الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ عِبَارَةُ " بِقِيمَةِ الْعِوَضِ، بَدَلَ عِبَارَةِ " قِيمَةُ الدَّارِ " وَعَلَيْهِ فَقَدْ تُرْجِمَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِذَا كَانَ الْعِوَضُ عَقَارًا وَالْمَالُ الْمَوْهُوبُ عَقَارًا فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْمَوْهُوبِ وَفِي الْعِوَضِ فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ دُكَّانَهُ الْفُلَانِيَّةَ وَوَقَعَ التَّقَابُضُ فِي الْعِوَضِ فَكَمَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ تَثْبُتُ فِي الدُّكَّانِ. فَيُعْطِي مَنْ يَأْخُذُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ قِيمَتَهَا كَمَا يُعْطِي مَنْ يَأْخُذُ الدُّكَّانَ قِيمَتَهَا أَيْضًا.
3 -
بَعْدَ التَّقَابُضِ: يَعْنِي أَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ مَشْرُوطٌ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ وَقَبْضِ الْعِوَضِ أَيْضًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ آخَرَ عَقَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَهَبَ لَهُ أَلْفَ قِرْشٍ فَإِنَّمَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ قَبْضِ الْوَاهِبِ أَلْفَ قِرْشٍ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ الْعَقَارَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (5 85) وَشَرْحَهَا. وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بِقَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ حَتَّى إنَّهُ يَلْزَمُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَقْتَ التَّقَابُضِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ كَانَ هَذَا التَّسْلِيمُ بَاطِلًا فَإِذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ، وَلَا بُدَّ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْهُوبُ وَعِوَضُهُ شَائِعًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ ابْتِدَاءٍ، (أَبُو السُّعُودِ. وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ أَوْ عَقَارًا آخَرَ لِآخَرَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَقَبَضَ الْعِوَضَ أَيْضًا وَتَسَلَّمَهُ كَانَ شَرِيكُهُ فِي تِلْكَ الدَّارِ أَوْ ذَلِكَ الْعَقَارِ أَوْ خَلِيطُهُ أَوْ جَارُهُ الْمُلَاصِقُ شَفِيعًا، وَلِلشَّفِيعِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا أَخْذُ الْمَوْهُوبِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ إعْطَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِثْلَ الْعِوَضِ أَوْ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْقَبْضِ.
[
(مَادَّةُ 1023) الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ]
(مَادَّةُ 1023) -، (لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي مِلْكٌ لِآخَرَ بِلَا بَدَلٍ كَتَمَلُّكِ أَحَدٍ عَقَارًا بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ أَوْ بِمِيرَاثٍ، أَوْ بِوَصِيَّةٍ) . أَوْ بِبَدَلٍ غَيْرِ مَالِيٍّ كَالْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَدْ شُرِعَتْ فِي الْمُبَادَلَةِ الْمَالِيَّةِ، وَبَيَّنَ السَّبَبَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (12.1) ، (الْكِفَايَةُ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
بِلَا عِوَضٍ: وَفَائِدَةُ هَذَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ بَيْعَ عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ آخَرَ، وَلِئَلَّا يَطْلُبَ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ الشُّفْعَةَ أَفْرَزَ نِصْفَ ذِرَاعٍ مِنْ عَرَضِ الْعَرْصَةِ عَلَى امْتِدَادِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ وَوَهَبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ الْبَاقِي، فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ الْمُتَّصِلَ بِالْمَشْفُوعِ بِهِ مَوْهُوبٌ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْهِبَةِ، أَمَّا الْقِسْمُ الْمُبَاعُ فَلَيْسَ مُلَاصِقًا، وَسَيُبَيَّنُ شَرْحًا فِي خِتَامِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إحْدَى حِيَلِ إسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ.
2 -
بِلَا شَرْطٍ، وَفَائِدَةُ هَذَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ عَرْصَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ بِلَا شَرْطِ الْعِوَضِ لِزَيْدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَأَعْطَى زَيْدٌ وَاهِبَهُ دَارًا مَمْلُوكَةً لَهُ عَلَى أَنَّهَا عِوَضٌ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا أَيْضًا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِشَفِيعِ الْعَرْصَةِ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِشَفِيعِ الدَّارِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ فِيهَا.
(مَادَّةُ 1024) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّفِيعِ رِضًى فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الْوَاقِعِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً مَثَلًا إذَا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ هُوَ مُنَاسِبٌ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَسْتَأْجِرَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ سَمَاعِهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ شُفْعَتِهِ فِي الْعَقَارِ الَّذِي بَاعَهُ رَاجِعْ مَادَّةَ، 100) . يُشْتَرَطُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّفِيعِ رِضًا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الْوَاقِعِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً وَأَنْ لَا يَكُونَ الشَّفِيعُ قَدْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ أَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ:
أَوَّلًا: بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَجِنْسِهِ.
ثَانِيًا: بِمُشْتَرِي الْمَشْفُوعِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ رِضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ الْإِبْرَاءُ أَوْ تَسْلِيمٌ، تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ.
يَعْنِي تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ:
أَوَّلًا: الْإِبْرَاءُ مِنْ الشُّفْعَةِ.
ثَانِيًا: تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ كُلًّا.
ثَالِثًا، تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْضًا. لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ هَذَا الْإِبْرَاءِ وَالتَّسْلِيمِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ وَقَدْ بُيِّنَتْ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
قَدْرُ الثَّمَنِ: يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِالشُّفْعَةِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِ الثَّمَنِ، فَعَلَيْهِ لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لِبَعْضِ الْوُجُوهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فِيهِ الشَّفِيعُ، (أَبُو السُّعُودِ) .
يَعْنِي لَا يَكُونُ الشَّفِيعُ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا:
أَوَّلًا - لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ وُقُوعَ الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ فَهِمَ أَنَّهُ وَقَعَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ التَّسْلِيمُ بَاطِلًا.
ثَانِيًا - لَوْ حَطَّ وَأَنْزَلَ الْبَائِعُ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ تَثْبُتُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .
ثَالِثًا - لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِخْبَارِهِ أَنَّ الْمَشْفُوعَ بَيْعٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ تَحَقَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَيْعٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمَّا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى اسْتِنْكَارِ الثَّمَنِ فَإِذَا زَادَ الثَّمَنُ كَانَ أَحْرَى أَنْ يَرْضَى بِالتَّسْلِيمِ، (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
رَابِعًا - لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ أَنْ اُسْتُخْبِرَ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ فَهِمَ أَنَّهُ قَدْ بِيعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْعُرُوضِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، (الْهِدَايَةُ) .
لِأَنَّ الشَّفِيعَ فِي الْبَيْعِ بِالْعُرُوضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا يَأْخُذُ الْمَشْفُوعَ بِقِيمَةِ تِلْكَ الْعُرُوضِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِيعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ ذَهَبًا فَبِمَا أَنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ صَحِيحٌ كَانَ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ صَحِيحًا أَيْضًا، (أَبُو السُّعُودِ) .
خَامِسًا، لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِاسْتِخْبَارِ كَوْنِهِ بِيعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ فُهِمَ أَنَّهُ بِيعَ بِذَهَبٍ بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً فَلَا شُفْعَةَ اسْتِحْسَانًا. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الثَّمَنِيَّةَ، وَلِهَذَا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَزُفَرَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
أَمَّا إذَا فَهِمَ أَنَّهُ بِيعَ بِذَهَبٍ بِقِيمَةٍ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً فَالشُّفْعَةُ بَاقِيَةٌ، (أَبُو السُّعُودِ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ، وَالْكَنْزُ) سَادِسًا، لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِاسْتِخْبَارِ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِيعَ فِي مُقَابِلِ بَقَرَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِيعَ مُقَابِلَ فَرَسٍ أَوْ عَرَضٍ آخَرَ يُنْظَرُ، فَإِذَا فَهِمَ أَنْ قِيمَةَ ذَلِكَ الْفَرَسِ أَوْ الْعَرَضِ مُسَاوِيَةٌ لَقِيمَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ أَقَلَّ بَطَلَ تَسْلِيمُ شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّهَا الْقِيمَةُ الْوَاجِبَةُ مِنْ الشَّفِيعِ، (أَبُو السُّعُودِ) .
2 -
جِنْسُهُ: يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِي الشُّفْعَةِ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ الثَّمَنِ. فَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لِاسْتِمَاعِهِ وُقُوعَ الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ بِيعَ بِشَعِيرٍ أَوْ قَمْحٍ بِأَقَلَّ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ بَطَلَ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَبَقِيَتْ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ لِلثَّمَنِ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا فِي جِنْسٍ آخَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْهُلُ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَدَاءُ مِنْ جِنْسٍ مَعَ تَعَذُّرِهِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، فَالْحُكْمُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَكُلِّ مَوْزُونٍ وَكُلِّ عَدَدِيٍّ مُتَقَارِبٌ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى إخْبَارِهِ أَنَّ الثَّمَنَ عَرَضٌ ثُمَّ فَهِمَ أَنَّ الثَّمَنَ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ فَتَبْقَى شُفْعَتُهُ، (أَبُو السُّعُودِ) .
3 -
مُشْتَرِي الْمَشْفُوعِ: يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِي الشُّفْعَةِ بِاخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ فَهِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَخْصٌ آخَرُ بَطَلَ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَبَقِيَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي أَخْلَاقِهِمْ فَبَعْضُهُمْ يَرْغَبُ فِي مُعَاشَرَتِهِمْ، وَبَعْضُهُمْ يَجْتَنِبُونَ لِشَرِّهِمْ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ فِي حَقِّ أُنَاسٍ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا فِي حَقِّ آخَرِينَ، (أَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ وَثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَخْصٌ آخَرُ مَعَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ تَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ فِي حَقِّ هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ، (أَبُو السُّعُودِ) .
فَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا وَقَالَ لِلشَّفِيعِ اشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أَوْ سَكَتَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَلَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَوْ قَالَ سَلَّمْتُهَا إنْ كُنْتُ اشْتَرَيْتُ لِأَجْلِ نَفْسِي فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ فَلَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَالْإِسْقَاطُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .
4 -
مِقْدَارُ الْمَبِيعِ: لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِخْبَارِ أَنَّ مَا بِيعَ هُوَ نِصْفُ الْعَقَارِ فَقَطْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِمَ أَنَّهُ قَدْ بِيعَ كُلُّ الْعَقَارِ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ فِي الْبَاقِي فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَخْذُ الْكُلِّ مِنْ حَقِّ الشَّفِيعِ، وَهُوَ إنَّمَا سَلَّمَ بِالنِّصْفِ، وَالْكُلُّ غَيْرُ النِّصْفِ، فَإِسْقَاطُ النِّصْفِ لَيْسَ إسْقَاطًا لِلْكُلِّ. وَكَذَلِكَ تَسْلِيمُ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ نَاشِئٌ عَنْ خَوْفِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَمَّا بَيْعُ الْكُلِّ فَلَيْسَ فِيهِ شَرِكَةٌ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَسْتَقِيمُ فِي الْجَارِ دُونَ الشَّرِيكِ، وَالْأَوَّلُ يَسْتَقِيمُ فِيهِمَا، (أَبُو السُّعُودِ) .
أَمَّا الْحُكْمُ فِي عَكْسِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ يَعْنِي لَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ بَيْعَ الْعَقَارِ بِتَمَامِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِمَ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ نِصْفُهُ فَلَا تَكُونُ لَهُ شُفْعَةٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْكُلِّ تَسْلِيمٌ فِي أَبْعَاضِهِ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ النَّاسِ فِي الْكُلِّ عَادَةً أَكْثَرُ مِنْ رَغْبَتِهِمْ فِي الْأَشْقَاصِ لِخُلُوِّ الْجَمَلِ عَنْ التَّشْقِيصِ فَإِذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْغَبَ فِي التَّشْقِيصِ، (أَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ الْكُلِّ بِأَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِالْأَلْفِ، أَمَّا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ، (الْجَوْهَرَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ زَادَ الْبَائِعُ مَالًا عَلَى الْمَبِيعِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ مَنْقُولًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمَزِيدُ مَنْقُولًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَقَارِ فَقَطْ مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ)
التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ لِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ: مُبْطِلَاتُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ اخْتِيَارِيٌّ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي ضَرُورِيٌّ الِاخْتِيَارَاتُ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الصَّرِيحُ وَمَا تَجْرِي مَجْرَاهُ. كَأَبْطَلْت شُفْعَتِي أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ الشُّفْعَةِ أَوْ سَلَّمْتُكَ الشُّفْعَةَ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ سَلِّمْ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ سَلِّمْهَا لَكَ أَوْ وَهَبْتُهَا وَأَعْرَضْتُ عَنْهَا كَانَ تَسْلِيمًا فِي الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا خَاطَبَهُ لِزَيْدٍ فَقَالَ سَلَّمْتُهَا لَكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ سَلَّمْتُهَا لَهُ مِنْ أَجْلِكَ، فَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَمَّا خَاطَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَدْ سَلَّمْتُ لَكَ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ وَهَبْتُ لَكَ شُفْعَتَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، (الْجَوْهَرَةُ) .
كَذَا لَوْ سَمِعَ الشَّفِيعُ عَقْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ هُوَ مُنَاسِبٌ، يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ الشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1 5) . وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْمِثَالِ " إذَا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ " لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ وَالْجَهْلَ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْإِسْقَاطِ الصَّرِيحِ، بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ ثَمَّةَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، (الْهِنْدِيَّةُ
فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .
مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَبْرِئْنَا مِنْ إقَامَةِ الدَّعَاوَى، وَأَبْرَأَهُمَا، أَيْ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ، مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِوُقُوعِ الْبَيْعِ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَضَاءً وَدِيَانَةً عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْعَاشِرِ، الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَعَلَيْهِ فَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ إسْقَاطًا وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ فَتَسْقُطُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ بِالتَّسْلِيمِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ وَاقِفًا عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ وَاقِفٍ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا، (الْهِدَايَةُ) .
النَّوْعُ الثَّانِي: الدَّلَالَةُ: وَهِيَ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ مِنْ طَرَفِ الشَّفِيعِ أَوْ عَلَى الرِّضَا بِحُكْمِ الْعَقْدِ لِلْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ كَتَرْكِ الطَّلَبِ فَوْرًا، وَالْمُسَاوَمَةِ، وَالِاسْتِئْجَارِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْأَخْذِ مُزَارَعَةً، وَالْأَخْذِ مُعَامَلَةً، وَالِاسْتِيدَاعِ، وَالِاسْتِيصَاءِ، وَطَلَبِ الشَّفِيعِ أَنْ يُعْطِيَ لَهُ الْمَشْفُوعُ صَدَقَةً، وَقَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ بِعْتُ تَوْلِيَةً، (هُوَ الْبَيْعُ بِثَمَنِ مِثْلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ بَعْدَ بَيَانِهِ ذَلِكَ) وَقَالَ الشَّفِيعُ هُوَ مُنَاسِبٌ، وَقَوْلِ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي تَوْلِيَةً، وَقَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ إنَّنِي قَدْ صَرَفْتُ كَذَا عَلَى الْبِنَاءِ فَإِذَا كُنْتَ تُعْطِينِي الْمَصَارِيفَ أَبِيعَكَ مَا أَخَذْتُهُ، فَقَالَ لَهُ الشَّفِيعُ مُنَاسِبٌ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَسْلِيمٌ دَلَالَةً، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .
وَكَذَا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ سَمِعَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ اشْتِرَاءَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ اسْتِئْجَارَهُ مِنْهُ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ وَلَا يَعُودُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِامْتِنَاعِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْبَيْعِ أَوْ الْإِيجَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ، (الزَّيْلَعِيّ، وَالدُّرَرُ، وَفَتْحُ الْمُعِينِ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي: الضَّرُورِيُّ، وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ وَفَاةِ الشَّفِيعِ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .
التَّقْسِيمُ الثَّانِي لِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ: وَيَكُونُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ إمَّا كُلًّا أَوْ بَعْضًا، كَقَوْلِكَ سَلَّمْتُكَ نِصْفَ شُفْعَتِي أَوْ ثُلُثَهَا وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَحْصُلُ تَسْلِيمُ الْكُلِّ بِتَسْلِيمِ الْبَعْضِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (63) ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ لِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ: وَيَكُونُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ مِنْ طَرَفِ الشَّفِيعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. أَوْ يَكُونُ مِنْ طَرَفِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. فَلَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ شُفْعَةُ الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَلِكَ لَوْ سَكَتَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ عَنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِالْإِجْمَاعِ. أَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ، فَإِذَا سَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ كَانَ صَحِيحًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَإِذَا سَلَّمَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ فَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ صَحِيحٌ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِمَا أَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ وَقَدْ اُخْتِيرَ فِي الْمَادَّةِ، (1517) قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ تُبْنَى عَلَى قَوْلِ هَذَا الْإِمَامِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَكَمَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، فَإِقْرَارُهُ بِتَسْلِيمِ مُوَكِّلِهِ إذَا كَانَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ صَحِيحٌ، أَمَّا فِي حُضُورِ غَيْرِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1517) لَكِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْخُصُومَةِ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَقَوْلُهُ فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ، (إذَا أَرَادَ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ، فَإِذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ بِالْفِعْلِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا تَبْقَى لَهُ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّ مُحَاوَلَةَ الشَّفِيعِ الشِّرَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي إعْرَاضٌ عَنْ الشُّفْعَةِ، وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (29 0 1) .
وَتَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ بُطْلَانِ الشُّفْعَةِ إذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي: يَثْبُتُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِغَيْرِ شَفِيعِ مُشْتَرِي الْمُشْتَرِي مِنْ الشُّفَعَاءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَؤُلَاءِ الشُّفَعَاءِ مُسَاوِينَ لِشَفِيعِ الْمُشْتَرِي دَرَجَةً أَمْ كَانُوا دُونَهُ. وَعَلَيْهِ فَلِهَؤُلَاءِ الشُّفَعَاءِ أَخْذُ الْمَشْفُوعِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالْعَقْدِ الثَّانِي.
أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الشَّفِيعُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَلَا شُفْعَةَ لِمَنْ فِي دَاخِلِهِ مِنْ الشُّفَعَاءِ، (الزَّيْلَعِيّ، وَالدُّرَرُ، وَأَبُو السُّعُودِ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الشَّرْحِ وَمَسْأَلَةِ " تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا " الْمُبَيَّنَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1028) .
جَاءَ " بَعْدَ أَنْ سَمِعَ بِانْعِقَادِ الْبَيْعِ "؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ اسْتَلَمَ أَوْ طَلَبَ الِاسْتِئْجَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالشِّرَاءِ فَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ، (الْهِدَايَةُ) .
2 -
مِثَالُ: لَا شُفْعَةَ لِمَنْ يَعْقِدُ الْبَيْعَ أَوْ لِمَنْ يُبَاعُ لِأَجْلِهِ أَوْ لِمَنْ يَكُونُ مُتِمًّا لِلْعَقْدِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (100) هَذِهِ ضَابِطَةٌ يَتَفَرَّعُ مِنْهَا الْمَسَائِلُ الْآتِيَةِ، (أَبُو السُّعُودِ) .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، لَا شُفْعَةَ لِأَحَدٍ فِي الْمَالِ الَّذِي يَبِيعُهُ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ نِصْفَ حِصَّتِهِ فِي الْعَقَارِ الَّذِي يَمْلِكُهُ مَعَ آخَرَ مُنَاصَفَةً وَمُشَاعًا وَاِتَّخَذَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى الشُّفْعَةَ، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُشَارِكَ الشَّفِيعَ بِحُجَّةِ أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمَبِيعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ نِصْفِ عَقَارِهِ مِنْ أَحَدٍ، وَلَدِي بَيْعَهُ وَإِرَادَةَ الْجَارِ الشَّفِيعَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، أَيْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، أَنْ يَقُولَ بِمَا إنَّنِي شَرِيكٌ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ فَإِنِّي شَفِيعٌ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا لِلْبَائِعِ وَكَانَ شَفِيعًا فِي الْعَقَارِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ أَيْضًا، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَقَارًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا شَفِيعًا فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبُولِ الشَّفِيعِ لِنَفْسِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا كَانَ لِعَقَارٍ ثَلَاثَةُ شُفَعَاءَ فَاشْتَرَاهُ اثْنَانِ مِنْهُمْ فَقَطْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سُدُسُهُ لِأَحَدِهِمَا وَالْخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ لِلثَّانِي، فَبِمَا أَنَّهُمَا قَدْ اشْتَرَيَا هَذَا الْعَقَارِ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا أَيْضًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَقُّ شُفْعَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَتَى اشْتَرَيَا بِالْعَقَارِ صَفْقَةً وَاحِدَةً صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُتَمِّمًا عَقْدَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِقَبُولِ الْآخَرِ، فَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ كَانَ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ بِهِ، (أَبُو السُّعُودِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالدَّرْكِ فِي الْبَيْعِ، فَلَا تَكُونُ لَهُ شُفْعَةٌ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (638) ؛ لِأَنَّهُ بِضَمَانِهِ لَهُ الدَّرْكَ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الدَّارُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَرْكِهِ الشُّفْعَةَ، وَفِي أَخْذِهِ بِهَا إبْطَالُ ذَلِكَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ عَقَدَ الْبَيْعَ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ، (187) وَكَانَ الشَّفِيعُ حَاضِرًا وَكَفَلَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ، وَنَفَّذَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الْبَيْعَ وَأَسْقَطَ الْخِيَارَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَدَى تَنْفِيذِ الْبَيْعِ، (قَدْ أَمْضَيْتُ الْبَيْعَ لِكَوْنِي أَخَذْتُ الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ) فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِشُفْعَتِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشُّفْعَةِ) .
جَاءَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْأَخِيرَةِ " إذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْبَيْعِ " لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. فَلَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي لِاشْتِرَاءِ عَقَارِ شَفِيعِهِ، وَالشَّفِيعُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ بِالْوَكَالَةِ أَيْضًا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْصُلُ لِلْمُوَكِّلِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَالشُّفْعَةُ تَهَبُ بَعْدَهُ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِتَسْلِيمٍ أَوْ سُكُوتٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ تَتْمِيمٌ لِلْعَقْدِ فَلِهَذَا صَحَّتْ لَهُ، فَإِذَا قُلْتَ كَيْفَ يَقْضِي بِهَا؟ قُلْتُ: إنْ كَانَ الْأَمْرُ حَاضِرًا قَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْآمِرِ، وَيُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الشَّفِيعُ، بِقَبْضِهَا لِنَفْسِهِ، وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ غَائِبًا قَبَضَهَا أَوَّلًا لِلْآمِرِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ عَقَارًا فَصَارَ رَبُّ الْمَالِ لِذَلِكَ الْعَقَارِ شَفِيعًا، بِسَبَبِ عَقَارٍ آخَرَ، كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الْأَصِيلِ أَمْ مِنْ الْوَكِيلِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)
7 -
بَعْدَ الْبَيْعِ: أَمَّا التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الْبَيْعِ وَبِمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ مَعْدُومَةٌ، فَالتَّسْلِيمُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ نَظِيرُ هَذَا، فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يَسْقُطُ أَمَّا بَعْدَ الْبَيْعِ فَالتَّسْلِيمُ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْمَسْقَطُ إلَيْهِ هَذَا الْحَقَّ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطُ حَقٍّ وَلِهَذَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَاسِقَاطُ الْحَقِّ يَعْتَمِدُ عَلَى وُجُوبِ الْحَقِّ دُونَ عِلْمِ الْمُسْقَطِ إلَيْهِ، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَبَضَ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، ثُمَّ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ، حَتَّى إذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) .
8 -
الْإِبْرَاءُ: لَوْ أَبْرَأَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ سَقَطَ حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَهَذَا الْإِبْرَاءُ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ عَلَى قَبُولِ الْمُشْتَرِي كَمَا لَا يُرَدُّ بِرَدِّهِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَالْإِبْرَاءُ كَمَا يَكُونُ حَقِيقَةً يَكُونُ مَجَازًا، وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الشُّفْعَةِ مَجَازًا هُوَ بَيْعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ إجْرَاءُ صُلْحٍ عَلَى مَالٍ مَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ فَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حَقَّ شُفْعَتِهِ لِلْمُشْتَرِي بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَخَذَهُ