الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِكَامِلِهِ لِمَنْ يَمْلِكُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .
[
(الْمَادَّةُ 860) رِضَاءُ الْوَاهِبِ]
(الْمَادَّةُ 860) - (يَلْزَمُ فِي الْهِبَةِ رِضَاءُ الْوَاهِبِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ الَّتِي وَقَعَتْ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ) .
يَلْزَمُ رِضَا الْوَاهِبِ فِي نَفَاذِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَيَكُونُ عَدَمُ رِضَا الْوَاهِبِ عَلَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - يَكُونُ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ الَّتِي وَقَعَتْ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ بِدُونِ رِضَاءٍ يَعْنِي لَا تَنْفُذُ بِالْقِسْمِ الَّذِي وَقَعَ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ فَاسِدَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1006) .
وَعَلَيْهِ لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ وَشَتَمَهَا أَوْ مَنَعَهَا مِنْ زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا وَأَكْرَهَهَا بِذَلِكَ عَلَى هِبَةِ مَهْرِهَا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مُكْرَهًا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَلَوْ سَلَّمَهُ طَائِعًا فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْهِبَةِ يَسْتَلْزِمُ الْإِكْرَاهَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ وَقِيلَ فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُجْبَرُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْإِكْرَاهِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ شَيْئًا لِآخَرَ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ بِإِكْرَاهٍ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَيَسْتَرِدُّ الْمَوْهُوبَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ اسْتِرْدَادُهُ مُمْكِنًا أَخَذَ بَدَلَهُ مِنْ الْمُجْبِرِ (الضَّمَانَاتُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) .
كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِلْوَاهِبِ حَقُّ التَّضْمِينِ.
وَلَوْ أُكْرِهَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ كَمَا أُكْرِهَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ وَقَبِلَهَا يُنْظَرُ فَإِذَا قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَدْ قَبَضْتُهَا لِإِعَادَتِهَا إلَى الْوَاهِبِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَتَكُونُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَانَةً. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَدْ أَخَذْتهَا مِلْكًا لِي أَوْ لِإِعْطَائِهَا لِلْمُجْبَرِ فَالْمُكْرَهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُجْبِرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (910) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2) وَشَرْحَهَا. كَذَلِكَ إذَا أَخَذَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَالْوَاهِبُ مُخَيَّرٌ فِي التَّضْمِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ. بِمَا أَنَّ الْهِبَةَ الَّتِي بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ صَحِيحَةٌ وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ نَافِذَةً بَلْ فَاسِدَةً فَيَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِمِلْكٍ فَاسِدٍ. وَتَتَوَقَّفُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمَ يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ. وَلَوْ كَانَا بِالْإِكْرَاهِ، لَكِنَّ الْإِكْرَاهَ يَمْنَعُ النَّفَاذَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى فِي الْإِكْرَاهِ) .
وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ اللَّذَيْنِ يَقَعَانِ بِالْإِكْرَاهِ قَابِلَانِ لِلْإِجَازَةِ فَلَوْ أَجَازَ الْمُكْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتْ نَافِذَةً وَالْإِجَازَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ قَوْلًا كَأَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ فِعْلًا كَتَسْلِيمِهِ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْمُجْبِرِ طَائِعًا، أَوْ كَقَبُولِهِ عِوَضَ الْهِبَةِ، وَقَبْضِهِ إيَّاهُ طَائِعًا. حَتَّى إنَّ الْوَاهِبَ لَوْ قَبِلَ الْعِوَضَ طَائِعًا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الْهِبَةَ مُكْرَهًا يَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْهِبَةَ الْوَاقِعَةَ بِالْإِكْرَاهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالضَّمَانَاتُ) .
وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ لَيْسَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً حُكْمَانِ: -
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - لَيْسَتْ الْهِبَةُ نَافِذَةً فِي الْقِسْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِكْرَاهُ فَقَطْ. أَمَّا فِي الْقِسْمِ الَّذِي لَمْ يَقَعْ الْإِكْرَاهُ فِيهِ فَنَافِذَةٌ. فَلَوْ أُكْرِهَ شَخْصٌ عَلَى هِبَةِ حِصَّةٍ مِنْ مَالِ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ لِشَخْصٍ فَوَهَبَ الْمُكْرَهُ ذَلِكَ
الْمَالَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلِشَخْصٍ آخَرَ مَعَهُ فَالْهِبَةُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْأَوَّلِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّ الثَّانِي (الضَّمَانَاتُ) .
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ غَيْرَ الْمَالِ الَّذِي أُجْبِرَ عَلَى هِبَتِهِ كَانَتْ الْهِبَةُ نَافِذَةً. فَعَلَيْهِ لَوْ أَكْرَهَ الْمُجْبِرُ شَخْصًا عَلَى هِبَةِ خَمْسِينَ رِيَالًا فَوَهَبَ الْمُكْرَهُ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ جَازَتْ وَيَكُونُ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ طَائِعًا لِتَخَالُفِ الْجِنْسَيْنِ.
الْحُكْمُ الثَّانِي - لَوْ أَوْقَعَ الْمُكْرَهُ عَقْدًا غَيْرَ الْعَقْدِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ نَافِذًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أُكْرِهَ الْمُجْبَرُ عَلَى الْهِبَةِ فَتَصَدَّقَ الْمُكْرَهُ كَانَ نَافِذًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ أُجْبِرَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَوَهَبَ نَفَذَتْ الْهِبَةُ (الضَّمَانَاتُ) .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - تَكُونُ بِتَلْقِينِ الْوَاهِبِ أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى الْهِبَةِ بِلُغَةٍ يَجْهَلُهَا الْوَاهِبُ فَلَوْ لَقَّنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ بِأَنْ يَقُولَ عِبَارَةَ (وَهَبْت مِنْك مَا لِي عَلَيْك مِنْ الْأَلْفِ فَقَالَهَا) وَكَانَ الْوَاهِبُ يَجْهَلُ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَ وَاقِفٍ عَلَى مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ وَهَبَ الدَّيْنَ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إكْرَاهٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا رِضَاءٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ الْفَائِدَةَ الْأُولَى الْآتِي ذِكْرُهَا.
فَائِدَتَانِ:
1 -
قَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَفْظٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ لِلْعَاقِدِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِصِحَّةِ كُلِّ عَقْدٍ بِهِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ وَالْهَزْلُ كَالنِّكَاحِ وَبِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ الَّذِي فِيمَا لَا يَسْتَوِي بِأَنْ فِيهِ كَالْبَيْعِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) شَرْحُ الْمُلْتَقَى فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ.
2 -
لَوْ أَعْطَى السَّائِلَ أَرْبَعِينَ بَارَةً وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا عَشْرُ بَارَاتٍ فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا قَالَ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ: أَعْطَيْت عَشْرَ بَارَاتٍ أَمَّا إذَا قَالَ: أَعْطَيْت هَذِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ فَقَدْ قَالَ بِعَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ عَلَى الْحَالَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .