الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا التَّقْيِيدُ مِنْ حَيْثُ الْمُنْتَفِعِ. فَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَمَا ذَكَرَ حُكْمَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (820) .
وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ نُظِرَ فِي تَعْبِيرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ " الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ الَّذِي يُرِيدُهُ " إلَى الْإِطْلَاقِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَفِي تَعْبِيرِ " عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُ " قَدْ نُظِرَ إلَى الْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ وَذَلِكَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.
وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ يَكُونُ فِي حَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ دَلِيلٍ عَلَى التَّقْيِيدِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، فَعَلَيْهِ تُقَيَّدُ الْإِعَارَةُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دَلَالَةً وَلَوْ لَمْ تُقَيَّدْ صَرَاحَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45) بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ بِمَا يُخَالِفُ عُرْفَ الْبَلْدَةِ وَعَادَتَهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (814) إلَّا أَنَّهُ إذَا تَقَيَّدَتْ الْإِعَارَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَلَا تَخْرُجُ الْإِعَارَةُ بِذَلِكَ مِنْ قِسْمِ الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ فَرَسَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ إعَارَةً مُطْلَقَةً مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَكَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمُنْتَفِعِ فَلَهُ (1) أَنْ يَرْكَبَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ وَيَشْمَلُ هَذَا الْإِطْلَاقَ فِي الزَّمَانِ.
(2)
وَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى أَيِّ مَحِلٍّ أَرَادَ وَهَذَا مِثَالٌ لِلْإِطْلَاقِ فِي الْمَكَانِ. إنْ شَاءَ رَكِبَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ رَكِبَهُ غَيْرُهُ. وَهَذَا الْمَحِلُّ سَوَاءٌ كَانَ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ أَمْ خَارِجَهَا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ عَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ)(لَهُ أَنْ يَذْهَبَ) لَيْسَ هَذَا التَّعْبِيرُ أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمَجِيءِ فَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أَوْ يُحَمِّلَهُ حِمْلًا وَيَأْتِيَ بِهِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِلذَّهَابِ عَلَيْهَا وَهُوَ فِي الْقُدْسِ إلَى يَافَا فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْهَا وَيَرْجِعَ. فَلَوْ ذَهَبَ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً إلَى الْمَحِلِّ الْمُسْتَعَارِ لَهُ وَبَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهَا شَهْرًا هُنَاكَ حَمَّلَ الدَّابَّةَ حِمْلًا مُعْتَادًا وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَلَا يَضْمَنُ. أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَإِنَّمَا لَهُ الذَّهَابُ دُونَ الْمَجِيءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: رَدُّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرُ لَا يَسْتَطِيعُ الرَّدَّ إلَّا بَعْدَ الْمَجِيءِ حَالَةَ كَوْنِ رَدِّ الْمَأْجُورِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (594) .
الْمَثَلُ الثَّانِي: لَمَّا كَانَتْ الْإِعَارَةُ تَبَرُّعًا فَالتَّسَامُحُ جَارٍ فِيهَا أَمَّا الْإِجَارَةُ فَبِمَا أَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَالْمُضَايَقَةُ أَيْ عَدَمُ التَّسَامُحِ فِيهَا مَرْعِيَّةٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ لَيْسَ لَهُ الذَّهَابُ بِالدَّابَّةِ الْمُعَارَةِ إلَى الْمَحِلِّ فَاَلَّذِي مَسَافَةُ الذَّهَابِ إلَيْهِ سَاعَتَانِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ.
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ لِلْحَمْلِ دَابَّةً فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْحِمْلَ فَلِلْمُسْتَعِيرِ تَحْمِيلُ أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ يُصْرَفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ، وَالْحِمْلُ فَوْقَ الطَّاقَةِ لَيْسَ مُتَعَارَفًا حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ دَابَّتَهُ فَوْقَ طَاقَتِهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ شَخْصٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حُجْرَةً فِي خَانٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا وَأَنَّهُ يَضَعُ فِيهَا أَمْتِعَةً وَهَذَا مِثَالٌ لِلْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ.
وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا يُخَالِفُ الْعَادَةَ كَأَنْ يَشْتَغِلَ فِيهَا بِصَنْعَةِ الْحِدَادَةِ مِمَّا يُوَرِّثُ وَهْنَ الْبِنَاءِ وَضَرَرَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
[
(الْمَادَّةُ 817) كَوَّنَ الْإِعَارَة مُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان]
(الْمَادَّةُ 817) إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَتُهُ مَثَلًا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ وَكَذَلِكَ اسْتَعَارَ فَرَسًا
لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ غَيْرِهِ ".
إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَمُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ وَالشَّرْطُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَتُهُ أَيْ مُخَالَفَةُ الْقَيْدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَإِنْ خَالَفَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَأْذَنُ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ.
يَعْنِي ` إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَمُطْلَقَةً فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ كَيْفَ شَاءَ بِالْمُسْتَعَارِ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ دَائِرَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنَيْنِ وَالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعَ بِالْمُسْتَعَارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ فِي دَائِرَةِ ذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِعَارَةَ الْمُقَيَّدَةَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى إطْلَاقِهَا مِنْ حَيْثُ الِانْتِفَاعِ وَمِنْ حَيْثُ الْمُنْتَفِعِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُ الْعَارِيَّةِ وَالِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي إذَا شَاءَ انْتَفَعَ بِهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ يَكُنْ.
وَلَيْسَ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (التَّقْيِيدُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ إذَا قَيَّدَ الِاسْتِعْمَالَ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُخَالِفَهُ وَقَدْ ذُكِرَ مِثَالُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (816) .
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ عَمْدًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ سَهْوًا أَيْضًا.
مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ عَمْدًا: إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ وَيَذْهَبَ بِهَا إلَى الْمَحِلِّ الْمُرَادِ فَإِنْ شَاءَ رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ.
وَإِذَا رَكِبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ مَا وَسَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ سَالِمًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ " 826 ".
وَإِذَا أَمْسَكَهُ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ كَانَ ضَامِنًا.
كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ " 548 ".
يَعْنِي لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ عَلَى أَنْ يُسْتَعْمَلَ كَذَا مُدَّةً فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ زِيَادَةً عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ مُتَّحِدَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّ فِي الْإِعَارَةِ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ إمْسَاكُ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُعِيرُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (826) وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَتَلِفَ وَجَبَ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ لِعَدَمِ مَجِيءِ صَاحِبِهِ وَعَدَمِ أَخْذِهِ إيَّاهُ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَالسَّبَبُ هُوَ: