الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَوَالَةِ]
أَحْكَامٌ جَمْعُ حُكْمٍ، يُقْصَدُ مِنْهُ هُنَا مَعْنَى الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحُكْمِ يَعْنِي أَنَّ مَعْنَى حُكْمِ الْحَوَالَةِ الْأَثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْحَوَالَةِ، وَهَذَا الْأَثَرُ هُنَا أَشْيَاءُ كَبَرَاءَةِ الْمُحِيلِ وَحُكْمُ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ جَارٍ فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْحَوَالَةِ، وَخُلَاصَةُ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ مُدْرَجَةٌ هُنَا كَمَا يَأْتِي:
خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي: أَحْكَامُ الْحَوَالَةِ: 1 - الْأَحْكَامُ الْعُمُومِيَّةُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الْمُحِيلُ يَصِيرُ بَرِيئًا مُوَقَّتًا مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ نَقْلٌ وَتَحْوِيلٌ، وَهَذَا إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِفَرَاغِ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَإِنْ وُجِدَ كَفِيلٌ فَهُوَ يَبْرَأُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ تَلْزَمُ مِنْ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، قُيِّدَ (مُوَقَّتًا) لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ جِهَاتِ انْتِهَاءِ حُكْمِ الْحَوَالَةِ بِصُورَةِ التَّوَى وَفَسْخِ الْحَوَالَةِ وَعَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ. التَّوَى الْحَوَالَةُ تَنْتَهِي بِتَوَى الدَّيْنِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُحَالُ لَهُ دَيْنَهُ، وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مَشْرُوطَةٌ بِسَلَامَةِ حَقِّ الْمُحَالِ لَهُ، فَإِذَا انْعَدَمَتْ السَّلَامَةُ تَزُولُ الْبَرَاءَةُ أَيْضًا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ أَبَدًا
؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، يَكُونُ التَّوَى عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
1 -
وَجْهٌ لِعَدَمِ وُجُودِ بَيِّنَةٍ عِنْدَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ تُثْبِتُ الْحَوَالَةَ إذَا أَنْكَرَهَا.
2 -
وَجْهٌ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ التَّوَى نَظَرًا لِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ عَدَا عَنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ.
فَسْخُ الْحَوَالَةِ يَكُونُ بِصُدُورِ حُكْمٍ بِإِفْلَاسِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ، تَكُونُ 1 - بِالْإِقَالَةِ. 2 - بِخِيَارِ الشَّرْطِ الْحُكْمُ الثَّانِي يَثْبُتُ حَقُّ مُطَالَبَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ لَهُ.
2 -
الْأَحْكَامُ الْخُصُوصِيَّةُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ الثَّابِتُ بِسَبَبِ مَالِهِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ ذِمَّتِهِ وَلِكَوْنِ الْحَوَالَةِ تَقَيَّدَتْ بِالْمَالِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الطَّالِبِ بِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ إلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَعْطَى يَكُونُ ضَامِنًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَتَدَاخَلُوا فِي ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِذَا أَحَالَ شَخْصٌ الدَّائِنَ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالًا مُعَيَّنًا مِنْ أَمْوَالِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَقَبِلَ ذَلِكَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيُجْبَرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوَّلًا عَلَى بَيْعِ الْمَالِ وَثَانِيًا عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ وُكِّلَ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ.
الْمَسَائِلُ الَّتِي يَعُودُ فِيهَا الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ:
مَسْأَلَةٌ 1 - إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَسَقَطَ الثَّمَنُ أَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ خِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ أُقِيلَ الْبَيْعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَة بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِكَوْنِ الْمَبِيعِ ضُبِطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَالْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُحِيلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ فَاسِدَةٌ، فِي صُورَةِ التَّوَى.
مَسْأَلَةٌ 2 - إذَا ضُبِطَتْ الْأَمَانَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَمَانَةً تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ لِأَنَّهُ لَمَّا يَصِلُ الْمَالُ إلَى صَاحِبِهِ يَكُونُ الْغَاصِبُ وَغَاصِبُ الْغَاصِبِ بَرِيئَيْنِ مِنْ الضَّمَانِ، وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ.
مَسْأَلَةٌ 3 - إذَا هَلَكَ الْمَبْلَغُ وَكَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ (كَالْأَمَانَةِ) فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبْطُلُ
الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْتَزَمَ الْحَوَالَةَ بِنَاءً عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ.
وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ. فِي الْحَوَالَةِ الْمُبْهَمَةِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَكُونُ الْحَوَالَةُ مُعَجَّلَةً وَيَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً تَكُونُ الْحَوَالَةُ مُؤَجَّلَةً أَيْضًا وَيَلْزَمُ أَدَاؤُهَا عِنْدَ حُلُولِ وَعْدَتِهَا، وَإِنْ عَادَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ فَالْأَجَلُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ. إحَالَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ دَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُعَجَّلِ مُؤَجَّلًا غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّيْنُ نَتِيجَةَ عَقْدِهِمْ. فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَوَالَةِ 1 - إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى مَدِينِهِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ فَكَمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِذَلِكَ الشَّخْصِ يَصِيرُ الْكَفِيلُ بَرِيئًا أَيْضًا، مَثَلًا إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ بِحَبْسِ الرَّاهِنِ وَتَوْقِيفِهِ.
2 -
يَصِيرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ:
1 -
بِأَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ.
2 -
بِإِحَالَةِ الْمُحَالِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ.
3 -
بِإِبْرَاءِ الْمُحَالِ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ.
4 -
بِهِبَةِ الْمُحَالِ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ أَوْ تَصَدُّقِهِ بِهِ وَقَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تِلْكَ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ.
3 -
إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَارِثَهُ فَقَطْ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يُطَالِبُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ بِهِ. وَإِذَا كَانَ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ الْإرْثِيَّةِ فَقَطْ وَمُطَالِبًا بِحِصَصِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ.
(الْمَادَّةُ 690) :
حُكْمُ الْحَوَالَةِ هُوَ أَنْ يَكُونُ الْمُحِيلُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ أَنْ يَبْرَأَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَأَنْ يَثْبُتَ حَقُّ مُطَالَبَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ لَهُ أَوْ إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى الرَّاهِنِ لَا تَبْقَى لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِحَبْسِ الرَّهْنِ وَتَوْقِيفِهِ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ لِلْحَوَالَةِ هُوَ بَرَاءَةُ الْمُحِيلِ مِنْ دَيْنِهِ وَبَرَاءَةُ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ إنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُحَالُ لَهُ قَبَضَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ بَعْدُ. وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ التَّوَى عَلَى مَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا.
وَيَصِيرُ الْمُحِيلُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ. لِأَنَّ مَعْنَى الْحَوَالَةِ النَّقْلُ وَالتَّحْوِيلُ، وَالنَّقْلُ وَالتَّحْوِيلُ إنَّمَا يَتَحَقَّقَانِ بِفَرَاغِ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَالْكَفِيلُ يَصِيرُ أَيْضًا بَرِيئًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (662) تَلْزَمُ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ مِنْ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ.
مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ مِنْ دَيْنِهِ:
1 -
مَسْأَلَةٌ: حَيْثُ إنَّ الْمُحِيلَ صَارَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَنْ يَطْلُبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحِيلِ أَوْ مِنْ وَرَثَتِهِ إذَا تُوُفِّيَ، حَتَّى وَلَوْ غَابَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ طَلَبُ الدَّيْنِ مِنْهُ عَلَى الْمُحَالِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْمُحِيلِ، وَفَائِدَةُ بَرَاءَتِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَا يَأْخُذُ الْمُحَالُ لَهُ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ مِنْ الْغُرَمَاءِ مَخَافَةَ أَنْ يُتْوَى حَقُّهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَعْطَى الْمُحِيلُ لِلْمُحَالِ لَهُ رَهْنًا مُقَابِلَ دَيْنٍ أُجْرِيَتْ حَوَالَتُهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (701) أَنَّ الرَّهْنَ هُوَ حَبْسُ مَالٍ مُقَابِلَ حَقٍّ فَمَتَى انْعَدَمَ الْحَقُّ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُحَالِ لَهُ عِنْدَ الْمُحِيلِ حَقٌّ بَعْدَ الْحَوَالَةِ.
3 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْحَوَالَةِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ مُفْلِسًا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ كَمَا سَيُبَيَّنُ قَرِيبًا وَلَا يَكُونُ لِلْإِبْرَاءِ السَّابِقِ الْمَذْكُورِ تَأْثِيرٌ وَحُكْمٌ عَلَى هَذَا (التَّنْقِيحُ وَالْبَهْجَةُ) .
4 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ بِالدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ وَقَبِلَ هَذَا الْأَخِيرُ يَصِيرُ الْكَفِيلُ الْمَرْقُومُ بَرِيئًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحُكْمُ الثَّانِي هُوَ ثُبُوتُ حَقِّ مُطَالَبَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ بِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ انْتَقَلَ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ.
بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي:
1 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ أَوْ وَهَبَ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (847)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
مَسْأَلَةٌ: لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِجُنُونِهِ وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ يَسْتَوْفِي الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْفَيْضِيَّةُ) .
3 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ شَخْصَيْنِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا أَخَذَ شَخْصَانِ مَعًا دَيْنًا حَوَالَةً عَلَيْهِمَا يُطَالِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (647) . (النَّتِيجَةُ) . وَلَكِنَّهُ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْكَفَالَةِ لَا يُمْكِنُ فِي الْحَوَالَةِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ ذَيْنَكَ الشَّخْصَيْنِ عَلَى حِدَةٍ مَجْمُوعَ الدَّيْنِ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ.
وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّهُ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى مَدِينِهِ زَيْدٍ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ فَكَمَا أَنَّ زَيْدًا
يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ كَذَلِكَ الشَّخْصُ إنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ يَبْرَأُ أَيْضًا. وَيَطْلُبُ الْمُحَالُ لَهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ الدَّيْنَ مِنْ الْأَصِيلِ يَعْنِي مِنْ زَيْدٍ، وَلَيْسَ مِنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا لِمَطْلُوبِ الدَّائِنِ بَلْ كَفِيلًا لِدَيْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ:
1 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى دَائِنِهِ - بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَبْقَى لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِحَبْسِ الرَّاهِنِ وَتَوْقِيفِهِ.
يَعْنِي حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِهَذِهِ الْحَوَالَةِ فَيَلْزَمُ رَدُّ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (729) هُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ فِيهِ لِحِينِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَمَّا انْقَطَعَ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ بِسَبَبِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِإِجْرَاءِ الْحَوَالَةِ فَلَمْ يَعُدْ إمْكَانٌ لِحَبْسِ الرَّهْنِ وَإِلَّا لَا يَبْقَى هَذَا الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُحَالِ لَهُ بِصِفَةِ رَهْنٍ.
2 -
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ شَخْصًا عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (282) يَكُونُ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ فِي الْمَبِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْبَائِعِ. وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ (إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى الرَّاهِنِ. ..) لِأَنَّهُ إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى أَحَدٍ فَقَبِلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ الْمَبْلَغَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَجَلَّةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَصِلْ مَطْلُوبُ الْمُرْتَهِنِ إلَى يَدِهِ بَعْدُ يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَجَلَّةِ حَيْثُ إنَّ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ سَقَطَ فَسَقَطَ أَيْضًا حَقُّ حَبْسِهِ لِلرَّهْنِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الشَّرْحِ فَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ بَاقٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَأَفَادَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةُ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ - مَسْأَلَةَ الشَّرْحِ - عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى بِهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْفَتَاوَى التُّرْكِيَّةِ الْمُسَمَّى (الْبَهْجَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ حَصْرِ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَالْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَالَا بِسُقُوطِ حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. وَفِي الْحَقِيقَةِ إنْ كَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَعِنْدَ الْعَاجِزِ يَلْزَمُ تَرْجِيحُ هَذَا الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ سُؤَالٌ بِالْوَجْهِ الْآتِي عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَرْوِيِّ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي عَدَّتْهُ الْبَهْجَةُ مُفْتًى بِهِ وَهُوَ إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ الَّذِي بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ هَذَا الْحَوَالَةَ يَصِيرُ الرَّاهِنُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الرَّاهِنِ انْتَقَلَ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَصَارَ الْمَدِينُ تِجَاهَ الْمُرْتَهِنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الرَّاهِنِ، فَفِي الْحَالَةِ هَذِهِ أَيْ حَتَّى يَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ بِأَنْ يَحْبِسَ وَيَمْسِكَ الرَّهْنَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الرَّاهِنِ فِي مُقَابَلَةِ مَطْلُوبِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ دَيْنَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ بَاقِيًا فَهَذَا الْحَقُّ لَيْسَ مُتَوَجِّهًا إلَى الرَّاهِنِ بَلْ إلَى
الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ نَظِيرَةٌ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَسْقُطُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ حَقُّ حَبْسِ الْبَائِعِ. وَالْمَسْأَلَةُ هِيَ: إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى شَخْصٍ لِأَجْلِ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةَ (282) .
