الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6) باب من ترك مالًا فلورثته وعصبته
[1723]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤتَى بِالرَّجُلِ المَيِّتِ عَلَيهِ الدَّينُ، فَيَسأَلُ: هَل تَرَكَ لِدَينِهِ مِن قَضَاءٍ؟ فَإِن حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيهِ، وَإِلَّا قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُم. فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيهِ الفُتُوحَ قَالَ: أَنَا أَولَى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم، فَمَن تُوُفِّيَ وَعَلَيهِ دَينٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَن تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ.
رواه أحمد (2/ 290)، والبخاري (2398)، ومسلم (1619)، وأبو داود (2955)، والنسائي (4/ 66)، وابن ماجه (2415).
[1724]
وعنه، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِن
ــ
تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} فعاش بعدها أحدًا وعشرين يومًا. وقال مقاتل: سبعة أيام. والله تعالى أعلم.
ذكر هذا الترتيب أبو الفضل محمد بن يزيد بن طيفور الغزنوي في كتابه المسمَّى بـ عيون معاني التفسير.
(6 و 7) ومن باب: ترك مالًا فلورثته
سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الميت هل عليه دين أو لا؟ وامتناعه من الصلاة على من مات وعليه دين ولم يترك وفاءً إشعار بصعوبة أمر الدِّين وأنه لا ينبغي أن يتحمله الإنسان إلا من ضرورة، وأنَّه إذا أخذه فلا ينبغي أن يتراخى في أدائه إذا تمكن منه، وذلك لما قدمناه من أن الدَّين شَينٌ، الدَّين همٌّ بالليل ومذلةٌ بالنهار، وإخافة للنفوس، بل وإرقاقٌ لها. وكان هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ليرتدعَ من يتساهلُ في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أخذ الدَّين حتى لا تتشوش أوقاتهم عند المطالبة، وكان هذا كله في أول الإسلام. وقد حكي أن الحُرَّ كان يُباع في الدَّين في ذلك الوقت، كما قد رواه البزار (1) من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُقال له سُرَّق، ثم نسخ ذلك كله بقوله تعالى:{وَإِن كَانَ ذُو عُسرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ} وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنَّما كان يمتنع من الصلاة على من ادَّان دينًا غير جائز أو في سعة. والأول أظهر؛ لقول الرَّاوي في الحديث: فلما فتح الله عليه الفتوح قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، مَن توفي وعليه دَينٌ فعلي قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته (2) - فهذا يعمُّ الدُّيون كلَّها، ولو افترق الحال لتعيَّن التنويع أو السؤال. ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تبرَّع بالتزام ذلك على مقتضى كرم أخلاقه، لا أنه أمرٌ واجب عليه.
وقال بعض أهل العلم: بل يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّه قد صرَّح بوجوب ذلك عليه، حيث قال فعلي قضاؤه، ولأن الميِّت الذي عليه الدَّين يخاف أن يعذب في قبره على ذلك الدَّين كما قد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث دُعِي ليصلي على ميِّت، فأُخبر أن عليه دينًا ولم يترك وفاءً، فقال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلي دينه! فصلَّى عليه، ثم قال له: قم فأده عنه، فلمَّا أدَّى عنه قال صلى الله عليه وسلم: الآن حين بردت عليه جلدته (3). وكما كان على الإمام أن يسدَّ رمقه ويراعي مصلحته الدنيوية كان أحرى وأولى أن يسعى فيما يرفع عنه به العذاب الأخروي.
والمولى الذي يتولَّى أمور الرَّجل بالإصلاح والمعونة على الخير والنصر على الأعداء وسدّ الفاقات ورفع الحاجات.
(1) رواه البزار كما في كشف الأستار (1303).
(2)
هو حديث الباب.
(3)
رواه أحمد (3/ 330)، والبيهقي (6/ 74 و 75)، والحاكم (2/ 58).