الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُنَاكَ أَيْ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَقْتَ الْغَصْبِ عَبْدُ الْحَلِيمِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ قَدْ حَصَلَ مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ وَذَلِكَ بِنَقْلِهِ إيَّاهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ الضَّرَرَ، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ أَخْذِ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ خَزَقَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ (حَاشِيَةُ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِقَاسِمِ بْنِ قطلوبغا) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا وَكَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقِيمَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، لَكِنَّ بَيَانَ الْمَجَلَّةِ لَا يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ (الْقُهُسْتَانِيُّ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ)
[
(الْمَادَّةُ 891) الْغَاصِبُ ضَامِنًا إذَا تَلَفَ الْمَغْصُوب أَوْ ضَاعَ]
(الْمَادَّةُ 891) - (كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ كَذَلِكَ إذَا تَلَفَ أَوْ ضَاعَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَتُهُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ) . كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ، فَإِذَا تَلَفَ أَوْ ضَاعَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ يَكُونُ ضَامِنًا فِي الْحَال لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ لَمَّا كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ إيَّاهُ بِمَعْنَى أَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يَرُدَّهُ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَبَدَلًا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْغَصْبِ بِسَبَبِ هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِ عِلَّةِ الضَّمَانِ هِيَ مُجَرَّدُ الْغَصْبِ لُزُومُ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ الْعَيْنِيّ وَلْنُوَضِّحْ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ الْآتِي. لَوْ اعْتَنَى الْغَاصِبُ كُلَّ الِاعْتِنَاءِ بِالْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ وَتَلَفَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَيْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَتَلَفُهُ حَتْفَ أَنْفِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ وَلَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِ لِأَنَّ الْغَصْبَ السَّابِقَ قَدْ كَانَ بِفِعْلِهِ فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَى عُهْدَتِهِ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنْ رَدِّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ بِتَلَفِهَا (الْفَيْضِيَّةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الِاسْتِهْلَاكُ: الِاسْتِهْلَاكُ نَوْعَانِ أَوَّلُهُمَا، اسْتِهْلَاكٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إتْلَافِ جَمِيعِ مَنْفَعَةِ الْمَغْصُوبِ الطَّحْطَاوِيّ وَهَذَا الِاسْتِهْلَاكُ مَوْضُوعُ بَحْثِ هَذِهِ الْمَادَّةِ كَأَكْلِ الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَطَبْخِهَا أَوْ إحْرَاقِ الثِّيَابِ الْمَغْصُوبَةِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تَفُوتُ جَمِيعُ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الشَّاةِ كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَاللَّحْمِيَّةِ وَكَذَلِكَ تَفُوتُ جَمِيعُ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ ثِيَابٍ كَالتَّحَفُّظِ مِنْ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ. وَالتَّغَيُّرُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ الِاسْمُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (899) مَعْدُودٌ مِنْ قَبِيلِ نَوْعِ هَذَا الِاسْتِهْلَاكِ. فَلَوْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ الْمَغْصُوبَةُ دَقِيقًا أَوْ خُبِزَ الطَّحِينِ الْمَغْصُوبَ خُبْزًا أَوْ خُلِطَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (788) وَشَرْحِهَا فَيَكُونُ قَدْ اُسْتُهْلِكَ. مَثَلًا لَوْ خَلَطَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ خَلَطَ الشَّعِيرَ الْمَغْصُوبَ بِحِنْطَةٍ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّعِيرَ وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْبَدَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَنَانِيرَ آخَرَ أَوْ دَرَاهِمَهُ وَخَلَطَهَا بِدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ لَهُ مِنْ جِنْسِهَا وَلَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهَا
فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ضَمَانُهَا إلَّا أَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا وَلَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْمَالِ الْمَخْلُوطِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِمِقْدَارِ حِصَصِهِمَا (الْجَوْهَرَةُ) وَذَلِكَ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (778) كَذَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ أَخْشَابَ آخَرَ أَوْ آجَرَهُ أَوْ لَبِنَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي أَبْنِيَتِهِ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِهْلَاكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَمَّا مُجَرَّدُ ذَبْحِ الْغَاصِبِ لِلشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ ذَبْحِهِ وَسَلْخِهِ وَتَقْطِيعِهِ إيَّاهَا بِدُونِ طَبْخٍ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِهْلَاكًا فَيَدْخُلُ فِي الْمَادَّةِ (971) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ كُلَّ قِيمَتِهَا وَتَرَكَهَا لَهُ مُقَطَّعَةً مَذْبُوحَةً وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مُقَطَّعَةً وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْجَوْهَرَةُ الْخَانِيَّةُ) وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي خَاتِمَةِ الْكِتَابِ ثَانِيهَا وَاسْتِهْلَاكٌ مِنْ وَجْهٍ وَيَكُونُ هَذَا بِتَفْوِيتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَتَمْزِيقِ الثِّيَابِ الْمَغْصُوبِ أَوْ ذَبْحِ الشَّاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا لَوْ ذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَعَلَيْهِ لَوْ مَزَّقَ أَحَدٌ جُبَّةَ آخَرَ وَأَصْبَحَتْ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَبْقَى جُبَّةً لَهُ فَقَدْ فَاتَ بَعْضُ مَنَافِعِهَا إلَّا أَنَّ بَعْضَ مَنَافِعِهَا لَمْ يَزَلْ بَاقِيًا لِكَوْنِهَا تَصْلُحُ لَأَنْ تَكُونَ جُبَّةً لِصَغِيرٍ أَوْ لِشَخْصٍ قَصِيرِ الْقَامَةِ أَوْ أَنْ تَكُونَ لِبَاسًا آخَرَ كَذَلِكَ إذَا ذُبِحَتْ الشَّاةُ كَمَا أَنَّهُ تَفُوتُ بَعْضُ مَنَافِعِهَا كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ تَبْقَى بَعْضُ مَنَافِعِهَا الْأُخْرَى كَاللَّحْمِيَّةِ وَقَدْ بُيِّنَ حُكْم الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ وَجْهٍ فِي الْمَادَّةِ (900) وَهُنَاكَ غَيْر الِاسْتِهْلَاكُ النُّقْصَانُ وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ تَعْيِيبِهِ مَعَ بَقَاءِ مَنَافِعِهِ كَتَفْوِيتِ جَوْدَتِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَسَيُفَصَّلُ حُكْمُ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (900) 2 - الْغَاصِبُ: هَذَا التَّعْبِيرُ أَيْ لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ احْتِرَازِيٌّ بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى حَارِسِ مَحِلِّ الْغَاصِبِ وَمُحَافِظِهِ أَوْ عَلَى الْآمِرِ بِالْغَصْبِ مِثَالٌ لِلْمُحَافَظَةِ: لَوْ نَزَلَ أَحَدٌ فِي قَرْيَةٍ ضَيْفًا فَغَصَبَ أَحَدُ أَهَالِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ بَعْضَ أَمْوَالِ ذَلِكَ الضَّيْفِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَطْلُبَ أَمْوَالَهُ الْمَغْصُوبَةَ.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْمُحَافِظِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُحَافِظًا فِيهَا (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (89) مِثَالٌ لِلْآمِرِ: لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَأْخُذَ مَالَ شَخْصٍ آخَرَ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ أَعْطَاهُ لِآمِرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ تَلَفَ فِي يَدِ الْآخِذِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْآخِذُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ حِينَئِذٍ (الْبَهْجَةُ وَأَبُو السُّعُودِ، وَالْعِمَادِيُّ) وَغَيْرُ احْتِرَازِيٍّ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَعَارَهُ وَسَلَّمَهُ وَتَلَفَ فِي يَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ إيَّاهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِذَلِكَ الْآخَرِ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (910)(أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ آخَرُ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْغَاصِبُ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُتْلِفِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ ضَامِنًا يُصْبِحُ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَيَكُونُ الْمُتْلِفُ فِي
هَذِهِ الْحَالِ مُتْلِفًا لِمَالِ الْغَاصِبِ وَيَكُونُ لِلْغَاصِبِ حَقُّ تَضْمِينِ الْمُتْلِفِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُتْلِفَ، وَلَيْسَ لِلْمُتْلِفِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ (الْبَزَّازِيَّةُ مَعَ الْإِيضَاحِ) . 3 - لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ: يَعْنِي لَوْ تُوُفِّيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ دُونَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ الَّذِي أَتْلَفَهُ لَزِمَ إعْطَاؤُهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِيفَاؤُهُمْ إيَّاهُ. كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَنْ يَرُدَّ الْمَغْصُوبَ الْمَوْجُودَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إذَا تُوُفِّيَ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُوفِ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ إلَى وَرَثَتِهِ فَيَطْلُبُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمُتَوَفَّى حَقَّهُ مِنْ الْغَاصِبِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى (الْخَانِيَّةُ) 4 - ضَامِنًا: إنَّ الْغَاصِبَ وَإِنْ كَانَ يَضْمَنُ كُلَّ الْمَغْصُوبِ الَّذِي تَلَفَ أَوْ أُتْلِفَ فَإِذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ شَيْئًا وَاحِدًا مِنْ شَيْئَيْنِ كَانَ فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْمَغْصُوبَ مَعَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَيَضْمَنُ عِنْدَ الْآخَرِينَ الْمَغْصُوبَ فَقَطْ مَثَلًا لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ إحْدَى دَفَّتَيْ بَابٍ أَوْ حِذَاءٍ وَاسْتَهْلَكَهَا فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَتْرُكُ صَاحِبُ الْمَالِ دَفَّةَ الْبَابِ الْأُخْرَى أَوْ الْحِذَاءِ لِلْغَاصِبِ وَيُضَمِّنُهُ الِاثْنَيْنِ مَعًا وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخِرِ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا اسْتَهْلَكَهُ وَلَا يَضْمَنُ الشَّيْءَ الْآخَرَ (الْبَزَّازِيَّةُ، وَأَبُو السُّعُودِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) .
وَسَتُبَيَّنُ صُورَةُ التَّضْمِينِ فِي فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ الْآتِيَةِ: 4 - بِتَعَدِّيهِ: هَذَا التَّعْبِيرُ بِمَا أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ فَلَوْ كُتِبَتْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ (كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا إذَا تَلَفَ الْمَغْصُوبُ أَوْ ضَاعَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ. . .) لَكَانَ أَخْصَرَ. التَّعَدِّي: كَضَرْبِ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ وَتَلَفِهِ بِذَلِكَ وَهَلَاكِ الْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ بِنَاءً عَلَى سَوْقِهِ بِعُنْفٍ وَشِدَّةٍ وَمَا إلَى ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (602) .
5 -
بِلَا تَعَدٍّ: كَسَرِقَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَحِفْظِهِ وَتَلَفِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَخَلْطِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بِمَالٍ آخَرَ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ. مَثَلًا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْحِنْطَةُ بِحِنْطَةٍ أُخْرَى بِنَفْسِهَا فَتُعَدُّ كَأَنَّهَا تَلِفَتْ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ قُمَاشَ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ فَصَّلَهُ وَخَاطَهُ قَمِيصًا، أَوْ لَوْ غَصَبَ حِنْطَةً وَبَعْدَ أَنْ طَحَنَهَا أَوْ غَصَبَ لَحْمًا لَهُ وَبَعْدَ أَنْ شَوَاهُ ضُبِطَ الْقَمِيصُ أَوْ الطَّحِينُ أَوْ اللَّحْمُ الْمَشْوِيُّ مِنْ الْغَاصِبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْقُمَاشِ أَوْ الْحِنْطَةِ أَوْ اللَّحْمِ.
أَمَّا لَوْ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ إعْمَالِ الْقُمَاشِ قَمِيصًا وَالْحِنْطَةِ دَقِيقًا وَاللَّحْمِ شِوَاءً وَأَثْبَتَ أَنَّهُ لَهُ، وَأَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْغَاصِبِ شَيْئًا. كَذَلِكَ لَوْ فَصَّلَ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ قَمِيصًا وَذَبَحَ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ وَقَبْلَ أَنْ يَخِيطَ الْقَمِيصَ أَوْ يَطْبُخَ الشَّاةَ ظَهَرَ لَهُمَا مُسْتَحِقٌّ وَضَبْطَهُمَا مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) .
6 -
إذَا تَلَفَ: لَكِنْ لَوْ - ادَّعَى الْغَاصِبُ التَّلَفَ أَوْ الْإِتْلَافَ وَلَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْحُكْمِ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْغَاصِبُ أَنْ يُثْبِتَ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ بِالْبَيِّنَةِ يَحْبِسُ الْحَاكِمُ الْغَاصِبَ إلَى أَنْ يُظْهِرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِأَنَّ عَدَمَ إظْهَارِهِ إيَّاهُ نَاشِئٌ عَنْ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ، وَمُدَّةُ
الْحَبْسِ مُحَوَّلَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَكَمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ حَبْسِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَحْكُمُ بِالْبَدَلِ أَيْضًا بِدُونِ حَبْسٍ إذَا رَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْبَدَلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ أَيْ بِدُونِ حَبْسِ الْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ وَالْمَفْضُولِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (890)
7 -
إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ لَقِيمَتِهِ: لَوْ عَوِرَتْ عَيْنُ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ هَزَلَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ ضَامِنًا. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (900)(اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 918 و 920)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 8 - الْحَالُ: أَيْ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ مُعَاوَضَةً ضَرُورِيَّةً فَلَا يَلْحَقُهَا تَأْجِيلٌ فَلِذَلِكَ إذَا أَجَّلَ صَاحِبُ الْمَالِ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ الَّذِي يَلْزَمُ الْغَاصِبَ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَكُونُ الْأَجَلُ صَحِيحًا كَذَلِكَ لَا تَلْحَقُ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةَ زِيَادَةٌ أَيْضًا عَلِيٌّ أَفَنْدِي.
أَمَّا تَأْجِيلُ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ فَصَحِيحٌ فَلَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدُ الْأَنْقِرْوِيُّ فَإِذَا كَانَ مَالُ الْغَصْبِ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ فِي زَمَنِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْقَطِعًا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مِثْلِهِ أَيْضًا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقِيمَتِهِ إذَا كَانَ وُجُودُهُ نَادِرًا، لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا. وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهَذَا، وَبِإِبْرَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَهُ، وَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْإِثْمِ بَعْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ بِلَا تَوْبَةٍ الْقُهُسْتَانِيُّ. 9 - قِيمَتُهُ فِي زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ: قَدْ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ هُنَا، لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ ثَابِتٌ فِي صُورَةِ الْمَغْصُوبِ وَفِي مَعْنَاهُ مَعًا أَيْ ثَابِتٌ فِي قِيمَتِهِ وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الشَّيْءِ عِبَارَةً عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَانَ الْمَعْنَى أَصْلًا وَالصُّورَةُ تَابِعَةً لَهُ وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمُتَعَذَّرِ أَيْضًا اعْتِبَارُ الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ مِثْلِهَا فَيُعْتَبَرُ الْمَعْنَى فَقَطْ أَيْ الْقِيمَةُ، وَبِذَلِكَ يُدْفَعُ الضَّرَرُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الْعَيْنِيُّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى إذْ الْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ لِتَجَانُسِ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ وَالْمُجَرَّدَاتُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ (الْعِنَايَةُ، السَّعْدِيُّ الشِّبْلِيُّ) وَتَحْقِيقُ هَذَا هُوَ: الْمِثْلُ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمِثْلُ الْكَامِلُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَالْأَصْلُ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ هُوَ هَذَا.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْمِثْلُ الْقَاصِرُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمِثْلِ مَعْنًى وَهَذَا هُوَ الْقِيمَةُ فَإِذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِالْأَصْلِ مُمْكِنًا فَالْقَضَاءُ بِالْقَاصِرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، لِأَنَّ الْقَاصِرَ خَلَفٌ لِلْأَصْلِ الْكَامِلِ وَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْأَصْلُ فَلَا يُصَارُ إلَى الْخَلَفِ (الْفَتْحُ الْقَدِيرُ) وَيُطْلِقُ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى ضَمَانِ الْقِيمَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْقَضَاءُ الْمَحْضُ بِالْمِثْلِ الْمَعْقُولِ الْقَاصِرِ) وَيَكُونُ قَاصِرًا لِأَنَّ الْبَدَلَ أَيْ الْقِيمَةَ هِيَ مِثْلُ الْمَغْصُوبِ مَعْنًى فَقَطْ وَلَيْسَ مِثْلَهُ صُورَةً (شَرْحُ الْمَجَامِعِ) 0 10 - تَلْزَمُ الْقِيمَةُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ. لِأَنَّ الْقِيَمَ تَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ
(وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) وَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَتَلَفَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَرِيضٌ (الْجَوْهَرَةُ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: هُنَاكَ صُورَتَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا: أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَتْلَفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. ثَانِيهُمَا أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ الْغَاصِبُ.
وَفِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الِاحْتِمَالَاتِ سِتَّةً: (1) أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مُسَاوِيَةً لَقِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ.
(2 و 3) أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ زِيَادَةٌ وَفِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ نُقْصَانٌ.
(4 و 5) أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ نُقْصَانٌ وَفِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ زِيَادَةٌ. تَلْزَمُ الْقِيمَةُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْأُوَلِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَلَفَ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ أَوْ فِي بَدَنِهِ وَهُوَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ازْدِيَادُ الْقِيمَةِ فِي زَمَنِ التَّلَفِ. وَلَوْ تَلَفَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ أَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ نُقْصَانٌ فِي سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ أَوْ بَدَنِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ أَوْ أُتْلِفَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ مِنْ طَرَفِ الْغَاصِبِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دُخُولُ الْمَغْصُوبِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ سَابِقًا هَلَاكَهُ فَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ (الْهِدَايَةُ) . كَذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مَعَ قِيمَتِهِ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ إلَّا أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ ازْدَادَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ فَنُقْصَانُ الْقِيمَةِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ، فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الدَّابَّةَ الَّتِي تُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ فَارْتَفَعَتْ قِيمَتُهَا لِأَلْفَيْ قِرْشٍ لِحُصُولِ الزِّيَادَةِ فِي بَدَنِهَا كَسَمْنِهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ قِيمَتُهَا إلَى أَلْفِ قِرْشٍ لِحُصُولِ نَقْصٍ فِي بَدَنِهَا وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ ضَمَانُ أَلْفِ الْقِرْشِ الَّذِي هُوَ قِيمَتُهَا وَقْتَ الْغَصْبِ وَلَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ عَنْ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الْقَبْضُ، فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً لِارْتِفَاعِ السِّعْرِ وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا هَلَكَتْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا فِي الصُّورَةِ السَّادِسَةِ أَيْ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ أَنْقَصَ وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ أَزْيَدَ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ تَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْغَصْبِ. وَتَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ قِيمَتُهُ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الْغَصْبِ) لِأَنَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ فِي حَالِ الزِّيَادَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ هَكَذَا أَيْضًا (الْبَاجُورِيُّ) وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
وَلْنُوَضِّحْ هَذَا بِمِثَالٍ: لَوْ اسْتَهْلَكَ الشَّاةَ الَّتِي غَصَبَهَا وَاَلَّتِي قِيمَتُهَا وَقْتَ الْغَصْبِ دِينَارَانِ وَبَعْدَ أَنْ سَمِنَتْ عِنْدَهُ وَصَارَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ ذَبَحَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إعْطَاءُ دِينَارَيْنِ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ حَصَلَتْ زِيَادَةٌ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ أَنْ غَصَبَهُ الْغَاصِبُ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَقْتَ اسْتِهْلَاكِهِ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ عِنْدَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي الْأَنْقِرْوِيُّ
كَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَانَتْ النُّقُودُ الَّتِي أَخَذَهَا الْغَاصِبُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْمَالِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ قَبْلًا فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ فَقَطْ (التَّنْقِيحُ) . بِأَيِّ جِنْسٍ مِنْ النُّقُودِ تُقَدَّرُ الْقِيمَةُ؟ مَعَ أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَذْكُرْ بِأَيِّ جِنْسٍ تَقْدِيرُ الْقِيمَةِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ النَّقْدُ الْغَالِبُ. يَعْنِي أَنَّهَا تُقَوَّمُ بِذَهَبٍ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ يُبَاعُ فِي السُّوقِ بِذَهَبٍ وَبِفِضَّةٍ إذَا كَانَ يُبَاعُ بِفِضَّةٍ وَإِذَا كَانَ يُبَاعُ بِهِمَا فَبِالْأَنْفَعِ لِلْمَالِكِ وَإِذَا تُسَاوَيَا فِي النَّفْعِ فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ يَحْكُمُ بِمَا شَاءَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْبَزَّازِيَّةُ الْخَانِيَّةُ، الْبَاجُورِيُّ) . صُورَةُ تَقْدِيرِ الْقِيمَةِ: يَكْفِي إخْبَارُ عَدْلٍ وَاحِدٍ فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الشَّهَادَةِ) . 2 - مِثْلُهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ: قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْمِثْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (890) . يَعْنِي أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ مِنْ السُّوقِ لَزِمَ مِثْلُهُ، وَيُطْلِقُ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى هَذَا أَيْ ضَمَانِ الْمِثْلِ، (الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ الْمَعْقُولِ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ (الْقَضَاءُ الْكَامِلُ) . وَيَثْبُتُ لُزُومُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ وَذَلِكَ هُوَ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَتَسْمِيَةُ هَذَا الضَّمَانِ بِالِاعْتِدَاءِ مَجَازٌ لِعَلَاقَةِ التَّضَادِّ. وَعَلَاقَةُ التَّضَادِّ، عِبَارَةٌ عَنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِضِدِّهِ كَمَا فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] مَعَ أَنَّ الَّذِي يَتَرَتَّبُ مُقَابَلَةً عَلَى السَّيِّئَةِ لَيْسَ سَيِّئَةً بَلْ عُقُوبَةٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ كَانَ حَقُّ الْمَالِكِ ثَابِتًا صُورَةً وَمَعْنًى. فَفَوَّتَهُ الْغَاصِبُ صُورَةً وَمَعْنًى مَعًا. وَتُمْكِنُ مُرَاعَاةُ هَذَيْنِ بِإِيجَابِ الْمِثْلِ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِيجَابُ الْمِثْلِ أَعْدَلُ وَأَتَمُّ لِجَبْرِ الْفَائِتِ وَبِذَلِكَ قَدْ كَانَ الْمِثْلُ أَوْلَى مِنْ الْقِيمَةِ. مَثَلًا لَوْ أَتْلَفَ الْغَاصِبُ حِنْطَةَ أَحَدٍ فَيَكُونُ قَدْ أَضَاعَ الْغَاصِبُ حَقَّيْ الْمَالِكِ: أَوَّلُهُمَا، حَقَّهُ فِي الصُّورَةِ وَثَانِيهِمَا، حَقُّهُ فِي الْمَعْنَى أَيْ فِي الْمَالِيَّةِ. الْجَبْرُ التَّامُّ، يَكُونُ بِإِيجَابِ الْمِثْلِ عَلَى الْغَاصِبِ صُورَةً وَمَعْنًى (الزَّيْلَعِيّ الْعِنَايَةُ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عِنَبًا طَازَجًا وَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَهُ إيَّاهُ فِي الشِّتَاءِ وَكَانَ يُوجَدُ عِنَبٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ لَكِنْ لَيْسَ طَازَجًا عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ يَلْزَمُ أَخْذُ مِثْلِهِ وَلَيْسَ قِيمَتُهُ. وَإِذَا طَلَبَ عِنَبًا طَازَجًا فَعَلَيْهِ الِانْتِظَارُ إلَى مَوْسِمِ الْعِنَبِ الْأَنْقِرْوِيُّ وَبِمَا أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ تَخْتَلِفُ رَدَاءَةً وَجَوْدَةً يَلْزَمُ إعْطَاءُ الْجَيِّدِ مُقَابِلَ الْجَيِّدِ. وَلَا يَصِحُّ إعْطَاءُ الرَّدِيءِ فِي مُقَابِلِ الْجَيِّدِ وَبِهَذَا تَكُونُ قَدْ رُوعِيَتْ الْمُمَاثَلَةُ سَعْدِي جَلَبِي وَإِلَّا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ الْحِنْطَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُتْلَفَةِ مِنْ أَعْلَى جِنْسٍ جِنْسًا أَدْنَى فَلَا يُجْبَرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْقَبُولِ. يُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ الْمُتْلَفُ بِالْقِيمَةِ أَحْيَانًا:
قَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ تَلْزَمُ فِي الْمَغْصُوبِ الْمُتْلَفِ قِيمَتُهُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا. سَوَاءٌ تَلَاقَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ تَلَاقَيَا فِي بَلَدٍ آخَرَ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَلَا يَتَبَدَّلُ الْحُكْمُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ الْهَالِكِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُتْلَفُ مِثْلِيًّا وَكَانَ مَضْمُونًا بِمِثْلِهِ عَلَى الْأَكْثَرِ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي الصُّوَرِ السِّتِّ الْآتِيَةِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي وَالْخُصُومَةِ أَقَلَّ كَانَ الْمِثْلُ الْمُتْلَف مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَقَلَّ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي وَالْخُصُومَةِ أَزْيَدَ يَكُونُ الْمِثْلِيُّ الْمُتْلَفُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ وَتَلْزَمُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الْمِثْلِيُّ مُنْقَطِعًا يَكُونُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: كُلُّ مِثْلِيٍّ يَصِيرُ إتْلَافُهُ وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى الْهَلَاكِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمِثْلِيُّ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ أَيْضًا.
فَعَلَيْهِ لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ الْحِنْطَةَ الَّتِي كَانَتْ تَحْمِلُهَا السَّفِينَةُ فِي الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ غَرَقِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمِثْلِيُّ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ إذْ لِتِلْكَ الْحِنْطَةِ قِيمَةٌ مَا لِاحْتِمَالِ تَخْلِيصِهَا.
الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَتْلَفَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ.
الصُّورَةُ السَّادِسَةُ، لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ فِي أَرْضِهِ حِنْطَةً عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (907) فَقَلَبَهَا آخَرُ تَغَلُّبًا وَزَرَعَ فِيهَا حِنْطَةً وَنَبَتَ الزَّرْعَانِ وَأُدْرِكَا فَكُلُّ الزَّرْعِ هُوَ لِذَلِكَ الْآخَرِ الْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَةَ حِنْطَتِهِ مَزْرُوعَةً فِي أَرْضِهِ. كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ لَزِمَ مِثْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ لَكِنْ فِيهِ وَجْهَانِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: وُجُودُ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يَرُدَّ الْغَاصِبُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَأْخُذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هُنَاكَ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقُولَ إنَّنِي أُعْطِيهِ قِيمَتَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ لَا آخُذُ مِثْلَهُ وَأُرِيدُ قِيمَتَهُ. يَعْنِي لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ أَزْيَدَ وَوَقْتَ الضَّمَانِ أَنْقَصَ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقُولَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ أَنْقَصَ وَوَقْتَ الضَّمَانِ أَزْيَدَ إنَّنِي أُعْطِيهِ الْقِيمَةَ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا. فَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ أَحَدٌ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ كَانَ يَحْفَظُهَا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ تَغَلُّبًا مِنْ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ وَاسْتَهْلَكَهَا فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي: وُجُودُ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَمُخَاصَمَتُهُمَا هُنَاكَ. يُوجَدُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ثَلَاثُ صُوَرٍ:
1 -
إذَا كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ وَاحِدَةً فِي الْبَلَدَيْنِ أَيْ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَبَلَدِ التَّلَاقِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى
بَلَدِ الْخُصُومَةِ، وَأَعْطَى الْغَاصِبُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَكُونُ الْغَاصِبُ مُطَالَبًا بِإِعْطَاءِ مِثْلِهِ فِي الْبَلَدِ الْمَذْكُورِ (الْبَهْجَةُ) لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا شَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَلَّا يَأْخُذَهُ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهُ الْمِثْلَ الْمَذْكُورَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ. لِأَنَّ الْمِثْلَ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الْأَمَاكِنِ (الْعَيْنِيُّ فِي قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَالْوَاجِبُ الرَّدُّ فِي الْمَكَانِ الَّذِي غَصَبَهُ) . 2 -
وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ أَقَلَّ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ مُخَيَّرًا عَلَى نَوْعَيْنِ - إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ وَيَأْخُذَ مِثْلَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) - كَمَا سَيَأْتِي:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: إنْ شَاءَ أَعْطَى مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي وَإِنْ أَعْطَى فِي بَلَدِ الْغَصْبِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ. لِأَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ فَقَطْ.
وَلَوْ أُجْبِرَ الْغَاصِبُ عَلَى إعْطَاءِ الْمِثْلِيِّ حَصْرًا لَتَضَرَّرَ. لِأَنَّهُ تَكُونُ قَدْ لَزِمَتْ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ الَّتِي لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. فَعَلَيْهِ قَدْ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ إعْطَاءِ مِثْلِهِ فِي الْحَالِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ قِيمَتِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ إلَّا إذَا صَبَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إلَى حِينِ الْوُصُولِ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ فَيَلْزَمُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْبَزَّازِيَّةُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَهَا قَدْ ضُمِنَ الْمِثْلِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْقِيمَةِ.
3 -
وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ وَقِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ أَقَلَّ فَيُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَمَا سَيَأْتِي (الْهِنْدِيَّةُ، وَالْقُهُسْتَانِيُّ) .
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: إنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: إنْ شَاءَ انْتَظَرَ إلَى أَنْ يَعُودَ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ فَيَأْخُذَ مِثْلَهُ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ رُئِيَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا. 2 - إذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْقَطِعًا: أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ الْمِثْلِيُّ بَعْدَ أَنْ غُصِبَ وَاسْتُهْلِكَ لَزِمَ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ أَيْضًا، وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مَوْجُودًا فِي مَوْسِمٍ خَاصٍّ وَيَمُرَّ ذَلِكَ الْمَوْسِمُ كَمَوْسِمِ الْبَلَحِ (أَبُو السُّعُودِ) فَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلِيُّ بِحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَسْوَاقِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيُّ وَغَيْرِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا كَمَا فِي (شَرْحِ الطَّحْطَاوِيِّ وَالْقُهُسْتَانِيِّ) تَلْزَمُ الْقِيمَةُ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عِنَبًا زَيْنِيًّا فِي شَهْرِ أَيْلُولَ الْغَرْبِيِّ وَخَاصَمَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي شَهْرِ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عِنَبٌ زَيْنِيٌّ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ فِي السُّوقِ عُدَّ مُنْقَطِعًا (أَبُو السُّعُودِ) لَكِنْ لِلْمُجْتَهِدِينَ فِي قِيمَةِ الْمِثْلِيِّ الْمُنْقَطِعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. فَتَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ يَعْنِي وَقْتَ الْمُقَاضَاةِ لِأَنَّ أَدَاءَ مِثْلِ الْمَغْصُوبِ يَلْزَمُ ذِمَّةَ الْغَاصِبِ فِي غَصْبِ الْمِثْلِيِّ وَيَبْقَى الْمِثْلُ لَازِمًا ذِمَّتَهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِالْقِيمَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ انْتَظَرَ الْمَالِكُ عَوْدَةَ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ بَقِيَ حَقُّهُ فِي أَخْذِ الْمِثْلِ مَحْفُوظًا وَبِمَا أَنَّ انْتِقَالَ ذَلِكَ الْحَقِّ يَكُونُ قَضَاءً فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ وَقْتَ الِانْتِقَالِ الزَّيْلَعِيّ.
