الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمَائِعٍ آخَرَ كَخَلْطِ الْخَلِّ بِالسَّمْنِ وَالطَّحِينَةِ بِالدِّبْسِ. وَالْخَلْطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ بِالِاتِّفَاقِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ لِلْجِنْسِ بِالْجِنْسِ. كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ أَوْ زَيْتِ الْجَوْزِ بِزَيْتِ الْجَوْزِ أَوْ اللَّبَنِ بِاللَّبَنِ أَوْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ.
وَقَدْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْخَلْطِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ الْخَلْطَ الْمَذْكُورَ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ لِلْمَخْلُوطِ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَخْلُوطِ وَيَصِيرُ الْمَخْلُوطُ مَالَ الْخَالِطِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ يَعْنِي إنْ كَانَ الْمَخْلُوطُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَلْزَمُ أَدَاءُ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَدَاءُ قِيمَتِهِ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُشَارِكَ الْمَخْلُوطَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَفْرِيقُ وَتَمْيِيزُ الْمَخْلُوطِ غَيْرَ مُمْكِنٍ فَالْمُودِعُ الْمَالِكُ يَبْقَى عَاجِزًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ الْوَدِيعَةِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الْخَلْطُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إتْلَافًا وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا وَمَالِكًا لِلْمَخْلُوطِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، فَإِذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمَخْلُوطَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ وَتُوُفِّيَ عَنْ تَرِكَةِ غَرِيمِهِ يَسْتَوْفِي الْمُودِعُ حَقَّهُ مِنْ الْمَخْلُوطِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كُلٌّ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ (الْبَدَائِعُ) .
وَلَكِنْ لَا يُبَاحُ لِلْخَالِطِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَخْلُوطِ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ (الْبَحْرُ) . فَقَطْ إذَا أَبْرَأَ الْمُودِعُ الْخَالِطَ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْمُودِعُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْخَالِطَ وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَكَ فِي الْمَخْلُوطِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ.
وَلَكِنْ إذَا أَبْرَأَ الْمُودِعُ الْخَالِطَ فَعِنْدَ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَتَتَعَيَّنُ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ صُورَةً وَأَمْكَنَهُ مَعْنًى بِالْقِيمَةِ فَكَانَ اسْتِهْلَاكًا مِنْ وَجْهٍ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَهَذَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ إفْرَازٌ وَتَعْيِينٌ حَتَّى مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ عَيْنًا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ فَكَانَ إمْكَانُ الْوُصُولِ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ قَائِمًا مَعَهُ (الزَّيْلَعِيّ) .
وَلَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ قَيْدٌ وَلَا إشَارَةٌ إلَى اخْتِيَارِ أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَهُوَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ. إنَّمَا كَانَ الضَّمَانُ مُتَعَيِّنًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَيْسَ مُتَعَيِّنًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ. وَلَكِنْ إذَا حَمَلَ بَيَانُ الْمَجَلَّةِ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ فَيَكُونُ ذَكَرَ قِسْمًا مِنْهُ وَأَهْمَلَ الْقِسْمَ الْآخَرَ فَحَمْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْلَى.
[
(الْمَادَّةُ 789) خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا بِمَالٍ آخَرَ أَوْ اخْتَلَطَا بِدُونِ صُنْعِهِ]
(الْمَادَّةُ 789) إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا بِمَالِ آخَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَوْ اخْتَلَطَ الْمَالَانِ بِبَعْضِهِمَا الْبَعْضُ بِدُونِ صُنْعِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا مَثَلًا لَوْ انْخَرَقَ الْكِيسُ دَاخِلَ صُنْدُوقٍ وَاخْتَلَطَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي فِيهِ مَعَ دَنَانِيرَ أُخْرَى يَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ شَرِيكَيْنِ فِي مَجْمُوعِهَا. وَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
إذَا أَجْرَى الْمُسْتَوْدَعُ فِي الْوَدِيعَةِ التَّصَرُّفَ الْمَعْدُودَ تَعَدِّيًا بِأَمْرِ الْمُودِعِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْإِنْسَانِ فِي حَقِّ مِلْكِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1510) .
وَلِذَلِكَ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَيُعِيرَهَا وَيَرْهَنَهَا وَيَهَبَهَا وَيُؤَجِّرَهَا وَيَبِيعَهَا بِإِذْنِ الْمُودِعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1452) . وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (792) . وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (799) . وَأَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَأَهْلِ الْمُودِعِ وَعِيَالِهِ.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (799) .
وَعَلَيْهِ أَيْضًا إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ بِمَالٍ آخَرَ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا مَعَهَا أَوْ اخْتَلَطَ الْمَالَانِ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا بِدُونِ رَأْي وَضْعِ الْمُسْتَوْدَعِ مَثَلًا - هَذَا التَّمْثِيلُ عَلَى فِقْرَةِ (بِدُونِ صُنْعِهِ) - إذَا انْخَرَقَ الْكِيسُ الْمَوْجُودُ وَدِيعَةً دَاخِلَ صُنْدُوقٍ وَاخْتَلَطَتْ دَنَانِيرُ الذَّهَبِ الْعُثْمَانِيِّ الَّتِي فِيهِ مَعَ دَنَانِيرِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ أُخْرَى بِعَيْنِ الْوَزْنِ وَعَيْنِ الْمِقْدَارِ يَعْنِي لَوْ اخْتَلَطَتْ مَثَلًا عَشْرُ قِطَعِ دَنَانِيرِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ كُلُّ قِطْعَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ مَعَ خَمْسِ قِطَعِ دَنَانِيرَ عُثْمَانِيٍّ ذَهَبٍ كُلُّ قِطْعَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ أَيْضًا وَكَانَ تَفْرِيقُهَا مُمْكِنًا مِنْ بَعْضِهَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ شَرِيكَيْنِ فِي مَجْمُوعِهَا أَيْ فِي الْمَخْلُوطِ بِشَرِكَةِ الْمِلْكِ شَرِكَةً اخْتِيَارِيَّةً بِصُورَةِ الْخَلْطِ وَجَبْرِيَّةً بِتَقْدِيرِ الِاخْتِلَاطِ؛ لِأَنَّهُ حِينَمَا كَانَ مُحَرَّرًا فِي الْمَادَّةِ (777) لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ بِالِاخْتِلَاطِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ مَعْلُومًا بِالْأَوْلَوِيَّةِ.
وَيَثْبُتُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ أَيْضًا عِنْدَ الْخَلْطِ بِلَا صُنْعٍ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ صُنْعٌ وَتَعَدٍّ فِي الِاخْتِلَاطِ.
مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الْمُودَعَةُ عَشَرَةً وَالْأُخْرَى خَمْسَةً وَاخْتَلَطَا بِبَعْضِهِمَا تَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مُشْتَرَكَةً أَثْلَاثًا ثُلُثَانِ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَثُلُثٌ لِلْآخَرِ.
وَإِذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ بَعْضُ الدَّنَانِيرِ الْمُخْتَلِطَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ أَوْ كُلِّهَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَإِذَا هَلَكَ بَعْضُ الذَّهَبِ الْمُخْتَلِطِ يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ (1061) .
اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ فِي الْخَلْطِ بِالْإِذْنِ: اشْتِرَاكُ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْمُودِعُ فِي صُورَةِ خَلْطِ الْمُسْتَوْدَعِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمَخْلُوطَ يَكُونُ مِلْكَ الْخَالِطِ وَيَضْمَنُ الْخَالِطُ حَقَّهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ.
كَمَا أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ أَتْبَعَ الْقَلِيلَ لِلْكَثِيرِ يَعْنِي مَنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ يَكُونُ الْمَخْلُوطُ مِلْكَهُ وَيَضْمَنُ حَقَّهُ الْآخَرُ. وَأُشِيرَ بِقَوْلِ (لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا) فِي الْمَجَلَّةِ إلَى أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ بِصُورَةٍ يَكُونُ التَّفْرِيقُ مُمْكِنًا فِيهَا لَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ فَيُفَرَّقُ الْمَالَانِ وَيُعْطَى لِكُلٍّ مَالُهُ.
إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِالْإِذْنِ فَبِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ يُجْبَرُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى إثْبَاتِهِ وَفِي حَالِ عَجْزِهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُودِعَ الْيَمِينَ. فَإِنْ حَلَفَ الْمُودِعُ صَارَ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا.