الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّخْصَ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي التَّصَرُّفِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَحَفْرِ بِئْرٍ فِيهَا، فَكَمَا أَنَّ فِي الْحَفْرِ الْمَذْكُورِ تَعَدِّيًا فَيُعَدُّ تَعَمُّدًا أَيْضًا.
أَمَّا لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَكَان لَهُ حَقُّ الْحَفْرِ فِيهِ وَسَقَطَ فِيهَا حَيَوَانٌ لِآخَرَ وَتَلِفَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِكُلٍّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ كَمَا يَشَاءُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1192) فَيَكُونُ الْحَفْرُ الْمَذْكُورُ بِحَقٍّ.
كَذَلِكَ لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ دَارِهِ فَانْهَدَمَتْ دَارُ جَارِهِ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْنِيَهَا كَالْأَوَّلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
كَذَلِكَ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ بَيْنَمَا كَانَ أَحَدٌ يُحْرِقُ الْعُشْبَ فِي مَزْرَعَتِهِ إلَى مَزْرَعَةِ جَارِهِ فَحَرَقَتْ مَزْرُوعَاتِهَا فَإِنْ كَانَتْ النَّارُ بَعِيدَةً عَنْ مَزْرَعَةِ جَارِهِ بِحَيْثُ لَا تَصِلُ الشَّرَارَةُ إلَيْهَا عَادَةً فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إلَى مَزْرَعَةِ الْجَارِ فَيَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُوقِدَ النَّارَ فِي مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ السَّلَامَةُ (الْبَهْجَةُ) وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً بِهَذَا الْمِقْدَارِ فَيَكُونُ تَجَاوُزُ النَّارِ إلَى مَزْرَعَةِ الْغَيْرِ مَعْلُومًا وَيَكُونُ وَاقِدُ النَّارِ قَدْ قَصَدَ إحْرَاقَ زَرْعِ الْغَيْرِ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ قَرِيبَةً مِنْ أَرْضِهِ بِحَيْثُ كَانَ الزَّرْعَانِ مُلْتَفَّيْنِ أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ الِالْتِفَافِ عَلَى وَجْهٍ يُعْلَمُ أَنَّ النَّارَ تَصِلُ إلَى زَرْعِ جَارِهِ فَيَضْمَنُ وَاقِدُ النَّارِ زَرْعَ الْجَارِ (الْخَانِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ حَرِيقٌ فِي دَارِ أَحَدٍ قَضَاءً بِسَبَبِ إيقَادِهِ النَّارَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ فَلَا يَضْمَنُ.
أَمَّا لَوْ احْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ بِسَبَبِ إيقَادِهِ النَّارَ عَلَى الْوَجْهِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ ضَمِنَ قِيمَةَ دَارِ جَارِهِ مَبْنِيَّةً مَعَ بَدَلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يَسْتَطِعْ إخْرَاجَهَا (الْبَهْجَةُ، الْخَانِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ حَرَقَتْ النَّارُ مَالَ أَحَدٍ بَيْنَمَا حَامِلُهَا كَانَ مَارًّا مِنْ مَكَانٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْهُ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ بِسَبَبِ هُبُوبِ الرِّيحِ عَلَى النَّارِ أَوْ بِسَبَبِ سُقُوطِ النَّارِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
أَمَّا إذَا مَرَّ بِالنَّارِ مِنْ مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْهُ أَوْ إذَا حَصَلَ الْحَرْقُ بِهُبُوبِ الرِّيحِ عَلَى النَّارِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
أَمَّا إذَا سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ شَرَارَةٌ وَأَحْرَقَتْهُ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (الْبَهْجَةُ، الْفَيْضِيَّةُ) وَالْأَظْهَرُ هُوَ هَذَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْخَانِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ اشْتَدَّتْ الرِّيحُ بَيْنَمَا كَانَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ سَائِرًا بِسَفِينَتِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ صَرْفَهَا عَنْ شَرَكٍ لِآخَرَ قَدْ نَصَبَهُ وَأَضَرَّتْ بِهِ فَلَا يَضْمَنُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
كَذَلِكَ لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ فِي التَّنُّورِ الَّذِي فِي بَيْتِهِ حَطَبًا كَثِيرًا وَأَوْقَدَهُ إيقَادًا لَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا التَّنُّورُ فَاحْتَرَقَتْ دَارُهُ مَعَ دَارِ جَارِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ يَضْمَنُ دَارَ جَارِهِ (الْخَانِيَّةُ) .
وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَ الضَّمَانُ عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ (الْخَانِيَّةُ) .
[
(الْمَادَّةُ 925) فَعَلَ أَحَدٌ فِعْلًا يَكُونُ سَبَبًا لِتَلَفِ شَيْءٍ فَحَلَّ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ]
(الْمَادَّةُ 925) - (لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ فِعْلًا يَكُونُ سَبَبًا لِتَلَفِ شَيْءٍ فَحَلَّ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ يَعْنِي أَنَّ شَخْصًا آخَرَ أَتْلَفَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مُبَاشَرَةً يَكُونُ ذَلِكَ الْمُبَاشِرُ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ ضَامِنًا)(رَاجِعْ الْمَادَّةَ 90) .
يَعْنِي: لَوْ حَلَّ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ بَيْنَ ذَلِكَ السَّبَبِ وَالتَّلَفِ.
كَأَنْ يُتْلِفَ شَخْصٌ آخَرُ ذَلِكَ الشَّيْءَ مُبَاشَرَةً كَانَ صَاحِبُ ذَلِكَ الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ الَّذِي هُوَ الْفَاعِلُ الْمُبَاشِرُ ضَامِنًا وَلَا يَضْمَنُ الشَّخْصُ الْمُتَسَبِّبُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (90) .
تَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَلْقَى آخَرُ حَيَوَانَ الْغَيْرِ وَتَلِفَ فِي الْبِئْرِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُلْقِي وَلَيْسَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ ضَمَانٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ فَرَّ أَحَدٌ مِنْ ظَالِمٍ فَأَوْقَفَهُ أَحَدٌ عَنْ الْمَسِيرِ فَلَحِقَ بِهِ الظَّالِمُ وَجَرَمَهُ لَزِمَ الظَّالِمَ الضَّمَانُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ فَتَّشَ ظَالِمٌ عَنْ آخَرَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ فَأَرْشَدَ أَحَدٌ ذَلِكَ الظَّالِمَ إلَيْهِ فَأَخَذَ الظَّالِمُ مَالَهُ لَزِمَ الظَّالِمَ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ الْآخِذَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ دَارَ آخَرَ أَوْ حَانُوتَهُ أَوْ نَقَبَ حَائِطَهَا فَفَتَحَ شَخْصٌ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ مِنْ النَّقْبِ أَوْ كَسَرَ قُفْلَهَا تَغَلُّبًا وَسَرَقَ مِنْهَا مَالًا سَوَاءٌ أَسَرَقَهُ عَقِيبَ فَتْحِ الْبَابِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ لَزِمَ الضَّمَانُ السَّارِقَ وَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ الْخَانِ لَيْلًا وَتَرَكَ بَابَهُ مَفْتُوحًا فَدَخَلَهُ لِصٌّ وَسَرَقَ مَالًا فِيهِ لَزِمَ السَّارِقَ ضَمَانُهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ أَفْلَتَ أَحَدٌ الْمَدِينَ مِنْ يَدِ دَائِنِهِ وَفَرَّ الْمَدِينُ بَعْدَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانُ الدَّيْنِ.
وَيُعَزَّرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْفَارُّ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ (الْخَانِيَّةُ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ بِئْرَ حِنْطَةٍ لِآخَرَ فَسَرَقَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ شَخْصٌ آخَرُ ضَمِنَ السَّارِقُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ كَانَ أَهَالِي بَلْدَةٍ فِي جَزِيرَةٍ وَسَطَ الْبَحْرِ يَتَنَاوَبُونَ الْحِرَاسَةَ خَوْفًا مِنْ الْحَرْبِيِّينَ فَاجْتَاحَ الْحَرْبِيُّونَ دَارًا لِأَحَدِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَنَهَبُوا مَالَهُ فِي نَوْبَةِ حِرَاسَةِ آخَرَ؛ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْمَنْهُوبِ أَنْ يُضَمِّنَ صَاحِبَ النَّوْبَةِ مَالَهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَوْ أَرْشَدَ جَانٍ أَعْوَانَهُ إلَى دَارِ لِآخَرَ أَوْ دَلَّ شَرِيكٌ لِصًّا عَلَى دَارِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشَيْءٍ فَسَرَقَ الْأَعْوَانُ أَوْ سَرَقَ اللِّصُّ مَالَ الشَّخْصِ فَالضَّمَانُ يَكُونُ عَلَى الْآخِذِ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ دَلَّ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلُ مِنْهُ أَمْرٌ أَوْ حَمْلٌ عَلَى السَّرِقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَوْ أَمَرَ أَحَدًا بِذَبْحِ الشَّاةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهَا مِنْ شَخْصٍ فَذَبَحَهَا الْمَأْمُورُ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي الذَّابِحَ قِيمَتَهَا.
وَلَا يَضْمَنُ الْآمِرُ الْبَائِعُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْمُورُ عَالِمًا بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ أَمْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ.
لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورُ لِلذَّبْحِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى آمِرِهِ بِمَا ضَمِنَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) الشَّارِحُ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اذْهَبْ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ فَهُوَ أَمِينٌ فَذَهَبَ مِنْهُ وَسَلَبَهُ اللُّصُوصُ؛ فَلَا يَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالذَّهَابِ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: كُلْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ فَهُوَ طَيِّبٌ فَأَكَلَ مِنْهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَسْمُومٌ فَلَا يَلْزَمُ الْقَائِلَ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ حَمَّلَ أَحَدٌ عَلَى دَابَّةِ آخَرَ أَثْقَالًا فَجُرِجَ ظَهْرُهَا فَشَقَّ صَاحِبُهَا ذَلِكَ الْجُرْحَ وَبَعْدَ مُدَّةٍ انْدَمَلَ.
فَإِذَا انْدَمَلَ الْجُرْحُ تَمَامًا فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانٌ.
أَمَّا إذَا حَدَثَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِهِ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِسَبَبِ الشَّقِّ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِسَبَبِ الْجُرْحِ نَفْسِهِ ضَمِنَهُ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلَّذِي اسْتَعْمَلَ الدَّابَّةَ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ؛ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِ الدَّابَّةِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) .
قَدْ ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ (جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) تَحْتَ عِنْوَانِ (فِي التَّسَبُّبِ وَالدَّلَالَةِ) بَعْضَ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
مُسْتَثْنًى: قَدْ أُفْتِيَ بِكَوْنِ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا وَشَى زَيْدٌ بِعَمْرٍو عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ الْمَعْرُوفِينَ بِالظُّلْمِ وَكَانَ سَبَبًا لَأَنْ يَغْرَمَ عَمْرٌو بِمَبْلَغٍ؛ فَلِعَمْرٍو أَنْ يُضَمِّنَ زَيْدًا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ (الْبَهْجَةُ) وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
وَيُقَالُ لِلسَّاعِي (الْمُثَلَّثِ) ؛ لِأَنَّ السَّاعِيَ أَوَّلًا: يُسِيءُ إلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ فِعْلًا ذَمِيمًا وَمَقْدُوحًا فِيهِ.
ثَانِيًا: يُسِيءُ إلَى جِنْسِهِ أَيْ: يَكُونُ قَدْ ظَلَمَ الَّذِي سَعَى بِهِ ثَالِثًا: يَكُونُ قَدْ أَسَاءَ أَيْضًا إلَى الَّذِي سَعَى لَهُ؛ إذْ يَكُونُ قَدْ سَاقَهُ إلَى الظُّلْمِ وَقَالَ امْرُؤٌ لِكَعْبِ الْأَحْبَارِ: نَبِّئْنِي مَا الْمُثَلَّثُ؟ فَقَالَ شَرُّ النَّاسِ الْمُثَلَّثُ يَعْنِي: السَّاعِيَ بِأَخِيهِ إلَى أَهْلِ الْعُرْفِ يُهْلِكُ ثَلَاثَةً نَفْسَهُ وَأَخَاهُ وَأَهْلَ الْعُرْفِ بِالسَّعْيِ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْبَرَ أَحَدٌ آخَرَ مَعْرُوفًا بِنَهْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ أَنَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ حِنْطَةً لِفُلَانٍ أَوْ لَهُ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ فَرَسٌ مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ فَأَخَذَ الْحِنْطَةَ أَوْ الْفَرَسَ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ الْمُخْبِرُ ضَامِنًا.
وَإِذَا تُوُفِّيَ السَّاعِي يُؤْخَذُ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) .