الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الرَّهْنِ] [
الْمُقَدِّمَةُ مَشْرُوعِيَّةُ الرَّهْنِ]
شَرْحُ كِتَابِ الرَّهْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاجِبِ الْوُجُودِ بِالْإِيقَانِ ذِي اللُّطْفِ وَالْجُودِ وَالْكَرْمِ وَالْإِحْسَانِ رَاهِنِ النَّفْسِ بِمَا كَسَبَتْ يَوْمَ الْحَشْرِ وَالْمِيزَانِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا الْمُصْطَفَى مِنْ أَشْرَفِ الْأَنْسَابِ مِنْ نَسْلِ عَدْنَانَ الشَّفِيعِ الْمُشَفَّعِ لِأَهْلِ الْعِصْيَانِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْحَابِسِينَ أَنْفُسَهُمْ لِنُصْرَةِ الْحَقِّ وَأَهْلِ الْإِيمَانِ.
الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الرَّهْنِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ: الْمُقَدِّمَةُ:
مَشْرُوعِيَّةُ الرَّهْنِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْقِيَاسِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَهُوَ أَمْرٌ وَارِدٌ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ وَمَعْنَاهُ مَعَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قَبْلَهُ كَمَا فَسَّرَهَا الْمُفَسِّرُونَ، أَيْ: وَإِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَارْتَهِنُوا رَهْنًا مَقْبُوضَةً وَثِيقَةً بِأَمْوَالِكُمْ، وَالسُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الرَّسُولِ وَتَقْرِيرِهِ، أَمَّا فِعْلُ الرَّسُولِ فَقَدْ اشْتَرَى مِنْ الْيَهُودِيِّ الْمُسَمَّى أَبُو الشَّحْمِ وَسْقَ شَعِيرٍ وَرَهَنَ فِي مُقَابِلِ ثَمَنِهِ عِنْدَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ دِرْعَهُ الَّذِي كَانَ يَتَقَلَّدُهُ وَقْتَ الْجِهَادِ وَقَدْ تُوُفِّيَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَفُكُّهَا بِهِ وَقَدْ اسْتَخْلَصَ ذَلِكَ الدِّرْعَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه بِإِعْطَاءِ مُقَابِلِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَهَذِهِ السَّنَةُ الشَّرِيفَةُ تَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ تَوَاضُعِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ وَعَلَى إعْرَاضِهِ عَنْ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً عِنْدَ النَّبِيِّ بَلْ كَانَ جُلُّ مَقْصِدِهِ إرْضَاءَ الْبَارِي عز وجل. وَقَدْ اخْتَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعَامَلَةَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْيَهُودِيِّ وَلَمْ يَتَعَامَلْ مَعَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ الَّذِينَ يُضَحُّونَ أَرْوَاحَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِهِ وَقَدْ قَصَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ عَدَمَ إزْعَاجِ