الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَخَبَرُ غَيْرِ الْعَادِلِ لَيْسَ بِكَافٍ مَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمَحْجُورُ هَذَا الْخَبَرَ وَيَكُونُ الْحَجْرُ حِينَئِذٍ تَامًّا بِالِاتِّفَاقِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ هَؤُلَاءِ عَادِلِينَ أَمْ غَيْرَ عَادِلِينَ وَسَوَاءٌ أَصَدَّقَ الصَّبِيُّ خَبَرَهُمْ أَمْ كَذَّبَهُ فَيَكُونُ حَجْرُ الْمَحْجُورِ صَحِيحًا وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَكْفِي خَبَرُ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا أَيْ: هُمَا قَالَا بِتَمَامِ الْحَجْرِ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ غَيْرَ عَادِلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ حَقًّا بِأَنْ يُقِرَّ الْوَلِيُّ بِالْحَجْرِ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْحَجْرَ فَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ رَسُولًا يَكُونُ خَبَرُهُ صَحِيحًا.
بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا وَيَنْحَجِرُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ بِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّسُولِ كَكَلَامِ الْمُرْسِلِ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ صَبِيًّا يُخْبِرُهُ حَجْرَهُ أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ صَارَ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ وَالْكِتَابَةَ مِنْ الْغَائِبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَافَهَةِ مِنْ الْحَاضِرِ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّسُولُ عَدْلًا أَمْ فَاسِقًا حُرًّا أَمْ عَبْدًا (الطُّورِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ بِتَغْيِيرٍ مَا) هَذَا فِي الْإِخْبَارِ بِحَجْرِهِ وَأَمَّا فِي الْإِخْبَارِ بِإِذْنِهِ فَيَكْفِي الْوَاحِدُ اتِّفَاقًا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَيُثْبِتُ الْإِذْنَ مَقُولُ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا كَانَ الْخَبَرُ صَادِقًا عِنْدَ الصَّبِيِّ وَكَذَا الْحَجْرُ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (الطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (969) وَالْخُلَاصَةُ أَنْ يَكُونَ وُصُولُ الْحَجْرِ لِلصَّبِيِّ عَلَى سَبْعِ صُوَرٍ:
1 -
بِقَوْلِ الْوَلِيِّ بِالذَّاتِ.
2 -
بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ.
3 -
بِإِخْبَارِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.
4 -
بِإِخْبَارِ عَدْلٍ وَاحِدٍ.
5 -
بِإِخْبَارِ رَسُولٍ.
6 -
بِكِتَابَةِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ كِتَابًا بِشَأْنِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَوُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ.
7 -
بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ غَيْرِ عَادِلٍ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَسَتَأْتِي التَّفْصِيلَاتُ فِي حَقِّ الْإِخْبَارِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1029) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ إذْنًا وَحَجَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ الْإِذْنِ فَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُ الصَّبِيِّ بِالْحَجْرِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) .
2 -
يَبْطُلُ الْإِذْنُ بِوَفَاةِ الْوَلِيِّ الْآذِنِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوَفَاتِهِ أَحَدٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (976) .
3 -
يَبْطُلُ الْإِذْنُ بِجُنُونِ الْوَلِيِّ الْآذِنِ جُنُونًا مُطْبِقًا.
