الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَى الْغُرَفُ يَعْنِي الْغُرْفَةَ الَّتِي شَرَطَ فِي الْحِفْظِ فِيهَا حَجَرًا وَالْأُخْرَى أَيْ الَّتِي حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا مُخَالِفًا الشَّرْطَ خَشَبًا أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَوْقَ السُّوقِ وَالْأُخْرَى لَيْسَتْ فَوْقَهُ يَعْنِي إذَا كَانَ يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُمَا فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ فَالشَّرْطُ مُفِيدٌ مُعْتَبَرٌ وَالْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورٌ عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ فِي الْغُرْفَةِ الْمَشْرُوطَةِ لَهَا أَيْ الْغُرْفَةِ الَّتِي مِنْ حَجَرٍ أَوْ لَيْسَتْ فَوْقَ الطَّرِيقِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا وَضَعَهَا فِي غُرْفَةٍ أَدْنَى مِنْ تِلْكَ الْغُرْفَةِ فِي الْمُحَافَظَةِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ ضَمِنَهَا. وَهَذَا الْمِثَالُ مِثَالُ الْحُكْمِ الثَّانِي.
كَمَا لَوْ أُودِعَتْ وَشَرَطَ الْحِفْظَ فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ وَحَفِظَهَا فِي غَيْرِ صُنْدُوقٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الصُّنْدُوقَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَالْآخَرُ خِزَانَةً مِنْ حَدِيدٍ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إذَا هَلَكَتْ فِي حَالَةِ حِفْظِهِ إيَّاهَا فِي صُنْدُوقٍ مِنْ الْخَشَبِ.
كَذَلِكَ قَيْدُ (تِلْكَ الدَّارِ) الْوَاقِعُ فِي الْمِثَالِ وَهُوَ (كَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ الْحِفْظَ فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ الدَّارِ) احْتِرَازِيٌّ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي أُودِعَ بِشَرْطِ أَنْ يُحْفَظَ فِي تِلْكَ الدَّارِ الْكَائِنَةِ فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ لَا يَحْفَظُ فِي دَارٍ غَيْرَهَا. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ الْأُخْرَى أَحْرَزَ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ تَكُونَانِ غَالِبًا مُخْتَلِفَتَيْنِ فِي الْحِرْزِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفِيدًا.
وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ إنْ كَانَتْ الدَّارُ الْأُخْرَى مُسَاوِيَةً فِي الْحِفْظِ لِتِلْكَ الدَّارِ أَوْ أَحْصَنَ مِنْهَا يَجُوزُ حِفْظُهَا فِي تِلْكَ الدَّارِ الْأُخْرَى. فَقَيْدُ (تِلْكَ الدَّارِ) نَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُخْتَارُ.
كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْحِفْظَ فِي كَذَا بَلْدَةٍ وَحُفِظَتْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (787) وَقَدْ ظَهَرَتْ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمُحَرَّرَةِ أَسْبَابُ تَعَدُّدِ الْأَمْثِلَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ.
[
(الْمَادَّةُ 785) غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ]
(الْمَادَّةُ 785) إذَا غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ يَحْفَظُهَا الْمُسْتَوْدَعُ إلَى أَنْ تَتَبَيَّنَ وَفَاتُهُ. إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَفْسُدُ بِالْمُكْثِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيَحْفَظَ ثَمَنَهَا أَمَانَةً عِنْدَهُ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْهَا وَفَسَدَتْ بِالْمُكْثِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
إذَا غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ الْمَكَانُ الْمَوْجُودُ فِيهِ وَلَا حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ يَعْنِي إذَا صَارَ مَفْقُودًا يَحْفَظُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى أَنْ تَتَبَيَّنَ وَفَاتُهُ وَتَتَحَقَّقَ وَرَثَتُهُ. يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْحِفْظُ لِذَلِكَ الْحِينِ وَإِلَّا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ بِنَاءً عَلَى فَقْدِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْبُوبَتِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ أَوْ يُعْطِيَهَا لِوَرَثَتِهِ أَوْ يَصْرِفَهَا وَيَسْتَهْلِكَهَا عَلَى أُمُورِهِ أَوْ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ لِمَأْمُورِ بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدَعِ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِ الْمَفْقُودِ.
بِنَاءً عَلَيْهِ وَكَمَا أَنَّ لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ الْمَوْجُودَ بِيَدِ الْمَفْقُودِ بِالذَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَيْضًا.
غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَفْسُدُ بِالْمُكْثِ بِأَنْ كَانَتْ صُوفًا مَثَلًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِإِذْنِ
الْحَاكِمِ وَيَحْفَظَ ثَمَنَهَا أَمَانَةً عِنْدَهُ مِثْلَ أَصْلِهَا. يَعْنِي أَنَّ اللَّائِقَ وَالْمُنَاسِبَ بِالْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَبِيعَ الْوَدِيعَةَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَأَنْ يَحْفَظَ ثَمَنَهَا وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ حَاكِمٌ يَبِيعُهَا الْوَدِيعُ بِالذَّاتِ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا.
وَأَمَّا مَا دَامَتْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ مُمْكِنَةً فَإِذَا بَاعَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِدُونِ الْمُرَاجَعَةِ يَكُونُ بَيْعًا فُضُولِيًّا وَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ الْفُضُولِيِّ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْهَا وَفَسَدَتْ بِالْمُكْثِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ حَيْثُ إنَّ عَدَمَ بَيْعِهِ إيَّاهَا امْتِنَاعٌ عَنْ عَمَلِ الْخَيْرِ أَكْثَرُ مِمَّا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ، فَفَسَادُ الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا أَيْضًا.
مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الصُّوفِ أَوْ شَيْئًا يُفْسِدُهُ الْعُثُّ وَلَمْ يَبِعْهَا الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُعَرِّضْهَا إلَى الشَّمْسِ وَالْهَوَاءِ فِي الصَّيْفِ وَأَفْسَدَهَا الْعُثُّ فَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. ذُكِرَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ عَرْضَ وَدِيعَةٍ كَهَذِهِ إلَى الشَّمْسِ وَالْهَوَاءِ وَالِارْتِدَاءِ بِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُفْسِدُهَا الْعُثُّ لَازِمٌ كَمَا أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ وَإِلْبَاسَهَا غَيْرَهُ لَازِمٌ أَحْيَانًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ وَاقْتُضِيَ ذَلِكَ لِأَجْلِ مُحَافَظَتِهَا مِنْ آفَاتٍ مِثْلِ هَذِهِ وَأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ هَذَا اللُّزُومَ وَفَسَدَتْ الثِّيَابُ يَكُونُ ضَامِنًا.
إنَّمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ نَهَى الْمُسْتَوْدَعَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ (الْبَاجُورِيُّ) .
وَتَظْهَرُ وَفَاةُ الْغَائِبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ (إلَى أَنْ تَتَبَيَّنَ وَفَاتُهُ) وَتَبَيُّنُ وَفَاةِ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: تَبَيُّنُ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ حَقِيقَةً.
تَظْهَرُ وَفَاتُهُ حَقِيقَةً وَتَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ. كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَفْقُودِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ مَالٌ أَوْ دَيْنٌ عِنْدَ أَحَدٍ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَدِيعَةِ وَيَطْلُبَهَا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَيَدَّعِيَ بِالدَّيْنِ وَيَطْلُبَهُ مِنْ الْمَدِينِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى ابْنُ الْمَفْقُودِ عَلَى مَدِينِ وَالِدِهِ قَائِلًا: بِمَا أَنَّ وَالِدِي تُوُفِّيَ وَقَدْ بَقِيَ دَيْنُهُ الَّذِي بِذِمَّتِك الْبَالِغُ كَذَا قِرْشًا مِيرَاثًا لِي فَاعْطِنِي إيَّاهُ وَمَعَ إقْرَارِ الْمَدِينِ وَإِثْبَاتِ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِالشُّهُودِ تَثْبُتُ وَفَاةُ الْمَفْقُودِ حَقِيقَةً. كَمَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْغَائِبِ وَالْمَفْقُودِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ نَظَرًا لِوَفَاةِ مُوَرِّثِهِ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ انْتَقَلَ إرْثُ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ فَقَطْ وَطَلَبَ تَسْلِيمَهَا لَهُ مُثْبِتًا الْوَفَاةَ بِالْبَيِّنَةِ يَثْبُتُ مَوْتُ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ وَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (802) .
الْوَجْهُ الثَّانِي: تَبَيُّنُ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ حُكْمًا. يَعْنِي إذَا أَكْمَلَ الْمَفْقُودُ سِنَّ التِّسْعِينَ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ وِلَادَتِهِ يُحْكَمُ بِوَفَاتِهِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ نَادِرَةٌ وَلَا اعْتِبَارَ لِلنَّادِرِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 42 - الْمَجَلَّةُ. إنَّمَا وَفَاةُ الْمَفْقُودِ حُكْمًا بَعْدَ إكْمَالِهِ سِنَّ التِّسْعِينَ يَحْصُلُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. وَإِلَّا لَا يُعَدُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ إكْمَالِهِ سِنَّ التِّسْعِينَ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ. وَحُكْمُ الْحَاكِمِ إنَّمَا يَكُونُ ضِمْنَ دَعْوَى. كَمَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودِعِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُوَرِّثِي أَكْمَلَ سِنَّ التِّسْعِينَ وَوَدِيعَتُهُ مَوْرُوثَةٌ لِي فَأَعْطِنِي إيَّاهَا وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ إكْمَالَهُ سِنَّ التِّسْعِينَ فَأَثْبَتَ الْوَارِثُ هَذِهِ الْجِهَةَ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ وَإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُدَّعِي.
وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ الْحَاكِمُ وَفَاةَ الْمَفْقُودِ حَقِيقَةً بِالْبَيِّنَةِ إذَا ظَهَرَ الْمَفْقُودُ حَيًّا يَكُونُ الْمُوَرِّثُ الْمَرْقُومُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَارِثَ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشُّهُودَ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَوْدَعَ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