الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ]
وَالدَّيْنُ أَيْضًا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا طَلَبُ الْغُرَمَاءِ، وَعِلْمُ الْمَدِينِ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ (الْعِنَايَةُ الطُّورِيُّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (999) .
(مَادَّةُ 998) - (لَوْ ظَهَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُمَاطَلَةُ الْمَدِينِ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ حَالٍ كَوْنِهِ مُقْتَدِرًا أَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَ مَالِهِ وَتَأْدِيَةَ دَيْنِهِ حَجَرَ الْحَاكِمُ مَالَهُ، وَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعِهِ وَتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَأَدَّى دَيْنَهُ فَيَبْدَأُ بِمَا بَيْعُهُ أَهْوَنُ فِي حَقِّ الدَّيْنِ بِتَقْدِيمِ النُّقُودِ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ تَفِ فَالْعُرُوضُ فَإِنْ لَمْ تَفِ الْعُرُوض أَيْضًا فَالْعَقَارُ) .
حَتَّى لَا يَضُرَّ بِالدَّائِنِ بِإِخْرَاجِهِ مَالَهُ مِنْ مِلْكِهِ ظَاهِرًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ مُوَاضَعَةً مَثَلًا (الْهِدَايَةُ) ، وَيَلْزَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ فِي حَجْرِ الْمَدِينِ طَلَبَ الدَّائِنُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ حَجْرُ الْمَدِينِ بِلَا طَلَبٍ.
الْإِشْهَادُ عَلَى الْحَجْرِ: يُشْهِدُ الْحَاكِمُ شُهُودًا عَلَى حَجْرِهِ الْمَدِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ يَقُولُ لِلشُّهُودِ قَدْ حَجَرْتُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَوْ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِفُلَانٍ. وَالْإِشْهَادُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْحَجْرِ إلَّا إنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْإِثْبَاتِ عِنْدَ مَسِّ الْحَاجَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَجَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَيُشْهِدُ عَلَى حَجْرِهِ فَيَقُولُ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ حَجَرْتُ عَلَى هَذَا أَوْ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ غَائِبًا لِأَجْلِ دَيْنِ فُلَانٍ وَيَمْنَعُ عَنْهُ مَالَهُ وَيَبِيعُ مَالَهُ إذَا سَأَلَهُ غَرِيمُهُ. شُرُوطُ الْحَجْرِ:
1 -
طَلَبُ الدَّائِنِينَ فِي حَجْرِ الْمَدِينِ شَرْطٌ.
2 -
كَوْنُ الدَّيْنِ الَّذِي سَيُحْجَرُ لِأَجْلِهِ مُثْبَتًا، وَكَمَا يَجُوزُ الْحَجْرُ لِأَجْلِ الدُّيُونِ الْمَحْكُومِ بِهَا عَلَى الْمَدِينِ يَجُوزُ الْحَجْرُ أَيْضًا إذَا اخْتَفَى الْمَدِينُ وَأَثْبَتَ الدَّائِنُونَ دُيُونَهُمْ عَلَيْهِ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ الْمُسَخَّرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَى الْمَدِينِ بِمُجَرَّدِ ادِّعَاءِ الدَّائِنِينَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْجُرُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا قَبْلَهُ (الْخَانِيَّةُ) .
قَوْلُهُ فِي الْمَجَلَّةِ " إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُقْتَدِرًا، لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَى الْمَدِينِ إذَا
امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ أَيْ مُفْلِسًا وَامْتَنَعَ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ 0 وَهَذَا الْحَجْرُ يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (1002) الْهِدَايَةُ.
تَجْرِي الْأُمُورُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْآتِي:
1 -
إذَا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعِ مَالِهِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ (وَلَوْ كَانَ الْمَالُ عَقَارًا وَالثَّمَنُ قَلِيلًا) يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بِحَبْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ لِإِيفَاءِ دَيْنِهِ فَيُحْبَسُ لِأَجْلِهِ فَإِذَا امْتَنَعَ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) وَلِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ عَلَى الْمَدِينِ، وَالْمُمَاطَلَةَ ظُلْمٌ فَيَحْبِسُ الْحَاكِمُ الْمَدِينَ لِدَفْعِ ظُلْمِهِ وَلِإِيصَالِ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ وَهَذَا الْجَبْرُ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا عَلَى الْبَيْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ الْمَذْكُورَ يَحِقُّ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (948) وَالْحَبْسُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. فَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] أَيْ يُحْبَسُوا؛ لِأَنَّ نَفْيَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ لَا يُتَصَوَّرُ وَفِي السُّنَّةِ قَدْ حَبَسَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه رَجُلًا وَفِي الْإِجْمَاعِ فَقَدْ أَنْشَأَ عَلِيٌّ رضي الله عنه مَحْبِسًا فِي الْكُوفَةِ وَأَسْمَاهُ (النَّافِعَ) ثُمَّ أَسْمَاهُ (مَحْبِسًا) لِإِنْشَائِهِ إيَّاهُ مُسْتَحْكِمًا لِعَدَمِ فِرَارِ الْمَحْبُوسِينَ مِنْهُ. وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَجْمَعِينَ وَلَمْ يُخَالِفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَالْمَحْبِسُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا مَعْنَاهُ الْمُذَلِّلُ يُقَالُ حَبَسَهُ أَذَلَّهُ (الْجَوْهَرَةُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الدَّائِنِ أَوْ مَأْجُورًا أَوْ مُسْتَعَارًا أَيْ أَنَّهُ شَامِلٌ لِكُلِّ مِلْكٍ لَهُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمَجَلَّةِ (وَإِذَا امْتَنَعَ) الْإِجْبَارُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِيهَا إجْبَارُ الْمَدِينِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ صَرَاحَةً. وَفِي النَّوَادِرِ (وَإِذَا حُبِسَ فِي الدَّيْنِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ حَتَّى يَقْضِيَ دُيُونَهُ الَّتِي حُبِسَ لِأَجْلِهَا)(الطُّورِيُّ) .
وَعَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ الدَّيْنُ بَعْدَ إجْبَارِهِ عَنْ بَيْعِهِ مَالَهُ وَتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَأَدَّى دَيْنَهُ؛ وَلِأَنَّ بَيْعَ الْمَالِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ وَلَازِمٌ وَالْمُمَاطَلَةَ ظُلْمٌ وَلِذَا يَنُوبُ الْحَاكِمُ مَنَابَ الْمَدِينِ فِي حَالِ إجْبَارِهِ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ بِالْحَبْسِ وَإِصْرَارِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ كَمَا فِي الْجُبِّ وَالْعُنَّةِ (الْهِدَايَةُ) .
وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ إيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَدْ أُرِيدَ بِتَغْيِيرِ (مَالِهِ) فِي الْمَجَلَّةِ الِاحْتِرَازُ عَمَّا يُعْهَدُ إلَيْهِ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ وَالتَّعْيِينَاتِ كَالْقِيَمِيَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ فَلَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ إذَا كَانَ فِي عُهْدَتِهِ أَشْيَاءُ كَهَذِهِ عَلَى الْفَرَاغِ بِهَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَالَهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِإِيضَاحٍ) . لَكِنَّ التَّعْبِيرَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْفَرَاغِ بِهَا لِآخَرَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ.