الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُنْلَا مِسْكِينٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ النَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فَبَعْضُهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْحَبْسِ الْمَدِيدِ وَبَعْضُهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِضَرْبَةِ سَوْطٍ أَوْ فَرْكَةِ أُذُنٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْهَوَانِ وَالذُّلِّ كَالشُّرَفَاءِ وَأَصْحَابِ الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ وَالْجَاهِ وَالضُّعَفَاءِ مِنْ النَّاسِ أَيْضًا وَخُصُوصًا إذَا كَانَتْ عَلَى مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ.
قَدْ جَعَلَ تَقْدِيرَ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي الَّذِي تُرْفَعُ إلَيْهِ الْقَضِيَّةُ كَمَا مَرَّ.
وَعَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ فِي حَقِّ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ إكْرَاهًا.
أَلَا تَرَى مَا يَحْصُلُ عِنْدَ أَشْرَافِ النَّاسِ مِنْ الْغَمِّ فِيمَا إذَا وُجِّهَتْ إلَيْهِمْ كَلِمَاتٌ قَاسِيَةٌ بِخِلَافِ الْأَرَاذِلِ مِنْهُمْ فَلَا يَتَأَلَّمُونَ إلَّا مِنْ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ تَعْيِينَ مَقَادِيرَ كَهَذِهِ بِالرَّأْيِ مُمْتَنِعٌ فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْإِكْرَاهُ إذَا كَانَ بِدَرَجَةٍ تُؤَثِّرُ عَلَى الْمُكْرَهِ (فَتَاوَى أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَعَلَيْهِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْحَبْسِ وَالتَّصْفِيدِ هُنَا الْحَبْسُ وَالتَّصْفِيدُ الْمَدِيدَانِ وَيُطْلَقُ الْحَبْسُ الْمَدِيدُ عَلَى الْحَبْسِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ (أَبُو السُّعُودِ) أَمَّا الْحَبْسُ وَالتَّصْفِيدُ يَوْمًا وَاحِدًا وَالضَّرْبُ غَيْرُ الشَّدِيدِ فَلَا يُعَدَّانِ إكْرَاهًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ هَدَّدَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْحَبْسِ أَوْ بِالتَّصْفِيدِ يَوْمًا وَاحِدًا وَالضَّرْبِ جَلْدَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفِ قِرْشٍ دَيْنًا عَلَيْهِ وَفَعَلَ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ إكْرَاهًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُبَالِي بِمِثْلِ ذَلِكَ عَادَةً، فَلِذَلِكَ لَا يُعَدُّ هَذَا مُعْدِمًا لِلرِّضَا مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وَقَعَ التَّهْدِيدُ بِالْحَبْسِ يَوْمًا وَاحِدًا عَلَى ذِي جَاهٍ وَمَنْصِبٍ يَعْنِي: إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إكْرَاهًا لِرَجُلٍ لَهُ جَاهٌ وَعِزَّةٌ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِغَيْرِهِ فَيَفُوتُ بِهِ الرِّضَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا فِي الْمَالِ الْقَلِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) لَكِنَّ التَّهْدِيدَ بِضَرْبَةِ عَصَا تُؤَدِّي إلَى تَلَفِ الْإِنْسَانِ لَا شُبْهَةَ أَنَّهُ إكْرَاهٌ مُعْتَبَرٌ، وَالْمَقْصُودُ بِالْحَبْسِ هُنَا حَبْسُ نَفْسِ الْمُكْرَهِ أَمَّا حَبْسُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَإِنْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيّ أَنَّهُ إكْرَاهٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَقَدْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَبْسِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَةِ وَسَائِرِ ذَوِي الْأَرْحَامِ إكْرَاهٌ مُعْتَبَرٌ اسْتِحْسَانًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَا دَلِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنَّهَا قَدْ أَخَذَتْ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّ جِهَةَ الِاسْتِحْسَانِ مُرَجَّحَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْقِيَاسِ وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ قِسْمَيْ الْإِكْرَاهِ هَذَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ.
فَالْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ أَمَّا الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ فَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ بَلْ يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ فَقَطْ (الطَّحْطَاوِيُّ) كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1001 وَالْمَادَّةِ 1007)
[
(الْمَادَّةُ 950) الشُّفْعَةُ هِيَ تَمَلُّكُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي]
(الْمَادَّةُ 950)(الشُّفْعَةُ هِيَ تَمَلُّكُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي) الشُّفْعَةُ لُغَةً بِمَعْنَى الضَّمِّ وَهِيَ ضِدُّ الْوِتْرِ وَتَسْمِيَةُ التَّمَلُّكِ فِي الْآتِي شُفْعَةً مَبْنِيٌّ عَلَى ضَمِّ الْمَالِ الْمُشْتَرَى لِعَقَارِ الشَّفِيعِ، وَمِنْهُ شَفَاعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُذْنِبِينَ؛ لِأَنَّهُ يَضُمُّهُمْ بِهَا إلَى الْفَائِزِينَ (الْهِدَايَةُ،
مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَشَرْعًا هِيَ حَقُّ تَمَلُّكِ الْعَقَارِ أَوْ مَا كَانَ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ مِنْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ: أَنَّهُ يَتَمَلَّكُ ذَلِكَ بِإِعْطَاءِ مِثْلِهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتُهُ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا بِدُونِ أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى رِضَا الْمُشْتَرِي (أَبُو السُّعُودِ) .
أَمَّا نَفْسُ التَّمَلُّكِ فَيَحْصُلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1036) بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِالرِّضَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَضَائِهِ إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الْعَقَارُ أَوْ مَا فِي حُكْمِ الْعَقَارِ: الْعَقَارُ كَالدَّارِ مَعَ الْعَرْصَةِ أَوْ الْعَرْصَةِ فَقَطْ وَمَا كَانَ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ هُوَ كَالْعُلُوِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1011)(الدُّرَرُ) .
2 -
مِلْكٌ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَشْمَلُ الْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (125 و 159) إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تُخَصَّصَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ بِالْعَقَارِ فَقَطْ كَمَا قَدْ جَرَى تَخْصِيصُهَا فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَجْرِي بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1017) فِي الْعَقَارِ وَحْدَهُ وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ ذِكْرُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى مُطْلَقًا فَكَمَا أَنَّهُ يَشْمَلُ كُلَّ الْمِلْكِ يَشْمَلُ بَعْضَهُ أَيْضًا.
مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشُّفَعَاءِ الْعَقَارَ الْمَمْلُوكَ فَبِمَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ الْمُشْتَرِي حَقُّ الشُّفْعَةِ فَلِلشُّفَعَاءِ الْآخَرِينَ إذَا سَاوَوْهُ فِي الدَّرَجَةِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِمِقْدَارِ حِصَصِهِمْ فَقَطْ مَا عَدَا حِصَّتَهُ يَعْنِي: أَنَّ لَهُمْ طَلَبُ مَا عَدَا الْحِصَّةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْحِصَصِ بِالشُّفْعَةِ.
مَثَلًا: لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ أَثْلَاثًا حِصَّتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلِلشَّرِيكِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِنِصْفِ مَا اشْتَرَاهُ فَقَطْ.
3 -
عَلَى الْمُشْتَرِي: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجْرِي فِي تَمْلِيكِ الْعَقَارِ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِرْثِ كَذَلِكَ لَا تَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ وَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّتَيْنِ (1033 و 1027)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
لَكِنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ أَيْ: (عَلَى الْمُشْتَرِي) يَسْتَلْزِمُ إيرَادَ سُؤَالَيْنِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِالشِّرَاءِ، أَوْ إذَا كَانَ مُنْكِرًا إيَّاهُ وَأَثْبَتَ الشَّفِيعُ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي أَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ كَانَ ذَلِكَ ضِدَّ تَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا بِالْبَيْعِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي مُنْكِرًا لَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْبَيْعِ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ التَّمَلُّكُ الْوَاقِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُصْبِحُ هَذَا التَّمَلُّكُ خَارِجًا مِنْ التَّعْرِيفِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ (بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ.
وَيُجَابُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ هُوَ تَعْرِيفُ الشُّفْعَةِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ نَادِرُ الْوُقُوعِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلنَّادِرِ السُّؤَالُ الثَّانِي: بِمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجْرِي فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1022) وَبِقَوْلِهِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) تَخْرُجُ هَذِهِ الشُّفْعَةُ مِنْ التَّعْرِيفِ فَيَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ وَيُجَابُ عَلَى هَذَا أَيْضًا بِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِيَ شِرَاءُ انْتِهَاءٍ فَلَا تَخْرُجُ هَذِهِ الْهِبَةُ بِقَوْلِ (عَلَى