مَعْنَى كَوْنِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ مُوَقَّتَةً: إنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مِنْ دَيْنِهِ مُوَقَّتَةٌ كَمَا ذُكِرَ أَثْنَاءَ شَرْحِ الْمَادَّةِ. كَوْنُ الدَّيْنِ يَعُودُ إلَى الْمُحِيلِ بِإِنْهَاءِ حُكْمِ الْحَوَالَةِ أَحْيَانًا وَيَنْتَهِي حُكْمُ الْحَوَالَةِ بِوَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: التَّوَى. تَنْتَهِي الْحَوَالَةُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ بِتَوَى مَطْلُوبِ الْمُحَالِ لَهُ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُحَالِ لَهُ الْمَطْلُوبَ الْمَذْكُورَ. وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا هَلَكَ دَيْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَيَلْزَمُ الْمُحِيلَ إعْطَاؤُهُ. وَفِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ أَيْضًا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ. رَاجِعْ الْمَوَادَّ (693، 694، 695) . وَأَمَّا سَبَبُ عَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ فِي التَّوَى فَإِنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مَشْرُوطَةٌ بِسَلَامَةِ حَقِّ الْمُحَالِ لَهُ كَمَا أَنَّ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْبِ شَرْطٌ أَيْضًا. فَلَمَّا انْعَدَمَتْ السَّلَامَةُ زَالَتْ الْبَرَاءَةُ أَيْضًا وَلَزِمَ رُجُوعُ الْمُحَالِ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - " لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ عِنْدَ التَّوَى مَهْمَا كَانَ الْوَجْهُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ "
؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُحَالِ لَهُ عِنْدَ الْمُحِيلِ قَدْ سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ حَتَّى إنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ الرُّجُوعَ عِنْدَ التَّوَى عَلَى الْمُحِيلِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ (مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْحَوَالَةِ)(الْبَاجُورِيُّ) .
وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْصُلُ التَّوَى أَيْ هَلَاكُ الدَّيْنِ بِوَجْهَيْنِ لَا غَيْرُ:
الْأَوَّلُ: عِنْدَ إنْكَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ وَعَدَمِ اقْتِدَارِ كُلٍّ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحِيلِ عَلَى إثْبَاتِهَا بِحَلِفِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الدَّيْنَ حَوَالَةً عَلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْحَوَالَةِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِعَدَمِ الْحَوَالَةِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (76) . (الدُّرَرُ) . وَأَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْمُحَالُ لَهُ أَوْ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكْفِي وَلَا يَتَحَقَّقُ التَّوَى.
الثَّانِي: بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَعْنِي بِوَفَاتِهِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مَالٍ لَهُ يَكْفِي لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ كَفِيلٍ لِجَمِيعِ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ قَدْ خَرِبَتْ. وَلِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْوُصُولِ يَتَحَقَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّوَى فِي الْحَقِيقَةِ (الْبَحْرُ) . وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الْمُتَوَفَّى كَفِيلٌ فَسَوَاءٌ أَكَانَ الْكَفِيلُ الْمَرْقُومُ كَفِيلًا بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ بِلَا أَمْرِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً أَوْ أُجِّلَتْ بَعْدَ الْإِحَالَةِ فَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ وَلَا
يَعُودُ إلَى الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (643) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ كَفِيلٌ وَلَكِنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ وَرَهَنَ بِهِ رَهْنًا ثُمَّ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ. وَلَوْ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَالثَّمَنُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ. وَأَمَّا إذَا غَابَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَحَلُّ إقَامَتِهِ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ بِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ بِسَبَبِ غِيَابِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ حَالَ حَيَاتِهِ مَا لَمْ تَثْبُتْ وَفَاتُهُ مُفْلِسًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
وَيَحْصُلُ التَّوَى عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِوَجْهٍ ثَالِثٍ غَيْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ آنِفًا. كَمَا لَوْ ثَبَتَ عَدَمُ اقْتِدَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِفْلَاسِهِ يَتَحَقَّقُ التَّوَى 2 أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَ الْحُكْمِ مِنْ جَانِبِ الْحَاكِمِ بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِ الْمُحَالِ لَهُ مِنْ مُلَازَمَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَحَيْثُ إنَّ الْمُحَالَ لَهُ بَقِيَ عَاجِزًا عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ يَتَحَقَّقُ التَّوَى وَهَذَا الْعَجْزُ أَيْضًا هُوَ كَجُحُودِ الْحَوَالَةِ وَالْعَجْزِ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا (الْبَحْرُ) . وَلَكِنْ إذَا صَارَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَثْنَاءَ الْحَوَالَةِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ الْحَوَالَةَ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَهُ؟ الْجَوَابُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ نَظَرًا لِلسَّبَبِ الَّذِي هُوَ بِحَقِّ عَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ بِالتَّوَى. وَيَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ قَصَّرَ بِتَرْكِ التَّدْقِيقِ وَالتَّحَرِّي فِي هَذَا
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ
(الْبَاجُورِيُّ) . وَلَكِنْ قَدْ رَجَحَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِخُصُوصِ التَّوَى فِي مُتُونِ وَشُرُوحِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا فَقَطْ. حَتَّى إنَّ صَاحِبَ رَدِّ الْمُحْتَارِ قَالَ (إنِّي لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ) . وَلَكِنْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَشْهُورُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَفْتَى بِتَحَقُّقِ التَّوَى بِسَبَبٍ ثَالِثٍ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا وَيَنْقَسِمُ التَّوَى بِصُورَةِ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا إلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّوَى كُلًّا يَحْصُلُ بِعَدَمِ وُجُودِ مَالٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ لِيُؤْخَذَ مِقْدَارُهَا مِنْ الْمُحَالِ بِهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّوَى بَعْضًا، وَهُوَ أَنْ يُتَوَفَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ تَارِكًا مَا يَكْفِي لِأَدَاءِ قِسْمٍ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ فَيَأْخُذَ الْمُحَالُ لَهُ الْمَالَ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّتَهُ مِنْ تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ وَيَظْهَرُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِالْبَاقِي عَلَى الْمُحِيلِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْحَوَالَةِ) .
كَمَا لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَوُجِدَ كَفِيلٌ لِقِسْمٍ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ فَقَطْ فَحَيْثُ إنَّ التَّوَى تَحَقَّقَ فِي الْمِقْدَارِ غَيْرِ الْمَكْفُولِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اسْتِثْنَاءٌ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَرْجِعُ بِالتَّوَى إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ بِالتَّوَى إلَى الْمُحِيلِ فِيهَا.
وَالْمَسْأَلَةُ هِيَ: إذَا أَحَالَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ ثَانِيَةً فَعِنْدَ تَحَقُّقِ التَّوَى عِنْدَ الشَّخْصِ الْمُحِيلِ أَوَّلًا وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ ثَانِيًا لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثَانِيًا أَيْ الْمُحِيلِ أَوَّلًا. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا أَحَالَ
شَخْصٌ دَيْنَهُ الَّذِي لِآخَرَ عَلَى شَخْصٍ غَيْرِهِ وَأَحَالَ هَذَا الشَّخْصُ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ عَلَى الشَّخْصِ الْأَوَّلِ وَهَلَكَ الدَّيْنُ عِنْدَ هَذَا الْأَخِيرِ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي فَسْخُ الْحَوَالَةِ وَهَذَا أَيْضًا نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْفَسْخُ بِالْإِقَالَةِ. يَعْنِي أَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحِيلِ، وَيَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ. وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ وَالْمُطَالَبَةُ إلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ فِي الْحَوَالَةِ مَعْنَى مُبَادَلَةِ مَالٍ بِمَالٍ. وَتَكُونُ هَذِهِ مُتَحَمِّلَةٌ لِلْفَسْخِ وَالْإِقَالَةِ أَيْضًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (الْبَدَائِعُ فِي الْحَوَالَةِ) . كَمَا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ رَجُلٍ حَوَالَةً عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ سَنَدًا مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أُحِيلَ أُخْبِرَ الْمُحَالُ لَهُ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مُفْلِسٌ فَطَلَبَ الْمُحِيلُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ السَّنَدَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَتْرُكَ الْحَوَالَةَ وَأَعْطَاهُ السَّنَدَ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ شَيْئًا بِلِسَانِهِ. (الْبَزَّازِيَّةُ) .
النَّوْعُ الثَّانِي، الْفَسْخُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ. وَخِيَارُ الشَّرْطِ هَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْمُحَالِ لَهُ وَشَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُحَالِ لَهُ جَائِزٌ فِي الْحَوَالَةِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ مُخَيَّرًا: إنْ شَاءَ أَمْضَى الْحَوَالَةَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْحَوَالَةَ وَرَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَحَالَ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى أَنْ يَظَلَّ حَقُّ رُجُوعِهِ عَلَى الْمُحِيلِ بَاقِيًا مَتَى شَاءَ فَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (682، 649) . وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ الْمُحَالُ لَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُحِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْحَوَالَةِ) . وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا فَسَخَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ تَنْفَسِخُ وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ.
بَعْضُ مَسَائِلَ فِي التَّوَى:
مَسْأَلَةٌ 1: إذَا ادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَنْكَرَ الْحَوَالَةَ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ غَائِبٌ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَإِنْ صَادَقَ الْمُحِيلُ صَحَّ ذَلِكَ وَرَجَعَ الْمُحَالُ لَهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُصَادِقْ لَا تَكُونُ دَعْوَاهُ هَذِهِ فِي غِيَابِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحِيحَةً وَلَا بَيِّنَتُهُ مَسْمُوعَةً. وَإِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَاضِرًا وَأَنْكَرَ الْحَوَالَةَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْحَوَالَةَ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ أَثْنَاءَ شَرْحِ الْمَادَّةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (77) . (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي آخِرِ الْحَوَالَةِ وَالْبَهْجَةُ عَنْ الْبَحْرِ) .
مَسْأَلَةٌ 2: إذَا قَدَّمَ الْمُحَالُ لَهُ دَعْوَى بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ تُوُفِّيَ مُفْلِسًا وَادَّعَى الْمُحِيلُ وَفَاتِهِ غَنِيًّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ يَسَارِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ لَهُ يَدَّعِي الظَّاهِرَ وَالْأَصْلَ وَهُوَ الْعُسْرَةُ وَعَدَمُ الْيَسَارِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ (هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ فِي الْحَوَالَةِ وَالْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَوَالَةِ) .
مَسْأَلَةٌ 3: إذَا اخْتَلَفَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا فَقَالَ الْمُحِيلُ: إنَّك كُنْتَ اسْتَوْفَيْتَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْهُ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ، وَقَالَ الْمُحَالُ لَهُ: لَمْ أَسْتَوْفِ وَإِنِّي أَرْجِعُ عَلَيْك لِوَفَاتِهِ مُفْلِسًا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ. لِأَنَّ الْمُحَالَ لَهُ مُتَمَسِّكٌ بِعَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، وَالِاسْتِيفَاءُ صِفَةٌ عَارِضَةٌ، الْأَصْلُ فِيهَا الْعَدَمُ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (9) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (76)(الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْحَوَالَةِ) .
مَسْأَلَةٌ 4: إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ وَعَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ لِسَبَبِ وَفَاتِهِ مُفْلِسًا وَلِعَدَمِ عِلْمِهِ أَنَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالًا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالًا مَطْلُوبًا بِذِمَّةِ شَخْصٍ مِلْءٍ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ شَخْصٍ فَيُبْطِلُ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ. يَعْنِي يَسْتَرْجِعُهُ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (72) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُحَالُ لَهُ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْمُحِيلِ يُعِيدُهَا وَيَسْتَوْفِيهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي ظَهَرَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
تَحَقُّقُ التَّوَى فِي حَالِ وُجُودِ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ فِي مُقَابَلَةِ الْمُحَالِ بِهِ:
مَسْأَلَةٌ 5: إذَا وُجِدَ رَهْنٌ بِيَدِ الْمُحَالِ لَهُ مُقَابِلَ الْمُحَالِ بِهِ وَكَانَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مُسْتَعَارًا أَوْ مُتَبَرَّعًا بِهِ - كَرَهْنِ شَخْصٍ مَالَهُ تَبَرُّعًا - فَعِنْدَ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَخْرُجُ ذَلِكَ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَيَسْتَرِدُّ صَاحِبُ الرَّهْنِ مَالَهُ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحَالُ لَهُ مَأْذُونًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الْمُحَالُ مَأْذُونًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ وَبَعْدَ أَنْ بَاعَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَيَرْجِعُ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ إلَى صَاحِبِ الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرْجِعَهُ صَاحِبُهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَخْلَصَهُ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ. عَلَى مَا سَيُفَصَّلُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ رَهَنَهُ تَبَرُّعًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ اسْتَعَارَهُ وَرَهَنَهُ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ أَيْضًا عَلَى الْمُحِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَوَالَةِ) .
مَسْأَلَةٌ 6: إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَعْدَ أَنْ أَعْطَى كَفِيلًا بِالْمُحَالِ بِهِ وَأَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْكَفِيلَ يَتَحَقَّقُ التَّوَى وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
خُلَاصَةُ الْمَسَائِلِ الْعَائِدَةِ لِعَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ: تَنْقَسِمُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْعَوْدَةُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ الْآتِي بَيَانُهَا: