الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِجَارَةُ: إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمَأْجُورِ أَوْ خَالَفَ أَمْرَ الْمُؤَجِّرِ الْمُعْتَبَرِ يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 545، 546، 547، 548، 550، 551، 552، 556، 557، 559، 602، 603، 4 60،.
3 -
إذَا هَلَكَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِمُخَالِفَةِ الْأَجِيرِ لِأَمْرِ مُسْتَأْجِرِهِ أَوْ بِتَعَدِّيهِ يَضْمَنُهُ الْأَجِيرُ رَاجِعْ الْمَوَادَّ 571، 807، 608، 609، 1 61. .
مَثَلًا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ الْحَمَّامَ وَتَرَكَ ثِيَابَهُ عِنْدَ حَارِسِ الثِّيَابِ وَبَعْدَ دُخُولِهِ رَأَى الْحَارِسُ شَخْصًا آخَرَ وَهُوَ يَرْتَدِي الثِّيَابَ وَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهَا لَكِنْ، تَبَيَّنَ أَنَّ الثِّيَابَ لَيْسَتْ لَهُ بَلْ لِلشَّخْصِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ يَضْمَنُهَا الْحَارِسُ الْمَذْكُورُ كَمَا لَوْ نَامَ الْحَمَّامِيُّ وَسُرِقَتْ الثِّيَابُ فَإِنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ وَأَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
4 -
الْكَفَالَةُ: إذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ مَالٌ أَمَانَةٌ لِشَخْصٍ وَكَفَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ دَيْنَ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَعَادَ الْمَالَ إلَى صَاحِبِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 5 6) .
5 -
الرَّهْنُ: إذَا تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ وَهَلَكَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ. اُنْظُرْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) وَالْمَادَّةُ (9 5 7) . .
6 -
إذَا خَالَفَ الْعَدْلُ يَضْمَنُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (4 75) .
7 -
الْأَمَانَاتُ: إذَا قَصَّرَ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْأَجْرِ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (777) .
8 -
إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَهَلَكَتْ أَوْ طَرَأَ نَقْصٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَكُونُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 779، 882، 783، 784، 794، 799، 1 80، 2 80. .
9 -
إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْعَارِيَّةِ وَهَلَكَتْ أَوْ طَرَأَ نَقْصٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَكُونُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 814، 815، 816، 817، 818، 0 82، 1 82، 823، 825، 826، 827، 828، 829. .
0 -
1 - الشَّرِكَةُ: إذَا تَعَدَّى شَرِيكُ الْمِلْكِ وَهَلَكَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ أَوْ عَرَضَ نَقْصٌ عَلَى قِيمَتُهٌ يَضْمَنُ الْحِصَّةَ الْعَائِدَةَ إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (87 0 1) . .
11 -
إذَا تَعَدَّى شَرِيكُ الْعَقْدِ يَضْمَنُ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ: 1379، 1380، 1382، 1383. .
2 -
1 - إذَا تَعَدَّى الْمُضَارِبُ يَضْمَنُ رَاجِعْ الْمَوَادَّ 15 4 1، 416 1، 421 1، 422 1، 430 1. .
13 -
الْوَكَالَةُ: إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ وَتَرَتَّبَ ضَرَرٌ عَلَى مُوَكِّلِهِ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ الضَّرَرَ. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 1494، 1498، 1150، 1515
[
(الْمَادَّةُ 769) وَجَدَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ وَأَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ مَالٌ لَهُ]
(الْمَادَّةُ 769) - إذَا وَجَدَ شَخْصٌ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ وَأَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ مَالٌ لَهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ وَعَلَى هَذَا إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ أَوْ فُقِدَ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صُنْعٌ وَتَقْصِيرٌ وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مَعْلُومًا فَهُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَأَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي وَجَدَهُ وَأَخَذَهُ
إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مَالًا لَيْسَ لَهُ لِنَفْسِهِ يَكُونُ غَاصِبًا حُكْمًا (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) سَوَاءٌ كَانَ عَنْ عِلْمٍ أَمْ جَهْلٍ.
مِثَالُ أَخْذِهِ عَنْ عِلْمٍ: إذَا وَجَدَ شَخْصٌ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ كَمَا الْمَنْقُولَاتُ وَالْحَيَوَانَاتُ الَّتِي يَفْقِدُهَا صَاحِبُهَا وَأَخَذَهُ فَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:
1 -
إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لِنَفْسِهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ. سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهُ مَعْلُومًا أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . وَإِمَّا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّجُلِ الشَّيْءَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لَهُ مَمْنُوعٌ وَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَسَبَبُ الْقَوْلِ هُنَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ عِوَضٌ عَنْ الْقَوْلِ يَكُونُ غَاصِبًا هُوَ أَنَّ الْغَصْبَ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي تَعْرِيفِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ يَحْصُلُ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَحَيْثُ إنَّ الشَّيْءَ الْمَذْكُورَ فُقِدَ يَعْنِي أَنَّ يَدَ صَاحِبِهِ لَمْ تُوجَدْ عَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ الْيَدُ الْمُحِقَّةُ أُزِيلَتْ يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ نُزِعَ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ بِنَاءً عَلَى أَخْذِ الرَّجُلِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لَهُ فَإِذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صُنْعٌ وَتَقْصِيرٌ فِي هَلَاكِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1 89) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَعَادَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهُ فِيهِ لَا يَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ بَلْ يَبْقَى فِي ضَمَانِهِ مَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2 89) . .
مِثَالٌ أَوَّلٌ: إذَا أَخَذَ رَجُلٌ شَاةً فَرَّتْ مِنْ قَطِيعِ غَيْرِهِ وَالْتَحَقَتْ بِقَطِيعِهِ ظَانًّا أَنَّهَا مِنْ غَنَمِهِ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 88) . .
مِثَالٌ ثَانٍ عَلَى الْأَخْذِ عَنْ جَهْلٍ: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ ضِمْنَ الثَّوْبِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً ثَوْبًا لَهُ ثُمَّ أَعْطَى الثِّيَابَ إلَى صَاحِبِهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ وَنَسِيَ ثَوْبَهُ وَأَخَذَهُ الْمُودِعُ مَعَ الْوَدِيعَةِ وَبَعْدَ اطِّلَاعِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ عَلَى ذَلِكَ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَجَهْلُ الْمُودِعِ لَيْسَ بِعُذْرٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2) وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ دَفَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهِ نَاسِيًا فِيهِ ثَوْبَهُ فَقَدْ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ مَا لَهُ إلَى غَيْرِهِ فَكَانَ هَذَا مِنْ قِبَلِ الْمَادَّةِ (1 77) حَيْثُ دَفَعَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْغَيْرُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَكَيْفَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَقْصُودَ يُلْزِمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إذَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَأَخْفَاهُ عَنْ صَاحِبِهِ فَكَانَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (901) وَيُقَالُ: إنَّ الْمُودِعَ أَخَذَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ بِلَا أَمْرٍ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَكَانَ فِيهِ ثَوْبُ الْمُسْتَوْدَعِ وَذَهَبَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ حَيْثُ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا أَمْرٍ مِنْ صَاحِبِهِ. (الشَّارِحُ) .
2 -
وَأَمَّا إذَا كَانَ أَخْذُهُ الشَّيْءَ بِقَصْدِ إعْطَائِهِ إلَى صَاحِبِهِ مَعْلُومًا فَهُوَ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَلَيْسَتْ اللُّقَطَةُ كَالْمَالِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ السَّكْرَانِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ ذَاهِبٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ أَنْ يَرَى الشَّخْصَ الَّذِي سَقَطَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ.
كَمَا لَوْ وَجَدَ شَخْصٌ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ الَّذِي اشْتَرَاهُ نُقُودًا مَدْفُونَةً فَيُنْظَرُ. إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكَهُ
تَكُونُ لَهُ وَيُجِبْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ: إنَّهَا لَيْسَتْ مَالَهُ فَتَكُونُ لُقَطَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ الشَّيْءُ الْمَفْقُودُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى.
وَيُحْتَرَزُ بِتَعْبِيرِ (فُقِدَ) مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْأَشْيَاءُ الَّتِي رَمَاهَا وَتَرَكَهَا صَاحِبُهَا قَصْدًا فَكَمَا أَنَّهَا لَا تُعَدُّ لُقَطَةً لَا يَلْزَمُ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ مَعْلُومًا. مَثَلًا فِي زَمَانِنَا عِنْدَمَا يُعَطِّلُ أَصْحَابُ الْكُرُومِ وَالْبَسَاتِينِ كُرُومَهُمْ وَبَسَاتِينَهُمْ يَتْرُكُونَ بَقَايَا الْعِنَبِ وَالْبِطِّيخِ وَيَتْرُكُ أَصْحَابُ الْمَزْرُوعَاتِ أَيْضًا بَعْدَ الْحَصَادِ بَقِيَّةَ السَّنَابِلِ فِي الْحُقُولِ. فَإِنْ كَانَ تَرْكُ أَصْحَابِهَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَيْ يَأْخُذَهَا مَنْ شَاءَ فَلَا بَأْسَ فِي أَخْذِهَا فَهِيَ بِحُكْمِ الْمُبَاحِ مَعَ مَعْلُومِيَّةِ أَصْحَابِهَا (الْهِنْدِيَّةُ) كَمَا أَنَّ الْأَشْيَاءَ السَّرِيعَةَ الْفَسَادِ وَالْمُعْتَادَ رَمْيُهَا وَاَلَّتِي لَيْسَتْ ذَاتَ قِيمَةٍ لَا تُعَدُّ لُقَطَةً وَبِنَاءً عَلَيْهِ الْكُمَّثْرَى مَثَلًا الْمَعْدُودَةُ مِنْ الْأَثْمَارِ إذَا وُجِدَتْ فِي النَّهْرِ الْجَارِي لَا تَكُونُ لُقَطَةً وَحَيْثُ إنَّ أَصْحَابَهَا رَمَوْهَا قَصْدًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَا يَطْلُبُونَهَا فَأَخَذَهَا لِأَجْلِ تَمَلُّكِهَا جَائِزٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ عَنْ الْخُلَاصَةِ) .
وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الْقَيِّمَةُ الَّتِي يُسَارِعُ الْفَسَادُ إلَيْهَا كَالْأَشْجَارِ وَالْأَخْشَابِ إذَا وُجِدَتْ فِي النَّهْرِ الْجَارِي فَتَكُونُ لُقَطَةً إنْ كَانَ أَصْحَابُهَا غَيْرَ مَعْلُومِينَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الْأَشْيَاءُ الْمَوْجُودَةُ فِي يَدِ أَصْحَابِهَا وَاَلَّتِي لَمْ تُفْقَدْ لَيْسَتْ لُقَطَةً. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ خُفْيَةً أَوْ جَهْرًا وَقَهْرًا مَالَ شَخْصٍ آخَرَ مِنْ جَيْبِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِهِ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ بِنِيَّةِ أَنْ يُعِيدَهُ لَهُ يَكُونُ سَارِقًا أَوْ غَاصِبًا بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودًا يَلْزَمُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ عَيْنًا لِصَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ تُوُفِّيَ فَلِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ فَلِبَيْتِ الْمَالِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (4 79) وَإِذَا كَانَ قَدْ هَلَكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ وَيَلْزَمُ إنْ كَانَ هَلَاكُهُ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ وَشَرْحَهَا.
فَهَا إنَّ الْمَالَ الَّذِي يُعْلَمُ صَاحِبُهُ لَا يَكُونُ لُقَطَةً عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ لِلْإِشْهَادِ وَلَا لِلْإِعْلَانِ لِأَجْلِ التَّفْتِيشِ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (770) . وَفِي قَوْلٍ إنَّ هَذَا لُقَطَةٌ وَعَلَيْهِ أَيْضًا لَا حَاجَةَ لِلْإِعْلَانِ. وَالْمَجَلَّةُ بِتَعْبِيرِ (مَحْضَةٍ) اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.
3 -
وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَأَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقَطِ. وَإِذَا وَجَدَ اللُّقَطَةَ شَخْصَانِ فَكِلَاهُمَا يُعَرِّفَانِ وَيَكُونَانِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي حُكْمِ اللَّقْطَةِ. وَذِكْرُ لَفْظَةِ شَخْصٍ الْوَارِدِ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ الِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بَلْ الْقَصْدُ مِنْهُ التَّنْكِيرُ وَالتَّعْمِيمُ يَعْنِي أَيًّا كَانَ مِنْ النَّاسِ. وَفِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بَيَانُ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ وَبَيَانُ حُكْمِهَا مَعًا.
. مَسَائِلُ اللُّقَطَةِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مُسْتَقِلَّةٌ فِي كِتَابٍ تَحْتَ عِنْوَانِ (كِتَابِ اللُّقَطَةِ) وَفِيهَا تَفْصِيلَاتٌ مُهِمَّةٌ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا مَسَائِلُ قَلِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَا وَجَبَ أَنْ نُوَسِّعَ هَذَا الْمَبْحَثَ وَنُفَصِّلَ بَعْضَ التَّفْصِيلِ.
الْمَسَائِلُ الْعَائِدَةُ لَهَا. وَالْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ:
أَوَّلًا - تَعْرِيفُ اللُّقْطَةِ
ثَانِيًا - أَرْكَانُ اللُّقَطَةِ.
ثَالِثًا - شَرَائِطُ اللُّقَطَةِ.
رَابِعًا - حِلُّ أَخْذِ اللُّقَطَةِ.
خَامِسًا - الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ اللَّازِمَانِ فِي اللُّقَطَةِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِالْوَاحِدِ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ.
سَادِسًا - مَحِلُّ إشْهَادِ اللُّقَطَةِ.
سَابِعًا - إعَادَةُ اللُّقَطَةِ إلَى مَحِلِّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا.
ثَامِنًا - زَمَانُ إعْلَانِ اللُّقَطَةِ وَمُدَّتُهُ وَمِقْدَارُهُ.