أَمَّا الْقِيَمِيُّ الْمُتْلَفُ لَمَّا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ فِي زَمَنِ وُجُودِ الْغَصْبِ، وَوَقْتُ الْغَصْبِ سَبَبُ وُجُودِ الضَّمَانِ فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي زَمَنِ الْغَصْبِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ مِثْلُهُ الْتَحَقَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ. لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالذِّمَّةِ هُوَ الْمِثْلُ وَإِنَّمَا يُنْتَقَلُ إلَى الْقِيمَةِ بِالِانْقِطَاعِ. وَقَدْ جُمِعَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْمَنْظُومَةِ الْآتِيَةِ:
وَلَوْ غَصَبَ الْمِثْلَ ثُمَّ انْصَرَمَا
…
فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اخْتَصَمَا
وَيَوْمَ غَصْبِ الْعَيْنِ عِنْدَ الثَّانِي
…
وَحَالَةُ الْفَقْدِ لَدَى الشَّيْبَانِيُّ
" أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ " وَقَدْ رَجَحَ كُلٌّ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ أَمَّا فِي الْبَهْجَةِ فَقَدْ أُفْتِيَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ الْغَاصِبُ مَشَقَّةً وَأَحْضَرَ مِثْلَهُ حَالَ الِانْقِطَاعِ يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى قَبُولِهِ (الْجَوْهَرَةُ فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ) . وَقَدْ شُوهِدَ فِي مَسْأَلَةِ الِانْقِطَاعِ هَذِهِ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَضْمُونٌ أَيْضًا بِالْقِيمَةِ فَعَلَيْهِ إذَا أُرِيدَ الْحُكْمُ بِإِعْطَاءِ الْمِثْلِ بِسَبَبِ وُجُودِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ التَّحَقُّقِ مِنْ وُجُودِ ذَلِكَ الْمِثْلِ فِي الْحَالِ أَيْ وُجُودِهِ فِي الْأَسْوَاقِ حِينَ الْحُكْمِ وَأَنْ يُصَرِّحَ بِهَذِهِ الْجِهَةِ فِي إعْلَامِ الْحُكْمِ الَّذِي يُنَظِّمُهُ الْقَاضِي وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْمِثْلُ ثُمَّ وُجِدَ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْمَالِ الدَّعْوَى بِطَلَبِ تَضْمِينِ الْقِيمَةِ وَقَبْلَ الْحُصُولِ عَلَى الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ يَجِبُ إعْطَاءُ الْمِثْلِ أَيْضًا أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِهِ ثُمَّ وُجِدَ الْمِثْلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْخَذُ الْمِثْلِيُّ بَلْ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ عَبْدُ الْحَلِيمِ وَكَمَا أَنَّ الْمِثْلِيَّ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ بِنَاءً عَلَى الِانْقِطَاعِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ ثَالِثًا، فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا أَنَّهُ رَابِعٌ، فَعَلَيْهِ كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ يَصِيرُ إتْلَافُهُ حِينَمَا يَكُونُ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ، أَيْ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِخَطَرِ التَّلَفِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ فِي زَمَنِ الْإِتْلَافِ. فَإِنَّ لَهُ قِيمَةً وَإِنْ قُلْت لِاحْتِمَالِ النَّجَاةِ، وَالْمِثْلِيُّ يَخْرُجُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ لِمَعْنًى خَارِجٍ ثُمَّ هَذَا إذَا أُلْقِيَ بِلَا إذْنٍ وَاتِّفَاقٍ وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فِي آخِرِ قِسْمَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا لَوْ هَبَّتْ الرِّيَاحُ فِي الْبَحْرِ وَأَشْرَفَتْ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى رُبَّانُهَا مَا فِيهَا مِنْ الْحِنْطَةِ الْمَشْحُونَةِ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا أَتْلَفَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَانَ ضَامِنًا قِيمَتَهَا لِأَنَّ الْخَمْرَ قِيَمِيٌّ حُكْمًا وَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُنِعَ مِنْ تَمْلِيكِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إعْزَازٌ لَهَا (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الصُّورَةُ السَّادِسَةُ: قَدْ صَارَ إيضَاحُهَا آنِفًا فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ.
صُورَةُ الْمُحَاكَمَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْغَصْبِ وَصُورَةُ الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ: يُبَيَّنُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: صُورَةُ الْمُحَاكَمَةِ وَالْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِالْغَصْبِ وَصُورَةُ حَلٍّ وَفَصْلٍ لِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَعِنْدَمَا يَدَّعِي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَصْبَ يَسْأَلُ الْحَاكِمُ الْغَاصِبَ فَإِنْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِالْغَصْبِ أَلْزَمَهُ.
مَثَلًا لَوْ ادَّعَى مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ فَرَسًا وَصْفَهُ كَيْتَ وَكَيْتَ وَأَنَّهُ تَلَفَ فِي يَدِهِ وَأَنَّ قِيمَتَهُ
وَقْتَ الْغَصْبِ أَلْفُ قِرْشٍ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَالْقِيمَةِ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِإِعْطَاءِ قِيمَتِهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّ الْفَرَسَ مِلْكُهُ وَقَدْ غُصِبَتْ مِنْهُ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَيَحْكُمُ بِأَلْفِ الْقِرْشِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي الثَّانِي وَلَا يَأْخُذُ الْمُدَّعِي الْأَوَّلُ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا. لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الثَّانِي قَدْ ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ.
إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْصَلَ الْأَلْفَ الْمَذْكُورَ بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى يَدِ الْغَاصِبِ بِوَجْهٍ مَا كَأَنْ وَهَبَهُ إلَيْهِ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ بَاعَهُ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الصَّرْفِ فَيَلْزَمُهُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ. وَالْفَرَسُ الْمَغْصُوبُ إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَأَقَرَّ الْغَاصِبُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ غَصَبَهُ مِنْ فُلَانٍ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْقِيمَةِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فَرَسُهُ وَغَصَبَهُ مِنْهُ وَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا قَضَى بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ وَأَخَذَهَا لَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ وَصَلَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ بِعَيْنِهَا إلَى الْغَاصِبِ مِنْ جِهَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْإِرْثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ بِالْمُبَايَعَةِ يُؤْمَرُ بِرَدِّهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ وَصَلَ بِالْهِبَةِ أَوْ الْمُبَايَعَةِ لَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ وَصَلَ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) .
وَإِذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ: نَحْنُ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَكُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ يُحْكَمُ عَلَى هَذَا الْغَاصِبِ الْمُقِرِّ بِجَمِيعِ الدَّنَانِيرِ الْعَشَرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ الْغَصْبِ) . وَلَا يُقَالُ إنَّ الْغَاصِبِينَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ وَالْمَغْصُوبُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمْ دِينَارًا وَاحِدًا. لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَقُولُ (نَحْنُ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَدْ غَصَبَهَا مُسْتَقِلًّا. لِأَنَّ كَلِمَةَ (نَحْنُ) تُسْتَعْمَلُ أَيْضًا لِلْوَاحِدِ وَيَكُونُ بِقَوْلِهِ (وَكُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ) قَدْ رَجَعَ، لَكِنْ لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ غَصَبْتُ أَنَا وَتِسْعَةُ الْأَشْخَاصِ الْفُلَانِيِّينَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَضْمَنُ دِينَارًا وَاحِدًا فَقَطْ. مَا لَمْ يَثْبُتْ غَصْبُهُ لِجَمِيعِهَا (الشَّارِحُ) . إذَا أَنْكَرَ الْغَاصِبُ الْغَصْبَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِذَا أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ شُهُودًا تَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ أَوْ شَهِدُوا بِمُعَايَنَتِهِمْ فِعْلَ الْغَصْبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى إحْضَارُ الْمَنْقُولِ الْمَغْصُوبِ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1621) لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَمْتَنِعَ الْغَاصِبُ عَنْ إحْضَارِ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ أَيْضًا بَيَانُ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ يُمْكِنُهُمْ مُعَايَنَةُ فِعْلِ الْغَصْبِ حِينَ الْغَصْبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمْ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ فَلِهَذِهِ الْمَعْذِرَةُ سَقَطَ مِنْ الِاعْتِبَارِ عِلْمُ الشُّهُودِ بِأَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . صُورَةُ حَلِّ وَفَصْلِ الِاخْتِلَافِ فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ: إذَا اتَّفَقَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَلَا رَيْبَ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَدَّعِي بِهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَيُثْبِتُهَا لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ قَدْ أَثْبَتَ مُدَّعِيًا بِالْبَيِّنَةِ الْمُلْزِمَةِ (الْهِدَايَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (75 و 76) كَمَا أَنَّهُ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ. لِأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي قِيمَةِ شَيْءٍ يَعْنِي شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ اثْنَانِ آخَرَانِ عَلَى أَنَّهَا تِسْعَةٌ فَبِمَا أَنَّ بَيِّنَةَ الْأَقَلِّ نَافِيَةٌ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ وَيَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ (الْأَشْبَاهُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) .
أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْغَاصِبُ يُنْكِرُهَا وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ، اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (8 و 76) الْهِدَايَةُ الْعَيْنِيُّ الطَّحْطَاوِيُّ.
أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ وَصَارَ تَوْجِيهُ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ فَأَرَادَ الْغَاصِبُ إثْبَاتَ الْقِيمَةِ بِالْبَيِّنَةِ تَخَلُّصًا مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي وُجِّهَتْ إلَيْهِ وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْغَاصِبِ قِيَاسًا عَلَى الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1774) إلَّا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ (النِّهَايَةُ الْعِنَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ، وَالشِّبْلِيُّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . فَعَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الْغَاصِبُ أَنْ يُثْبِتَ الْقِيمَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا وَلَمْ يَقْبَلْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْإِثْبَاتَ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْغَاصِبِ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي يَزِيدُ عَنْ إقْرَارِهِ لَزِمَ تَحْلِيفُ الْغَاصِبِ الْيَمِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْخُلَاصَةِ) .
لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَقٌّ فِي رَدِّ الْيَمِينِ أَيْضًا: فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إثْبَاتَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ وَصَارَ تَوْجِيهُ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ أَجْلِ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَقَالَ الْغَاصِبُ إنِّي أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَأُؤَدِّي الْقِيمَةَ الَّتِي يَحْلِفُ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَقٌّ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ قَبِلَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ لِأَنَّ هَذَا التَّرَاضِيَ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ مُخَالِفٍ لِلشَّرْعِ فَهُوَ لَغْوٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) إذَا قَالَ الْمَالِكُ إنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَقَالَ الْغَاصِبُ لَا أَعْرِفُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ لَكِنَّهَا أَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمَالِكُ وَبِمَا أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ أَقَرَّ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي قَوْلِهِ: لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيَانِ مِقْدَارِهَا وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُقِرُّ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (8 و 76) .
وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ مَعَ إجْبَارِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيَحْلِفُ الْغَاصِبُ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا كَمَا يَدَّعِي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَإِذَا نَكَلَ ثَبَتَ الْمُدَّعَى بِهِ، أَيْ ثَبَتَ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ. أَمَّا إذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ لَيْسَتْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ رَغْمًا عَنْ الْإِجْبَارِ وَقَدْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَحْلِفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى كَوْنِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ كَمَا يَدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ فَلَهُ أَخْذُ عَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ مِنْ الْغَاصِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحَالُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (76) أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَصْلًا فَكَيْفَ وُجِّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْقَاعِدَةِ وَقَدْ تَعَرَّضَ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ لِبَيَانِ سَبَبِ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَعَدَّ تَحْلِيفَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي حَالَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1778) نَظِيرًا لِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ السُّؤَالُ الْآتِي وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعِي يَمِينٌ أَبَدًا لِنَصِّ الشَّارِعِ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ لَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ.
وَقَدْ حَلَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ لَيْسَتْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ
لَيْسَتْ تِسْعَةً أَيْضًا وَإِذَا حَلَفَ فَيَحْلِفُ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ لَيْسَتْ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ أَيْضًا وَإِذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ سِتَّةَ دَنَانِيرَ أَيْضًا وَهَلُمَّ جَرًّا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَنْقَصَ مِنْهُ عُرْفًا وَعَادَةً فَيُلْزَمُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. وَيَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ حِينَئِذٍ لِلْغَاصِبِ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْغَصْبِ وَوَقَعَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ قُبِلَتْ فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْغَصْبَ فَلَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى الْغَاصِبِ بَلْ شَهِدَتْ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَقَطْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (1746)(الْهِنْدِيَّةُ، وَفَتَاوَى أَبُو السُّعُودِ فِي الرَّهْنِ) .
دَفْعُ الْغَاصِبِ دَعْوَى الْغَصْبِ:
1 -
إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْغَصْبَ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ اشْتَرَى الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بِكَذَا قِرْشًا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . 2 - لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا وَأَعَادَهُ وَأَنْكَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لَكِنْ لَوْ أَثْبَتَ الْغَاصِبُ دَفْعَهُ بِالْبَيِّنَةِ قُبِلَ مِنْهُ هَذَا الدَّفْعُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . 3 - لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ إنَّ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَسَالِمًا حِينَ الْغَصْبِ فَقَدْ مَزَّقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَهُوَ فِي يَدَيَّ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى عَدَمِ التَّمْزِيقِ وَحَلِفِهِ الْيَمِينَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) .
ادِّعَاءُ اثْنَيْنِ الْمَغْصُوبَ: لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ فَرَسًا فِي يَدِ وَاحِدٍ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ ذِي الْيَدِ قَدْ غَصَبَهُ مِنْهُ فِي وَقْتِ كَذَا وَأَقَامَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ ذِي الْيَدِ قَدْ غَصَبَهُ مِنْهُ فِي وَقْتٍ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَالْفَرَسُ لِمَنْ يَدَّعِي وَيُثْبِتُ غَصْبَهُ بِالتَّارِيخِ الْمُتَقَدِّمِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ شَيْئًا لِلْمُدَّعِي الثَّانِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) .
تَغْيِيبُ الْمَغْصُوبِ: إذَا غُيِّبَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ الْغَصْبِ يَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ صَبَرَ لِحِينِ وُجُودِهِ وَأَخَذَهُ عَيْنًا مَتَى وُجِدَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَاخْتُلِفَ فِي قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ، لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْغَاصِبُ يُنْكِرُهَا لَكِنْ إذَا أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ عَلَى زِيَادَةِ الْقِيمَةِ ضَمِنَ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ (الْجَوْهَرَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ إذَا أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ يُصْبِحُ الْغَاصِبُ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ وَيَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْمِلْكُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ أَيْضًا أَرْبَاحَ الْمَغْصُوبِ وَزِيَادَتَهُ الْمُتَّصِلَةَ (الْهِدَايَةُ) . وَقَدْ صَارَ الْغَاصِبُ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ بَعْدَ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ
مَالِكًا لِلْبَدَلِ رَقَبَةً وَمِلْكًا فَلَزِمَ أَنْ يَمْلِكَ الْغَاصِبُ الْبَدَلَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَإِلَّا وَجَبَ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ عَدْلٌ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَثْبُتُ مِلْكُ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ الْغَائِبِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَمَعَ ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِالِاسْتِنَادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ نَاقِصٌ وَهُوَ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ ثَابِتٍ فَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ كَالْوَلَدِ وَتَبْقَى هَذِهِ الزَّوَائِدُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَعْنِي لَوْ غَصَبَ فِي شَعْبَانَ فَرَسًا فَوَلَدَتْ فِي رَمَضَانَ وَضَمِنَهَا بَعْدَ التَّغَيُّبِ فِي شَوَّالٍ فَالْفِلْوُ مَالٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ مِلْكِيَّةُ الْغَاصِبِ فِي شَعْبَانَ. أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ كَالثَّمَنِ فَيَمْلِكُهَا بِهَذَا الضَّمَانِ. لِأَنَّ هَذِهِ الزَّوَائِدَ تَابِعَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَعَ أَنَّهُ إذَا نَفَذَ الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ وَالْبَيْعُ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ فَكَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِي يَمْلِكُ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ يَمْلِكُ أَيْضًا الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ فَرَسًا فُضُولًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَوَلَدَتْ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَبَعْدَ ذَلِكَ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَشُرُوطُ الْإِجَازَةِ مَوْجُودَةٌ فَالْمُشْتَرِي يَمْلِكُ الْفِلْوَ أَيْضًا. وَإِلَيْك الْفَرْقُ: بِمَا أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ قَبِيحٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لَتَمْلِيكٍ.
أَمَّا الْبَيْعُ فَبِمَا أَنَّهُ سَبَبٌ مَشْرُوعٌ لِلْمِلْكِ فَتَسْتَنِدُ إجَازَةُ الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى وَقْتِ الْبَيْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا ظَهَرَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ أَنْ حُكِمَ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ الْمُتَحَقِّقَةَ بِنَاءً عَلَى ادِّعَاءِ الْغَاصِبِ وَإِقْرَارِهِ أَوْ عَلَى حَلْفِ الْغَاصِبِ الْيَمِينَ الْمُكَلَّفَ بِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَتُهُ مُسَاوِيَةً لِلْبَدَلِ الَّذِي ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: إذَا شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ وَرَدَّ عِوَضَهُ لِلْغَاصِبِ (الْهِدَايَةُ) لِأَنَّ رِضَا الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ تَامًّا لِعَدَمِ أَخْذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي كَانَ يُرِيدُ أَخْذَهَا (الْجَوْهَرَةُ، الْقُهُسْتَانِيُّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ الْعَيْنِيُّ) وَلِلْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَدَلَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَقَالَ الْغَاصِبُ إنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ التَّضْمِينِ وَقَالَ الْمَالِكُ إنَّهَا حَدَثَتْ قَبْلَهُ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الْغَصْبِ فَالْقَوْلُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لِلْغَاصِبِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا تَلَفَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَدَلَهُ فَلَا يَلْزَمُ رَدُّ ذَلِكَ الْبَدَلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْمَالِ زِيَادَتَهُ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا كَانَ ثَمَّةَ زِيَادَةٌ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ زِيَادَةٌ فَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ غَيْرَ الْبَدَلِ الْمَأْخُوذِ الْعَيْنِيُّ الْأَمْرُ الثَّانِي، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ وَأَبْقَاهُ. وَلَا يُخَيَّرُ الْغَاصِبُ إذَا ظَهَرَتْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ أَقَلَّ مِنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي ضَمِنَهُ. لِأَنَّ الْبَدَلَ الْمَذْكُورَ قَدْ لَزِمَ بِإِقْرَارِ الْغَاصِبِ. لَكِنْ بِمَا أَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ مُعَاوَضَةٌ أَيْضًا. فَيَثْبُتُ لِلْغَاصِبِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) إذَا قَبِلَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمَالِكُ وَأَثْبَتَ الْمَالِكُ بِالْبَيِّنَةِ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ نَكَلَ الْغَاصِبُ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمَالِكُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ الَّتِي تُحَقَّقُ كَانَ