الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 788) خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهَا مَعَ مَالٍ آخَرَ]
(الْمَادَّةُ 788) :
خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهَا مَعَ مَالٍ آخَرَ بِصُورَةٍ يَتَعَذَّرُ وَلَا يُمْكِنُ مَعَهَا تَفْرِيقُهَا عَنْهُ يُعَدُّ تَعَدِّيًا. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ مِقْدَارَ الدَّنَانِيرِ ذَاتِ الْمِائَةِ الْمُودَعَةِ عِنْدَهُ بِدَنَانِيرَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ يَكُونُ ضَامِنًا.
خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ مَعَ مَالٍ آخَرَ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ فَلَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهَا عَنْهُ أَوْ أَمْكَنَ بِتَعَسُّرٍ يُعَدُّ تَعَدِّيًا.
يَعْنِي مُوجِبًا لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ وَفُقِدَ إمْكَانُ وُصُولِ الْمُودِعِ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ مِنْ أَجْلِ فِعْلِ الْمُسْتَوْدَعِ.
وَذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ الْخَلْطَ، وَاسْمُ فَاعِلِهِ الْخَالِطُ هُوَ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْخَالِطُ الْمُسْتَوْدَعَ أَوْ الْأَجْنَبِيَّ أَوْ شَخْصًا آخَرَ كَابْنِ الْمُسْتَوْدَعِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ الْمَوْجُودِ فِي عِيَالِهِ. وَالضَّمَانُ يَلْزَمُ عَلَى الْخَالِطِ فِي أَيِّ وَجْهٍ كَانَ.
يَعْنِي إنْ كَانَ الْخَالِطُ الْمُسْتَوْدَعُ فَالضَّمَانُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ الْخَالِطُ ابْنُ الْمُسْتَوْدَعِ الصَّغِيرُ مَثَلًا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 778) . وَإِلَّا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِسَبَبِ الصَّغِيرِ الْمَرْقُومِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 916) . فَإِذَا خَلَطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ يُصْبِحُ الْمَخْلُوطُ الْمَذْكُورُ مَالَ الْخَالِطِ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ وَلَا لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَدَخَّلَ فِي ذَلِكَ الْمَخْلُوطِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَخْلُوطُ يَصِيرُ مَالَ الْخَالِطِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْخَالِطُ الْمُسْتَوْدَعُ أَوْ أَمِينُ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ شَخْصًا أَجْنَبِيًّا فَلَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَخْلُوطِ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ. مَثَلًا لَوْ خَلَطَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ مِنْ حِنْطَةٍ مُودَعَةٍ عِنْدَهُ بِحِنْطَةٍ تَصِيرُ الْحِنْطَةُ الْمَخْلُوطَةُ مَالَ الْخَالِطِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ مُبَاحًا لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْحِنْطَةِ الْمَخْلُوطَةِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ بَدَلَهَا إلَى الْمُودِعِ.
وَإِذَا كَانَ الْخَالِطُ غَيْرَ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ فَخَلَطَ شَعِيرَ الْمُودِعِ مَعَ حِنْطَةِ الْمُسْتَوْدَعِ مَثَلًا ثُمَّ غَابَ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ فَإِذَا أَرَادَ الْمُودِعُ أَوْ الْمُسْتَوْدَعُ أَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الْمَخْلُوطَ وَوَافَقَ الْآخَرُ فَبِهَا. وَإِذَا لَمْ يَتَرَاضَوْا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُبَاعُ الْمَخْلُوطُ بِرِضَاهُمَا وَتُضْرَبُ قِيمَةُ حِنْطَةِ صَاحِبِ الْحِنْطَةِ غَيْرِ الْمَخْلُوطَةِ بِالثَّمَنِ وَيُضْرَبُ شَعِيرُ صَاحِبِ الشَّعِيرِ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ بِثَمَنِهِ. وَيُقْسَمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى مَجْمُوعِ الثَّمَنِ فَخَارِجُ قِسْمَةِ الْمَضْرُوبِ يَكُونُ حِصَّةَ صَاحِبِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ عَنْ الْمَخْلُوطِ وَيَقْتَضِي كَوْنَ الْمَخْلُوطِ مِلْكًا لِلْخَالِطِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُمَا التَّصَرُّفُ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي مَالِ الْغَيْرِ؟ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا بِهَذَا الْوَجْهِ إجَازَةٌ لِلْخَلْطِ وَلَا يُجْدِي نَفْعًا إذَا كَانَ الْخَلْطُ إتْلَافًا فَإِنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 1453 (الشَّارِحُ) .
يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (مَعَ مَالٍ آخَرَ) أَنَّهُ سَوَاءٌ أَخَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ بِمَالِهِ أَمْ بِمَالِ غَيْرِهِ فَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمَالَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ بِمَالِ شَخْصٍ آخَرَ مُودَعٍ عِنْدَهُ أَيْضًا يَضْمَنُ الْوَدِيعَتَيْنِ وَيَبْقَى الْمَخْلُوطُ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ مِقْدَارَ الدَّنَانِيرِ ذَاتِ الْمِائَةِ الْمُودَعَةِ عِنْدَهُ بِدَنَانِيرِ نَفْسِهِ أَوْ بِدَنَانِيرِ غَيْرِهِ بِلَا
إذْنِ الْمُودِعِ ثُمَّ ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ أَوْ وُجِدَتْ مَخْلُوطَةً بِصُورَةٍ يَتَعَسَّرُ أَوْ يَمْتَنِعُ مَعَهَا تَمْيِيزُهَا يَصِيرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْخَالِطَ يُعَدُّ مُسْتَهْلِكًا الْوَدِيعَةَ لِسَبَبِ خَلْطِهِ إيَّاهَا (الْبَحْرُ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
(ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ) . هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَإِذَا وُجِدَ الْمَخْلُوطُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّرْحِ، عَيْنًا فَالضَّمَانُ لَازِمٌ أَيْضًا وَذُكِرَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ.
