الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ الرَّدَّ فِي الْإِجَارَةِ عَائِدٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (554) وَفِي الْإِعَارَةِ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (830) .
وَمِثَالُ الْمَجَلَّةِ هَذَا مِثَالٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ حَيَوَانًا عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى مَحِلٍّ فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَيَأْتِيَ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَيَأْتِيَ مِنْهُ (الْوَاقِعَاتُ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْحَيَوَانَ لِيَسْقِيَهُ مِنْ النَّهْرِ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا وَلَيْسَ لَهُ الذَّهَابُ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (814) أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ لِذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
هَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمَكَانِ.
وَفِي صُورَةِ التَّقْيِيدِ بِالْمَكَانِ تَحْتَاجُ الْخُصُوصَاتُ الْآتِيَةُ إلَى الْإِيضَاحِ وَهِيَ الذَّهَابُ إلَى مَكَان مُسَاوٍ أَوْ إلَى مَكَان أَقْصَرَ أَوْ إذَا أَمْسَكَ فِي الدَّارِ فَعَلَيْهِ لَوْ قُيِّدَتْ الْإِعَارَةُ بِالْمَكَانِ كَمَا هُوَ مَضْمُونُ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى مَكَان أَقْصَرَ مِنْ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَذْهَبْ إلَى مَكَان وَأَمْسَكَ الْحَيَوَانَ فِي دَارِهِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَدْ بُيِّنَ أَنَّ إمْسَاكَ الْحَيَوَانِ فِي الْإِصْطَبْلِ مُضِرٌّ بِهِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ حَيَوَانًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَكَانٍ فَذَهَبَ إلَى مَكَانٍ آخَرَ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْمَسَافَةِ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ " رَدِّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتِهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 814 "، بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْأُخْرَى تَتَمَسَّكُ بِالْمَسْأَلَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (817) وَبَيَّنْتُ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ فِي صُورَةِ الذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ أَقْصَرَ مِنْ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى وَفِي صُورَةِ عَدَمِ الذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ مَعَ إمْسَاكِ الدَّابَّةِ فِي الْإِصْطَبْلِ.
وَبِالتَّمَسُّكِ بِالْمَادَّةِ " 64 " يُعْلَمُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ بِقَوْلِهَا: " إذَا اسْتَعَارَ فَرَسًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ، الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَالْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 546 ".
مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ سَهْوًا: لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَحِلٍّ فَأَرْسَلَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْمُعِيرِ رَسُولًا فَأَخْطَأَ الرَّسُولُ فَاسْتَعَارَهُ لِلذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّسُولُ ذَلِكَ لِمُرْسِلِهِ فَلَوْ ذَهَبَ إلَى الْمَحِلِّ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، أَمَّا لَوْ ذَهَبَ إلَى الْمَحِلِّ الْأَوَّلِ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا وَلَيْسَ لِلْمُرْسِلِ الرُّجُوعُ عَلَى رَسُولِهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَضْمَنُهُ.
[
(الْمَادَّةُ 818) تَقْيِيد الْإِعَارَة بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ]
(الْمَادَّةُ 818) :
إذَا قُيِّدَتْ الْإِعَارَةُ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ النَّوْعَ الْمَأْذُونَ بِهِ إلَى مَا فَوْقَهُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ بِاسْتِعْمَالِ الْعَارِيَّةِ بِمَا هُوَ مُسَاوٍ لِنَوْعِ الِاسْتِعْمَالِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ أَوْ بِنَوْعٍ أَخَفَّ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا حِنْطَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ عَلَيْهَا حَدِيدًا أَوْ حِجَارَةً وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا شَيْئًا مُسَاوِيًا لِلْحِنْطَةِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلًا. وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْمُسْتَعَارَةُ لِلْحَمْلِ فَإِنَّهَا تُرْكَبُ.
وَإِذَا أُطْلِقَتْ الْإِعَارَةُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَقُيِّدَتْ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ النَّوْعَ الْمَأْذُونَ بِهِ إلَى مَا فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ الْمُسْتَعَارِ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقَ الْمَأْذُونِ بِهِ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (96) وَإِنْ تَجَاوَزَ وَتَلِفَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا.
وَكَمَا أَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِالشَّيْءِ الْمَأْذُونِ بِهِ عَيْنًا لَهُ أَنْ يُخَالِفَ بِاسْتِعْمَالِ الْعَارِيَّةِ بِمَا هُوَ مُسَاوٍ لِنَوْعِ الِاسْتِعْمَالِ الَّذِي فِيهِ تَشَابُهٌ أَوْ بِنَوْعٍ أَخَفَّ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ صَلَاحِيَّةُ الِاسْتِعْمَالِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْقِسْمِ الْمُطْلَقِ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَمُقَيَّدَةً فِي الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْقِسْمِ الْمُفِيدِ الْمُخَالَفَةُ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِالْعُدُولِ إلَى الشَّرِّ. لَكِنْ كَمَا أَنَّ لَهُ الْمُخَالَفَةَ بِالْعُدُولِ إلَى مُمَاثِلٍ فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ أَيْضًا بِالْعُدُولِ إلَى خَيْرٍ؛ لِأَنَّ تَقْيِيدَ الْمُعِيرِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ مُفِيدًا " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ".
لَوْ اُسْتُعِيرَ حَيَوَانٌ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً فِي الْمَكَانِ يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك فَرَسِي هَذَا عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ شَهْرًا وَاحِدًا، فَتُحْمَلُ هَذِهِ الْإِعَارَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الْخُرُوجُ بِهِ إلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ خَرَجَ وَتَلِفَ الْفَرَسُ سَوَاءٌ أَخْرَجَ بِهِ مَعَ اسْتِعْمَالِ إيَّاهُ أَمْ بِدُونِ اسْتِعْمَالٍ كَانَ ضَامِنًا كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ ثِيَابًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَبِمَا أَنَّ اسْتِعَارَتَهُ تُحْمَلُ عَلَى لُبْسِهِ الثِّيَابَ فِي الْمَدِينَةِ فَلَوْ لَبِسَهَا خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا لَكِنْ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا وَخَرَجَ بِهَا إلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُعَدُّ حَافِظًا إيَّاهُ كَمَا فِي الْمِصْرِ " الْوَاقِعَاتُ " وَالْحَاصِلُ إذَا قُيِّدَتْ الْإِعَارَةُ بِالِانْتِفَاعِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَنْفَعَةِ أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى نَوْعِ الِانْتِفَاعِ وَهَذَا مَا بَيَّنَتْهُ هَذِهِ الْمَادَّةُ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ مُعْتَبَرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ مَا يَخْتَلِفُ اسْتِعْمَالُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالْفَرَسِ وَالثَّوْبِ أَمْ لَمْ يَكُنْ كَالْغَرْفَةِ.
مَثَلًا لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَشْتَغِلَ صَنْعَةَ الْحِدَادَةِ فِي الْحُجْرَةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِلسُّكْنَى كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ " 426 ".
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُنْتَفِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ " 819 " وَيُعْتَبَرُ التَّقْيِيدُ بِالْمُنْتَفِعِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَلِهَذَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّقْيِيدِ بِالْمَنْفَعَةِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْمُنْتَفِعِ كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ " 427 و 428 ".
الْمِثَالُ الْأَوَّلُ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا حِنْطَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا حَدِيدًا أَوَحِجَارَةً أَوْ لَبِنًا أَوْ قُطْنًا أَوْ تِبْنًا أَوْ حَطَبًا أَوْ تَمْرًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَسَاوَتْ الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ وَزْنًا فَالْحَدِيدُ مَثَلًا يَجْتَمِعُ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَمَّا الْقُطْنُ فَيَأْخُذُ مَكَانًا وَاسِعًا مِنْ ظَهْرِهَا فَيَتَجَاوَزُ مَكَانَ الْحِمْلِ.
الْمِثَالُ الْأَوَّلُ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا شَيْئًا مُسَاوِيًا لِلْحِنْطَةِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهَا وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ هَذِهِ الْخِفَّةَ لَيْسَتْ فِي الْوَزْنِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 559 ".
الْمِثَالُ الثَّانِي لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِحِرَاثَةِ مَزْرَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ أَنْ يَحْرُثَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَزْرَعَةَ أَوْ مَزْرَعَةً أُخْرَى أَخَفَّ مِنْهَا.
مِثَالٌ ثَانٍ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْرُثَ مَزْرَعَةً أَقْسَى تُرْبَةً مِنْ تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ وَحِرَاثُهَا أَثْقَلُ.
وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا.
مِثَالٌ ثَالِثٌ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: لَوْ قَيَّدَ الْمُسْتَعِيرُ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمُسْتَعَارِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَنْ يَجْعَلَ فُلَانًا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ هَذَا الْقَيْدِ فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَرُكُوبِ الْحَيَوَانِ.
مِثَالٌ ثَالِثٌ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالسَّكَنِ وَالْحَمْلِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِي هَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ الدَّابَّةَ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِلرُّكُوبِ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْمُسْتَعَارَةُ لِلْحَمْلِ فَإِنَّهَا تُرْكَبُ.
كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (550 و 558) .
وَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: تُقَسَّمُ مُخَالَفَةُ الِانْتِفَاعِ الْمُسَمَّى أَيْ الْعَيْنِ مِنْ طَرَفِ الْمُعِيرِ إلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْمُخَالَفَةُ فِي الْمِثْلِ وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ جَائِزَةٌ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِتَحْمِيلِهَا مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ خَمْسَ كِيلَاتٍ فَحَمَّلَهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ أُخْرَى أَوْ لَوْ اسْتَعَارَ خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ لِفُلَانٍ وَحَمَّلَهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ لِرَجُلٍ آخَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّعْيِينُ هُنَا غَيْرَ مُعْتَبَرٍ وَمُخَالَفَتُهُ جَائِزَةً فَلَوْ تَرَتَّبَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ تَقْيِيدِ الْمُعِيرِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ مُفِيدًا (الْبَحْرُ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ إذَا وَقَعَتْ مُخَالَفَةٌ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ هَذِهِ إلَى خَيْرٍ أَيْ إذَا كَانَ الْحِمْلُ الَّذِي صَارَ تَحْمِيلُهُ أَخَفَّ مِنْ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى كَانَتْ هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ جَائِزَةً. كَتَحْمِيلِ الدَّابَّةِ الَّتِي اُسْتُعِيرَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ خَمْسَ كِيلَاتٍ شَعِيرٍ. فَلَوْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى شَرٍّ أَيْ إلَى أَثْقَلَ وَأَضَرَّ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ. وَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ كَمَا فِي أَمْثِلَةِ الْمَجَلَّةِ. كَذَلِكَ لَا يَحْمِلُ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اُسْتُعِيرَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسِينَ أُوقِيَّةً حِنْطَةً خَمْسِينَ أُوقِيَّةً تِبْنًا؛ لِأَنَّ التِّبْنَ لَمَّا كَانَ خَفِيفًا يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ زِيَادَةً عَنْ مَحِلِّ الْحِمْلِ فَهُوَ مُضِرٌّ بِالدَّابَّةِ حِينَئِذٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
لَكِنْ لَوْ حَمَلَ خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرٍ وَنِصْفًا عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ وَكَانَتْ الْخَمْسُ كِيلَاتٍ وَالنِّصْفُ مِنْ الشَّعِيرِ مُسَاوِيَةً لِلْخَمْسِ كِيلَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَزْنًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ أَوْ عَدَمِهِ فِي حَالٍ كَهَذِهِ. قَدْ صَرَّحَ فِي التَّنْقِيحِ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ وَذَكَرَتْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَيْضًا صِحَّةَ عَدَمِ لُزُومِ الضَّمَانِ أَمَّا الْهِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ فَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ مُخَالَفَةٌ إلَى الشَّرِّ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ أَخْذِ الشَّعِيرِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَزْيَدَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لَهُ لِلْحَيَوَانِ (الْبَحْرُ) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ أَيْ فِي الزِّيَادَةِ وَقَدْ قِيلَ (الزِّيَادَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ إلَى النُّقْصَانِ لَا تُعَدُّ مُخَالَفَةً بَلْ تَكُونُ مُوَافَقَةً كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (818) مِنْ الْمَجَلَّةِ. كَتَحْمِيلِ أَرْبَعِينَ كِيلَةً حِنْطَةً عَلَى الدَّابَّةِ