الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْضَ أَمَانَةٍ أَيْضًا فَيَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (846)(النِّهَايَةُ) . وَعَلَيْهِ فَكَوْنُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ يَجْرِي فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الْوَاهِبِ ظَاهِرٌ. أَمَّا الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ قَيْدُ الْمُسْتَوْدَعِ كَيَدِ الْمَالِكِ لَكِنْ يَدُ الْمُسْتَعِيرِ لَيْسَتْ كَيَدِ الْمُعِيرِ كَمَا سَبَقَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) . وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَرِدُ سُؤَالٌ وَهُوَ أَلَّا يَجِبَ أَنْ تَكُونَ هِبَةُ الْمُسْتَعَارِ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْعَارِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَهَبُ مَالًا لِطِفْلِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَنْ يُعْلِمَ وَيُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ وَوُجُودُ الْإِعْلَامِ لَازِمٌ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ أَمَّا الْإِشْهَادُ فَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِدُونِهِ إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْإِشْهَادَ مَنْعًا لِإِنْكَارِ الْوَاهِبِ أَوْ إنْكَارِ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَزَّازِيَّةُ) .
[
(الْمَادَّةُ 852) الْهِبَة لِلطِّفْلِ]
(الْمَادَّةُ 852) - (إذَا وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِطِفْلٍ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ وَلِيِّهِ أَوْ مُرَبِّيهِ) .
إذَا وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِطِفْلٍ أَيْ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ غَيْرُ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُرَبِّي الصَّغِيرِ أَيْ الَّذِي يَتَرَبَّى الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مَالًا فَتَتِمُّ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ بِقَبْضِ الْوَلِيِّ أَوْ مُرَبِّي الصَّغِيرِ الَّذِي يَتَرَبَّى الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ إجْرَاءُ الْعُقُودِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَلَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي فِيهَا نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ فَلِلْوَلِيِّ إجْرَاءُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (الْهِدَايَةُ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
لِطِفْلٍ: هَذَا التَّعْبِيرُ كَمَا أَنَّهُ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ فَالْحُكْمُ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَعْتُوهَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا.
2 -
شَيْئًا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّيْءُ نَافِعًا لِلصَّغِيرِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ حِمَارًا أَعْمَى فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحِمَارَ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ غَيْرُ نَافِعٍ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَهَذَا مِمَّا يَضُرُّ الصَّغِيرَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) .
3 -
وَهَبَ: فَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ كَالْهِبَةِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ إذَا وُهِبَ لِلصَّغِيرِ وَكَانَ الْمَالُ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَيْسَ لِأَبَوَيْ الصَّغِيرِ أَنْ يَسْتَهْلِكَاهُ فِي أُمُورِهِمَا. مَا لَمْ يَكُونَا فَقِيرَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 799) وَإِذَا كَانَ مَالًا مَأْكُولًا كَالْعِنَبِ فَلِأَبَوَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهِ مَا وَذِكْرُ الصَّبِيِّ لِاسْتِصْغَارِ الْهَدِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمَا أَكْلُهُ (أَبُو السُّعُودِ) قَالَهُ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ بُخَارَى (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يُبَاعَ وَيُصْرَفَ ثَمَنُهُ فِي مَرَافِقِ الصَّغِيرِ.
4 -
الْقَبْضُ: وَيُشَارُ بِهِ إلَى كَوْنِ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ فِي قَبْضِ الْوَلِيِّ أَصْلًا أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي الْأَصْلِ فِي قَبْضِ الْوَلِيِّ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ عَيْنًا تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا بَلْ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ. لَا يَلْزَمُ الْقَبْضُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ.
يَعْنِي يَلْزَمُ قَبْضُ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ بِاسْمِ الصَّغِيرِ. وَلَا يَلْزَمُ الْقَبْضُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ (مِنْقَارِي زَادَهْ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا: لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مَهْرَهَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا لِابْنِهَا مِنْهُ وَسَلَّطَتْ زَوْجَهَا عَلَى قَبْضِهِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ أَمَّا لَوْ أَفْرَزَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبَضَهُ لِلصَّغِيرِ تَتِمُّ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ. وَفِي الْقُنْيَةِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّسْلِيطِ عَلَى الْقَبْضِ كَمَا لَا حَاجَةَ لِلْإِفْرَازِ وَالْقَبْضِ (الْحَمَوِيُّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ) . وَصَارَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً بِقَبْضِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الطِّفْلِ لِلْوَلِيِّ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (974) وَقَبْضُ الْهِبَةِ أَيْضًا مِنْ بَابِ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. وَتَتِمُّ الْهِبَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ (الزَّيْلَعِيّ) .
وَالْوَلِيُّ الْمَقْصُودُ هُنَا تِسْعَةُ أَشْخَاصٍ وَهُمْ: (1) الْأَبُ (2) وَصِيُّ الْأَبِ (3) وَصِيُّ وَصِيِّ الْأَبِ (4) الْجَدُّ أَيْ أَبُو الْأَبِ (5) وَصِيُّ الْجَدِّ (6) وَصِيُّ وَصِيِّ الْجَدِّ (7) الْقَاضِي (8) وَصِيُّ الْقَاضِي (9) وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَوِلَايَةُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْضًا. فَمَتَى كَانَ وَصِيُّ الْأَبِ مَوْجُودًا مَثَلًا فَلَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ. وَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَصِيَّهُ وَأَبَاهُ فَالْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ أَوْلَى فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ أَبِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ) .
مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ لِصَغِيرٍ مَالًا وَأَبُو الصَّغِيرِ مَوْجُودٌ وَقَبَضَ جَدُّ الصَّغِيرِ أَيْ أَبُو أَبِيهِ الْهِبَةَ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ. إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ فِي عِيَالِ هَذَا الْجَدِّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْأَوْلِيَاءِ الْمُؤَخَّرِينَ عَنْ الْأَبِ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ الْقَاعِدِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (23) .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ (مَوْجُودٌ) هُوَ الْحُضُورُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْأَبُ غَائِبًا غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْغَائِبُ بَاعِثٍ عَلَى تَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الصَّغِيرِ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَتَتِمُّ الْهِبَةُ أَيْضًا بِقَبْضِ الْمُرَبِّي؛ لِأَنَّ الْمُرَبِّيَ لَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِحِفْظِ الطِّفْلِ لِثُبُوتِ يَدِهِ كَمَا أَنَّ تَحْصِيلَ الْمَالِ اللَّازِمِ لِلْأَكْلِ وَالْكِسْوَةِ هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحِفْظِ فَلِذَلِكَ لِلْمُرَبِّي وِلَايَةٌ عَلَى الصَّغِيرِ فِي التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا تُوُفِّيَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُحَرَّرَةُ دَرَجَاتُهُمْ آنِفًا أَوْ غَابُوا غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً فَقَبْضُ الْمُرَبِّي كَافٍ وَلَكِنْ هَلْ يَكْفِي قَبْضُ الْمُرَبِّي فِي حَالَةِ وُجُودِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كالنرجندي، وَالْقُهُسْتَانِيِّ، والولوالجية جِهَةَ كَوْنِهِ كَافِيًا وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ وَيُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ بَيَّنَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ هَذَا التَّصْحِيحِ لِكَوْنِ قَاضِي خَانْ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُعْتَمَدِ عَلَى أَقْوَالِهِمْ لِمَزَايَاهُ الْعِلْمِيَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ: فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ سَوَّى بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَبِ وَالِابْنِ وَالْجَدِّ وَالْأَخِ وَقَالُوا: يَجُوزُ قَبْضُ هَؤُلَاءِ عَنْ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِمْ وَإِذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا الْفَتْحُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالصَّحِيحُ وَبِهِ يُفْتِي (الطَّحَاوِيَّ) .