وَهَذِهِ التَّعْبِيرَاتُ أَيْ تَعْبِيرَاتُ إذَا ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ لَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْهِدَايَةِ وَالتَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ كَمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَذْكُرْهَا أَيْضًا فِي مِثَالِهَا الْآتِي.
2 -
(بِلَا إذْنِ) هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 789 الْآتِي بَيَانُهَا.
وَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ الدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ يَعْنِي دَنَانِيرَ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ دَنَانِيرَ غَيْرِهِ مَعَ دَنَانِيرِ وَدِيعَةِ الْمُودِعِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بِلَا إذْنٍ يَضْمَنُ. وَسَوَاءٌ أَضَاعَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ أَمْ سُرِقَتْ أَمْ وُجِدَتْ مَخْلُوطَةً فَالْخَلْطُ الْمَذْكُورُ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَيَنْقَطِعُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى مَا سَيُفَصَّلُ حَقُّ - الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ وَيَبْقَى الْمَخْلُوطُ الْمَذْكُورُ مَالًا لِلْمُخَالِطِ. وُجُوهُ الْخَلْطِ الْأَرْبَعَةِ وَأَحْكَامُهَا.
نَشْرَعُ فِي تَفْصِيلِ الْخَلْطِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. الْخَلْطُ يَكُونُ بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ مَعَ تَيَسُّرِ التَّمْيِيزِ.
يَعْنِي أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا تَفْرِيقُ الْمَالَيْنِ الْمَخْلُوطَيْنِ وَتَمْيِيزُهُمَا أَيْ إفْرَازُهُمَا وَفَصْلُهُمَا. كَخَلْطِ الْجَوْزِ مَعَ اللَّوْزِ أَوْ الذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ الْمَجِيدِيَّةِ أَوْ الْمَجِيدِيِّ التَّامِّ مَعَ قِطَعٍ: النِّصْفِ أَوْ الرُّبْعِ مِنْهُ أَوْ الدِّينَارِ الذَّهَبِ التَّامِّ مَعَ أَجْزَائِهِ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ أَوْ الذَّهَبِ الْعُثْمَانِيِّ مَعَ الذَّهَبِ الْإِنْكِلِيزِيِّ أَوْ الْفَرَنْسَاوِيِّ.
فَالْخَلْطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بِالْإِجْمَاعِ فَيُفَرَّقُ الْمَخْلُوطُ وَيُرَدُّ قِسْمُ الْوَدِيعَةِ مِنْهُ إلَى صَاحِبِهِ. وَإِذَا هَلَكَ الْمَخْلُوطُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ يَهْلِكُ أَمَانَةً كَمَا كَانَ قَبْلَ الْخَلْطِ تَكْمِلَةُ (رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَأَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعِبَارَةِ (لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهَا) .
الْوَجْهُ الثَّانِي - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ مَعَ تَعَسُّرِ التَّمْيِيزِ. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ تَفْرِيقُ الْمَالَيْنِ الْمَخْلُوطَيْنِ عَسِرًا.
كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ.
فَكَوْنُ هَذَا الْخَلْطِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ أَوْ غَيْرَ مُوجِبٍ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا. فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْهِدَايَةِ وَوَرَدَ فِي النِّهَايَةِ إيضَاحًا لِتَعَذُّرِ تَفْرِيقِ الْمَخْلُوطِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيُعْتَبَرُ جَوَابًا لِمَا قِيلَ: إنَّ الْمَخْلُوطَ الْمَذْكُورَ حِينَمَا يُطْرَحُ فِي الْمَاءِ تَرْسُبُ الْحِنْطَةُ وَيَطْفُو الشَّعِيرُ فَيُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُقْبَلُ الْمَخْلُوطُ وَيَنْقُصُ ثَمَنُهُ بِالْعَيْبِ الْحَاصِلِ مِنْ الْبَلَلِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا تَخْلُو إعَادَةُ الْحِنْطَةِ مِنْ قَلِيلٍ مِنْ الشَّعِيرِ. وَالشَّعِيرِ مِنْ قَلِيلٍ مِنْ الْقَمْحِ. فَعَلَى هَذَا لَا يُمْكِنُ التَّفْرِيقُ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ شَرَحْت هَذِهِ الْمَادَّةَ مِنْ الْمَجَلَّةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ خَلَطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِي الْمَخْلُوطِ وَيَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا كَمَا ذُكِرَ فِي قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ الْآتِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ مَزْجِ جِنْسٍ بِجِنْسٍ آخَرَ.
وَهَذَا يَكُونُ بِخَلْطِ نَوْعٍ مِنْ الْمَائِعِ