وَإِفَادَةُ مَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ إذَا كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجُنُونِ وَالْمَوْتِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ غَيْرُ لَازِمٍ وَمَا لَا يَكُونُ لَازِمًا مِنْ التَّصَرُّفِ يُعْطِي لِدَوَامِهِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ كَأَنَّهُ يَأْذَنُ لَهُ ابْتِدَاءً كُلَّ سَاعَةٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْحَجْرِ كُلَّ سَاعَةٍ، فَتَرْكُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ كَإِنْشَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ، فَيُشْتَرَطُ قِيَامُ الْأَهْلِيَّةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَدْ زَالَتْ الْأَهْلِيَّةُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
4 -
يَبْطُلُ الْإِذْنُ بِجُنُونِ الصَّغِيرِ الْمُعْطَى الْإِذْنَ جُنُونًا مُطْبِقًا وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ لَمْ يَحْجُرْ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
[
(مَادَّةُ 974) وَلِيُّ الصَّغِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ الْحَجَر]
(مَادَّةُ 974) (وَلِيُّ الصَّغِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوَّلًا: أَبُوهُ، ثَانِيًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ
أَبُوهُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ أَبُوهُ ثَالِثًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ رَابِعًا جَدُّهُ الصَّحِيحُ أَيْ: أَبُو أَبِي الصَّغِيرِ أَوْ أَبُو أَبِي الْأَبِ خَامِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ هَذَا الْجَدُّ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ سَادِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ هَذَا الْوَصِيُّ سَابِعًا الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَأَمَّا الْأَقَارِبُ كَالْإِخْوَانِ وَالْأَعْمَامِ وَغَيْرِهِمْ فَإِذْنُهُمْ غَيْرُ جَائِزٍ إذَا لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ) مَنْ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ أَيْضًا عَلَى إعْطَاءِ الصَّغِيرِ الْإِذْنَ بِالتِّجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .
وَعَلَيْهِ فَوَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ فِي هَذَا الْبَابِ، يَعْنِي: فِي مَسَائِلِ الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ أَوَّلًا أَبُوهُ يَعْنِي: أَنَّ أَبَا الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِمَا الْإِذْنَ وَهُوَ الَّذِي لَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَعْتُوهُ قَدْ بَلَغَ مَعْتُوهًا أَمْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ صَارَ مَعْتُوهًا، ثَانِيًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُوهُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ أَبُوهُ، يَعْنِي: إذَا قَالَ الْأَبُ وَهُوَ حَيٌّ إنَّ فُلَانًا وَصِيٌّ بَعْدَ وَفَاتِي فَلْيَنْظُرْ فِي أُمُورِ أَوْلَادِي وَتَرِكَتِي فَيَصِيرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَصِيًّا مُخْتَارًا لِذَلِكَ الْمُتَوَفَّى وَيَكُونُ هَذَا الْوَصِيُّ وَلِيًّا فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ لِلصَّغِيرِ، وَعَلَيْهِ فَلِهَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ، ثَالِثًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ فَإِذَا تُوُفِّيَ هَذَا الْوَصِيُّ وَنَصَّبَ وَصِيًّا وَإِنْ بَعْدُ يَكُونُ وَلِيًّا، فَلَهُ أَنْ يَأْذَنَهُ وَلَهُ أَنْ يَحْجُرَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ رَابِعًا الْجَدُّ الصَّحِيحُ أَيْ: أَبُو أَبِي الصَّغِيرِ أَوْ أَبُو أَبِي الْأَبِ أَوْ أَبُو هَذَا وَإِنْ عَلَا فَكَمَا أَنَّ لِهَذَا إعْطَاءَ الْإِذْنِ فَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا.
وَقَوْلُ هُنَا (الْجَدُّ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْجَدِّ الْفَاسِدِ وَهُوَ أَبُو الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ؛ فَلَيْسَ لِجَدِّ الصَّغِيرِ الْفَاسِدِ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فَالْجَدُّ الصَّحِيحُ هُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الصَّغِيرِ أُنْثَى كَأَبِي أَبِي الصَّغِيرِ فَفِي نِسْبَةِ الْجَدِّ لِلصَّغِيرِ يَدْخُلُ أَبُو الصَّغِيرِ.
وَالْجَدُّ الْفَاسِدُ هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الصَّغِيرِ أُنْثَى كَأَبِي أُمِّ الصَّغِيرِ فَفِي نِسْبَةِ الصَّغِيرِ إلَى هَذَا الْجَدِّ تَدْخُلُ أُمُّ الصَّغِيرِ.
وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَبِ وَتَخَلُّلُ أُنْثَى فِي النَّسَبِ يَقْطَعُهُ فَالْجَدُّ الَّذِي تَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ أُنْثَى يُعَدُّ جَدًّا فَاسِدًا (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، خَامِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ الصَّحِيحُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَيَكُونُ وَلِيًّا لِلصَّغِيرِ وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَهُ أَوْ يَحْجُرَهُ.
سَادِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْأَوَّلُ حَالَ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ الَّذِي يُقِيمُهُ الْوَصِيُّ الثَّانِي وَإِنْ بَعْدُ فَلَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الصَّغِيرِ.
يَأْذَنُهُ، سَابِعًا الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي هَذَا بِمَا أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلصَّغِيرِ فَكَمَا أَنَّ لَهُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَلَهُ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْهُ.
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْوَصِيَّ قِسْمَانِ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ وَهُوَ الَّذِي يَخْتَارُهُ وَيُعِينُهُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالثَّانِي الْوَصِيُّ الْمَنْصُوبُ وَهَذَا يُنَصَّبُ وَيُعَيَّنُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي.
الْإِيصَاءُ بِمَعْنَى الِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبِمَا أَنَّ الْوَصِيَّ الْمَنْصُوبَ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ الْمُتَوَفَّى، فَكَانَ يَقْتَضِي بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُقَالَ لَهُ وَصِيٌّ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي كَفِعْلِ الْأَبِ فَيَكُونُ كَأَنَّ الْأَبَ اسْتَخْلَفَهُ بِنَفْسِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْوَالِي الَّذِي فِي وِلَايَتِهِ الْقَضَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ وَوَصِيِّهِ وَفِي رُتْبَتِهِمَا وَيَجُوزُ مِنْهُ الْإِذْنُ لِلصَّغِيرِ أَيْضًا وَأَمَّا الْوَالِي الَّذِي لَمْ يُوَلَّ الْقَضَاءَ فَلَا يَجُوزُ إذْنُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " فِي الْبَابِ " هُوَ احْتِرَازٌ مِنْ ضَرُورَةِ أَحْوَالِ الصِّغَارِ وَاحْتِرَازٌ مِنْ بَابِ النَّفْعِ الْمَحْضِ وَلَيْسَتْ الْوِلَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ فِيهِمَا مُنْحَصِرَةٌ فِيمَنْ ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ، فَالتَّصَرُّفُ عَلَى الصِّغَارِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: التَّصَرُّفُ الَّذِي مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ، وَلَا يَمْلِكُ هَذَا غَيْرُ الْوَلِيِّ كَالْإِنْكَاحِ، وَالشِّرَاءِ وَبَيْعِ مَالِ قَنِيَّةٍ وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُ أَوْلِيَاءِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ إيضَاحَاتٍ لِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (59) .
النَّوْعُ الثَّانِي: التَّصَرُّفُ الَّذِي مِنْ ضَرُورَةِ حَالِ الصِّغَارِ كَاشْتِرَاءِ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ لِلصَّغِيرِ وَبَيْعِ مَا يَكُونُ بَيْعُهُ ضَرُورِيًّا لِلصَّغِيرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ كَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْأَوْلِيَاءُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ تَرَبَّى الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْأُمِّ وَالْمُلْتَقِطِ فَهَؤُلَاءِ يَقْدِرُونَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِمْ أَوْ فِي حِجْرِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي هِيَ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ، كَقَبُولِ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ الْقَبْضِ فَكَمَا يَقْدِرُ الصَّغِيرُ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالْأُمُّ وَالْأَخُ وَالْعَمُّ وَالْمُلْتَقِطُ الَّذِينَ يَكُونُ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِمْ وَحِجْرِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ قَادِرُونَ عَلَيْهِ أَيْضًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَلِيُّ أَيْ: الْأَبُ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا (الْهِبَةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (852) وَعَلَيْهِ فَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمُتَصَرَّفِينَ فَرْقٌ عَلَى صُورَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُقْتَدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا الْأَوْلِيَاءُ وَالْمُتَصَرَّفُونَ الْآخَرُونَ فَلَيْسُوا بِمُقْتَدِرِينَ عَلَى التَّصَرُّفِ الَّذِي مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ أَصْلًا.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُقْتَدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ كُلِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ وَعِيَالِهِمْ أَمَّا الْأَوْلِيَاءُ وَالْمُتَصَرَّفُونَ الْآخَرُونَ فَإِنَّمَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ.
وَيُفْهَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْمَجَلَّةِ الْأَوْصِيَاءَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنْ لَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّ الْأَبِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِي أَوْ الْحَاكِمِ وِلَايَةٌ أَيْضًا، وَلَا وِلَايَةَ لِلْوَالِي وَالْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ.
عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ تَرْتِيبٌ فِي الْأَوْصِيَاءِ فَهُوَ إلَى وَصِيِّ الْجَدِّ، وَيُفْهَمُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (سَابِعًا الْحَاكِمُ وَوَصِيُّهُ الْمَنْصُوبُ) أَنْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالْوَصِيِّ فَأَيُّهُمَا تَصَرَّفَ كَانَ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا، وَلِلْحَاكِمِ حَقُّ الْوِلَايَةِ مَعَ وُجُودِ الْوَصِيِّ الْمَنْصُوبِ فَأَيُّهُمَا تَصَرَّفَ كَانَ تَصَرُّفُهُ مُعْتَبَرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
سُؤَالٌ أَوَّلٌ - بِمَا أَنَّ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (59) ؛ فَلَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ مُقَدَّمًا عَلَى الْحَاكِمِ؟ الْجَوَابُ - إنَّ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ كَمَا وَرَدَ فِي شَرْحِ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ لَيْسَتْ بِكُلِّيَّةٍ بَلْ هِيَ أَكْثَرِيَّةٌ سُؤَالٌ ثَانٍ - لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ عَنْ إعْطَائِهِ الْإِذْنَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِ تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ وَأَنْ لَا تَكُونَ وِلَايَةُ الْحَاكِمِ مُتَأَخِّرَةً؟ الْجَوَابُ - إنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ إعْطَاءِ الصَّغِيرِ إذْنًا مَعَ وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ فِي إعْطَائِهِ الْإِذْنَ مِمَّا يَجْعَلُ الْأَبُ عَاضِلًا وَمَانِعًا وَعَضْلُ الْأَبِ وَمَنْعُهُ - أَيْ: الِامْتِنَاعُ عَنْ إيصَالِ الْمَنْفَعَةِ لِلصَّغِيرِ - يَنْقُلَانِ وِلَايَةَ الْأَبِ فِي هَذَا الْخُصُوصِ إلَى الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ حَاسِمٍ لِمَادَّةِ الْإِشْكَالِ حَيْثُ مَا كَانَ الْأَبُ عَاضِلًا يَنْبَغِي أَنْ تَنْتَقِلَ الْوِلَايَةُ إلَى
مَنْ بَعْدَهُ عَلَى التَّرْتِيبِ يَعْنِي: إلَى الْجَدِّ لَا إلَى الْقَاضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إزَالَةَ الْعَضَلِ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ مِنْ الْجَدِّ مَثَلًا (الشَّارِحُ) .
وَوَلِيُّ الْمَعْتُوهِ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ.
وَعَلَيْهِ فَالْمَعْتُوهُ أَيْضًا يُعْطِي الْإِذْنَ مِنْ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ جَدِّهِ وَلَيْسَ مِنْ أَقَارِبِهِ كَعَمِّهِ، وَكَمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلِيَاءُ الْمَعْتُوهِ إذَا بَلَغَ وَهُوَ مَعْتُوهٌ؛ فَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ أَصَابَهُ الْعَتَهُ وَلَيْسَتْ الْوِلَايَةُ عَلَى مَنْ يَبْلُغُ عَاقِلًا فَيُصِيبُهُ الْعَتَهُ عَائِدَةٌ إلَى الْقَاضِي اسْتِحْسَانًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا الْأُمُّ وَوَصِيُّ الْأُمِّ وَالْأَخُ وَالْعَمُّ وَسَائِرُ الْأَقْرِبَاءِ (بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى وَزْنِ الْأَنْصِبَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ) فَإِذَا لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إعْطَاءُ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَمَا أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُقْتَدِرِينَ عَلَى التَّصَرُّفِ بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ بِمَالِ الصَّغِيرِ؛ فَلَيْسَ لَهُمْ إعْطَاءُ حَقِّ الْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ.
كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ وَالِدِهِ الْمَجْنُونِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ وَصِيُّ الْأُمِّ الصَّغِيرِ بِالتِّجَارَةِ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الَّتِي بَقِيَتْ لَهُ عَنْ أُمِّهِ مِيرَاثًا؛ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) .
كَذَلِكَ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي تَرِكَةِ الْأُمِّ إذَا كَانَ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْجَدُّ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ فَلِوَصِيِّ الْأُمِّ أَنْ يَحْفَظَ تَرِكَةَ الْأُمِّ وَأَنْ يَبِيعَ الْمَنْقُولَ بِطَرِيقِ التَّحْصِينِ وَالْحِفْظِ لَا بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلصَّغِيرِ أَمْوَالًا لِأَجْلِ التِّجَارَةِ.
كَذَلِكَ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ التَّصَرُّفُ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تَبْقَى لِلصَّغِيرِ عِنْدَ أُمِّهِ بِغَيْرِ الْإِرْثِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْكِفَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ) .
كَمَا أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ فِي بَابِ الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ هُمْ هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصُ فَالْأَوْلِيَاءُ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ هُمْ هَؤُلَاءِ أَيْضًا، فَحَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ هُوَ أَوَّلًا: لِلْأَبِ، ثَانِيًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ حَالَ حَيَاتِهِ، ثَالِثًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ هَذَا الْوَصِيُّ وَاخْتَارَهُ، رَابِعًا: لِلْجَدِّ الصَّحِيحِ، خَامِسًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ، سَادِسًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي اخْتَارَهُ هَذَا الْوَصِيُّ، سَابِعًا: لِلْحَاكِمِ، ثَامِنًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ.
إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ السَّفِيهِ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَعَلَيْهِ فَلِلْأَشْخَاصِ الَّذِينَ يَثْبُتُ لَهُمْ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ أَنْ يُؤَجِّرُوا مَنْقُولَ الصَّبِيِّ أَوْ عَقَارَهُ مِنْ آخَرَ بِبَدَلِ الْمِثْلِ أَوْ مَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ.
وَلَهُمْ أَنْ يَشْتَرُوا لِلصَّبِيِّ مَالًا أَمَّا إذَا اشْتَرَوْهُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُمْ وَثَمَنُهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَجَازَ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْبُلُوغِ شِرَاءً كَهَذَا مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَقَدْ ذُكِرَتْ التَّفْصِيلَاتُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ.
إعْطَاءُ الْوَالِي إذْنًا لِلصَّغِيرِ: إنَّ إعْطَاءَ الْوَالِي الَّذِي لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ الْقَضَاءُ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْوُلَاةُ الَّذِينَ فِي زَمَانِنَا هُمْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، أَمَّا إعْطَاءُ الْوَالِي الَّذِي فُوِّضَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَفِي زَمَانِنَا لَا يُوجَدُ وَالٍ كَهَذَا فِي وِلَايَةٍ مِنْ وِلَايَاتِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ.