الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِقَبْضِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَقَبَضَهُ بَعْدَ الْوُجُودِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (52) كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْبَيْعِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (197 و 205) بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ عِنَبِ بُسْتَانٍ سَيُدْرَكُ أَوْ فِلْوِ فَرَسٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ سَيُولَدُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ لَوْ وَهَبَ الْحَمْلَ الَّذِي فِي بَطْنِ فَرَسِهِ الْحَامِلِ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْهِبَةِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلَا تَصِحُّ أَيْ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْحُكْمِ وَعَدَمِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ تَعْبِيرَ (أَوْ فِلْوِ فَرَسٍ سَيُولَدُ) فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ عَامٌّ فِي حَقِّ الْفَرَسِ الْحَامِلِ وَقْتَ الْهِبَةِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ لَوْ أَضَاعَ أَحَدٌ دَبُّوسًا مِنْ أَلْمَاسِ فَوَهَبَهُ لِأَحَدٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَآذَنَهُ بِالتَّفْتِيشِ عَنْهُ وَالْآخَرُ جَدَّ فِي طَلَبِهِ وَقَبَضَهُ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِوُجُودِ الْخَطَرِ وَقْتَ طَلَبِهِ (أَبُو السُّعُودِ) .
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ السَّمْنَ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْ هَذَا السِّمْسِمِ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَقْتَ حُدُوثِهِ فَلَا تَنْقَلِبُ هَذِهِ الْهِبَةُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ الْحُدُوثِ بِنَاءً عَلَى الْهِبَةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَعْدُومَةٌ وَإِنَّمَا تُوجَدُ بِالطَّحْنِ وَالْعَصْرِ. وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِهَذِهِ وُجُودٌ بِالْقُوَّةِ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَإِنْ كَانَ مَا يُوجَدُ بِالْقُوَّةِ مِنْ عَامَّةِ الْمُمْكِنَاتِ (الْعِنَايَةُ) وَإِنْ يَكُنْ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ جَائِزَةً إلَّا أَنَّ هَذَا الْجَوَازَ نَاشِئٌ عَنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَعْدُومِ (الزَّيْلَعِيّ) وَهِبَةُ الْمَعْدُومِ وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً كَمَا وَضَحَ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمَعْدُومُ وَجُدِّدَتْ الْهِبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ (الْهِدَايَةُ) .
وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ الصُّوفَ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الشَّاةِ، وَالزَّرْعَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَالثَّمَرَ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَالْحَلِيبَ الَّذِي فِي ثَدْيِ هَذِهِ الشَّاةِ فَبِمَا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ (هِبَةِ الْمُشَاعِ) فَإِذَا قَصَّ بَعْدَ ذَلِكَ الصُّوفَ وَسَلَّمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ تَتِمُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْجَوَازِ نَاشِئٌ عَنْ الِاتِّصَالِ وَهَذَا مَانِعٌ لِلْقَبْضِ الْكَامِلِ كَمَا فِي الشَّائِعِ (الْهِدَايَةُ) . يَعْنِي لَوْ حَلَبَ اللَّبَنَ وَسَلَّمَ حَصَلَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ وَيَكْفِي فَصْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ إيَّاهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ (أَبُو السُّعُودِ، الْهِدَايَةُ) وَإِنَّمَا جَازَ فِي اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ فِي وُجُوهِ شَكٍّ قَدْ يَكُونُ رِيحًا أَوْ دَمًا لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْوُجُودِ، بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَإِنَّهُ بِانْفِصَالِهِ يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ بِخِلَافِ هِبَةِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّصَرُّفِ وَقْتَ الْهِبَةِ (الطَّحَاوِيَّ) وَإِنْ يَكُنْ بَيْعُ نَوَى التَّمْرِ الَّذِي فِي بَلَحٍ غَيْرَ جَائِزٍ وَلَا يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ أُخْرِجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَسُلِّمَتْ بَلْ يَلْزَمُ فِيهِ بَيْعٌ جَدِيدٌ وَيُقْتَضَى لِذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِ هِبَةِ اللَّبَنِ فِي الثَّدْيِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ عَقْدَ تَبَرُّعٍ وَيَكْفِي فِيهِ وُجُودُ الْمَوْهُوبِ بِالْفِعْلِ وَلَا يُقْتَضَى فِيهِ تَعْيِينُ الْمَوْهُوبِ بِالْفِعْلِ لِعَكْسِ الْبَيْعِ وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ الَّذِي يَحْتَاجُ لِانْعِقَادِهِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ (سَعْدِي حَلَبِيٌّ) .
[
(الْمَادَّةُ 857) كون الْمَوْهُوب مَال الْوَاهِبِ]
(الْمَادَّةُ 857)(يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَالَ الْوَاهِبِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ لَا تَصِحُّ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَجَازَهَا صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ الْهِبَةِ تَصِحُّ) .
يُشْتَرَطُ فِي نَفَاذِ الْهِبَةِ كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَالَ الْوَاهِبِ كَمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 365 و 378) وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ مَالَ الْوَاهِبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) .
وَلِلْمَوْهُوبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لَا يَكُونُ فِيهَا لِلْوَاهِبِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: كَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَالٍ أَبَدًا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ أَوْ يَكُونَ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ آخَرَ مَيْتَةً وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا كَانَتْ بَاطِلَةً وَكَمَا أَنَّ هِبَةَ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ فَإِعْطَاءُ الْعِوَضِ فِي هِبَةٍ كَهَذِهِ بَاطِلٌ أَيْضًا، كَذَلِكَ الْمُعَاوَضَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِ فِي الْخَمْرِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَيْسَتْ جَائِزَةً، سَوَاءٌ كَانَ مُعْطِي الْخَمْرِ عِوَضًا الْمُسْلِمُ أَوْ غَيْرُ الْمُسْلِمِ لَكِنْ تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَيْنَ غَيْرِ مُسْلِمِينَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ غَيْرُ مُسْلِمٍ لِمُسْلِمٍ مَالًا وَأَعْطَاهُ الْمُسْلِمُ خَمْرًا عِوَضًا فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي - يَكُونُ الْمَوْهُوبُ مَالًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ نُقُودًا لِآخَرَ قَرْضًا أَوْ أُجْرَةً فِي مُقَابِلِ عَمَلٍ وَوَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ النُّقُودَ وَهِيَ لَا تَزَالُ فِي يَدِهِ عَيْنًا لِمَنْ أَعْطَاهُ إيَّاهَا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ حَتَّى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ النُّقُودِ لَوْ رَجَعَ عَنْ هِبَتِهِ هَذِهِ (الْقَاعِدِيَّةُ) .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ - يَكُونُ مَالًا لِلشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ. وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ كَمَا يَأْتِي.
فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ لِآخَرَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ زَوْجَ الْوَاهِبِ أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْكَبِيرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا يَصِحُّ أَيْ لَا يَنْفُذُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ أَحَدٍ مَالًا يَمْلِكُهُ مُحَالٌ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ أَشْيَاءَ زَوْجَتِهِ بِدُونِ إذْنِهَا لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَلَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ تِلْكَ الْهِبَةَ فَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ.
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلِلِابْنِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْهِبَةَ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) .
وَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي هَاتَيْنِ الْهِبَتَيْنِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَاهِبَ أَوْ الْمَوْهُوبَ لَهُ.
وَكَذَا إذَا حَوَّلَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الْمَطْلُوبَ مِنْ آخَرَ لِدَائِنِهِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً وَقَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ وَهَبَ الدَّائِنُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْمَدِينِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 692) .
لَكِنْ كَمَا تَصِحُّ هِبَةُ أَحَدٍ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ ابْتِدَاءً يَعْنِي هِبَتَهُ مَالَ غَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ تَصِحُّ هِبَةُ مَالِ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ إذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ تَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1453) كَمَا فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 388) لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي وَقْتِ الْإِجَازَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ قِيَامُ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُجِيزِ وَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ.
قَدْ اسْتَعْمَلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (106) لَفْظَ الصَّحِيحَ مُقَابِلًا لِلنَّافِذِ وَفِي الْمَادَّةِ (108) قَدْ اسْتَعْمَلَتْ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ فِي مَعْنًى شَامِلٍ لِلنَّافِذِ أَيْضًا وَهُنَا قَدْ اسْتَعْمَلَتْهُ فِي مَعْنَى النَّافِذِ فَقَطْ.
وَالْهِبَةُ الَّتِي تَنْعَقِدُ وَتَنْفُذُ بِتِلْكَ الْإِجَازَةِ تَقَعُ مِنْ طَرَفِ صَاحِبِ الْمَالِ أَيْ الْمُجِيزِ