الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى الْمَحْجُورِ كَمَا فِي الْحَجْرِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَإِمَّا أَنْ يَعُودَا إلَى غَيْرِ الْمَحْجُورِ كَمَا فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَدِينِ، وَالْمُفْتِي الْمَاجِنِ وَالْمُكَارِي وَالْمُفْلِسِ، وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ، وَالْمَرِيضِ عِنْدَ تَصَرُّفِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِإِيضَاحٍ)
سُؤَالٌ (1) : بِمَا أَنَّ الْحَجْرَ يَنْحَصِرُ فِي قَوْلِهِ (شَخْصٌ مَخْصُوصٌ) فِي الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ وَرَدَ ذِكْرُهُمْ فِي الْمَوَادِّ (957 و 958 و 959) وَبَقِيَ الْحَجْرُ عَلَى الطَّبِيبِ الْجَاهِلِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (964) خَارِجًا عَنْ هَذَا التَّعْرِيفِ فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِإِفْرَادِهِ؟ جَوَابُهُ: إنَّ الْحَجْرَ الْوَارِدَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (964) لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْعٌ حِسِّيٌّ يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الطَّبِيبُ الْمَحْجُورُ مِنْ مُزَاوَلَةِ صَنْعَتِهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ بُطْلَانُ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةِ.
لِذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي الدُّرُّ الْمُنْتَقَى (ثُمَّ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَنْعٌ لَا حَجْرٌ)
سُؤَالٌ (2) - وَيُوجَدُ الْحَجْرُ بِمَعْنَى مَنْعِ ثُبُوتِ حُكْمِ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ أَيْضًا كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ فَعَلَيْهِ لَوْ زَنَى الصَّبِيُّ أَوْ قَتَلَ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَلِهَذَا؛ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ فِي تَقْيِيدِ التَّصَرُّفِ بِالْقَوْلِيِّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، وَلَا يَجُوزُ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ قَبُولُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَجْرَ الَّذِي بِمَعْنَى مَنْعِ ثُبُوتِ حُكْمِ التَّصَرُّفِ يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ.
لِذَلِكَ يُوجَدُ الْحَجْرُ الَّذِي بِهَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ تَحْصُلُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِلَفْظِ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ الْجَوَابُ: - إنَّ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَرْقًا، فَالْأَفْعَالُ الَّتِي لَا يَجُوزُ مَنْعُ ثُبُوتِ حُكْمِهَا كَثِيرَةٌ، وَالْأَفْعَالُ الَّتِي يَجُوزُ مَنْعُهُ قَلِيلَةٌ، كَمَا أَنَّ الْأَقْوَالَ الَّتِي يَجُوزُ مَنْعُ ثُبُوتِ حُكْمِهَا كَثِيرَةٌ وَاَلَّتِي لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ قَلِيلَةٌ، فَالْقَلِيلُ وَالنَّادِرُ لَا اعْتِبَارَ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْمَأْذُونِ مَعَ إيضَاحٍ)
[
(مَادَّةُ 942) الْإِذْنُ هُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطُ حَقِّ الْمَنْعِ]
(مَادَّةُ 942) الْإِذْنُ هُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطُ حَقِّ الْمَنْعِ وَيُقَالُ لِلشَّخْصِ الَّذِي أَذِنَ مَأْذُونٌ. الْإِذْنُ لُغَةً الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ ضِدُّ الْحَجْرِ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ وَيُقَالُ لِلْإِطْلَاقِ أَيْضًا فَكُّ الْحَجْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الْعَيْنِيُّ) وَشَرْعًا. هُوَ فَكُّ الْحَجْرِ الثَّابِتِ شَرْعًا فِي بَابِ التِّجَارَاتِ أَيْ: التَّصَرُّفُ فِي أَنْوَاعِهَا، فِي حَقِّ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ وَإِسْقَاطُ حَقِّ الْمَنْعِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَةِ لِلْمَأْذُونِ، وَيُقَالُ لِلشَّخْصِ الَّذِي أَذِنَ مَأْذُونٌ، وَاَلَّذِي يَفُكُّ وَيُسْقِطُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّبِيِّ هُوَ الْوَلِيُّ (أَبُو السُّعُودِ) وَبِالنِّسْبَةِ إلَى السَّفِيهِ هُوَ الْقَاضِي وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدِينِ هُوَ الدَّائِنُ وَفِقْرَةُ حَقِّ الْمَنْعِ هِيَ كَتَفْسِيرِ فَكِّ الْحَجْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَهَذَا الْإِذْنُ كَمَا يَكُونُ لِلصَّبِيِّ
الْمُمَيِّزِ يَكُونُ لِلْمَعْتُوهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ يَكُونُ لِلسَّفِيهِ أَيْضًا، أَمَّا فِي الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ فَلَا يُوجَدُ.
وَرَدَ فِي الشَّرْحِ (بَابُ التِّجَارَاتِ) ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ بَابِ التِّجَارَاتِ لَا يَجْرِي فِيهَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَحْضَةِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ فَلَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى الْإِذْنِ وَإِذَا كَانَتْ ضَرَرًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَالْهِبَةِ فَيَجِبُ أَنْ تُعَدَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ أَيْ مُنْعَدِمَةً (الْعِنَايَةُ) .
كَذَلِكَ لَا يُفَكُّ الْحَجْرُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَيْ: لَا يَسْقُطُ الْحَجْرُ عَنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَعْتُوهِ فِيمَا عَدَا بَابِ التِّجَارَةِ مِنْ الْأَحْوَالِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (967) - رَدُّ الْمُحْتَارِ.
وَتَعْرِيفُ الْإِذْنِ هَذَا مُعْتَبَرٌ فِي نَظَرِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَالْإِذْنُ عِبَارَةٌ عَنْ تَوْكِيلٍ وَإِنَابَةٍ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ هِيَ كَمَا يَلِي: إنَّ الْإِذْنَ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (970) لَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يُتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَلَا بِمَكَانٍ وَلَا بِنَوْعٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ لَا يَقْبَلُ التَّوْقِيتَ.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا فَيَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ بِهَا الْإِذْنُ عِنْدَهُمَا تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ.
وَالتَّوْكِيلُ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ حَسْبَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1456)
سُؤَالٌ: لَوْ كَانَ الْإِذْنُ إسْقَاطًا فَبِمَا أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (51) فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ جَوَازِ الْحَجْرِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَجْرَ جَائِزٌ بَعْدَ الْإِذْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (973) .
جَوَابٌ: الْإِذْنُ لَا يَكُونُ إسْقَاطًا فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ بَلْ إنَّ الْحَجْرَ بَعْدَ الْإِذْنِ هُوَ امْتِنَاعٌ عَنْ الْإِسْقَاطِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ: لَوْ أَعْطَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ إذْنًا وَبَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ عَشْرَةَ تَصَرُّفَاتٍ مَثَلًا عَادَ فَحَجَرَ عَلَيْهِ وَأَسْقَطَ الْإِذْنَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الْعَشَرَةِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ إسْقَاطٌ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ.
وَمَشْرُوعِيَّةُ الْإِذْنِ ثَابِتَةٌ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ لِلصَّغِيرِ إنَّمَا هِيَ إذْنٌ بِابْتِغَاءِ فَضْلِ اللَّهِ.
وَسَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهِ هُوَ الْحَاجَةُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ أَحْيَانًا فِي شُغْلٍ شَاغِلٍ عَنْ الِاتِّجَارِ فَيَحْتَاجُونَ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالصِّغَارِ
وَشَرْطُ الْإِذْنِ، كَوْنُ الْمَأْذُونِ يَعْقِلُ التَّصَرُّفَ وَيَقْصِدُهُ وَيَعْلَمُ كَوْنَهُ مَأْذُونًا وَكَوْنَ الْآذِنِ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ حَجْرًا وَإِطْلَاقًا مَنْعًا وَإِسْقَاطًا (الطُّورِيُّ) .
وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا الْمَسَائِلِ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا، لَا يُعْطَى الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ إذْنًا وَلَوْ أَعْطَيَاهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ.
ثَانِيًا: إذَا لَمْ يَلْحَقْ عِلْمُ الصَّغِيرِ بِمَأْذُونِيَّتِهِ فَلَا يُصْبِحُ مَأْذُونًا.
حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الصَّغِيرُ فَتَصَرَّفَ وَلَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ الْإِذْنِ فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا وَيَحْصُلُ عِلْمُ الصَّغِيرِ وَوُقُوفُهُ عَلَى مَا أُعْطِيَ مِنْ إذْنٍ