الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانُ الْمَسَائِلِ الدَّائِرَةِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ]
الْبَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ بَيَانُ الْمَسَائِلِ الدَّائِرَةِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ: وَيَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَتُدْرَجُ خُلَاصَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ الرَّهْنُ تَعْرِيفُهُ:
هُوَ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ مُقَابِلَ حَقٍّ مُمْكِنِ الِاسْتِيفَاءِ - مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ، وَالْمَقْصِدُ مِنْ الْحَقِّ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ:
(1)
الْحَقُّ الْمَالِيُّ فَبِنَاءً عَلَيْهِ الْحُقُوقُ الَّتِي هِيَ مِثْلُ الْقِصَاصِ، وَالْيَمِينِ خَارِجَةٌ.
(2)
حَقُّ الدَّيْنِ؛ الدَّيْنُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الدَّيْنُ الْحَقِيقِيُّ (1) مَا وَجَبَتْ تَأْدِيَتُهُ عَلَى الْمَدِينِ.
(2)
الدَّيْنُ اللَّازِمُ ظَاهِرًا وَغَيْرُ اللَّازِمِ بَاطِنًا.
(3)
الدَّيْنُ الَّذِي لَمْ يَلْزَمْ بَعْدُ، وَاَلَّذِي سَبَبُ لُزُومِهِ مَوْجُودٌ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي - الدَّيْنُ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ الْعَيْنُ الَّتِي عِنْدَ هَلَاكِهَا بِيَدِ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَضَمَانُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الدَّيْنُ الْمَعْدُومُ وَلِهَذَا السَّبَبِ الرَّهْنُ فِيهِ بَاطِلٌ. الدَّيْنُ الْمَوْعُودُ مُسْتَثْنًى تَقْسِيمُهُ:
(1)
الرَّهْنُ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الرَّهْنُ الْمَشْرُوعُ ذَاتًا وَوَصْفًا.
(2)
الرَّهْنُ الْفَاسِدُ، وَهُوَ الرَّهْنُ الصَّحِيحُ أَصْلًا وَغَيْرُ الصَّحِيحِ وَصْفًا.
(3)
الرَّهْنُ الْبَاطِلُ، وَهُوَ الرَّهْنُ غَيْرُ الصَّحِيحِ أَصْلًا وَيَكُونُ عَلَى شَكْلَيْنِ:
أ - إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالًا.
ب - إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَضْمُونًا
عَقْدُ الرَّهْنِ 1 (رُكْنُ الرَّهْنِ) الرَّهْنُ يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ وَقَبُولِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَيَتِمُّ بِالْقَبْضِ، وَالْإِيجَابُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ، وَالْقَبُولُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَسْقُطُ مُقَابِلَ الرَّهْنِ عِنْدَ هَلَاكِهِ فَالْقَوْلُ إذًا بِجَوَازِ انْعِقَادِ الرَّهْنِ بِلَا قَبُولِ الْمُرْتَهِنِ يُوجِبُ حَزْرَهُ، وَالْقَبْضُ لَازِمٌ لِإِتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا - الرَّهْنُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ.
ثَانِيًا - الرَّهْنُ حُكْمًا اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ فَكَمَا أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ الْحَقِيقِيَّ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ فَالِاسْتِيفَاءُ الْحُكْمِيُّ أَيْضًا لَا يَكُونُ صَحِيحًا بِدُونِ الْقَبْضِ. ثَالِثًا - الْقَصْدُ مِنْ الرَّهْنِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى تَعْجِيلِ إيفَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا مُمْكِنٌ بِالْقَبْضِ، وَالْقَبْضُ يَكُونُ حَقِيقَةً كَوَضْعِ الْمُرْتَهِنِ يَدَهُ عَلَى الْمَرْهُونِ بِالْفِعْلِ أَوْ يَكُونُ حُكْمًا بِالتَّخْلِيَةِ. وَلِصِحَّةِ الْقَبْضِ يَلْزَمُ أَوَّلًا: وُجُودُ أَهْلِيَّةِ الْقَابِضِ لِلْقَبْضِ ثَانِيًا: وُجُودُ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَهَذَا الْإِذْنُ يَكُونُ صَرَاحَةً، وَفِيهِ يَجُوزُ الْقَبْضُ اسْتِحْسَانًا بَعْدَ تَفَرُّقِ مَجْلِسِ الرَّهْنِ أَوْ دَلَالَةً، (وَفِي هَذَا يَتَقَيَّدُ الْقَبْضُ بِمَجْلِسِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَ التَّفَرُّقِ) .
2 -
شَرَائِطُ الرَّهْنِ:
1 -
يُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّاهِنِ عَاقِلًا؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ لَازِمٌ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ.
2 -
لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُرْتَهِنِ بَالِغًا فَبِنَاءً عَلَى هَذَا يَجُوزُ رَهْنُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانُهُ، وَيَنْفُذُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ.
3 -
يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ مَالًا مَعْلُومًا وَمُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ، وَهَذَا يُمْكِنُ بِوُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ، لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مِلْكَ الرَّاهِنِ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ.
4 -
يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّهْنُ شَرْطًا مُعَلَّقًا وَلَا مُضَافًا لِوَقْتٍ، يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُ الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا مَضْمُونًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا أَيْ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ عِنْدَ هَلَاكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ أَوْ
فَاسِدًا أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ سَابِقًا لِلدَّيْنِ يَكْتَسِبُ حُكْمَ الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ لَاحِقًا لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِحُكْمِ الصَّحِيحِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَرْهُونَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ.
3 -
مَبَاحِثُ مُتَفَرِّعَةٌ:
1 -
زَوَائِدُ الْمَرْهُونِ الْمُتَّصِلَةُ مَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ بَعْضُ مَا لَمْ يَدْخُلْ دَاخِلٌ (كَالْمَزْرُوعَاتِ، وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ عَلَى الْعَرْصَةِ الْمَرْهُونَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ دَاخِلَةً لَوُجِدَتْ مَشْغُولِيَّةُ الْأَرْضِ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ، وَأَفْضَى ذَلِكَ لِفَسَادِ الرَّهْنِ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا غَيْرُ دَاخِلٍ، وَمَا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمَرْهُونِ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
2 -
تَبْدِيلُ الرَّهْنِ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
(1)
رِضَا الطَّرَفَيْنِ.
(2)
رَدُّ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِلرَّاهِنِ.
(3)
قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ الثَّانِيَ. 3 - زِيَادَةُ الْمَرْهُونِ وَهِيَ قِسْمَانِ:
(1)
الزِّيَادَةُ الضِّمْنِيَّةُ مُتَوَلِّدَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَهِيَ بِحُكْمِ أَصْلِ الرَّهْنِ مُنْفَصِلَةٌ تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الْمَرْهُونِ (الْمَادَّةُ 715) غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مُتَّصِلَةٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ.
(2)
الزِّيَادَةُ الْقَصْدِيَّةُ زِيَادَةُ الرَّاهِنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ لِلرَّهْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ جَائِزَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصْلِ الرَّهْنِ وَزِيَادَةِ الرَّهْنِ هُوَ أَنَّ الزِّيَادَةَ تَكُونُ مَرْهُونَةً مُقَابِلَ مَا تَبَقَّى مِنْ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ السَّاقِطِ، وَأَصْلُ الرَّهْنِ يَكُونُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ السَّاقِطِ أَيْضًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الزِّيَادَتَيْنِ هُوَ أَنَّهُ عِنْدَ تَلَفِ الرَّهْنِ فِي الزِّيَادَةِ الْقَصْدِيَّةِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مَا يُصِيبُهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الزِّيَادَةِ الضِّمْنِيَّةِ.
(4)
زِيَادَةُ الدَّيْنِ وَهُوَ جَائِزٌ مُقَابِلَ عَيْنِ الْمَرْهُونِ، وَيَكُونُ الْمَالُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ كِلَا الدَّيْنَيْنِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرُكْنِ الرَّهْنِ. رُكْنُ الرَّهْنِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) كَرُكْنِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 149) ، الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ عَلَى ثَلَاثَةِ صُوَرٍ. أَوَّلًا - لَفْظًا ثَانِيًا - بِالْمُكَاتَبَةِ ثَالِثًا - بِالتَّعَاطِي وَيَأْتِي الْكَلَامُ بِالتَّفْصِيلِ عَلَيْهَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 69) رَدُّ الْمُحْتَارِ.
أَرْكَانُ الرَّهْنِ خَمْسَةٌ:
(1)
الرَّهْنُ.
(2)
الْمُرْتَهِنُ.
(3)
الْمَرْهُونُ.
(4)
الْمَرْهُونُ بِهِ.
(5)
الصِّيغَةُ.
(الْبَاجُورِيُّ) فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ ذُكِرَتْ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَسَتُذْكَرُ الرَّابِعَةُ فِي الْمَادَّةِ (710) وَالْخَامِسَةُ تُفَصَّلُ فِي الْمَادَّتَيْنِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا.
(الْمَادَّةُ 706) يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فَقَطْ لَكِنْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ لَا يَتِمُّ وَلَا يَكُونُ لَازِمًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا وَبِالتَّعَاطِي وَالْمُكَاتَبَةِ، يَعْنِي بِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا، وَسَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ انْعِقَادُ الرَّهْنِ بِلَفْظِ الْكِتَابَةِ وَالتَّعَاطِي. الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ نَوْعَانِ:
الْأَوَّلُ - عَقْدُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بِالذَّاتِ لِنَفْسِهِمَا.
الثَّانِي - مِنْ النَّائِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، وَحَيْثُ إنَّ مَسْأَلَةَ عَقْدِ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالرَّهْنِ بِالْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ سَتُذْكَرُ مُفَصَّلًا فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (708) فَلْنُوَضِّحْ هُنَا عَقْدَ رَهْنِ الْوَكِيلِ، وَكَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1460) أَنَّ إضَافَةَ الْوَكِيلِ عَقْدَ الرَّهْنِ كُلِّهِ لَازِمَةٌ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَوَكَّلَهُ بِرَهْنِهِ مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ يُنْظَرُ: فَإِذَا عَقَدَ الْآخَرُ الرَّهْنَ بِقَوْلِهِ: إنَّ فُلَانًا أَرْسَلَ لَكَ هَذَا الْمَالَ لِتَأْخُذَهُ رَهْنًا وَتُقْرِضَهُ مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ فَالْقَرْضَةُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ يَكُونُ كَمَا ذُكِرَ
فِي الْمَادَّةِ (1461) رَسُولًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ حَتَّى إنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بَعْدَئِذٍ اسْتِرْدَادُ الْمَرْهُونِ وَلَا يُطَالِبُ أَيْضًا بِالْمَبْلَغِ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ الرَّهْنَ قَائِلًا: خُذْ هَذَا الْمَالَ رَهْنًا وَأَقْرِضْنِي مِائَةَ قِرْشٍ فَالْمَبْلَغُ يَكُونُ مَالَهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ لِآمِرِهِ الَّذِي هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، وَإِذَا تَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْآخَرِ يَكُونُ تَلِفَ مِنْ مَالِهِ (أَنْقِرْوِيٌّ قُبَيْلَ الْوَصَايَا) وَيُمْكِنُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ اسْتِرْدَادُ مَالِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ شَاءَ لِلْمُرْتَهِنِ.
وَسَبَبُ لُزُومِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كِلَيْهِمَا فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ هُوَ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْعُقُودَ السَّائِرَةَ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَفِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَيْضًا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كِلَاهُمَا لَازِمٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (167 و 433) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ وَعَلَيْهِ وُجُودُ الشَّطْرَيْنِ لَازِمٌ وَالرَّهْنُ لَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ فَقَطْ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . سُؤَالٌ - لِمَاذَا لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ فَقَطْ مِثْلُ الْكَفَالَةِ؟ الْجَوَابُ - مَتَى هَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) يَسْقُطُ الدَّيْنُ مُقَابَلَةً فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ انْعِقَادِ الرَّهْنِ بِلَا رِضَا الْمُرْتَهِنِ يُوجِبُ ضَرَرًا بِسُقُوطِ الدَّيْنِ فِي حَالِ هَلَاكِ الرَّهْنِ، وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (19)(عَيْنِيٌّ) وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَالرَّهْنُ لَا يُعَدُّ تَبَرُّعًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْكَفَالَةِ بَلْ حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ فِي الرَّهْنِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ وَحْدَهُ، وَقَبُولُ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا لَازِمٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ عَيْنِيٌّ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . الْخُلَاصَةُ لَيْسَ الرَّهْنُ كَالْكَفَالَةِ مَنْفَعَةً مَحْضَةً بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ قَبُولُ الْمُرْتَهِنِ لَازِمٌ وَلَا يُقَاسُ لِلْمَادَّةِ (621) ، وَقَدْ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْقَبُولَ أَيْضًا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الرَّهْنِ كَالْإِيجَابِ وَعَلَيْهِ إذَا حَلَفَ شَخْصٌ بِأَنَّهُ لَا يُعْطِي رَهْنًا ثُمَّ أُوجِبَ الرَّهْنُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ (شَلَبِيٌّ) ، وَلَكِنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ لَازِمًا بِمُجَرَّدِ انْعِقَادِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَلْ يَقْتَضِي لِذَلِكَ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ كَمَا هُوَ فِي الْهِبَةِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ صَحَّتْ فِقْرَةُ:(فَقَطْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ لَا يَتِمُّ وَلَا يَكُونُ لَازِمًا) إلَى آخِرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ، يَعْنِي إذَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ الْمُتَّصِفُ بِالشَّرَائِطِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ نَائِبِهِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَقَطْ تَامًّا لَازِمًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ وَدَاخِلًا فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ.
يُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا لِلشَّرَائِطِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُحْرَزًا، يَعْنِي مَقْسُومًا وَغَيْرَ مُشَاعٍ. ثَانِيًا - أَنْ لَا يَكُونَ مَشْغُولًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ. ثَالِثًا - أَنْ يَكُونَ مُمَيَّزًا، يَعْنِي غَيْرَ مُتَّصِلٍ. رَابِعًا - أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسْتَلِمُ مُتَّحِدَيْنِ. فَالشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ سَيَأْتِي إيضَاحُهَا قَرِيبًا وَإِيضَاحُ الشَّرْطِ الرَّابِعِ كَمَا يَلِي: إنَّ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ يُمْكِنُهُ إنَابَةُ شَخْصٍ آخَرَ بِخُصُوصِ قَبْضِ الرَّهْنِ وَتَسْلِيمِهِ، وَلَكِنْ لَا
يَصِحُّ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُسَلِّمِ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِنَائِبِهِ: كُنْ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِي لِقَبْضِ الرَّهْنِ، فَقَبَضَهُ فَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِذَلِكَ مَقْبُوضًا (الْبَاجُورِيُّ)، وَقَدْ ثَبَتَ لُزُومُ الْقَبْضِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - الرَّاهِنُ، وَهُوَ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْ شَيْئًا مِنْ الْمُرْتَهِنِ مُقَابِلَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ أَخَذَ قَرْضًا فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى أَدَائِهِ فَالرَّهْنُ يَكُونُ عَقْدَ تَبَرُّعٍ، وَالتَّبَرُّعُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (57) يَتِمُّ بِالْقَبْضِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي - الرَّهْنُ حُكْمًا هُوَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ، وَالِاسْتِيفَاءُ حُكْمًا كَالِاسْتِيفَاءِ حَقِيقَةً لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَحَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ حَقِيقَةً بِدُونِ الْقَبْضِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (97) فَإِذَا قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ:(أَلْقِ فِي الْمَاءِ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ الَّتِي لِي بِذِمَّتِك) ، وَفَعَلَ الْمَدِينُ ذَلِكَ لَا يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ - إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ إجْبَارُ الدَّائِنِ عَلَى تَعْجِيلِ إيفَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِبَقَاءِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ، وَالْبَقَاءُ أَيْضًا يَظْهَرُ لِلْوُجُودِ بِقَبْضِ الرَّهْنِ (كِفَايَةٌ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ بَقَاءُ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَوْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ، وَأَمَّا إذَا وَرَدَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ تَمَامِ الرَّهْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ قَبَضَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُفْتَرَقَاتِ) ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (705) .
الْخُلَاصَةُ - الْأَحْكَامُ الَّتِي سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَرْهُونِ مَا لَمْ يَقْبِضْ. وَلِذَلِكَ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الرَّاهِنِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى التَّبَرُّعِ.
وَفِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله يَلْزَمُ الرَّاهِنَ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ عَنْهُ
؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُشَابِهٌ لِلْكَفَالَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَبْضُ الْوَثِيقَةِ. (شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ) جَاءَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ قَيْدُ (بِحَقِّ الرَّاهِنِ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (716)، لَا يَكُونُ الرَّهْنُ لَازِمًا بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَ الْمَرْهُونَ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ تَقْسِيمِ الْعُقُودِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (114) . بَيَانُ الِاخْتِلَافِ - يُوجَدُ فِي الرَّهْنِ شَيْئَانِ:
الْأَوَّلُ - انْعِقَادُ الرَّهْنِ.
الثَّانِي - لُزُومُ الرَّهْنِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إتْمَامُ الرَّهْنِ.
فَالْأَوَّلُ يَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَالثَّانِي يَحْصُلُ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالْقَبْضِ. وَفِي رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الرَّهْنُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ، يَعْنِي بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَالرَّهْنُ لَا يَنْعَقِدُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَا دَخْلَ لِلْقَبْضِ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ، وَإِنْ يَكُنْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ رَجَحَ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فَقَدْ قُبِلَ
الثَّانِي فِي الْمَجَلَّةِ بِدَلَالَةِ عِبَارَةِ (يَنْعَقِدُ) فَنَظَرًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ الرَّهْنُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْعَقِدُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَمُنْعَقِدًا فَهُوَ غَيْرُ تَامٍّ، وَلَكِنْ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَتَرَتَّبُ أَحْكَامُ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، هَلْ مِنْ ثَمَرَةٍ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الْمُعَامَلَاتِ؟ فَيُمْكِنُ التَّوْجِيهُ بِأَنَّهُ حَسَبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ يَقَعَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الرَّهْنِ الصَّرِيحِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ يَبْطُلُ بِتَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (183) ، وَأَمَّا بِحَسَبِ الْقَوْلِ الثَّانِي فَيَجُوزُ الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ الصَّرِيحِ حَتَّى بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَسَيُفَصَّلُ هَذَا فِي أَوَاخِرِ شَرْحِ الْمَادَّةِ.
الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ وَغَيْرُ الصَّحِيحَةِ فِي الرَّهْنِ - حَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ يَتِمُّ بِالْقَبْضِ كَمَا سَبَقَ بِوَجْهِ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ مَتَى ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَعَ الْقَبْضِ، يَعْنِي إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنِّي ارْتَهَنْتُ وَقَبَضْتُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا إذَا أَقَامَ الدَّعْوَى عَلَى الرَّاهِنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبْضَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا سَيُذْكَرُ قَرِيبًا، وَنَظَرًا لِمَا تَقَدَّمَ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرَّهْنِ وَيَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا الرَّهْنُ تَبَرُّعٌ وَلَا لُزُومَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (زَيْلَعِيٌّ) وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ يَكُونُ الرَّاهِنُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الرَّهْنِ، (وَلَيْسَ رِضَا الْمُرْتَهِنِ شَرْطًا لِصِحَّةِ هَذَا الرُّجُوعِ) ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَأَكْمَلَ عَقْدَ الرَّهْنِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْهِبَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (737 وَ 849) . وَفِقْرَةُ (بِنَاءً عَلَيْهِ) الْوَارِدَةُ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ هِيَ تَفْرِيعٌ عَلَى فِقْرَةِ (فَقَطْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ) . وَلِهَذِهِ الْجِهَةِ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (187) إذَا بِيعَ مَالٌ بِشَرْطِ رَهْنِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ مُقَابِلَ ثَمَنِهِ فَلَا يُمْكِنُ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَهْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ أُوضِحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) الدُّرَرُ. وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِعَقْدِ الرَّهْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1634) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَأَقَامَ الشُّهُودَ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الرَّاهِنِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الرَّهْنِ بِلَا قَبْضٍ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (تَنْقِيحٌ)، وَفِي تِلْكَ الْحَالِ تَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَرَدَتْ عَلَى الدَّعْوَى غَيْرِ الصَّحِيحَةِ وَعَلَيْهِ مَنْ شَهِدَ عَلَى رَهِينَةِ دَارٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ رُهِنَ لِعُمَرَ لَا يَكْفِي، إذْ يَلْزَمُ ذِكْرُ التَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ (أَبُو السُّعُودِ) ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ دَارِهِ لِآخَرَ وَسَلَّمَ الْمُرْتَهِنَ سَنَدَ الدَّارِ وَحُجَّتَهَا فَقَطْ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ تَامًّا؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ سَنَدِ الدَّارِ وَحُجَّتِهَا لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمِلْكِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
لَاحِقَةٌ - فِي أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَفَاءً شَرْطٍ.
حَيْثُ إنَّ الْبَيْعَ بِالْوَفَاءِ هُوَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ فَفِيهِ أَيْضًا قَبْضُ الْمَبِيعِ لَازِمٌ كَيْ يَكُونَ تَامًّا فَالْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ لَا يَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (118) ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُسَلَّمْ الْمَالُ الَّذِي بِيعَ وَفَاءً لِلْمُشْتَرِي وَبَعْدَهُ طَلَبَ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُ لَهُ وَادَّعَى بِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَفَاءً قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ وَفَاءً هُوَ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ فِي الْمَبِيعِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ لِفِقْرَةِ (فَقَطْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ. إلَخْ) أَنَّهُ حِينَمَا يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ يَصِيرُ الرَّهْنُ لَازِمًا وَتَامًّا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرَّهْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعِنَايَةٌ)(، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 717)، وَإِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ فِيمَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إنَّك غَصَبْت مِنْ الرَّهْنِ أَوْ إنِّي أَعْطَيْتُكَ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ لَا بِوَجْهِ الرَّهْنِ وَادَّعَى بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الرَّاهِنِ أَمْ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَثْنَاءَ الِاخْتِلَافِ (الْبَاجُورِيُّ) .
أَنْوَاعُ الْقَبْضِ وَشَرَائِطُهُ - يَصِحُّ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَمَا يَصِحُّ بَعْدَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَبِإِذْنِ الرَّاهِنِ الصَّرِيحِ وَكَذَلِكَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ بِالذَّاتِ أَوْ نَائِبِهِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْعَدْلِ أَيْضًا صَحِيحٌ. إنَّمَا يُقْتَضَى وُجُودُ الشَّرَائِطِ الْآتِي ذِكْرُهَا لِصِحَّةِ الْقَبْضِ: أَوَّلًا - أَهْلِيَّةُ الْقَابِضِ لِلْقَبْضِ وَلِهَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (705) قَبْضُ الْعَدْلِ غَيْرِ الْعَاقِلِ لَيْسَ صَحِيحًا وَلَا يَتِمُّ الرَّهْنُ بِهِ. ثَانِيًا - إذْنُ الرَّاهِنِ لِلْقَبْضِ وَعَلَيْهِ لَا حُكْمَ لِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَوَادِّ (842 وَ 843 وَ 844) أَنَّ حُكْمَ الْهِبَةِ أَيْضًا هَكَذَا (الْهِنْدِيَّةُ) . أَنْوَاعُ الْإِذْنِ - الْإِذْنُ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ - إعْطَاءُ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنَ إذْنًا صَرِيحًا بِقَبْضِ الرَّهْنِ كَقَوْلِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ: إنِّي آذَنْتُكَ بِقَبْضِ الرَّهْنِ، أَوْ اقْبِضْ الرَّهْنَ، أَوْ رَضِيتُ بِقَبْضِكَ الرَّهْنَ.
النَّوْعُ الثَّانِي - الْإِذْنُ دَلَالَةً كَسُكُوتِ الرَّاهِنِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ أَيْ عَدَمِ نَهْيِهِ عَنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67) .
الْفَرْقُ بَيْنَ نَوْعَيْ الْإِذْنِ حُكْمًا. يَفْتَرِقُ حُكْمًا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ عَنْ الْإِذْنِ دَلَالَةً فَكَمَا أَنَّ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى الْإِذْنِ الصَّرِيحِ صَحِيحٌ فَقَبْضُهُ إيَّاهُ بَعْدَ تَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ أَيْضًا يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا الْإِذْنُ دَلَالَةً فَيَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ أَيْضًا هَكَذَا كَمَا صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (844) . ثَالِثًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُفَرَّغًا، يَعْنِي غَيْرَ مَشْغُولٍ بِالرَّاهِنِ أَوْ بِمَتَاعِهِ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إذَا سُلِّمَتْ الدَّارُ الْمَرْهُونَةُ مَشْغُولَةً بِالرَّاهِنِ أَوْ بِأَشْيَاءَ، أَوْ بِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا سُلِّمَتْ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ حَالَ كَوْنِ الرَّاهِنِ أَوْ مَتَاعِهِ مَوْجُودًا فِيهَا لَا يَصِحُّ، مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهَا وَسَلَّمَهَا لِلْمُرْتَهِنِ
وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهَا وَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ مَشْغُولَةً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ تَامًّا، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ بَاطِلٌ يَجِبُ حِينَئِذٍ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا وَيُخْرِجَ أَشْيَاءَهُ وَيُسَلِّمَهَا بَعْدَ تَخْلِيَتِهَا مُجَدَّدًا (الزَّيْلَعِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
وَأَمَّا إذَا رَهَنَ الدَّارَ مَعَ الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِيهَا وَسَلَّمَهَا مَعَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْهَا فَيَكُونُ الرَّهْنُ تَامًّا. رَابِعًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُحْرَزًا أَيْ مَقْسُومًا فَبِنَاءً عَلَيْهِ رَهْنُ الْمُشَاعِ غَيْرُ جَائِزٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشَاعُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَمْ غَيْرَ قَابِلٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ عِبَارَةٌ عَنْ دَوَامِ الْحَبْسِ، وَحَيْثُ إنَّ فِي الْمُشَاعِ تَجِبُ الْمُهَايَئَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ دَوَامُ الْحَبْسِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ، وَإِنَّمَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الرَّهْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبُو يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَيُفْسِدُهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . خَامِسًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُتَمَيِّزًا، يَعْنِي أَنْ لَا يَكُونَ مُتَّصِلًا خِلْقَةً بِغَيْرِ الْمَرْهُونِ بِنَاءً عَلَيْهِ رَهْنُ الثَّمَرِ بِدُونِ الشَّجَرِ، وَتَسْلِيمُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) .
وَإِذَا وُجِدَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ هَلْ يَلْزَمُ قَبْضُهُ بَعْدُ؟ إذَا وُجِدَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَالْقَبْضُ اللَّازِمُ وُقُوعُهُ عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ كِلَاهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ الْقَبْضُ السَّابِقُ أَقْوَى مِنْ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ يَقُومُ الْقَبْضُ السَّابِقُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ، وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُ قَبْضٌ جَدِيدٌ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْأَوَّلِ) ، مَثَلًا لَوْ غَصَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا ثُمَّ رَهَنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَتَامٌّ بِدُونِ أَنْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَغْصُوبِ قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ وَبِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ وَأَدْنَى مِنْهُ. وَأَمَّا لَوْ رَهَنَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مُجَدَّدًا فَيَصِحُّ الرَّهْنُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (744) ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ أَيْ لَا يَتِمُّ بِلَا تَسْلِيمٍ وَقَبْضٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَأْجُورِ قَبْضُ أَمَانَةٍ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (600) وَقَبْضَ الْمَرْهُونِ كَمَا سَيَأْتِي فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) .
وَأَمَّا لَوْ رَهَنَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مُجَدِّدًا فَيَصِحُّ الرَّهْنُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (744) ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ أَيْ لَا يَتِمُّ بِلَا تَسْلِيمٍ وَقَبْضٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَأْجُورِ قَبْضُ أَمَانَةٍ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (600) وَقَبْضَ الْمَرْهُونِ كَمَا سَيَأْتِي فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَقُومُ قَبْضُ الْأَمَانَةِ مَقَامَ الْقَبْضِ الْمَضْمُونِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلِذَلِكَ إذَا رَهَنَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ الَّتِي بِيَدِهِ إلَى الْمُودِعِ صَاحِبِ الْمَالِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً