الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ رَدُّهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تُقَاسُ عَلَى الْمُسْتَعَارِ أَيْ عَلَى الْمَادَّةِ (829) فَيَلْزَمُ رَدُّهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ هَذَا الرَّأْي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَقَالَ: لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ فِي الرَّدِّ إلَى مَنْزِلِ الْمُودِعِ أَوْ عِيَالِهِ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ رِضًا فِي الرَّدِّ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ رِضًا فِي الرَّدِّ إلَى هَؤُلَاءِ لَمَا كَانَ أَوْدَعَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ هَذَا الْقَوْلَ بِقَوْلِ (وَبِهِ يُفْتَى) وَقِيلَ: هَذَا الْقَوْلُ فِي الْكِتَابِ الْمُسَمَّى (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) أَيْضًا.
وَظَاهِرُ الْمَادَّةِ 794 يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ رَجَّحَتْ هَذَا الْقَوْلَ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ رَدُّ الْوَدِيعَةِ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ وَالْمَالِكِ يَعْنِي إلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَيْضًا وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلَ نَظَرًا لِنَقْلِ الْبَحْرِ بِعِبَارَةِ (وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ) وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (794) .
وَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مَعَ أَمِينِهِ إلَى صَاحِبِهَا فَتَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِيَدِ الْأَمِينِ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى صَاحِبِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْأَمِينِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) . (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
رَدُّ الْمُسْتَوْدَعِ بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ وَإِنْكَارُ الْمُودَعِ.
إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: رَدَدْتُ الْوَدِيعَةَ لَك بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِي فُلَانٌ، وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1774) قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ وَبَيْنَمَا أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ أَبَدًا عَلَى النَّفْيِ فَالْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَرِدُ عَلَى الْإِثْبَاتِ إذْ إنَّهُ إذَا حَلَفَ الْمُسْتَوْدَعُ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِهِ يَبْرَأُ.
بَيْدَ أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ قَبْلَ حَلِفِ الْيَمِينِ وَبَعْدَ ادِّعَائِهِ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودِعِ أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 801) وَشَرْحَهَا.
كَمَا لَوْ تُوُفِّيَ الْمُودِعُ وَطَلَبَ وَارِثُهُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَى الْمُودِعِ أَوْ إلَى وَصِيِّهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ.
[
(الْمَادَّةُ 796) طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَا مَالًا مُشْتَرَكًا عِنْدَ شَخْصٍ حِصَّتَهُ فِي غِيَابِ الْآخَرِ]
(الْمَادَّةُ 796) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَا مَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَ عِنْدَ شَخْصٍ) حِصَّتَهُ فِي غِيَابِ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَوْدَعُ حِصَّتَهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
إذَا أَوْدَعَ شَخْصَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَالَهُمْ الْمُشْتَرَكَ عِنْدَ شَخْصٍ وَطَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي غِيَابِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَوْدَعُ حِصَّتَهُ. وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغِيَابِ هُنَا الْفِقْدَانُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ وَالْمَجَلَّةُ قَدْ قَبِلْته. وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْحُكْمُ فِي هَذَا كَالْحُكْمِ الْمُنْدَرِجِ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ يَعْنِي حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَالِكِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالْإِعْطَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ تَعَدِّيًا عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ.
وَدَلِيلُ الْإِمَامَيْنِ هُوَ بِمَا أَنَّ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ طَلَبَ حِصَّتَهُ الَّتِي أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ فَهَذَا مَجْبُورٌ عَلَى إعْطَائِهِ إيَّاهَا كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَشَارِكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي غِيَابِ الْآخَرِ وَبِدُونِ إذْنِهِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1147) . يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا لِلْمُشَارِكِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ حَالَ غِيَابِهِ فَلَهُ حَقٌّ أَنْ يَأْخُذَهَا أَيْضًا إذَا وُجِدَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ.
وَذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ 1100 أَنَّ الْحُكْمَ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ.
وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامَيْنِ جَارٍ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَلَيْسَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ جَاءَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَذِكْرُ الشَّرِيكَيْنِ بِصِيغَةِ الْمَثْنَى لَيْسَ احْتِرَازِيًّا كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا أَيْضًا إذْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَالْحُكْمُ أَيْضًا هَكَذَا كَمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ ثَلَاثَةَ أَشْخَاصٍ مَثَلًا وَجَاءَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ فِي غِيَابِ الْآخَرِ فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا حِصَّتَهُمَا مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَإِذَا رَاجَعَ الشَّرِيكُ الَّذِي طَلَبَ حِصَّتَهُ الْحَاكِمَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَأْمُرُ الْمُسْتَوْدَعَ بِإِعْطَائِهِ حِصَّتَهُ. حَتَّى لَوْ أَعْطَى ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ وَدِيعَتَهُمْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ شَخْصًا آخَرَ وَأَنْذَرُوهُ بِأَنْ لَا يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ لِأَحَدِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّلَاثَةُ مُجْتَمِعِينَ ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (الْخَانِيَّةُ) .
الْأَحْكَامُ فِيمَا لَوْ أَخَذَ أَحَدُ الْمُودِعِينَ الْمُتَعَدِّدِينَ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ.
إذَا سَلَّمَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُودِعَ الْحَاضِرَ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِمُوجِبِ فِقْرَةِ هَذِهِ الْمَادَّةِ ثُمَّ تَلِفَتْ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِيَدِ الْقَابِضِ تَعُودُ خَسَارَتُهَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ. وَلَمَّا يَحْضُرُ الْمُودِعُ الْآنَ يَأْخُذُ الْحِصَّةَ الْمَوْجُودَةَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ تَمَامًا وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ الَّذِي أَخَذَ حِصَّتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهَا. وَأَمَّا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ الطَّالِبِ حِصَّتَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ الْحِصَّةُ الْأُخْرَى بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَحَضَرَ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ فَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. فَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ وَالتَّسْلِيمُ هَذَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ تَكُونُ الْحِصَّةُ الْمَأْخُوذَةُ مِلْكًا لِمَنْ قَبَضَهَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدٍ ضَمَانٌ وَإِنْ كَانَتْ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ يَكُونُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا حِينَمَا يَحْضُرُ. إنْ شَاءَ شَارَكَ الْقَابِضَ فِي حِصَّتِهِ الَّتِي أَخَذَهَا يَعْنِي أَخَذَ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ حِصَّتَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. وَيَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءُ الْمَادَّةِ (91) . وَيَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ بِحَسَبِ هَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى الْقَابِضِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَقَالَ الْحَمَوِيُّ: إنَّ كَوْنَ الْمُودِعِ اثْنَيْنِ يَحْصُلُ بِأَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ مَعًا عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ. وَأَمَّا إذَا أَوْدَعَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ فَقَطْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ فَوُجُودُ الْآخَرِ حِينَ الْإِيدَاعِ لَا يَسْتَلْزِمُ اشْتِرَاكَهُ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْآخَرُ شَاهِدًا مَثَلًا انْتَهَى.
كَوْنُ الْمُودِعِ اثْنَيْنِ يَنْحَصِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ حَامِلًا الْوَدِيعَةَ مَثَلًا وَسَلَّمَهَا الِاثْنَانِ لِلْمُسْتَوْدَعِ قَائِلَيْنِ (هَذَا الْمَالُ لَنَا نُعْطِيكَهُ كَيْ يَكُونَ وَدِيعَةً عِنْدَك) يَصِيرُ الْمُودِعُ اثْنَيْنِ.