تَاسِعًا - تَسْلِيمُ اللُّقَطَةِ إلَى الَّذِي طَلَبَهَا مُدَّعِيًا أَنَّهَا مَالَهُ.
عَاشِرًا - الْمُعَامَلَةُ الَّتِي يَجِبُ إجْرَاؤُهَا عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ ظُهُورِ صَاحِبِهَا.
حَادِي عَشَرَ - صُورَةُ تَدَارُكِ تَسْوِيَةِ نَفَقَةِ اللُّقَطَةِ.
1 -
تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ: اللَّقْطَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي فُقِدَ وَوَجَدَهُ آخَرُ وَكَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ وَمَالِكُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ. سَوَاءٌ أَفُقِدَ مِنْ مَالِكِهِ أَمْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرُ الْغَاصِبُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ سَبَبُ الْفَقْدِ سُقُوطَ الْمَالِ بِدُونِ عِلْمٍ أَمْ النَّوْمَ أَمْ الْفِرَارَ أَمْ تَرْكَ الْحِمْلِ لِثِقَلِهِ. (الْبَاجُورِيُّ) .
يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي وُجِدَ يَكُونُ أَمَانَةً سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبُهُ مَعْلُومًا أَمْ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مَعْلُومًا فَلَا يَكُونُ لُقَطَةً وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
فُقِدَ: بِهَذَا التَّعْبِيرِ تَبْقَى الْأَمْوَالُ الَّتِي فِي الْمَنَازِلِ وَعِنْدَ مُحَافِظِيهَا خَارِجَةً. وَآخِذُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ سَارِقٌ أَوْ غَاصِبٌ. وَيَجِيءُ تَعْرِيفُ وَبَيَانُ أَحْكَامِهِ فِي الْكِتَابِ الثَّامِنِ.
بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَنَازِلِ وَفِي جِوَارِ الْقُرَى وَفِي الْمَرَاعِي وَفِي أَطْرَافِ الْعَشَائِرِ وَالْبَدْوِ وَالرُّحُلِ وَبِجِوَارِ الْقَوَافِلِ النَّازِلَةِ فِي مَحِلٍّ لَا تُعَدُّ لُقَطَةً وَمَنْ أَخَذَهَا يَكُونُ غَاصِبًا أَوْ سَارِقًا.
وَبِتَعْبِيرِ (فُقِدَ) يَبْقَى الْمَالُ الَّذِي أَلْقَاهُ صَاحِبُهُ خَارِجًا. وَإِلْقَاءُ مَالٍ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إبَاحَةٌ. مَثَلًا: لَوْ رَمَى شَخْصٌ مَالًا وَقَالَ: مَنْ وَجَدَهُ فَهُوَ لَهُ فَكَانَ لِمَنْ سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ بِالذَّاتِ حَقُّ أَخْذِ وَتَمْلِيكِ الْمَالِ الْمَرْقُومِ كَمَا أَنَّ لِلشَّخْصِ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْ الْقَوْلَ بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعَهُ بِالْوَاسِطَةِ صَلَاحِيَةٌ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَتَمَلُّكِهِ. وَكَذَلِكَ كَمَا أَنَّ أَخْذَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تُنْثَرُ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْوَلَائِمِ وَاسْتَمْلَاكهَا جَائِزٌ فَالشُّرْبُ مِنْ الْمَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَ الْبَابِ خُصُوصًا حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ النَّاسُ جَائِزٌ أَيْضًا. كَذَلِكَ إذَا غَرَسَ رَجُلٌ شَجَرَةً ذَاتَ فَاكِهَةٍ فِي مَفَازَةٍ لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ وَأَبَاحَ ثَمَرَهَا لِلنَّاسِ جَازَ لِلْكُلِّ تَنَاوُلُ ثِمَارِهَا.
مَالِكُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ: بِهَذَا التَّعْبِيرِ تَخْرُجُ الْأَمَانَةُ الَّتِي مَالِكُهَا مَعْلُومٌ وَتُرَدُّ هَذِهِ الْأَمَانَةُ إلَى صَاحِبِهَا وَلَا حَاجَةَ لِلْإِعْلَانِ. وَيُفْهَمُ مِنْ مَادَّةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ لُقَطَةً (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
غَيْرُ مُبَاحٍ: بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ يَخْرُجُ الْمَالُ الَّذِي يُغْتَنَمُ مِنْ الْحَرْبِيِّ أَثْنَاءَ الْمُحَارَبَةِ. وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ غَنِيمَةً وَهَذَا. الْمَالُ لَيْسَ لُقَطَةً.
الْمَالُ: بِهَذَا اللَّفْظِ يَبْقَى اللَّقِيطُ خَارِجًا. يَعْنِي إنَّ مَا وُجِدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا وَكَانَ وَلَدًا فَلَا يُقَالُ لَهُ لُقَطَةٌ بَلْ يُسَمَّى لَقِيطًا. وَفِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِاللَّقِيطِ. وَحَيْثُ إنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ مَسَائِلُ عَائِدَةٌ لَهُ صُرِفَ النَّظَرُ عَنْ تَصْرِيفِ أَحْكَامِهِ.
2 -
أَرْكَانُ اللُّقَطَةِ: أَرْكَانُ اللُّقَطَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: اللَّاقِطُ أَيْ آخِذُ اللُّقَطَةِ؛ الْمَلْقُوطُ أَيْ اللُّقَطَةُ؛ اللُّقْطَةُ يَعْنِي أَخْذَ اللُّقَطَةِ (الْبَاجُورِيُّ) .
3 -
شُرُوطُ اللُّقَطَةِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْتَقِطُ عَاقِلًا، يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ عَاقِلًا فَالْتِقَاطُهُ صَحِيحٌ.
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ اللُّقَطَةَ جَبْرًا مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ الْعَاقِلِ أَوْ فُقِدَتْ اللُّقَطَةُ وَوَجَدَهَا شَخْصٌ آخَرُ فَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدَّعِيَهَا وَيَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا فَلَهُ حَقُّ تَمَلُّكِهَا بَعْدَ الْإِعْلَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَمَا أَنَّ أَخْذَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ اللُّقَطَةَ جَائِزٌ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مَأْذُونًا يُجْرِي الْإِعْلَانَ الْمَسْرُودَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ.
حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِشْهَادِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي أَخَذَ اللُّقَطَةَ مِنْهُ وَتَرَكَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ عَاقِلٍ فَالْتِقَاطُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ.
بِنَاءً عَلَيْهِ، الْتِقَاطُ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَنْهُوشِ غَيْرُ صَحِيحٍ. حَتَّى إنَّهُ إذَا أَخَذَ مَجْنُونٌ مَالًا لُقَطَةً وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ شَخْصٌ ثُمَّ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَيَأْخُذَ اللُّقَطَةَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
4 -
حِلُّ أَخْذِ اللُّقَطَةِ: اُخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمَفْقُودِ إذَا بِقَصْدِ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ هَلْ هُوَ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ. فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: بِمَا أَنَّهُ فِي هَذَا الْأَخْذِ وَالِالْتِقَاطِ وَضْعُ يَدٍ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ فَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ (6 9) لَا يَكُونُ أَخْذُهُ وَالْتِقَاطُهُ حَلَالًا.
وَقَالَ غَيْرُهُمْ بِجَوَازِ الِالْتِقَاطِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الِالْتِقَاطِ هَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ: «مَنْ أَصَابَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ» . وَلَكِنْ يَجُوزُ أَيْضًا عَدَمُ أَخْذِ اللُّقَطَةِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ. لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُفَتِّشُ عَلَيْهِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي فُقِدَ مِنْهُ وَيَجِدُهُ. وَيَظْفَرُ بِمَالِهِ. (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . هَلْ الْأَوْلَى أَخْذُ اللُّقَطَةِ أَوْ عَدَمُ أَخْذِهَا؟ هَذِهِ الْجِهَةُ تَحْتَاجُ إلَى إيضَاحٍ. الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ أَخْذَ الْمَالِ الْمَفْقُودِ بِقَصْدِ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ جَائِزٌ. سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْمَالُ بِرْذَوْنًا أَوْ حَيَوَانًا آخَرَ أَوْ طَيْرًا أَوْ أَمْتِعَةً أَوْ أَشْيَاءَ أُخْرَى كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ أَمِينًا مِنْ نَفْسِهِ فَأَخْذُهُ لِأَجْلِ رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ ضَيَاعَ اللُّقَطَةِ مُتَوَهَّمٌ هُنَاكَ يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِعْلَانُهَا لِأَجْلِ صِيَانَةِ وَحِفْظِ أَمْوَالِ النَّاسِ. مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ جَائِزٌ أَيْضًا. لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُفَتِّشُ عَلَيْهَا فِي الْمَحِلِّ الَّذِي فَقَدَهَا وَيَجِدُهَا وَيَظْفَرُ بِمَالِهِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا مِنْ نَفْسِهِ وَلَحَظَ أَنَّهُ يَسْتَهْلِكُهَا بِسَبَبِ حِرْصِهِ وَطَمَعِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَلْتَقِطَهَا (الْفَتْحُ وَالْهِدَايَةُ
وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) ، وَإِنَّمَا عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْخَوْفِ مِنْ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَكَانَ الشَّخْصُ الَّذِي وَجَدَهَا أَمِينًا فَالْتِقَاطُهَا لَازِمٌ وَوَاجِبٌ وَتَرْكُ هَذَا اللُّزُومِ مُوجِبٌ لِلْإِثْمِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ. يَعْنِي فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ الَّذِي لَمْ يَلْتَقِطْهَا الضَّمَانُ عَلَى تَقْدِيرِ ضَيَاعِ اللُّقَطَةِ الْمَذْكُورَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا وَلَا يُفَتِّشُ عَلَيْهَا كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَفَضَلَاتِ الْخُضْرَةِ فَيُعْتَبَرُ رَمْيُهَا وَإِلْقَاؤُهَا إبَاحَةً فَلِلَّذِي وَجَدَهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَجْبُورًا عَلَى الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ. وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ سَتَبْقَى فِي مِلْكِيَّةِ مَالِكِهَا فَلِصَاحِبِهَا اسْتِرْدَادُهَا مِنْ يَدِ الْآخِذِ إذَا وُجِدَتْ عَيْنًا، لِأَنَّ رَمْيَهَا إبَاحَةٌ وَلَيْسَ تَمْلِيكًا. وَفِي الْإِبَاحَةِ حَيْثُ إنَّ الْمَالَ الَّذِي أُبِيحَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِيَّةِ صَاحِبِ الْمَالِ فَحَقُّ اسْتِرْدَادِهِ بَاقٍ (فَتْحُ الْقَدِيرِ)
5 -
الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ اللَّازِمَانِ فِي اللُّقَطَةِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ: مَتَى تَكُونُ اللُّقَطَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ يَلْزَمُ لَهُمَا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
الْأَوَّلُ: عِنْدَ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَرَفْعِهَا مِنْ الْمَحِلِّ. الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ أَنْ تُؤْخَذَ بِقَصْدِ إعَادَتِهَا إلَى صَاحِبِهَا. أُفِيدَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَجَلَّةِ بِفِقْرَةِ (إذَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ إعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ) .
الثَّانِي: الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ. وَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَجَلَّةِ.
الثَّالِثُ: الْإِعْلَانُ بَعْدَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (0 77) .
فَلْنُوَضِّحْ الشَّرْطَ الثَّانِي: إذَا قَالَ الْمُلْتَقِطُ بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ أَثْنَاءَ الْتِقَاطِهِ اللُّقَطَةَ يَعْنِي عِنْدَمَا يَرْفَعُ اللُّقَطَةَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِدُهَا فِيهِ أَنَّهُ وَجَدَ اللُّقَطَةَ وَأَخَذَهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا يُفْهَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَخَذَهَا حَتَّى يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا. وَحَيْثُ إنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْإِشْهَادِ إثْبَاتُ الِالْتِقَاطِ لِأَجْلِ رَدِّ اللُّقَطَةِ إلَى صَاحِبِهَا لَدَى الْإِيجَابِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الشُّهُودُ أَشْخَاصًا عُدُولًا وَمَقْبُولِي الشَّهَادَةِ. وَيَحْصُلُ الْإِشْهَادُ بِقَوْلِ الْآخِذِ لِلشُّهُودِ: عِنْدِي شَيْءٌ مَفْقُودٌ أَخْبِرُوا عَنِّي كُلَّ مَنْ سَمِعْتُمْ بِأَنَّهُ يُفَتِّشُ عَلَى اللُّقَطَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا (الْإِشْهَادُ عَلَى اللَّقْطَةِ) . وَالْإِشْهَادُ لَازِمٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ اللُّقَطَةُ ذَاتَ قِيمَةٍ أَوْ كَانَتْ لَا أَهَمِّيَّةَ لَهَا. وَلَا يَلْزَمُ فِي الْإِشْهَادِ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ اللُّقَطَةِ أَوْ بَيَانِ جِنْسِهَا بِأَنَّ اللُّقَطَةَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
الْمَالُ الَّذِي يُلْتَقَطُ تَحْتَ هَذِهِ الشُّرُوطِ يَكُونُ أَمَانَةً.
وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ اللُّقَطَةِ أَمَانَةً.
أَوَّلًا - إذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا لَا يُلْزَمُ الضَّمَانَ رَاجِعْ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ فِي شَرْحٍ الْمَادَّةِ (768) وَإِذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ اللُّقَطَةَ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُصَدَّقُ مَعَ الْيَمِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (774 1) .
ثَانِيًا - لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعْطِيَ اللُّقَطَةَ إلَى أَمِينِهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (780) وَإِذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْأَمِينِ الْمَرْقُومِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ وَلَا أَمِينَهُ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1 9) رَدُّ الْمُحْتَارِ.
ثَالِثًا - إذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِسَبَبِ تَعَدِّي أَوْ تَقْصِيرِ الْمُلْتَقِطِ لَزِمَ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا وَإِذَا
حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي الْقِيمَةِ يَجِبُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ. رَاجِعْ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَالْمَادَّةَ (787)(الْهِنْدِيَّةُ) .
رَابِعًا - إذَا امْتَنَعَ الْمُلْتَقِطُ عَنْ تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ لِصَاحِبِهَا مَعَ أَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَيْهِ ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا.
وَأَمَّا كَوْنُ الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ مُغْنِيًا أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ. فَتَعْرِيفُ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لَا يُفِيدُ الِاسْتِغْنَاءَ يَعْنِي أَنَّ التَّعْرِيفَ وَالْإِعْلَانَ أَيْضًا لَازِمٌ بَعْدَ الْإِشْهَادِ. وَهُنَاكَ قَوْلٌ الْإِعْلَانُ غَيْرُ لَازِمٍ بَعْدَ الْإِشْهَادِ.
وَأَمَّا الْإِعْلَانُ فَهُوَ لَا يُغْنِي عَنْ الْإِشْهَادِ. بِنَاءً عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ قَبْلَ الْإِعْلَانِ لَازِمٌ فَإِذَا حَصَلَ الْإِعْلَانُ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ فَفِي هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الْإِعْلَانَ لَا يَكْفِي لِلْإِشْهَادِ الَّذِي لَمْ يُجَدْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
6 -
مَحِلُّ إشْهَادِ اللُّقَطَةِ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا حِينَ أَخَذَهَا وَرَفَعَهَا وَتَرْكُ الْإِشْهَادِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُوجِبُ الضَّمَانَ. حَتَّى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِشْهَادِ حِينَمَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَلَمْ يُشْهِدْ وَتَجَاوَزَ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ يَكُونُ ضَامِنًا (الْبَزَّازِيَّةُ) مَا لَمْ تَكُنْ اللُّقَطَةُ فِي الْمَفَازَةِ وَالصَّحْرَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ أُنَاسٌ يَسْتَشْهِدُ بِهِمْ أَوْ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِشْهَادِ يَخَافُ مِنْ اغْتِصَابِ اللُّقَطَةِ مِنْ يَدِهِ وَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ فَلَا يُوجَبُ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ. لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْإِشْهَادِ إنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ صِيَانَةِ الْأَمْوَالِ يَعْنِي لِأَجْلِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَإِعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ ظُهُورِهِ فَالْإِشْهَادُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ سَيُعْتَبَرُ غَاصِبًا يَكُونُ سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَالِ وَلَيْسَ لِحِفْظِهِ (الْهِدَايَةُ وَالْفَتْحُ) . وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ - فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْإِشْهَادِ لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ - قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ. يَعْنِي إذَا قَالَ الْمُلْتَقِطُ: إنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ لِلسَّبَبِ الْفُلَانِيِّ يُقْبَلُ مَعَ الْيَمِينِ بَيْدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدَمُ الشَّهَادَةِ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ وُجُودِ الشُّهُودِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُشْهِدَ بَعْدَئِذٍ حِينَمَا يَظْفَرُ بِالشُّهُودِ وَتَرْكُ الْإِشْهَادِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ. وَلَكِنْ تَرْكُ الْإِشْهَادِ بِلَا سَبَبٍ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ:
1 -
مَسْأَلَةٌ، إذَا لَمْ يُشْهِدْ الْمُلْتَقِطُ وَلَكِنَّ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ أَقَرَّ بِأَنَّ أَخَذَ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ وَرَفْعَهُ إيَّاهَا كَانَ بِقَصْدِ رَدَّهَا وَإِعَادَتِهَا لَهُ وَلَيْسَ بِقَصْدِ أَنْ يَمْتَلِكَهَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ تَصِيرُ حُجَّةً فِي حَقِّهِمَا (الْعِنَايَةُ) .
2 -
مَسْأَلَةٌ، إذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ الَّذِي تَرَكَ الْإِشْهَادَ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنَّ الْتِقَاطَهُ كَانَ لِأَجْلِ رَدِّ اللُّقَطَةِ وَإِعَادَتِهَا لِصَاحِبِهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: إنَّهُ أَخَذَهَا لِأَجْلِ تَمَلُّكِهَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ مَعَ يَمِينِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَدَّعِي الضَّمَانَ وَوُجُوبَ الْبَدَلِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَهَذَا يُنْكِرُ. فَنَظَرًا لِلْمَادَّةِ (8) مِنْ الْمَجَلَّةِ يَكُونُ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (76) عَلَى الْمُنْكِرِ وَحَيْثُ إنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْإِنْسَانِ الْكَامِلِ يَدُلُّ وَيَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْتَكِبُ الْمَعْصِيَةَ وَيَخْتَارُ الثَّوَابَ فَأَخْذُهُ وَالْتِقَاطُهُ جَائِزٌ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ حَلَالٌ. وَهُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ لِأَجْلِ إعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ وَلَيْسَ لِنَفْسِهِ. وَهَذَا الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِشْهَادِ. وَرَجَّحَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ هَذَا بِعِبَارَةِ (وَبِهِ نَأْخُذُ) . وَتَرْكُ الْإِشْهَادِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. وَرُجِّحَ هَذَا الْمَذْهَبَ
بِالنَّظَرِ إلَى ظَاهِرِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ. وَلَا يُوجَدُ قَيْدٌ وَلَا إشَارَةٌ فِي الْمَجَلَّةِ إلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ وَمَعَ ذَلِكَ يُمْكِنُ الْقَوْلُ إنَّ الْمَجَلَّةَ بِعَدَمِ ذِكْرِهَا لُزُومَ الْإِشْهَادِ قَدْ قَبِلَتْ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. إنَّمَا مَحِلُّ هَذَا الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ آنِفًا مُحْتَاجٌ لِلْإِيضَاحِ.
وَيَحْصُلُ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَ صَاحِبُ الْمَالِ وَالْمُلْتَقِطُ عَلَى كَوْنِ الْمَالِ لُقَطَةً وَأَمَّا إذَا قَالَ الْمُلْتَقِطُ: إنِّي أَخَذْتُ الْمَالَ وَرَفَعْتُهُ بِصِفَةِ لُقَطَةٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَهُ وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّهُ لَمْ يُفْقَدْ مِنِّي بَلْ أَنْتَ غَصَبْتَهُ وَحَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِلَا تَفْصِيلٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَيْرِيَّةُ فِي اللُّقَطَةِ) .
7 -
إعَادَةُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْأَخْذِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ: إذَا أَعَادَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إلَى مَحِلِّهَا وَتَرَكَهَا هُنَاكَ بَعْدَ أَنَّ الْتَقَطَهَا فَفِي ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ:
1 -
مَسْأَلَةٌ: بَعْدَ أَنْ الْتَقَطَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا لِصَاحِبِهَا إذَا أَعَادَهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَتَرَكَهَا هُنَاكَ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا فَعَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. سَوَاءٌ أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ تَجَاوَزَ الْمَحِلَّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ أَمْ قَبْلَ التَّجَاوُزِ. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَيْضًا هُوَ هَذَا (الْبَحْرُ) . وَهَذَا بِخِلَافِ مَا وَرَدَ فِي الْغَصْبِ فِي الْبَزَّازِيَّةُ أَنَّهُ إذَا أَعَادَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ قَبْلَ مُغَادَرَةِ الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَتَجَاوُزِهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَإِنْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْمُغَادِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ تَبْقَى فِي ضَمَانِهِ إلَى أَنْ يُعِيدَهَا وَيُسَلِّمَهَا لِصَاحِبِهَا سَالِمَةً.
2 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَعَادَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ الْتَقَطَهَا كَيْ تَكُونَ مَالًا لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ إعْطَائِهَا لِصَاحِبِهَا لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ وَتَبْقَى تَحْتَ ضَمَانِ الْمُلْتَقِطِ وَمَسْئُولِيَّتِهِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً (الْخَانِيَّةُ) .
8 -
زَمَانُ إعْلَانِ اللُّقَطَةِ وَمُدَّتُهُ وَمِقْدَارُهُ: لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْلَانُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (0 77) وَقْتَ الْأَخْذِ. فَكَمَا أَنَّ الْإِعْلَانَ يَجُوزُ وَقْتَ الْأَخْذِ فَإِذَا أَعْلَنَ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ يَكُونُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا أَيْضًا وَإِذَا أَعْلَنَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ يُفْهَمُ أَنَّهُ الْتَقَطَهَا بِقَصْدِ رَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ لِأَجْلِ تَمَلُّكِهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68 (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَإِنْ كَانَ اُخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ الْإِعْلَانِ فَقَدْ قِيلَ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ الْمُدَّةُ مُخَصَّصَةً بِوَقْتٍ كَسَنَةٍ مَثَلًا. وَتَكُونُ مُدَّةُ الْإِعْلَانِ مُفَوَّضَةً لِرَأْيِ الْمُلْتَقِطِ فَإِنَّهُ يُعْلِنُهَا لِوَقْتِ حُصُولِ الظَّنِّ الْغَالِبِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا لَنْ يَطْلُبَهَا أَوْ لِزَمَنٍ لَا يَحْصُلُ فِيهِ فَسَادُهَا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَثْمَارِ مَثَلًا بِبَقَائِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً.
وَإِنْ كَانَ إعْلَانُ الْمُلْتَقِطِ مَرَّةً كَافِيًا لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّمَانِ فَالْوَاجِبُ تَكْرَارُ الْإِعْلَانِ (الْفَتْحُ) .
9 -
صُورَةُ تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ لِمَنْ يَطْلُبُهَا مُدَّعِيًا أَنَّهَا مَالَهُ وَأَحْكَامُهَا إذَا ظَهَرَ صَاحِبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ:
الْأَسْبَابُ الَّتِي يَجُوزُ تَسْلِيمُ اللُّقَطَةِ إلَى مَنْ يَطْلُبُهَا مُدَّعِيًا أَنَّهَا مَالَهُ ثَلَاثَةٌ:
أَوَّلًا: إثْبَاتُ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ لَهُ وَيُسْرَدُ تَفْصِيلَاتٌ بِهَذَا الْخُصُوصِ فِي الْمَادَّةِ (0 77) وَشَرْحِهَا.
ثَانِيًا: إذَا عَدَّدَ شَخْصٌ وَوَصَفَ جَمِيعَ عَلَامَاتِ اللُّقَطَةِ الْمُوَافِقَةِ لِنَفْسِ الْأَمْرِ مَثَلًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا نُقُودٌ
إذَا بَيَّنَ عَدَدَهَا وَجِنْسَهَا وَالْكِيسَ الْمَوْضُوعَةَ فِيهِ فَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعْطِيَ تِلْكَ اللُّقَطَةَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بِرِضَاهُ. يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا. لَكِنْ إذَا لَمْ يُعْطِهَا بِرِضَاهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَلَهُ الْحَقُّ أَنْ يَطْلُبَ بَيِّنَةً. وَابْنُ الْهُمَامِ يُرَجِّحُ هَذَا الْقَوْلَ. كَمَا لَوْ ظَهَرَ شَخْصَانِ وَوَصَفَ كِلَاهُمَا اللُّقَطَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالَهُ فَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعْطِيَهُمَا لَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ بِلَا إجْبَارٍ. وَلَكِنْ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ بِفِقْرَةِ (ثَانِيًا) أَعْلَاهُ لِلْمُلْتَقِطِ حَقٌّ بِأَنْ يَطْلُبَ كَفِيلًا مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي سَيُسَلِّمُهُ اللُّقَطَةَ وَأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّسْلِيمِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ إعْطَائِهِ كَفِيلًا.
ثَالِثًا - إذَا ظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى بِأَنَّ اللُّقَطَةَ مَالَهُ وَأَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ وَصَادَقَ عَلَى ذَلِكَ يُسَلِّمُهُ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ وَإِنْ لَمْ يُوَصِّفْهَا وَيُعَرِّفْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ وَلَكِنْ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ هَذِهِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ وَطَلَبَ بَيِّنَةً يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَرَجَّحَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ كَمَالٍ هَذِهِ الْجِهَةَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَلَا يُجْبَرُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ. لِأَنَّهُ حَيْثُ هَذَا الْإِقْرَارُ وَاقِعٌ عَلَى الْغَيْرِ. فَلَيْسَ حَائِزًا صِفَةً تُوجِبُ الْإِلْزَامَ. وَعَلَيْهِ فَلِلْمُلْتَقِطِ حَقٌّ بِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ.
وَمَا جَاءَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مِنْ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ اللُّقَطَةَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ هُوَ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إعْطَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلتَّعْزِيرِ وَلَا مَسْئُولًا مِنْ جِهَةِ الْآخِرَةِ حَيْثُ إنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْغَيْرِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ لَيْسَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ تُجَاهَ صَاحِبِهَا الْحَقِيقِيِّ.
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا سَلَّمَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إلَى شَخْصٍ بِبَيَانِ الْعَلَامَةِ أَوْ بِالتَّصْدِيقِ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالَهُ فَكَمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ اللُّقَطَةَ عَيْنًا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً لَهُ الْخِيَارُ إذَا هَلَكَتْ. فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ وَإِنْ شَاءَ لِلشَّخْصِ الَّذِي قَبَضَهَا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 91) .
وَإِذَا ضَمَّنَهَا لِلْقَابِضِ فَلَيْسَ لِلْقَابِضِ أَنْ يُضَمِّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . وَأَمَّا إذَا ضَمَّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ وَالصَّحِيحُ هُوَ هَذَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُلْتَقِطِ وَتَصْدِيقَهُ كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَكَأَنَّهُ سَلَّمَ بِلَا تَصْدِيقٍ وَفَهِمَ أَخِيرًا أَنَّ اللُّقَطَةَ لَيْسَتْ مَالَهُ. (الْفَتْحُ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 79 مِنْ الْمَجَلَّةِ وَالْمَادَّةَ 4651.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْأَظْهَرَ هُوَ هَذَا فَإِنْ سَلَّمَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى بَيَانِ الْعَلَامَةِ وَصَارَ ضَامِنًا تُجَاهَ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ الْحَقِيقِيِّ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَهَا بِبَدَلِ الضَّمَانِ وَأَمَّا إذَا سَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) يَعْنِي قَالُوا: إنَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا رُجُوعًا وَلَيْسَ مِنْ رُجُوعٍ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ.
اسْتِثْنَاءٌ: إذَا أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ لِشَخْصٍ وَسُلِّمَتْ لَهُ بِسَبَبِ لُحُوقِ الْحَاكِمِ بِالتَّسْلِيمِ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالُهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ.
. 10 - الْمُعَامَلَةُ الَّتِي يَجِبُ إجْرَاؤُهَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلُّقَطَةِ صَاحِبٌ: إذَا أَعْلَنَ الْمُلْتَقِطُ وَعَرَّفَ بِظَرْفِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَتْنًا وَشَرْحًا فِي الْمَادَّةِ (0 77) وَلَمْ يَظْهَرْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ
يَكُونُ مُخَيَّرًا بِالتَّصَرُّفِ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِي ذِكْرُهَا:
1 -
إنْ شَاءَ يُدَاوِمُ عَلَى حِفْظِ اللُّقَطَةِ لِأَجْلِ صَاحِبِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعِنْدَ وَفَاتِهِ يُوصِي بِهَا آخَرَ حَتَّى لَا يُدْخِلَهَا وَرَثَتُهُ فِي الْمِيرَاثِ وَلَا يَقْتَسِمُوهَا.
يَعْنِي أَنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لُقَطَةٌ وَيُوصِي بِحِفْظِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ (الْفَتْحُ) .
2 -
وَإِنْ شَاءَ يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَيْ تُرَدَّ إلَى صَاحِبِهَا عِنْدَ وُجُودِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَوُجُودُ خَزِينَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمُحَافَظَةِ اللُّقَطَاتِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
3 -
وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى اللُّقَطَةَ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَحْفَظَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَالْحَاكِمُ يُقْرِضُهَا إلَى غَنِيٍّ إنْ كَانَتْ قَابِلَةً لِلْإِقْرَاضِ. وَإِذَا اسْتَقْرَضَهَا الْمُلْتَقِطُ مِنْ الْحَاكِمِ يَجُوزُ أَيْضًا. أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ يُعْطِيهَا إلَى غَنِيٍّ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ يَبِيعُهَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا. وَإِذَا بَاعَهَا الْحَاكِمُ لَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَئِذٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ شَيْئًا قَابِلًا لِلْفَسَادِ وَلَمْ يَبِعْهَا الْمُلْتَقِطُ وَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (785) . .
4 -
وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ عَلَى أَنْ يَعُودَ الثَّوَابُ عَلَى صَاحِبِهَا وَيَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْصَلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ.
يَعْنِي وَإِنْ يَكُنْ الْمُلْتَقِطُ مَجْبُورًا عَلَى إيصَالِ عَيْنِ اللُّقَطَةِ إلَى صَاحِبِهَا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ أَوْصَلَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا. عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّ صَاحِبَهَا يُجِيزُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَنِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِ الْغَنِيِّ الصَّغِيرِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَإِذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا فَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الْفَقِيرِ وَزَوْجَتِهِ وَأَنْ يَبِيعَهَا إذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لِلْبَيْعِ وَيَصْرِفَ ثَمَنَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَكِنْ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ إذْنًا مِنْ الْحَاكِمِ مَتَى أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنْ قَالُوا: إنَّ صَرْفَهَا بِدُونِ إذْنٍ لَا يَحِلُّ فَعَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ حِلَّ صَرْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَإِذَا وُجِدَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ التَّصَدُّقِ فَإِنْ أَجَازَ التَّصَدُّقَ يَكُونُ ثَوَابُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ. وَقِيَامُ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً. وَإِنْ كَانَ عَدَمُ لُحُوقِ الْإِجَازَةِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْ مَسْأَلَةَ الْإِجَازَةِ بَعْدَ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ مُسْتَثْنَاةٌ.
وَلَكِنْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ قَاصِرًا فَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعَاتِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَنْ يُجِيزَ التَّصَدُّقَ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَضْمَنَ كَمَا سَيُذْكَرُ رَاجِعْ مَادَّتَيْ (58 و 80) . وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُخْتَارًا فِي التَّصَرُّفِ بِالْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَبْعَثُ هَذَا الِاخْتِيَارُ إلَى إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِ الْمَالِ.
فَبِنَاءً عَلَيْهِ فِي صُوَرِ الْبَيْعِ وَالتَّصَدُّقِ لِصَاحِبِ الْمَالِ حَقُّ التَّضْمِينِ كَمَا يَأْتِي:
حَقُّ التَّضْمِينِ فِي التَّصَدُّقِ:
إذَا تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ عَلَى فَقِيرٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ فَقِيرًا ثُمَّ ظَهَرَ صَاحِبُ الْمَالِ وَإِنْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مُقْتَرِنًا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. فَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَيَأْخُذَهَا مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً يُضَمِّنُهَا لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ لِلْفَقِيرِ (الْهِدَايَةُ) يُضَمِّنُهَا لِلْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَالَ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ إلَى الْغَيْرِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . .
سُؤَالٌ: نَعَمْ فِي الْوَاقِعِ سَلَّمَهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا لَكِنَّهُ سَلَّمَهَا بِإِذْنِ وَإِبَاحَةِ الشَّرْعِ وَحَيْثُ إنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (91) فَمَا كَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَتَرَتَّب الضَّمَانُ.
الْجَوَابُ: إنَّ الثَّابِتَ مِنْ الشَّارِعِ هُوَ الْإِذْنُ بِالتَّصَدُّقِ وَلَيْسَ إيجَابُ التَّصَدُّقِ يَعْنِي أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ التَّصَدُّقَ بِاللُّقَطَةِ وَاجِبًا عَلَى الْمُلْتَقِطِ. بَلْ أَنَّهُ رَخَّصَ بِالتَّصَدُّقِ فَقَطْ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي الْعَمَلِ بِهَذِهِ الرُّخْصَةِ وَعَدَمِهِ. فَلَا يَبْقَى بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُتَخَلِّصًا مِنْ الضَّمَانِ. وَيُضَمِّنُهَا لِلْفَقِيرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ.
سُؤَالٌ: لَمَّا قَبَضَ الْفَقِيرُ اللُّقَطَةَ وَثَبَّتَ مِلْكِيَّتَهُ فِيهَا بِإِذْنِ الشَّرْعِ فَكَيْفَ يَسْتَرْجِعُهَا؟ يَعْنِي كَيْفَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْفَقِيرِ بِالتَّضْمِينِ؟
الْجَوَابُ: ثُبُوتُ الْمِلْكِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حَقِّ الِاسْتِرْدَادِ كَمَا هُوَ فِي الْهِبَةِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (864) الْفَتْحُ.
وَلَيْسَ لِمَنْ ضُمِّنَ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى رَفِيقِهِ. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ عَلَى فَقِيرٍ آخَرَ وَاسْتَهْلَكَهَا هَذَا ثُمَّ ظُهْر صَاحِبُهَا وَضَمَّنَهَا لِلْفَقِيرِ فَلَيْسَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ.
سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْفَقِيرَ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْمُلْتَقِطِ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَحِقَّ لَهُ الرُّجُوعُ.
الْجَوَابُ: حَيْثُ إنَّ الْغُرُورَ لَمْ يَقَعْ ضِمْنَ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ عَقْدِ التَّبَرُّعِ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الدَّافِعِ فَلَيْسَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لِلرُّجُوعِ (الْعِنَايَةُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (658) . .
كَمَا أَنَّهُ إذَا ضَمَّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَصِيرُ كَأَنَّهُ مَالِكٌ لِلُّقَطَةِ بِالضَّمَانِ اسْتِنَادًا عَلَى وَقْتِ أَخْذِهِ إيَّاهَا وَكَأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمَالِ نَفْسِهِ.
كَذَلِكَ إذَا دُفِعَتْ اللُّقَطَةُ لِلْحَاكِمِ وَبَعْدَ أَنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ظَهَرَ صَاحِبُهَا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مَأْمُورٌ بِمُحَافَظَةِ أَمْوَالِ الْغُيَّابِ وَلَيْسَ بِاسْتِهْلَاكِهَا (الْفَتْحُ) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْفَقِيرِ. وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) .
حَقُّ التَّضْمِينِ فِي بَيْعِ الْمُلْتَقِطِ وَبَيْعِ الْحَاكِمِ: إذَا بَاعَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ عَلَى بِنَاءِ أَنْ يَحْفَظَ ثَمَنَهَا ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ:
فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ بَاعَهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ يَأْخُذُ صَاحِبُ الْمَالِ الثَّمَنَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ. كَمَا لَوْ بَاعَهَا الْحَاكِمُ بِالذَّاتِ فَالْحَاكِمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ يُنْظَرُ.
فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَهُ وَاسْتَرَدَّ مَالَهُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (378) .
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ
لِلْبَائِعِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُشْتَرِي. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 1 9) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ.
جُعْلُ اللُّقَطَةِ وَنَفَقَتُهَا: لَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَطْلُبَ جُعْلًا أَيْ أُجْرَةً مُقَابِلَ الْتِقَاطِهِ. سَوَاءٌ الْتَقَطَهَا مِنْ مَحِلٍّ قَرِيبٍ أَوْ مِنْ مَحِلٍّ بَعِيدٍ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهَا قَالَ: (إنِّي أَدْفَعُ كَذَا مَالًا لِمَنْ وَجَدَهَا وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا) . وَيَكُونُ الْمُلْتَقِطُ مُتَبَرِّعًا فِي إنْفَاقِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَاصِرَةٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الْإِنْفَاقِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيَرْجِعُ بَعْدَهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ. كَمَا لَوْ رَاجَعَ الْمُلْتَقِطُ الْحَاكِمَ قَائِلًا: إنَّ فِي يَدِهِ حَيَوَانًا لُقَطَةً وَطَلَبَ إذْنًا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ لُقَطَةً فِي يَدِهِ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَلَى مَالِ الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ فَائِدَةٌ فِي هَذَا الْإِنْفَاقِ (الْهِدَايَةُ) .
وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ تُقَامُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ إقَامَتِهَا وَلَكِنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لِأَجْلِ كَشْفِ الْحَالِ يَعْنِي لِكَيْ يَنْكَشِفَ أَمَامَ الْحَاكِمِ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ لُقَطَةٌ. وَإِلَّا بِمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَجْلِ الْحُكْمِ فَالْخَصْمُ لَيْسَ بِلَازِمٍ حِينَ اسْتِمَاعِهَا (الْفَتْحُ) .
وَأَمَّا إذَا أَفَادَ الْمُلْتَقِطُ أَنْ لَيْسَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ لُقَطَةٌ يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمُلْتَقِطِ بِحُضُورِ شُهُودٍ ثِقَاتٍ: (إنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي قَوْلِكَ فَأَنْفِقْ عَلَيْهِ) ، وَسَبَبُ إعْطَاءِ الْحَاكِمِ الْإِذْنَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ بِهَذَا الْوَجْهِ الْحَذَرُ مِنْ لُزُومِ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِالْإِنْفَاقِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ وَمُطْلَقَةٍ فَعَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ مَغْصُوبًا يَتَقَرَّرُ عَلَى الْمَالِكِ الضَّمَانُ أَيْ لُزُومُ النَّفَقَةِ وَهَذَا ضَرَرٌ لِلْمَالِكِ. وَإِذَا لَمْ يَأْمُرْ بِالْإِنْفَاقِ فَبِصُورَةِ ظُهُورِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ لُقَطَةً وَأَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِإِنْفَاقِهِ وَمُتَضَرِّرًا مِنْ ذَلِكَ (الْعِنَايَةُ) .
صُورَةُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ وَمَرْهُونِيَّةِ اللُّقَطَةِ مُقَابِلَ هَذَا الْمَصْرِفِ: لِيَكُنْ مَعْلُومًا نَظَرًا لِأَصَحِّ الرِّوَايَاتِ أَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ بِالْإِنْفَاقِ فَقَطْ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ إلَى صَاحِبِهِ أَخِيرًا؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ يَتَرَاوَحُ بَيْنَ الرُّجُوعِ وَالْحِسْبَةِ فَيَحْصُلُ الشَّكُّ بِجِهَةِ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ. وَالْحَالُ أَنْ لَا دَيْنَ بِالشَّكِّ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (8) . .
فَإِذَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْحَاكِمِ فِي الصُّورَةِ الْمَشْرُوحَةِ يَأْخُذُ مَصْرِفَهُ مِنْ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ. سَوَاءٌ أَأَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِهِ أَمْ اسْتَدَانَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَأَنْفَقَ حَتَّى إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ عَنْ إعْطَاءِ الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ اللُّقَطَةَ الْمَذْكُورَةَ وَيُؤَدِّي مَصْرِفَهَا مِنْ ثَمَنِهَا وَيَرُدُّ الْبَقِيَّةَ إلَى صَاحِبِهَا. وَهَلَاكُ اللُّقَطَةِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ هَذَا الْمَصْرِفِ.
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ هَلَاكِهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ الَّتِي صَرَفَهَا الْمُلْتَقِطُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَصْرِفِهِ هَذَا عَلَى صَاحِبِ اللُّقَطَةِ. وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ لِلْمُلْتَقِطِ حَقُّ إمْسَاكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْ تَسْلِيمِهَا لِصَاحِبِهَا لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الرَّهْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي - (الْهِدَايَةِ وَالْغُرَرِ وَالْمُنْتَقَى وَرَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةِ وَالتَّبْيِينِ) .
وَإِنَّمَا نَظَرًا لِلْإِيضَاحَاتِ الَّتِي سَرَدَهَا والشرنبلالي: