الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمَا هُوَ مَمْنُوعٌ عَنْهُ، وَإِذَا رَهَنَ الْوَصِيُّ مَالَ الْمُتَوَفَّى عِنْدَ الْوَرَثَةِ وَمُقَابِلَ الدَّيْنِ الْحَاصِلِ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَكَانُوا حَاضِرِينَ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ الرَّهْنُ بِالِاتِّفَاقِ لَا عَلَى الْكِبَارِ وَلَا عَلَى الصِّغَارِ، يَعْنِي لَا يَجُوزُ بِحَقِّ كِلَا الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ مَشَاعِيَّةَ الرَّهْنِ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ وَالْفَسَادُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَسْرِي إلَى الْكُلِّ.
وَسَنَخْتِمُ هَذَا الْبَحْثَ بِبَيَانِ ثَلَاثِ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِرَهْنِ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ التَّرِكَةِ: أَوَّلًا - إذَا رَهَنَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ الْمُنْحَصِرُ الْإِرْثِ فِيهِ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ يَصِحُّ، وَإِذَا وُجِدَ دَيْنٌ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ بِنَاءً عَلَى مُرَاجَعَةِ الدَّائِنِ وَيُبَاعُ الرَّهْنُ وَيُوفَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَكِنْ إذَا أَوْفَى الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ الدَّيْنَ جَازَ الرَّهْنُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) .
ثَانِيًا - إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ مَانِعًا لِصِحَّةِ الرَّهْنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّالِفَةِ هُوَ دَيْنُ التَّرِكَةِ الْمَوْجُودِ حِينَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الْحَاصِلُ عَلَى التَّرِكَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِصِحَّةِ الرَّهْنِ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْمُتَوَفَّى فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِآخَرَ مَالًا وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ تُوُفِّيَ وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَ الْوَارِثُ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَاسْتَحْصَلَ حُكْمًا بِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ مِنْ التَّرِكَةِ فَالدَّيْنُ الَّذِي طَرَأَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى التَّرِكَةِ لَا يُخِلُّ بِجَوَازِ الرَّهْنِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ وَقْتَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ فَالْمَرْهُونُ يَكُونُ خَالِيًا مِنْ حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَمِلْكِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَقِلِّ، وَلِذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَلُحُوقُ الدَّيْنِ لَا يُخِلُّ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يُبْطِلُهُ. ثَالِثًا - إنَّ ضَبْطَ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ كَوْنَهُ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٌ لَا يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ الَّتِي صُوِّرَتْ آنِفًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ رَهَنَ الْوَارِثُ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ ضُبِطَ الْمَالُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُتَوَفَّى حَالَ حَيَاتِهِ مِنْ قِبَلِ مُسْتَحِقٍّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَوَجَبَ رَدُّ ثَمَنِهِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ إذَا وَقَعَ أَحَدٌ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي حَفَرَهَا الْمُتَوَفَّى فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمَاتَ لَزِمَتْ دِيَتُهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَوْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ الْمَذْكُورُ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَالْوَصِيُّ كَالْوَارِثِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْخَامِسِ) .
[
(الْمَادَّةُ 709) شَرْطُ كون الْمَرْهُون صَالِحًا لِلْبَيْعِ]
(الْمَادَّةُ 709) :
يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ صَالِحًا لِلْبَيْعِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَمَالًا مُتَقَوِّمًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ.
يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُرَادَ رَهْنُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْبَيْعِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الشَّيْءِ غَيْرِ الصَّالِحِ لِلْبَيْعِ (الْهِدَايَةُ فِيمَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) .
بِنَاءً عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ - مِثْلَ الْمَبِيعِ مَوْجُودًا وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَمَالًا وَمُتَقَوِّمًا وَمَعْلُومًا وَمَقْدُورُهُ التَّسْلِيمَ.
فَهَذِهِ الْمَادَّةُ شَامِلَةٌ حُكْمَيْنِ وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ تَتَفَرَّعُ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهَا عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ.
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ صَالِحًا لِلْبَيْعِ يَعْنِي مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَمَالًا مُتَقَوِّمًا وَمَعْلُومًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ يَجُوزُ رَهْنُهُ.
فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ تُرْهَنُ مُقَابِلَ أَجْنَاسِهَا وَخِلَافَ أَجْنَاسِهَا فَإِذَا رُهِنَتْ مُقَابِلَ جِنْسِهَا وَهَلَكَتْ فَتَهْلَكُ بِالدَّيْنِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُهَا وَلَا يُنْظَرُ لِجُودَتِهَا (مُنْلَا مِسْكِينٍ) .
مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ الِاعْتِيَادِيَّةِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَاسْتَقْرَضَ مُقَابِلَهَا خَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ لِأَجْلِ الْبَذْرِ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا هَلَكَتْ بِيَدِهِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَدَّعِيَ بِأَنَّ الْحِنْطَةَ الَّتِي أَقْرَضَهَا هِيَ مِنْ الْجِنْسِ الْجَيِّدِ وَقِيمَتَهَا زَائِدَةٌ وَأَنْ يُطَالِبَ بِزِيَادَةِ حِنْطَةٍ أَوْ زِيَادَةِ دَرَاهِمَ.
فَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ هَذَا صَادِقٌ كَقَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ يَعْنِي يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ كُلَّ مَرْهُونٍ صَالِحٌ لِلْبَيْعِ وَلَكِنْ عَكْسُهَا لَا يَكُونُ صَادِقًا كَقَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ يَعْنِي لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبَيْعِ يَكُونُ صَالِحًا لِلرَّهْنِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَشَاعِ وَالْمَشْغُولِ جَائِزٌ وَرَهْنَهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَبَيْعَ الشَّاغِلِ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ وَرَهْنَهُ فَاسِدٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى كُلِّ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مَعَ إنَّهُ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ الْحِمْلَ الْمَوْجُودَ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ وَسَلَّمَ الْحَيَوَانَ مَعَ الْحِمْلِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَالْحَيَوَانُ يَكُونُ مَرْهُونًا أَيْضًا مَعَ الْحَمْلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْحُكْمُ الثَّانِي: كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْبَيْعِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ يَعْنِي يَكُونُ رَهْنُهُ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلًا.
فَإِذَا كَانَ الْمَرْهُونُ مَالًا وَكَانَ مُقَابِلُهُ مَضْمُونًا وَبَعْضُ شَرَائِطِ الْجَوَازِ مَفْقُودًا يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ مَالًا وَمُقَابِلُهُ مَضْمُونًا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ: أَوَّلًا - إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ مَالًا كَالْمَيِّتِ وَبَنِي آدَمَ الَّذِي هُوَ حُرٌّ أَوْ كَانَ مَعْدُومًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمَوَادِّ (205 وَ 209 وَ 211) أَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ وَالْمَالَ غَيْرَ الْمُتَقَوِّمِ وَغَيْرَ الْمَقْدُورِ التَّسْلِيمِ بَاطِلٌ.
ثَانِيًا - رَهْنُ الدَّيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ) .
قِيلَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ رَهْنَ الدَّيْنِ انْتِهَاءً جَائِزٌ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (670) .
ثَالِثًا - كَمَا أَنَّ رَهْنَ الْعِنَبِ الَّذِي سَيُحَصَّلُ هَذِهِ السَّنَةَ مِنْ الْكَرْمِ أَوْ الْخِرْفَانِ الَّتِي سَتَلِدُهَا الْغَنَمُ بَاطِلٌ كَذَلِكَ رَهْنُ الْمُبَاحَاتِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ غَيْرَ الْمُحْرَزِ بَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ وَالْحَطَبَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ لَيْسَ بِمَالِ أَحَدٍ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1247 و 1243) .
رَابِعًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مَعْلُومًا فَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ.
كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (200 و 213) .
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِآخَرَ (دِرْهَمَيْنِ) قَائِلًا لَهُ: خُذْ مِنْهُمَا
الَّذِي تَخْتَارُهُ وَاجْعَلْهُ رَهْنًا عِنْدَك مُقَابِلَ الْمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي لَك دَيْنٌ عَلَيَّ وَفَعَلَ ذَلِكَ يَعْنِي إذَا لَمْ يُعَيِّنْ أَيَّهُمَا هُوَ الْمَرْهُونُ وَدُونَ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدُهُمَا وَهَلَكَ الدِّرْهَمَانِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْخَانِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الرَّهْنِ) وَجُعِلَ هَذَا بِمُنْزِلَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ الْمَدِينُ إلَى الطَّالِبِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتَكُونُ ضَاعَتْ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ.
خَامِسًا - إذَا أَعْطَى الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دِينَارَيْنِ وَقَالَ لَهُ: خُذْ أَحَدِهِمَا رَهْنًا فَالْحُكْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) وَلَوْ دُفِعَ إلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَقَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِك، فَأَخْذُهُمَا وَقِيمَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَذْهَبُ نِصْفُ قِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ مِثْلَ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) .
وَإِذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِلْآخَرِ مِائَةَ قِرْشٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهُمَا دَيْنَك الْبَالِغَ عِشْرِينَ قِرْشًا وَتَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ مَطْلُوبَهُ مِنْهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَسْقُطُ مَطْلُوبُهُ الْعِشْرُونَ قِرْشًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ، الْخَانِيَّةُ) .
وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: رَأَيْنَا أَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَ الشَّيْءَ الْمَجْهُولَ وَسَلَّمَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَةِ) وَلَكِنْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى إقْرَارِ الرَّهْنِ الْمَجْهُولِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ بِأَنَّهُ رَهَنَ كَذَا مَالًا وَسَلَّمَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَرَّ بِارْتِهَانِهِ مَالًا وَلَمْ يَصِفُوا أَوْ يُعَيِّنُوا الْمَرْهُونَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَيَانِ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) وَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) .
كَمَا لَوْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ بَعْدَ إقْرَارِهِ أَخْذَ مَالٍ رَهْنًا أَبْرَزَ دِرْهَمًا وَقَالَ: هَذَا هُوَ الرَّهْنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الْيَمِينِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَةِ) .
سَادِسًا - يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَرْهُونُ مَجْهُولًا بِدَرَجَةٍ تَقْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي صَدَدِ الضَّمَانِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ رَأْسَيْ غَنَمٍ مُقَابِلَ ثَلَاثِينَ ذَهَبًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا مَرْهُونًا مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَالْآخَرُ مُقَابِلَ عِشْرِينَ ذَهَبًا وَلَمْ يُصَرَّحْ أَيُّهُمَا الْمَرْهُونُ مُقَابِلَ الْعَشْرِ وَأَيَّهمَا مُقَابِلَ الْعِشْرِينَ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ هَلَاكِ أَحَدِ رَأْسِ الْغَنَمِ لَا يُعْلَمُ وَجْهُ الضَّمَانِ وَلَا يُعْلَمُ أَيْضًا أَيُّهُمَا يَجِبُ اسْتِرْدَادُهُ إذَا أَوْفَى الدَّيْنَ الْعِشْرِينَ ذَهَبًا مَثَلًا (أَبُو السُّعُودِ حَاشِيَةُ الْكَنْزِ) .
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مِلْكَ الرَّاهِنِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَيُطْلَقُ عَلَى هَذَا الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ كَمَا لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِدُونِ إذْنِهِ بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (701) وَالْمَادَّةَ (708)(الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّهْنِ) .