الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ أَنْ أَوْصَى لَهَا وَصِيَّةً وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ مُصِرًّا عَلَى إيصَائِهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ أَحَدٌ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَوْصَى لَهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) .
قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَحَدٌ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ الزَّوْجِ أَوَالزَّوْجَةِ لِأَقْرِبَاءِ الْآخَرِ شَيْئًا فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْهِبَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ قَرِيبُ الْبِنْتِ شَيْئًا لِأَبِي الْوَلَدِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ افْتَرَقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ (الْقَاعِدِيَّةُ) مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ.
[
(الْمَادَّةُ 868) أُعْطِيَ لِلْهِبَةِ عِوَضٌ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ]
(الْمَادَّةُ 868) إذَا أُعْطِيَ لِلْهِبَةِ عِوَضٌ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ فَهُوَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فَعَلَيْهِ لَوْ أُعْطِيَ لِلْوَاهِبِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ آخَرَ شَيْءٌ عَلَى كَوْنِهِ عِوَضًا عَنْ هِبَتِهِ وَقَبَضَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
إذَا أُعْطِيَ مَالٌ غَيْرُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ هِبَةً أَوْ هَدِيَّةً أَوْ صَدَقَةً لِلْوَاهِبِ عَلَى كَوْنِهِ مُقَابِلًا لِكُلِّ الْمَوْهُوبِ وَقَبَضَ الْوَاهِبُ الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ فَإِنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَالْعِوَضِ مَعًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا أَثْنَاءَ الْهِبَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ يَعْنِي كَأَنْ يُعْطِيَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ بِلَا شَرْطٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ هَذَا الْعِوَضَ الثَّانِيَ، لَا يُسْقِطُ حَقَّ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّ فُرُوعَ الْمَذْهَبِ تَقُولُ بِإِسْقَاطِ الْعِوَضِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
فَالتَّعْوِيضُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْهِبَةِ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِلَا خِلَافٍ يَصِحُّ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الْهِبَةُ وَلَا يُخَالِفُهَا إلَّا فِي إسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ فَأَمَّا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ بِاخْتِصَارِ) مَا لَمْ يَبْقَ الْعِوَضُ سَالِمًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ «الرَّسُولَ الْأَكْرَمَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» (الزَّيْلَعِيّ) كَمَا أَنَّ ثُبُوتَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُقُوعِ الْخَلَلِ فِي مَقْصُودِ الْوَاهِبِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (864) وَلَمَّا كَانَ الْخَلَلُ يَزُولُ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ فَلَا يَكُونُ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي رَدِّ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ إذْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ فِيمَا إذَا زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ (الزَّيْلَعِيّ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
كُلُّ الْهِبَةِ قَدْ زِيدَتْ فِي الشَّرْحِ لَفْظَةَ، (كُلٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ عِوَضٌ فِي مُقَابِلِ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فِي هَذَا النِّصْفِ إلَّا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الرُّجُوعِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمَانِعِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (864)(الْهِدَايَةُ وَالْعِنَايَةُ) فَالتَّعْوِيضُ الَّذِي يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِمَا أَنَّهُ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ فَامْتِنَاعُ الرُّجُوعِ يَنْحَصِرُ فِي نِصْفِهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ بِالرُّجُوعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُولَدُ الشُّيُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ طَارِئٌ فَلَا يُخِلُّ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) .
2 -
مَالُ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ وَسَتَأْتِي إيضَاحَاتُ ذَلِكَ قَرِيبًا.
3 -
إذَا أُعْطِي عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ الْهِبَةِ صَدَقَةً أَوْ عُمْرَى فَيَسْقُطُ بِإِعْطَائِهِمَا حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ كَمَا يَسْقُطُ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ الْعِوَضِ، الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ فَلَا يَبْقَى اعْتِبَارٌ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
عِوَضٌ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا اللَّفْظِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ شَعِيرًا وَالْعِوَضُ شَعِيرًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الرِّبَا (الْعِنَايَةُ) ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَيْسَ بِبَدَلٍ حَقِيقَةً إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا جَازَ بِالْأَقَلِّ لِلرِّبَا، يُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ مَالِكٌ لِلْهِبَةِ وَالْإِنْسَانُ لَا يُعْطِي بَدَلَ مِلْكِهِ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُعْطِي عِوَضَهُ لِيُسْقِطَ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
أَوْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ شَعِيرًا وَالْعِوَضُ حِنْطَةً أَوْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ حِنْطَةً وَالْعِوَضُ دَقِيقًا مِنْ تِلْكَ الْحِنْطَةِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شَرَائِطُ الْهِبَةِ كَقَبْضِهِ وَإِفْرَازِهِ عَنْ مَالِ الْمُعَوِّضِ فَإِنْ عَوَّضَهُ ثَمَرًا عَلَى شَجَرَةٍ لَا يَتِمُّ حَتَّى يُفْرِزَهُ وَعَدَمِ، شُيُوعٍ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجَّانًا وَيَسِيرًا (الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَيَلْزَمُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ لِيَكُونَ هَذَا الْعِوَضُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: يَجِبُ أَنْ يُعْطِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعِوَضَ بِلَفْظٍ يَعْلَمُ بِهِ الْوَاهِبُ أَنَّهُ أَعْطَى عِوَضًا عَنْ هِبَتِهِ كَقَوْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلْوَاهِبِ: خُذْ هَذَا عِوَضًا عَنْ هِبَتِك أَوْ ثَوَابًا لِهِبَتِك وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ وَالزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِحَقِّ الرُّجُوعِ هُوَ الْعِوَضُ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ بِرِضَا الْوَاهِبِ (الزَّيْلَعِيّ) وَيَلْزَمُ فِي الرِّضَا الْعِلْمُ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ فِي مِثَالِهَا الْآتِي الذِّكْرِ بِقَوْلِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عِوَضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ الْآخَرُ وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْضًا لِلْوَاهِبِ شَيْئًا وَلَمْ يَقُلْ كَلَامًا كَقَوْلِهِ: هُوَ عِوَضٌ لِهِبَتِكَ فَبِمَا أَنَّهَا تَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً فَلِلِاثْنَيْنِ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ (الْهِدَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . وَفِي الْجَوْهَرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي الْعِلْمُ بِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ هِبَتِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ غَيْرَ الْمَوْهُوبِ يَعْنِي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُعْطَى فِي مُقَابِلِ الْهِبَةِ عِوَضًا غَيْرَ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَ فِي الْعِوَضِ الْمَذْكُورِ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ تُفْسَخُ الْهِبَةُ فِي الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ وَبِذَلِكَ لَا يَكُونُ عِوَضًا حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي كُلِّ الْمَوْهُوبِ وَوُصُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ إلَى يَدِ الْوَاهِبِ بِاسْمِ الْعِوَضِ لَا يَسْقُطُ، حَقُّهُ، فِي الرُّجُوعِ بِبَاقِي الْمَوْهُوبِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَوْهُوبِ عِوَضًا (الزَّيْلَعِيّ) .
كَذَا لَوْ أُعْطِيت غُرْفَةٌ مِنْ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ عِوَضًا فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً فِي الرُّجُوعِ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَانًا وَفَرَسًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ مَعًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الْحِصَانَ عِوَضًا لِلْفَرَسِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْفَرَسِ أَيْضًا.
فَعَلَيْهِ لَوْ شُرِطَ إعْطَاءُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ كَانَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لَغْوًا وَلَا يَمْنَعُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ الرُّجُوعِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الشَّرْطِ مَسْأَلَتَانِ:
1 -
لَوْ تَغَيَّرَ الْمَوْهُوبُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فِيهِ فَجَعْلُ بَعْضِهِ عِوَضًا صَحِيحٌ كَأَنْ يَهَبَ الْوَاهِبُ عَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً وَيُسَلِّمَهَا وَيَطْحَنُ مِنْهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ كَيْلَةً وَاحِدَةً وَيَجْعَلَهَا دَقِيقًا ثُمَّ يُعْطِيهَا
لِلْوَاهِبِ عِوَضًا صَحَّ ذَلِكَ وَسَقَطَ حَقُّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ كَذَلِكَ لَوْ وُهِبَ، أَحَدٌ ثَوْبَيْنِ وَسَلَّمَهُمَا وَأَعْطَى الْوَاهِبَ، أَحَدَهُمَا بَعْدَ أَنْ صَبَغَهُ أَوْ خَاطَهُ كَانَ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي الْعِوَضِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
2 -
إذَا كَانَ عَقْدُ الْهِبَةِ مُتَعَدِّدًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ فِي عَقْدٍ عِوَضًا لِلْمَوْهُوبِ فِي عَقْدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَقْدِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَانًا بِعَقْدٍ وَفَرَسًا بِآخَرَ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا فَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الْفَرَسَ عِوَضًا لِلْحِصَانِ أَوْ الْحِصَانَ عِوَضًا لِلْفَرَسِ كَانَ صَحِيحًا.
كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ هِبَةً وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ نَفْسِهِ مَالًا آخَرَ صَدَقَةً وَأَعْطَى الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ صَدَقَةً عِوَضًا لِلْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ هِبَةً كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) كَذَلِكَ لَوْ وُهِبَتْ فَرَسٌ فَوَلَدَتْ وَهِيَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُهْرَ لِلْوَاهِبِ عِوَضًا عَنْ الْمَوْهُوبِ كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْوَلَدِ فَصَحَّ الْعِوَضُ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ) .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: لِلْوَاهِبِ سَلَامَةُ الْعِوَضِ.
فَعَلَيْهِ لَوْ ضُبِطَ الْعِوَضُ مِنْ يَدِ الْوَاهِبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ عِوَضًا فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ كُلِّ هِبَتِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهِ زِيَادَةٌ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ حَالٌ آخَرُ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) .
أَمَّا إذَا ضُبِطَ بَعْضُ الْعِوَضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَكَانَ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَشْرُوطٍ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ وَأَعَادَ الْوَاهِبُ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ، مِنْ الْعِوَضِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ كُلِّ هِبَتِهِ. هَذَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ حَالٌ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْوَاهِبِ حَقَّ رُجُوعِهِ نَاشِئٌ عَنْ بَقَاءِ كُلِّ الْعِوَضِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ كُلُّ الْعِوَضِ سَالِمًا فَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمَوْهُوبِ بِرَدِّهِ بَاقِي الْعِوَضِ (الْعِنَايَةُ) . وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُعِدْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَاقِيَ، الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ بَاقِيَ، الْعِوَضِ هُوَ صَالِحٌ لَأَنْ يَكُونَ عِوَضَ ابْتِدَاءٍ وَلَمَّا كَانَ الْبَقَاءُ أَسْهَلَ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَالْبَقَاءُ أَيْضًا صَالِحٌ لَأَنْ يَكُونَ عِوَضًا (الدُّرَرُ وَالْكَنْزُ وَالْعِنَايَةُ) .
وَإِذَا ضُبِطَ بَعْضُ الْعِوَضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَحَدَثَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ كَتَلَفِ الْمَوْهُوبِ أَوْ حُصُولِ زِيَادَةٍ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ شُرِطَ الْعِوَضُ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ فَلَيْسَ ثَمَّةَ حَقٌّ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمَوْهُوبُ كَانَ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (871) لِاسْتِحَالَةِ الرُّجُوعِ وَشَرْطُ التَّعْوِيضِ أَوْ عَدَمُهُ فِي ذَلِكَ سِيَّانِ كَمَا أَنَّ حُصُولَ الزِّيَادَةِ هُوَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ كَالتَّلَفِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (869)(الطَّحْطَاوِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْضًا عِوَضًا وَتَلِفَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ حَصَلَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ ضُبِطَ الْعِوَضُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ تَضْمِينُ بَدَلِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ أَتْلَفَ الْمَوْهُوبَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) أَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا فِي أَثْنَاءِ عَقْدِ الْهِبَةِ فَيُوجَدُ حَقٌّ فِي التَّضْمِينِ. وَسَيُوَضَّحُ فِي الْآتِي:
إنَّ سَلَامَةَ الْمَوْهُوبِ الْمُعَوَّضِ شَرْطٌ فِي التَّعْوِيضِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ ضُبِطَ كُلُّ الْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أُعْطِيَ عِوَضًا لَهُ فَكَمَا أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعَ بِكُلِّ الْعِوَضِ فَلَوْ ضُبِطَ نِصْفُ الْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْعِوَضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَالٌ سَالِمٌ فِي مُقَابِلِ
نِصْفِ عِوَضِهِ (الْعِنَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إعَادَةُ بَاقِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَاسْتِرْدَادُ كُلِّ الْعِوَضِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ ضُبِطَ الْمَوْهُوبُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَتَلِفَ الْعِوَضُ أَوْ حَصَلَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ وَحَدَثَ فِيهِ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ ضَمَانٌ عَلَى رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَأَصْلِ الْمَوْهُوبِ. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَوْهُوبِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ زَادَ الْعِوَضُ أَوْ نَقَصَ، فِي السِّعْرِ أَوْ زَادَ فِي الْبَدَنِ أَوْ نَقَصَ، فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَنِصْفَ النُّقْصَانِ انْتَهَى.
وَإِذَا كَانَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا أَثْنَاءَ الْعَقْدِ يَعْنِي لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطَى، عِوَضًا مَعْلُومًا وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ ضُبِطَ كُلُّ الْعِوَضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْوَاهِبِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَرِدَّ نِصْفَ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا أَصْبَحَ عَقْدُ الْهِبَةِ عَقْدَ مُبَادَلَةٍ فَلِذَا يُوَزَّعُ الْبَدَلُ عَلَى الْمُبْدَلِ وَيُقَسَّمُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْعِنَايَةُ، جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) .
إذَا ضُبِطَ الْمَوْهُوبُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْعِوَضُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْ يَضْمَنَ إذَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَقَدْ حَصَرَ عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْهِنْدِيَّةِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ الْآنِفَةَ الْبَيَانِ بِالْمَالِ الْغَيْرِ قَابِلِ الْقِسْمَةِ وَذَكَرَ أَنَّ ضَبْطَ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْعِوَضِ الْقَابِلِي الْقِسْمَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْهِبَةِ فَيَرْجِعُ عَنْ كُلِّ الْمَوْهُوبِ وَالْعِوَضِ.
وَقَوْلُ الطَّحْطَاوِيِّ (هَذَا إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفًا مُعَيَّنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ أَصْلًا) مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ.
وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْبَيَانَ هُوَ حَسْبَمَا فُصِّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشُّيُوعَ الْعَارِضَ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُوَ شُيُوعٌ مُقَارَنٌ وَلَمَّا كَانَ الشُّيُوعُ الْمَذْكُورُ حَسَبَ رَأْيِ الْمَجَلَّةِ شُيُوعًا طَارِئًا فَلِذَلِكَ الْبَيَانُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ مَقْبُولٍ هُنَا وَلَا تَخْتَلِفُ الْأَحْكَامُ الْمَبْنِيَّةُ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْعِوَضُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ (أَبُو السُّعُودِ) .
الِاخْتِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ:
إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ شُرِطَ الْعِوَضُ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) وَيَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَهُنَا عَلَى دَعْوَى الْوَاهِبِ بِاَللَّهِ أَنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِوَضَ.
وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا أَمَّا إذَا تَلِفَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (871) .
كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فَقَالَ لَهُ الْمَوْهُوبُ: أَعْطَيْتُك عِوَضًا وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا اجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ مَجَّانًا رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (عَبْدُ الرَّحِيمِ) .
كَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنَّهَا هِبَةٌ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا وَالْعِوَضُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَالْوَاهِبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ صَدَّقَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَقَبَضَ الْمِقْدَارَ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَوْهُوبَ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَوْهُوبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى الْوَاهِبُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ، عَنْ كُلِّ هِبَتِهِ وَقَبَضَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْإِعْطَاءُ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ جَانِبِ شَخْصٍ آخَرَ أَيْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ وَأَمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِلَا إذْنِهِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ هِبَتِهِ.
يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ الْعِوَضِ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِ الْوَاهِبِ صَحِيحٌ وَهَذَا يُسْقِطُ حَقَّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمَّا كَانَ سَالِمًا لِلْوَاهِبِ فَلَا يَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ التَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ أَيْضًا الرُّجُوعُ عَنْ عِوَضِهِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ الَّذِي أَعْطَاهُ مِنْ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ الْمَذْكُورَ قَدْ كَانَ مُتَبَرِّعًا مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ (الدُّرَرُ، نُوحٌ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِطَلَبِ بَدَلِهِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْعِوَضَ بِإِذْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَمْرِهِ أَوْ بِلَا إذْنِهِ وَأَمْرِهِ (الْبَحْرُ، وَالدُّرَرُ)، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ أَعْطَاهُ بِلَا أَمْرٍ ظَاهِرٍ وَإِذَا أَعْطَاهُ بِأَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْقَاعِدَةَ فِي الرُّجُوعِ هُوَ:
إذَا كَانَ أَحَدٌ مُطَالَبًا بِحَبْسِ شَيْءٍ وَمُلَازَمَتِهِ كَالدَّيْنِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ فَلَوْ أَمَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الشَّخْصَ الْآخَرَ بِأَدَاءِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِلَا شَرْطِ الضَّمَانِ كَانَ حَقُّ رُجُوعِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مُثْبَتًا أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا. مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْآمِرُ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ. وَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ الْأَمْرُ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَأَدَاءِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُطَالَبُ بِهِمَا لَكِنْ لَا بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ وَتَتَفَرَّعُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
1 -
الْمَدْيُونُ إذَا أَمَرَ الْمَدِينُ شَخْصًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ فَأَدَّاهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدِينِ بِمَا أَدَّاهُ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ الضَّمَانُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1556) . (أَبُو السُّعُودِ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ وَالْخَانِيَّةُ) .
2 -
لَوْ أُمِرَ أَحَدٌ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَأَنْفَقَ الْآخَرُ عَلَيْهِمْ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى آمِرِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1508) .
وَعَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ بِالتَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ فَأَمْرُهُ بِالتَّعْوِيضِ لَيْسَ مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ. وَإِنَّمَا يُصْرَفُ الْأَمْرُ الْمَذْكُورُ إلَى التَّبَرُّعِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ ضَمَانًا إلَّا إذَا شُرِطَ الضَّمَانُ (الْعِنَايَةُ) فَلَوْ أَمَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيَّ بِقَوْلِهِ: أَعْطِ الْعِوَضَ عَلَى أَنْ أَكُونَ ضَامِنًا وَأَعْطَى