الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَجْنَبِيُّ الْعِوَضَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْعِوَضِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
وَسَتُعْطَى الْإِيضَاحَاتُ فِي هَذَا الشَّأْنِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ. وَيُسْتَثْنَى بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: ابْنِ دَارِي أَوْ عَمِّرْهَا وَعَمِلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى آمِرِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ (الطَّحْطَاوِيُّ)
[
(الْمَادَّة 869) حَصَلَ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ]
(الْمَادَّة 869) إذَا حَصَلَ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ كَأَنْ كَانَ أَرْضًا وَأَحْدَثَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا شَجَرًا أَوْ كَانَ حَيَوَانًا ضَعِيفًا فَسَمِنَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ غُيِّرَ عَلَى وَجْهٍ تَبَدَّلَ بِهِ اسْمُهُ كَأَنْ كَانَ حِنْطَةً فَطُحِنَتْ وَجُعِلَتْ دَقِيقًا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ فَلَوْ حَمَلَتْ الْفَرَسُ الَّتِي وَهَبَهَا أَحَدٌ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ لَكِنْ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ فَلُوُّهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.
حُصُولُ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُوجِبَةِ لِازْدِيَادِ قِيمَةِ عَيْنِ الْمَوْهُوبِ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ (الْعِنَايَةُ) ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمَوْهُوبِ وَبِمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مَوْهُوبَةً فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا كَمَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهَا أَصْلًا لِتَعَذُّرِ فَصْلِ الْأَصْلِ عَنْ الزِّيَادَةِ حَتَّى يُمْكِنَ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الزِّيَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 46) أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُوجِبَةً لِتَزَايُدِ الْقِيمَةِ أَوْ كَانَ تَزَايُدُ الْقِيمَةِ لِمُجَرَّدِ تَرَقِّي الْأَسْعَارِ فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ.
سُؤَالٌ، إنَّ مَنْعَ الرُّجُوعِ فِي الْأَصْلِ وَفِي الزِّيَادَةِ مَعًا مُسْتَلْزِمٌ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْوَاهِبِ، وَالرُّجُوعَ فِيهِمَا مُسْتَلْزِمٌ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْضًا. فَمَا السَّبَبُ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ؟ .
جَوَابٌ، إنَّ حَقَّ الْوَاهِبِ عِبَارَةٌ عَنْ حَقِّ تَمَلُّكٍ فِي الْأَصْلِ فَقَطْ أَمَّا حَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ مِلْكٌ حَقِيقَةً فِي الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ مَعًا، بِنَاءً عَلَيْهِ تَكُونُ مُرَاعَاةُ الْمِلْكِ حَقِيقَةً عِنْدَ تَعَذُّرِ الْفَصْلِ أَوْلَى. وَلَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي مُقَابِلِ حَقِّ التَّمَلُّكِ وَلِذَلِكَ لَزِمَ بُطْلَانُ حَقِّ الْوَاهِبِ (الزَّيْلَعِيّ) .
مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا:
أَوَّلًا: إذَا حَصَلَ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ كَأَنْ كَانَ أَرْضًا وَأَحْدَثَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهَا كُلِّهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا شَجَرًا بِصُورَةٍ تُوجِبُ زِيَادَةَ قِيمَتِهَا أَوْ أَخْرَجَ الْمَاءَ مِنْهَا بِإِنْشَاءِ سَاقِيَّةٍ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ ثِيَابًا وَخَاطَهَا أَوْ كَانَ حَيَوَانًا ضَعِيفًا فَسَمِنَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ كَانَ كَاغِدًا وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ صَغِيرًا وَكَبِرَ، فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ كَانَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ بِأَحَدِ الْأَلْوَانِ أَيْ حَصَلَتْ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ فِي الْعَيْنِ تُوجِبُ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ حَاصِلَةً بِفِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُتَوَلِّدَةً أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ حِنْطَةً فَطُحِنَتْ وَجُعِلَتْ دَقِيقًا أَوْ كَانَ دَقِيقًا فَجُعِلَ خُبْزًا أَوْ
كَانَ لَبَنًا فَصُنِعَ جُبْنًا أَوْ سَمْنًا أَوْ كَانَ بَيْضَةً فَصَارَتْ فَرْخًا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ حِينَئِذٍ وَالتَّغْيِيرُ الْأَخِيرُ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ قَبِيلِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَوْهُوبِ بَلْ مِنْ قَبِيلِ هَلَاكِ الْمَوْهُوبِ حُكْمًا فَعَلَيْهِ لَوْ ذُكِرَتْ فِقْرَةٌ كَأَنْ كَانَ حِنْطَةً وَطُحِنَتْ فِي الْمَادَّةِ (871) لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَادَّةِ (899) مُقَابِلًا لِلْمَادَّةِ (898) إنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الزِّيَادَةِ.
قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (وَأَحْدَثَ بِنَاءً. . . إلَخْ) فَالْمَقْصُودُ هُوَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الَّتِي تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْأَرْضِ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ كَبِيرَةً وَأُحْدِثَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي قِطْعَةٍ مِنْهَا وَأَوْجَبَ ذَلِكَ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَلْزِمًا الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ غَيْرِهَا فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَةِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ (الْهِدَايَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) .
مَثَلًا: لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ كُوخًا فِي الْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ أَوْ أَشْجَارًا غَيْرَ ذَاتِ أَهَمِّيَّةٍ وَكَانَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ ازْدِيَادَ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي أَيِّ قِسْمٍ مِنْهَا.
كَذَلِكَ لَوْ بَنَى فِي مَكَان غَيْرِ مُنَاسِبٍ تَنُّورًا مِنْ طِينٍ لِخَبْزِ الْخُبْزِ وَلَمْ يُوجِبْ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ عَنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) .
وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ مُوجِبًا لِزِيَادَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَرَّةً وَاحِدَةً خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَتُقَوَّمُ أُخْرَى عَلَى أَنَّ فِيهَا الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ.
فَإِذَا كَانَ تَفَاوُتٌ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَزْيَدَ فِي حَالِ وُجُودِ الْبِنَاءِ مَثَلًا يُفْهَمُ أَنَّ الْبِنَاءَ مُوجِبٌ لِلزِّيَادَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُمَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلزِّيَادَةِ.
ثَانِيًا - لَوْ جَعَلَ الْحَمَّامَ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَارًا فَإِذَا كَانَ الْبِنَاءُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ فَلَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ أَمَّا إذَا حَصَلَتْ زِيَادَةٌ كَفَتْحِ بَابٍ وَتَطْيِينٍ فَهِيَ مَانِعَةٌ لِلرُّجُوعِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
ثَالِثًا - وَإِذَا نُقِلَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مِنْ مَكَانٍ لِآخَرَ وَأَوْجَبَ النَّقْلُ الْمَذْكُورُ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةٍ الْمَوْهُوبِ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى مَئُونَة لِلنَّقْلِ فَذَلِكَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ مُؤَدِّيًا إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْكِرَاءِ وَمُؤْنَةِ النَّقْلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمَّا كَانَتْ حَاصِلَةً فِي الْعَيْنِ فَهِيَ كَالزِّيَادَةِ فِي السِّعْرِ (الزَّيْلَعِيّ) .
رَابِعًا - لَوْ مَسَحَ الْمِرْآةَ الَّتِي اتَّهَبَهَا مِنْ الْغُبَارِ أَوْ كَسَرَ الْحَطَبَ الَّذِي اتَّهَبَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الْقُنْيَةِ، وَالْحَمَوِيُّ) .
خَامِسًا - إنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ بَلْ تُوجِبُ النُّقْصَانَ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي الْقِيمَةِ هِيَ صُورِيَّةٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ نُقْصَانٌ (الْفَتْحُ) لَوْ ظَهَرَ لِلْحَيَوَانِ الَّذِي اتَّهَبَهُ أَحَدٌ وَقَبَضَهُ سِنٌّ شَاخِصَةٌ أَيْ خَارِجَةٌ عَنْ أَسْنَانِهِ فَوْقَ الْمُعْتَادِ فَلَا تُعَدُّ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِزِيَادَةٍ حَقِيقِيَّةٍ بَلْ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تَبْعَثُ عَلَى النُّقْصَانِ. كَذَلِكَ الطُّولُ الْفَاحِشُ الْمُوجِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ لَيْسَ زِيَادَةً مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ فَصَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقُمَاشَ الْمَوْهُوبَ ثَوْبًا وَلَمْ يَخِطْهُ فَذَلِكَ لَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الطَّحْطَاوِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) .
إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ فِي عَيْنِ الْمَوْهُوبِ بَلْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ حَاصِلَةً مِنْ تَرَقِّي الْأَسْعَارِ فَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِلرُّجُوعِ.
فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ قِرْشًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَقَّتْ الْأَسْعَارُ فَصَعِدَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الْكَنْزُ، أَبُو السُّعُودِ) وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِنَقْلِ الْمَوْهُوبِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ الَّتِي بَيَّنَّا أَنَّهَا مَانِعَةٌ لِلرُّجُوعِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَصُنْعِهِ أَمَّا الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي صُورَةِ النَّقْلِ فَهِيَ مِنْ فِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَمَلِهِ.
الِاخْتِلَافُ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ.
لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَوْهُوبَ قَدْ كَانَ ضَعِيفًا فَسَمِنَ عِنْدَهُ وَقَدْ حَصَلَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67) وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي كُلِّ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ لَكِنَّ الْقَوْلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصَّبْغِ يَعْنِي فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَالصَّبْغِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَزَّازِيَّةُ الْهِنْدِيَّةُ) مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَرْضًا وَكَانَ فِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ فَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ وَهَبَهُ الْأَرْضَ صَحْرَاءَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحْدَثَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ الَّذِي فِيهَا وَادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ الَّذِي فِيهَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ هِبَتِهِ الْأَرْضَ وَتَسْلِيمِهَا وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.
وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ ثَوْبًا مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا أَوْ سَيْفًا مُحَلًّى فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا أَنَّهُ تُسْتَثْنَى الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ بِنَاؤُهَا وَإِنْشَاؤُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وُجِدَتْ فِيهَا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ تَارِيخِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ كَذِبَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي هَذَا مُتَيَقَّنٌ؛ لِأَنَّ إحْدَاثَ بِنَاءٍ كَهَذَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُحَالٌ عَادَةً (الطَّحْطَاوِيُّ) .
سَادِسًا - وَحُصُولُ الزِّيَادَةِ الْمَالِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ، فَالنُّقْصَانُ لَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ.
وَالنُّقْصَانُ، الْمَذْكُورُ، سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا بِفِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ حَاصِلًا بِسَبَبٍ آخَرَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَذَا النُّقْصَانَ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) مَثَلًا لَوْ ذَبَحَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّاةَ الْمَوْهُوبَةَ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَاسْتِرْدَادُهَا أَمَّا بَعْدَ الطَّبْخِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ بَلَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْكَعْكَ الْمَوْهُوبَ بِالْمَاءِ فَقَطْ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ كَمَا لَوْ بَلَّ الْحِنْطَةَ الْمَوْهُوبَةَ بِالْمَاءِ أَيْضًا لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ.
سَابِعًا: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ كِرْبَاسًا أَيْ قُمَاشَ الْكَتَّانِ الْخَامِ وَقَصَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ حَدَثَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَصِفَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ. أَمَّا لَوْ غَسَلَهُ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِلرُّجُوعِ.
ثَامِنًا: إذَا سَنَّ السِّكِّينَ الْمَوْهُوبَةَ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ سَيْفًا فَجَعَلَهُ سِكِّينًا أَوْ كَانَ سِكِّينًا فَجَعَلَهُ سَيْفًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ.
تَاسِعًا: لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَجَرَةً وَصَرَفَ عَلَيْهَا وَقَطَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ.
عَاشِرًا: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ خَشَبًا وَعَمِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهُ خِزَانَةً أَوْ بَابًا فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ تُرَابًا أَوْ كِلْسًا فَعَمِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهُ طِينًا لِلْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَالْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الرُّجُوعِ) .
الثَّانِيَ عَشَرَ: لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ حَيَوَانًا وَحَمَلَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَنْ الْهِبَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي السِّرَاجِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيّ يَرْجِعُ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَيَوَانًا حَامِلًا وَأَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ فَالرُّجُوعُ قَبْلَ مُرُورِ مُدَّةٍ يَزِيدُ فِيهَا الْحَمْلُ صَحِيحٌ. أَمَّا الرُّجُوعُ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الَّتِي يُعْلَمُ فِيهَا زِيَادَةُ الْحَمْلِ فَغَيْرُ جَائِزٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَلَيْسَتْ بِمَانِعَةٍ لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ مَعَ تَرْكِ الزِّيَادَةِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْكِفَايَةُ) .
وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ أَصْلِ الْمَوْهُوبِ كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ، وَالثَّمَرِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَبَدَلِ إيجَارِ الْمَوْهُوبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) .
إنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ مَعَ أَنَّهَا مَانِعَةٌ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَهِيَ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ. أَمَّا الزِّيَادَةُ بِعَكْسِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَهِيَ مَانِعَةٌ لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ وَلَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّدَّ فِي الْمُنْفَصِلَةِ إمَّا أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا أَوْ عَلَى الْأَصْلِ وَحْدَهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً بِالرَّدِّ أَوْ بِالتَّبَعِيَّةِ وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهَا وَالْفَسْخَ يُرَدُّ عَلَى مُورِدِ الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ لَا يَتْبَعُ الْأُمَّ لَا مَحَالَةَ وَإِلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَبْقَى الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَجَّانًا وَهُوَ رِبًا بِخِلَافِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ بَقِيَتْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَجَّانًا لَمْ تُفْضِ إلَى الرِّبَا وَأَمَّا فِي الْمُتَّصِلَةِ فَإِنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ إنَّمَا هُوَ مِمَّنْ حَصَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَكَانَ فِيهِ إسْقَاطُ حَقِّهِ بِرِضَاهُ فَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ مَانِعَةً عَنْهُ بِخِلَافِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ بِرِضَا ذَلِكَ وَلَا بِاخْتِيَارِهِ فَكَانَتْ مَانِعَةً (الْعِنَايَةُ) فَعَلَيْهِ لَوْ حَمَلَتْ الْفَرَسُ الَّتِي وَهَبَهَا أَحَدٌ لِآخَرَ وَهِيَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ. وَهَذَا التَّفْرِيعُ مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
أَمَّا بَعْدَ أَنْ تَلِدَ تِلْكَ الْفَرَسُ فَبِمَا أَنَّ مَانِعَ الرُّجُوعِ قَدْ زَالَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (24) وَهَلْ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ إلَى أَنْ يُسْتَغْنَى الْفَلُوُّ عَنْ الرَّضَاعَةِ؟ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا وَلَدَ الْمَوْهُوبُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ بِالْأُمِّ فِي الْحَالِ.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَةِ الْأُمِّ إلَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ الْفَلُوُّ عَنْ اللَّبَنِ وَيُمْكِنُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ بِالْفَلُوِّ انْتَهَى. وَفِي الطَّحْطَاوِيِّ مَسْأَلَةٌ أَيْضًا فِي هَذَا الْخُصُوصِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ حَقَّ، الرُّجُوعِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُطْلَقًا أَنَّهُ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ بِالْفَرَسِ قَبْلَ الِاسْتِغْنَاءِ أَيْضًا.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْقَى الْفَلُوُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ يَعْنِي يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِزَوَالِ مَانِعِ الرُّجُوعِ، وَزَوَالُ مَانِعِ الرُّجُوعِ سَوَاءٌ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ وَالْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ وَالْحُكْمِ.
أَمْثِلَةٌ عَلَى الزَّوَالِ قَبْلَ الْحُكْمِ: