الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (991) بِقَوْلِهَا (لَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ الْقَوْلِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَإِنَّمَا قَدْ بَحَثَ هُنَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى حِدَةٍ.
[
(مَادَّةُ 995) حُقُوقُ النَّاسِ الَّتِي عَلَى الْمَحْجُورِ]
(مَادَّةُ 995) - (حُقُوقُ النَّاسِ الَّتِي عَلَى الْمَحْجُورِ تُؤَدَّى مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّ السَّفَهَ لَا يُبْطِلُ حُقُوقَ النَّاسِ، وَقِسْمٌ مِنْ الْمَادَّةِ (992) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحُقُوقُ ثَابِتَةً بِالْبَيِّنَةِ. وَلَا تَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِإِقْرَارِ السَّفِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِإِقْرَارِهِ كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (992) . مَثَلًا إذَا كَانَ عَلَى السَّفِيهِ دَيْنُ مَالٍ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ فَتَلْزَمُ تَأْدِيَتُهُ مِنْ مَالِهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْحَجْرِ مَالُ أَحَدٍ، فَيَلْزَمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (960) إيفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ أَيْضًا (مُنْلَا مِسْكِينٍ) .
[
(مَادَّة 996) اسْتَقْرَضَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا فِي نَفَقَتِهِ]
(مَادَّة 996) - (إذَا اسْتَقْرَضَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا فِي نَفَقَتِهِ فَإِنْ كَانَ صَرْفُهُ إيَّاهَا بِالْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ أَدَّاهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الصَّرْفُ زَائِدًا عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ يُؤَدِّي مِقْدَارَ نَفَقَتِهِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ عَنْهَا) .
هَذَا إذَا اسْتَقْرَضَ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ السَّفِيهُ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُعَدُّ هَذَا الصَّرْفُ إسْرَافًا وَسَفَهًا وَإِنْ كَانَ صَرْفُهُ زَائِدًا عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ يُؤَدِّي مِقْدَارَ نَفَقَةِ السَّفِيهِ مِنْ مَالِهِ، وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ عَنْهَا وَلَا تُؤْخَذُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إسْرَافٌ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا لَمْ يَصْرِفْ مَا اقْتَرَضَهُ مِنْ مَالِهِ فِي نَفَقَتِهِ بَلْ صَرَفَهُ فِي الْمَلَاهِي وَالْمَلَذَّاتِ كَأَنْ أَعْطَاهُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْعَازِفِينَ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُبْطِلَهُ كُلَّهُ.
إنَّ السَّفِيهَ الْمَحْجُورَ وَإِنْ يَكُنْ مُؤَاخَذًا عَلَى أَفْعَالِهِ، وَعَمَلِهِ هَذَا فِعْلٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (960) إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ عَادَةِ السَّفِيهِ تَضْيِيعُ الْأَمْوَالِ، فَبِإِقْرَاضِ الْمُقْرِضِ لِلسَّفِيهِ الْمَالَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِ السَّفِيهِ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُقْرِضِ رِضَاءً بِالْإِتْلَافِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ تَضْمِينِ مَالِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ) كَمَا قَدْ صَارَ إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ (960) الْمَذْكُورَةِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ بَعْدَ الصَّلَاحِ: أَقْرَضْتنِي فِي حَالٍ فَسَادِي، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ فِي حَالٍ صَلَاحِك وَاسْتَهْلَكْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَحْجُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ (الطُّورِيُّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) .
[
(مَادَّةُ 997) عِنْدَ صَلَاحِ حَالِ الْمَحْجُورِ يُفَكُّ حَجْرُهُ]
(مَادَّةُ 997) - (عِنْدَ صَلَاحِ حَالِ الْمَحْجُورِ يُفَكُّ حَجْرُهُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ) .
إذَا كَسَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ صَلَاحًا ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرُ، يَعْنِي لَا يَزُولُ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ كَسْبِهِ صَلَاحًا وَرُشْدًا، وَإِنَّمَا يُفَكُّ حَجْرُهُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا إذَا تَبَيَّنَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ كَسْبُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (22) إذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ بَعْدَ الْحَجْرِ إذَا اكْتَسَبَ صَلَاحًا وَلَمْ يُفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (990، 991) . وَفَكُّ الْحَجْرِ كَمَا
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُون مُعَلَّقًا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي لِلسَّفِيهِ إنَّنِي أَطْلَقْتُك إذَا اكْتَسَبْتَ صَلَاحًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ وَالْإِطْلَاقَ مُسْقِطَانِ لِلْحَجْرِ. وَتَعْلِيقُ الْإِسْقَاطِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ (الطُّورِيُّ) وَالْإِذْنُ بِالْعُقُودِ الْمُكَرَّرَةِ فَكٌّ لِلْحَجْرِ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْقَاضِي السَّفِيهَ بَعْدَ أَنْ حَجَرَهُ إذْنًا بِبَيْعِ شَيْءٍ أَوْ شِرَائِهِ بِنَفْسِهِ وَبَاعَ السَّفِيهُ أَوْ اشْتَرَى جَازَ وَفُكَّ الْحَجْرُ. أَمَّا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي السَّفِيهَ بِبَيْعِ مَالٍ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فَكًّا لِلْحَجْرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُقَابِلَةٌ لِلْمَادَّةِ (958) فَقَدْ جَاءَ فِيهَا (يُحْجَرُ السَّفِيهُ بِحَجْرِ الْحَاكِمِ) كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِنَفْسِهِ إذَا كَسَبَ السَّفِيهُ صَلَاحًا) إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (958) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيُحْجَرُ السَّفِيهُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ، فَإِذَا كَسَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ صَلَاحًا انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى فَكِّ الْحَاكِمِ لِحَجْرِهِ.
الْفَرْقُ بَيْنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَالْمَدِينِ الْمَحْجُورِ:
1 -
إنَّ فَكَّ الْحَجْرِ عَنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي. أَمَّا الْمَدِينُ الْمَحْجُورُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ. كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (961) . إذْ أَنَّ الْمَدِينَ الْمَحْجُورَ إذَا أَدَّى دَيْنَ الدَّائِنِ الَّذِي حُجِرَ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ ذَلِكَ الدَّائِنُ مِنْ الدَّائِنِ ارْتَفَعَ الْحَجْرُ عَنْهُ.
2 -
إقْرَارُ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ مُعْتَبَرٌ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ. وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا فِي وَقْتِ حَجْرٍ مُعْتَبَرٍ أَمَّا إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ فِي حَالِ حَجْرِهِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ سَوَاءٌ أَكَانَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمَالِ الْمَوْجُودِ أَمْ حَقِّ الْمَالِ الْحَادِثِ (الطُّورِيُّ) . صُورَةُ الدَّعْوَى: لَوْ طَلَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ فَكَّ حَجْرِهِ لِكَوْنِهِ كَسَبَ صَلَاحًا وَأَنْكَرَ خَصْمُهُ ذَلِكَ وَادَّعَى بَقَاءَ السَّفَهِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ، وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كِلَاهُمَا رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ بَقَاءِ السَّفَهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْأَشْبَاهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ قَدْ جَزَمَ بِتَرْجِيحِ بَيِّنَةِ زَوَالِ السَّفَهِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ أَمْرًا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا؛ وَلِأَنَّهَا تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ إبْقَاءُ مَا كَانَ، فَكَانَتْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا وَالْبَيِّنَاتُ شُرِّعَتْ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْحَجْرِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَالظَّاهِرُ الرُّشْدُ وَبَيِّنَةُ السَّفَهِ تُثْبِتُ خِلَافَهُ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .