجرة الحجَّام

- ‌(24) باب تحريم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام

- ‌أبواب الصرف والربا

- ‌(25) باب تحريم التفاضل والنساء في الذهب بالذهب والورق بالورق

- ‌(26) باب تحريم الرِّبا في البُرِّ والشعير والتمر والملح

- ‌(27) باب بيع القلادة فيها خرز وذهب بذهب

- ‌(28) باب من قال: إن البُرَّ والشعير صنف واحد

- ‌(29) باب فسخ صفقة الربا

- ‌(30) باب ترك قول من قال: لا ربا إلا في النسيئة

- ‌(31) باب اتِّقاء الشبهات ولعن المقدم على الربا

- ‌(32) باب بيع البعير واستثناء حملانه

- ‌(33) باب الاستقراض وحسن القضاء فيه

- ‌(34) باب في السلم والرهن في البيع

- ‌(35) باب النَّهي عن الحكرة، وعن الحلف في البيع

- ‌(36) باب الشفعة

- ‌(37) باب غرز الخشب في جدار الغير، وإذا اختلف في الطريق

- ‌(38) باب إثم من غصب شيئًا من الأرض

- ‌(19) كتاب الوصايا والفرائض

- ‌(1) باب الحث على الوصية وأنها بالثلث لا يتجاوز

- ‌(2) باب الصدقة عمَّن لم يوص، وما ينتفع به الإنسان بعد موته

- ‌(3) باب ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند موته

- ‌(4) باب ألحقوا الفرائض بأهلها، ولا يرث المسلم الكافر

- ‌(5) باب ميراث الكلالة

- ‌(6) باب من ترك مالًا فلورثته وعصبته

- ‌(7) باب قوله عليه الصلاة والسلام: لا نورث

- ‌(20) كتاب الصَّدقة والهِبَة والحَبس

- ‌(1) باب النهي عن العود في الصدقة

- ‌(2) باب فيمن نحل بعض ولده دون بعض

- ‌(3) باب المنحة مردودة

- ‌(4) باب ما جاء في العمرى

- ‌(5) باب فيما جاء في الحُبس

- ‌(21) كتاب النذور والأيمان

- ‌(1) باب الوفاء بالنذر، وأنه لا يرد من قدر الله شيئا

- ‌(2) باب لا وفاء لنذرٍ في معصية، ولا فيما لا يملك العبد

- ‌(3) باب فيمن نذر أن يمشي إلى الكعبة

- ‌(4) باب كفارة النذر غير المسمى كفارة يمين، والنهي عن الحلف بغير الله تعالى

- ‌(5) باب النهي عن الحلف بالطواغي، ومن حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله

- ‌(6) باب من حلف على يمين فرأى خيرًا منها فليكفر

- ‌(7) باب اليمين على نية المستحلف والاستثناء فيه

- ‌(8) باب ما يخاف من اللجاج في اليمين، وفيمن نذر قربة في الجاهلية

الفصل: ‌(7) باب قوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}

(7) باب قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم}

[1413]

عن ابنُ عباس قال: نَزَلَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمرِ مِنكُم فِي عَبدِ اللَّهِ بنِ حُذَافَةَ بنِ قَيسِ بنِ عَدِيٍّ السَّهمِيِّ؛ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ.

رواه البخاري (4584)، ومسلم (1834)، وأبو داود (2624)، والترمذيُّ (1672)، والنسائيُّ (7/ 154 - 155).

ــ

(7)

ومن باب قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم}

قول ابن عباس بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية كلام غير تام، وتتمته (1) أن عبد الله بن حُذَافَةَ أمرهم بأمر فخالف بعضهم وأَنِفَ، على عادة العرب أنهم كانوا يأنفون من الطّاعة، قال الشافعي: كانت العرب تأنف من الطّاعة للأمراء، فلمَّا أطاعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بطاعة الأمراء. وقال أبو العالية: نزلت الآيةُ بسبب عمَّار بن ياسر (2)؛ خرج في سرية أميرهم خالد بن الوليد، فأجار عَمَّار رجلًا فأبى خالد أن يُجِيزَ أمانَهُ، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز أمان عَمَّار ونهى أن يُجار على الأمير.

قلت: وقول ابن عباس أشهر وأصح وأنسب، وعلى هذا فأولو الأمرِ في الآية هم الأمراء، وهو أظهر من قول من قال هم العلماء - قاله الحسن

(1) في (ج) و (ج 2): وتتميمه.

(2)

انظر الدر المنثور (2/ 574).

ص: 34

[1414]

وعَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَن أَطَاعَنِي فَقَد أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَن يَعصِنِي فَقَد عَصَى اللَّهَ،

ــ

ومالك، وله وجه؛ وهو أن الأمراء شرطهم أن يكونوا آمرين بما يقتضيه العلم، وكذلك كان أمراءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحينئذ تجب طاعتهم، فلو أمروا بما لا يقتضيه العلم حَرُمَت طاعتهم، فإذًا: الحكم للعلماء والأمرُ لهم بالأصالة، غير أنهم لهم الفتيا من غير جبر، وللأمير الفتيا والجبر.

وهذان القولان أشبه ما قيل في هذه الآية.

وقوله: {فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية، تنازعتم اختلفتم، وأصله التجاذب والتعاطي، ومنه سُمِّي المستقيان متنازعين؛ لأنهما يتجاذبان الدّلو بالحبل، ولا شك أن المواجه بهذا الخطاب الصحابة.

وعلى هذا فالمراد بقوله {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ؛ أي: انتظروا أن يُنزل الله فيه قرآنًا أو يبيّن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سُنَّة.

وقيل: المراد الصحابة وغيرهم. والمعنى: أنَّ المرجع عند التنازع كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم قاله قتادة.

وقوله ذلك خير؛ أي الردُّ إلى كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم خير من الردّ إلى التحكّم بالهوى، وخير للمفاضلة التي على منهاج قولهم: العسل أحلى من الخل. ومنه قوله تعالى: {أَصحَابُ الجَنَّةِ يَومَئِذٍ خَيرٌ مُستَقَرًّا وَأَحسَنُ مَقِيلا} وخير هنا بمعنى الواجب؛ أي: ذلك الواجب عليكم. وتأويلًا أي مآلًا ومرجعًا - قاله قتادة وغيره.

وقوله من أطاعني فقد أطاع الله، هذا مُنتَزَعٌ من قوله تعالى:{مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللَّهَ} وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لَمَّا كان مُبَلِّغًا أمر الله وحُكمَهُ وأمر الله بطاعته؛ فمن أطاعه فقد أطاع أمر الله ونفّذ حكمه.

ص: 35

وَمَن يُطِع الأميرَ فَقَد أَطَاعَنِي، وَمَن يَعصِ الأميرَ فَقَد عَصَانِي.

وفي رواية: ومن أطاع. . . ومن عصى أميري. . . .

رواه أحمد (2/ 244 و 342)، والبخاريُّ (2957)، ومسلم (1835)(32 و 33)، والنسائي (7/ 154)، وابن ماجه (3).

[1415]

وعَنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَلَيكَ السَّمعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسرِكَ وَيُسرِكَ، وَمَنشَطِكَ وَمَكرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيكَ.

رواه أحمد (2/ 381)، ومسلم (1836).

ــ

وقوله ومن أطاع الأمير - أو أميري - فقد أطاعني، وَوَجهُهُ أنّ أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو مُنَفِّذٌ أَمرَهُ، ولا يتصرف إلا بأمره، فمن أطاعه فقد أطاع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فكل من أطاع أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الرسول، ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله. فينتج أنَّ مَن أطاع أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، وهو حق صحيح، وليس هذا الأمر خاصَّا بمن باشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بتولية الإمارة، بل هو عام في كل أمير للمسلمين عدل، ويلزم منه نقيض ذلك في المخالفة والمعصية.

وقوله وعليك السَّمع والطَّاعة بالنصب على الإغراء، ويلزم منه الوجوب.

ولا خلاف في وجوب طاعة أمراء المسلمين على الجملة، وسيأتي تفصيله.

والمنشط والمكره مصدران، ويعني بذلك أنَّ طاعة الأمير واجبة على كل حال، سواء كان المأمور به موافقًا لنشاط الإنسان وهواه أو مخالفًا.

وقوله وأَثَرَةٍ عليك رويناه بفتح الهمزة وفتح الثاء المثلثة، ورويناه

ص: 36

[1416]

وعَن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: إِنَّ خَلِيلِي أَوصَانِي أَن أَسمَعَ وَأُطِيعَ، وَإِن كَانَ عَبدًا حبشيا مُجَدَّعَ الأَطرَافِ.

رواه مسلم (1837)، وأبو داود (431)، والترمذيُّ (136)، والنَّسائيُّ (2/ 75).

* * *

ــ

أيضًا بضم الهمزة وإسكان الثاء، وكلاهما بمعنى؛ والمعنى: أنّ الطاعة للأمراء واجبة وإن استأثروا بالأموال دون الناس، بل وعلى أشد من ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة: فاسمع وأطع، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك (1).

وقوله وإن كان عبدًا حبشيًّا مجدَّع الأطراف، الجَدعُ: القطُع - وأصله في الأنف. والأطراف: الأصابع.

وهذا مبالغة في وصف هذا العبد بالضعة والخسّة؛ وذلك أن العبد إنما تنقطع أطرافه من كثرة العمل والمشي حافيًا، وهذا منه صلى الله عليه وسلم على جهة الإغياء على عادة العرب في تمكينهم المعاني وتأكيدها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجدًا لله ولو مثل مِفحَصِ قطاةِ بنى الله تعالى له بيتًا في الجنَّة (2)، ومفحص قطاة لا يصلح لمسجد، وإنما هو تمثيل للتصغير على جهة الإغياء، فكأنَّه قال: أصغر ما يكون من المساجد. وعلى هذا التأويل لا يكون فيه حجة لمن استدل به على جواز تأمير العبد فيما دون الإمامة الكبرى، وهم بعض أهل الظاهر فيما أحسب، فإنه قد اتُّفِقَ على أن الإمام الأعظم لا بُدَّ أن يكون حرًّا على ما يأتي بنص أصحاب مالك، على أن القاضي لا بُدَّ أن يكون حرًّا.

قلت: وأمير الجيش والحرب في معناه، فإنها مناصب دينية يتعلّق بها تنفيذ

(1) رواه مسلم (1847).

(2)

رواه ابن حبان (1611)، والبيهقي في السنن (2/ 437).

ص: 37