الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ]
سَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَعْضَ الْمَسَائِلِ فِي جِنَايَةِ الْحَيَوَانَاتِ.
وَلَمَّا كَانَتْ الْمَجَلَّةُ لَمْ تَذْكُرْ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةً بِجِنَايَةِ الْحَيَوَانَاتِ فَسَنَأْتِي عَلَى ذَلِكَ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ إتْمَامًا لِلْفَائِدَةِ.
إنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْفَصْلِ مُؤَسَّسَةٌ عَلَى الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَ الْمُتَسَبِّبُ مُتَعَدِّيًا كَانَ ضَامِنًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (924) .
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (912) .
الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: لِكُلٍّ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (926) .
وَقَدْ أُشِيرَ فِي شَرْحِ الْمَوَادِّ الْأَتِيَّةِ إلَى كَيْفِيَّةِ تَفَرُّعِ الْمَسَائِلِ مِنْ الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثِ هَذِهِ وَقِيَامِهَا عَلَيْهَا.
(مَادَّةُ 929) :
الضَّرَرُ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْحَيَوَانُ بِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُ (رَاجِعْ مَادَّةَ 94) وَلَكِنْ لَوْ اسْتَهْلَكَ حَيَوَانٌ مَالَ أَحَدٍ وَرَآهُ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يَضْمَنُ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ ذِي الضَّرَرِ الْمُتَعَيِّنِ كَالثَّوْرِ النَّطُوحِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا أَتْلَفَهُ إذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ بِقَوْلِهِ امْسِكْ حَيَوَانَك وَلَمْ يُمْسِكْهُ.
أَنَّ الضَّرَرَ وَالْجِنَايَةَ اللَّذَيْنِ يُوقِعُهُمَا الْحَيَوَانُ (أَيْ: كُلُّ حَيَوَانٍ مَا عَدَا الْإِنْسَانِ) هَدَرٌ مَا لَمْ يُنْسَبَا إلَى صَاحِبِهِ.
فَعَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ مَا أَوْقَعَهُ حَيَوَانٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ فِي اللَّيْلِ أَوْ فِي النَّهَارِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 94) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» أَيْ: هَدَرٌ وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ.
وَقَدْ وَرَدَ عَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» .
مَعْنَاهُ إتْلَافُ الْبَهِيمَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ بِجُرْحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ جُبَارٌ أَيْ: هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مُسْتَدِلًّا بِهَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ بِالْإِضْمَانِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ سَوَاءٌ وُجِدَ جَرْحٌ أَمْ لَمْ يُوجَدْ وَسَوَاءٌ أَحْدَثَ ذَلِكَ لَيْلًا أَمْ نَهَارًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ الْبَهِيمَةِ صَاحِبُهَا أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ الْمَذْكُورَ عَامٌّ وَالْوَاجِبُ الْعَمَلُ بِالْعَامِّ عَلَى عُمُومِهِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ إذَا وُجِدَ مَعَ الْحَيَوَانِ صَاحِبُهُ أَوْ مُسْتَأْجِرُهُ أَوْ مُسْتَعِيرُهُ أَوْ مُسْتَوْدِعُهُ أَوْ غَاصِبُهُ وَمَنْ إلَيْهِمْ (الْعَيْنِيُّ شَارِحُ الْبُخَارِيُّ) .
مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا: أَوَّلًا: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ إلَى دَارِ آخَرَ بِإِذْنِهِ فَعَضَّ كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ مُؤْذِيَةٌ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَوْ تَلِفَتْ مَالُهُ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ (الْخَانِيَّةُ) .
ثَانِيًا: لَوْ وَطِئَ بَعِيرٌ لِأَحَدٍ وَهُوَ فِي الْمَرْعَى وَأَهْلَكَهُ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ صُنْعٌ بَعِيرًا لِآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْبَعِيرِ الْأَوَّلِ ضَمَانٌ.
ثَالِثًا: لَوْ اسْتَهْلَكَ حَيَوَانٌ لِأَحَدٍ بِدُونِ صُنْعِ صَاحِبِهِ زَرْعًا لِآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ ضَمَانٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) رَابِعًا: لَوْ نَخَسَ أَحَدٌ كَفَلَ دَابَّةٍ أَثْنَاءَ الْمُسَاوَمَةِ فَرَفَسَتْهُ الدَّابَّةُ وَحَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ بِذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الضَّرَرَ (الْبَهْجَةُ) .
خَامِسًا: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ مَكَانًا فَعَضَّتْهُ كِلَابٌ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَأَضَرَّتْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ أَهْلَهُ ضَمَانٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَرَّشَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
سَادِسًا: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ خَلَايَا نَحْلِهِ فِي أَطْرَافِ بُسْتَانٍ لِآخَرَ فَاقْتَرَبَ فَرَسُ صَاحِبِ الْبُسْتَانِ مِنْ الْخَلَايَا فَخَرَجَ النَّحْلُ مِنْهَا وَأَهْلَكَهُ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ النَّحْلِ ضَمَانٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
سَابِعًا: لَوْ أَفْلَتَ فَرَسُ أَحَدِ الْمُسَافِرِينَ النَّازِلِينَ فِي مَنْزِلٍ وَكَسَرَ رِجْلَ فَرَسٍ لِمُسَافِرٍ آخَرَ نَازِلٍ فِي هَذَا النُّزُلِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
ثَامِنًا: لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ هِرَّةً عَلَى دَجَاجَةٍ لِآخَرَ فَلَمْ تَخْتَطِفْهَا الْهِرَّةُ حِينَ الْإِلْقَاءِ بَلْ خَطَفَتْهَا بِنَفْسِهَا بَعْدَ تَوَقُّفِ بُرْهَةٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
تَاسِعًا: لَوْ أَفْلَتَ الْحَيَوَانُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (931) وَدَخَلَ مِلْكَ الْآخَرِ بِنَفْسِهِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
عَاشِرًا: إذَا رَبَطَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي مِلْكِهِ عَلَى مَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (938) فَجَاءَ آخَرُ وَرَبَطَ حَيَوَانَهُ هُنَاكَ بِلَا إذْنِهِ رَفَسَ حَيَوَانُ صَاحِبِ الْمِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: إذَا رَبَطَ اثْنَانِ حَيَوَانَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَهُمَا حَقُّ الرَّبْطِ فِيهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (939) فَأَتْلَفَ أَحَدٌ الْحَيَوَانَيْنِ الْآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَيَوَانِ الْمُتْلِفِ ضَمَانٌ.
الثَّانِيَ عَشَرَ: لَوْ رَبَطَ اثْنَانِ حَيَوَانَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ الرَّبْطِ فِيهِ وَأَتْلَفَ حَيَوَانُ الرَّابِطِ أَوَّلًا، حَيَوَانَ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مُمْسِكًا رَسَنَ فَرَسِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَجَاءَ أَحَدٌ مِنْ خَلْفِ الْفَرَسِ وَنَخَسَهُ فَرَفَسَهُ وَأَتْلَفَهُ بِدُونِ صُنْعِ صَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْفَرَسِ دِيَةٌ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
الرَّابِعَ عَشَرَ: لَوْ أَفْلَتَ فَرَسٌ لِأَحَدٍ بِدُونِ صُنْعِهِ وَفَرَّ فَلَحِقَ شَخْصٌ ذَلِكَ الْفَرَسَ وَأَرَادَ إمْسَاكَهُ فَرَفَسَ الْفَرَسُ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَأَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبَ الْفَرَسِ دِيَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
الْخَامِسَ عَشَرَ: لَوْ رَفَسَ الْحَيَوَانُ الْبَيْطَارَ وَهُوَ يُنْعِلُهُ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ دِيَةَ الْبَيْطَارِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
السَّادِسَ عَشَرَ: لَوْ رَفَسَ أَوْ صَدَمَ حَيَوَانٌ أَحَدَ سَائِسِهِ وَأَتْلَفَهُ فَلَا تَلْزَمُ صَاحِبَ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ دِيَةٌ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
السَّابِعَ عَشَرَ: لَوْ أَتْلَفَ حَيَوَانُ أَحَدٍ وَهُوَ يَرْعَى فِي الْمَرْعَى أَحَدًا اقْتَرَبَ مِنْهُ بِرَفْسِهِ أَوْ صَدْمِهِ إيَّاهُ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ دِيَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
الثَّامِنَ عَشَرَ: لَوْ جَمَحَ الْحَيَوَانُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ كَبْحَهُ بِاللِّجَامِ فَأَتْلَفَ شَخْصًا فَلَا يَلْزَمُ رَاكِبَهُ دِيَةٌ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَاقَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ إلَى زَرْعِ آخَرَ وَأَدْخَلَهُ فِيهِ فَأَفْسَدَ الزَّرْعَ ضَمِنَ لَكِنْ لَوْ سَيَّبَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ وَدَخَلَ الْحَيَوَانُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسُوقَهُ أَوْ يَتْبَعَهُ وَمِنْ دُونِ أَنْ يَعْطِفَ الْحَيَوَانُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا زَرْعَ آخَرَ وَأَفْسَدَهُ لَزِمَ الضَّمَانُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ طَرِيقٌ آخَرُ (الْخَانِيَّةُ) .
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (935) كَذَلِكَ لَوْ سَاقَ أَحَدٌ غَنَمَهُ وَأَدْخَلَهَا فِي كُرُومٍ لِآخَرَ وَأَطْعَمَهَا عِنَبَهَا فَكَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ فَلَوْ اقْتَرَبَ بِهَا إلَى حَيْثُ يُمْكِنُهَا أَكْلُهَا إنْ شَاءَتْ وَأَكَلَتْهُ الْغَنَمُ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ تَارَةً مَعَ الزَّرْعِ النَّابِتِ وَأُخْرَى بِدُونِهِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ حِصَّةُ الزَّرْعِ الْمُتْلَفِ وَيَضْمَنُهُ الرَّاعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) لَكِنْ يُسْتَثْنَى بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِلَيْكَهَا: أَوَّلًا: إذَا رَأَى صَاحِبُ الْحَيَوَانِ حَيَوَانَهُ بَيْنَمَا كَانَ يَسْتَهْلِكُ مَالًا لِآخَرَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْحَيَوَانِ يُنْسَبُ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا أَنَّ نَفْعَهُ يَعُودُ إلَيْهِ، وَعَدَمُ مَنْعِهِ الْحَيَوَانَ مِنْ ذَلِكَ، مَعَ إمْكَانِ الْمَنْعِ مِمَّا يُقَوِّي عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الْحَيَوَانُ قِسْمًا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ صَاحِبُهُ وَاسْتَهْلَكَ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ مِنْهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ هَذَا الْبَاقِي فَقَطْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (الشَّارِحُ) قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ لُزُومُ الضَّمَانِ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) أَمَّا إذَا كَانَ قَدْ رَأَى الْحَيَوَانَ غَيْرُ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَلَا يَلْزَمُ الرَّائِي ضَمَانٌ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ مَنْفَعَةَ أَكْلِ الْحَيَوَانِ لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً إلَى صَاحِبِهِ يُنْسَبُ الْفِعْلُ إلَيْهِ أَمَّا مَنْفَعَتُهُ مَا يَأْكُلُهُ حَيَوَانُ أَحَدٍ مَا فَبِمَا أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يُنْسَبُ فِعْلُهُ إلَى الْغَيْرِ (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) ثَانِيًا: وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ الَّذِي ضَرَرُهُ مُتَعَيِّنٌ كَالثَّوْرِ النَّطُوحِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ حَيِّهِ أَوْ قَرْيَتِهِ بِقَوْلِهِ حَافِظْ عَلَى حَيَوَانِك وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِ.
أَمَّا ضَرَرُهُ قَبْلَ التَّقَدُّمِ فَلَا يَضْمَنُهُ (الْبَهْجَةُ) وَالضَّرَرُ الْمَقْصُودُ هُوَ الضَّرَرُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى بَنِي آدَمَ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا.
أَمَّا التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَالْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ مَالٌ فَلَا يُفِيدُ: فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الضَّرَرِ الَّذِي يُوقِعُهُ الْحَيَوَانُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) وَالْحَاصِلُ، أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ مَلْحُوظًا فِيهِ فَالتَّقَدُّمُ لِأَجْلِهِ مُفِيدٌ وَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إنْسَانٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّهُ تَلْزَمُ تَأْدِيَةُ الدِّيَةِ يَلْزَمُ تَبَعًا لِهَذَا ضَمَانُ الْأَمْوَالِ أَيْضًا.
أَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي يُلْحَظُ فِيهِ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ فَالتَّقَدُّمُ لِأَجْلِهِ غَيْرُ مُفِيدٍ وَلَا مُوجِبَ لِلضَّمَانِ (التَّنْقِيحُ) مَثَلًا: لَوْ كَانَ كَلْبٌ لِأَحَدٍ اعْتَادَ أَكْلَ الْعِنَبِ فَقَالَ لَهُ الْجِيرَانُ: أَمْسِكْهُ لِئَلَّا يَأْكُلَ عِنَبنَا وَلَمْ يُمْسِكْهُ وَأَكَلَ الْعِنَبَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)