الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَشَرْطُ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ مَعْلُومًا بِالنَّظَرِ إلَى الْوَاهِبِ.
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ حِصَّتَهُ فِي هَذَا الْمَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ عِنْدَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ حِصَّةَ الْوَاهِبِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ، لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ لَوْ قَالَ: وَهَبْتُ نَصِيبِي فِي هَذَا الْحِصَانِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِقْدَارَ ذَلِكَ النَّصِيبِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِجَهَالَةِ الْمَوْهُوبِ انْتَهَى بِتَغْيِيرٍ مَا.
وَأَمَّا إذَا قَالَ: لَك الْفَرَسُ الَّتِي تُرِيدُهَا مِنْ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ وَعَيَّنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ أَحَدَهُمَا صَحَّتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْوَاهِبِ: فَهِيَ لَك قَدْ، وَهَبْتُك إيَّاهَا فَهِيَ لَك، أَيْ أَنَّهُ إيجَابٌ بِطَرِيقِ اقْتِضَاءٍ كَمَا أَنَّ تَعْيِينَ وَقَبْضَ الْمَوْهُوبِ لَهُ هُوَ قَبُولٌ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (841) .
وَالسَّبَبُ فِي كَوْنِ الْجَهَالَةِ غَيْرَ مَانِعَةٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ زَوَالُ سَبَبِ الْفَسَادِ قَبْلَ تَأَكُّدِ الْفَسَادِ بِتَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ وَبِذَلِكَ تَعُودُ الصِّحَّةُ الْمَمْنُوعَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْجَهَالَةِ فِي الْمَجْلِسِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيَانِ وَقْتَ الْعَقْدِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) .
أَمَّا التَّعْيِينُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ مِنْ مَجْلِسِ الْهِبَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: أَيُّمَا أَرَدْت مِنْ هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ فَهُوَ لَك، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَقَبَضَهُ وَعَيَّنَهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُفِيدُ التَّعْيِينُ الْوَاقِعُ إزَالَةَ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ تَأَكَّدَ بِمُلَابَسَةِ التَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ فَلَا يَنْقَلِبُ بِالتَّعْيِينِ إلَى الصِّحَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ لِتَقَرُّرِ الْجَهَالَةِ (الْخَانِيَّةُ أَوَائِلُ الْهِبَةِ) .
وَلُزُومُ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ أَمَّا إذَا كَانَ دَيْنًا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَوْهُوبُ مَعْلُومًا فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إسْقَاطٌ وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِسْقَاطِ وَيَعُودُ بَيَانُ الْمَجْهُولِ إلَى الْمُسْقِطِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) . مَثَلًا إذَا كَانَ لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ قِرْشٍ مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ وَأَلْفٌ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ بَدَلٍ إجَارَةٍ وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: وَهَبْتُك أَلْفًا مِنْ الْأَلْفَيْ قِرْشٍ الْمَذْكُورَيْنِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَعُودُ تَعْيِينُ أَيِّهِمَا عَلَى الْوَاهِبِ إذَا كَانَ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ إبْرَاءٌ وَالْجَهَالَةُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا تُخِلُّ بِصِحَّتِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
[لَاحِقَةٌ فِي الْمَوْهُوبِ تَحْتَوِي عَلَى مَبْحَثَيْنِ]
[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الشُّرُوطِ الْبَاقِيَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْهُوبِ]
بِمَا أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْمُشَاعِ صَحِيحَةٌ وَبَعْضَهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَيُعَدُّ تَعْدَادُ ذَلِكَ إجْمَالًا (سَنَذْكُرُ بَعْضَ الْإِيضَاحَاتِ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ) .
1 -
الْبَيْعُ، يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ لِلْمُشَارِكِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (214 و 215) سَوَاءٌ أَكَانَ قَابِلًا
لِلْقِسْمَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ.
2 -
الْإِجَارَةُ، إذَا أُوجِرَ الْمُشَاعُ الْمُشْتَرَكُ صَحَّ وَإِذَا أُوجِرَ لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ فَاسِدًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (429) .
3 -
الْإِعَارَةُ، تَجُوزُ إعَارَةُ الْمُشَاعِ لِلشَّرِيكِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ لِأَجْنَبِيٍّ نِصْفَ الدَّارِ الَّتِي يَمْلِكُهَا وَسَلَّمَهَا كُلَّهَا لَهُ جَازَ وَتَكُونُ الْإِعَارَةُ مُسْتَأْنَفَةً فِي الْكُلِّ وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (811) .
4 -
الرَّهْنُ، رَهْنُ الْمُشَاعِ فَاسِدٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْمَرْهُونُ سَوَاءٌ كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَمْ غَيْرَ قَابِلٍ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلشَّرِيكِ أَمْ لِأَجْنَبِيٍّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (710) .
5 -
الْوَقْفُ إنَّ وَقْفَ الْمُشَاعِ الْقَابِلَ الْقِسْمَةَ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ أَمَّا وَقْفُ الْمُشَاعِ غَيْرُ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ.
6 -
الْإِيدَاعُ، يَجُوزُ إيدَاعُ الشَّرِيكِ الْحِصَّةَ الشَّائِعَةَ. أَمَّا تَسْلِيمُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لِلْغَيْرِ مَعَ حِصَّتِهِ بِلَا إذْنِ الْمُشَارِكِ فَغَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1087) .
7 -
الْقَرْضُ، يَجُوزُ إقْرَاضُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ.
فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَلْفَ قِرْشٍ وَقَالَ لَهُ: إنَّ نِصْفَهَا قَرْضٌ لَك وَالنِّصْفَ الْآخَرَ اعْمَلْ بِهَا لِلشَّرِكَةِ، كَانَ صَحِيحًا (الطَّحْطَاوِيُّ، فَتْحُ الْقَدِيرِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) .
8 -
الْهِبَةُ، إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ مَعَ أَنَّهَا ذُكِرَتْ إجْمَالًا فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (54) وَلَمْ تُذْكَرْ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَقَدْ رُوِيَ إيضَاحُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ الْقَابِلُ الْقِسْمَةَ غَيْرَ شَائِعٍ وَقْتَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَيُشْرَطُ الْقَبْضُ الْكَامِلُ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ فَيَدُلُّ النَّصُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ وَالِاهْتِمَامِ بِوُجُودِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. فَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ الْكَامِلُ فِي الْهِبَةِ لِتُفِيدَ وَتُثْبِتَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمِلْكَ وَفِي هِبَةِ الْمُشَاعِ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ الْكَامِلُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِسَبَبٍ كَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ صَيْرُورَةِ الشَّيْءِ بِتَمَامِهِ فِي حَيِّزِ الْقَابِضِ وَالشَّائِعُ لَا يَكُونُ فِي حَيِّزِ الْقَابِضِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَكُونُ مِنْ وَجْهٍ فِي حَيِّزِ الْقَابِضِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي حَيِّزِ الشَّرِيكِ وَالْكَامِلُ هُوَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (الزَّيْلَعِيّ) فَكُلُّ جُزْءٍ فِي حَيِّزِهِ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا يَجِبُ قَبْضُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ فَكَانَ مَقْبُوضًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَفِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ النَّافِيَةُ لِلِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ (الْعِنَايَةُ) .
سُؤَالٌ، يَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالسَّلَمِ وَالصَّرْفِ قَبْضُ الشَّائِعِ أَمَّا فِي الْهِبَةِ فَلَا يَجُوزُ فَمَا الْفَرْقُ فِي ذَلِكَ؟ جَوَابٌ بِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْقَبْضُ فَلَا يَضُرُّ فِيهِمَا الشُّيُوعُ كَمَا أَنَّهُ وَإِنْ شُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالسَّلَمِ وَالْقَرْضِ وَالصَّرْفِ فَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فَلَا تَقْتَضِي مُرَاعَاةَ كَمَالِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ قَرْضًا عَلَيْهِ وَيَعْمَلُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِشَرِكَتِهِ وَبِأَنْ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّيُوعَ لَا يُبْطِلُ التَّبَرُّعَ حَتَّى يَكُونَ مَانِعًا (الْفَتْحُ) . فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ حِصَّتَهُ.
مِنْ مَالٍ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ أَيْ الْحِصَّةِ الَّتِي يَجُوزُ إفْرَازُهَا وَتَقْسِيمُهَا فَالْهِبَةُ
جَائِزَةٌ فِي نَفْسِهَا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ إفْرَازُهَا وَتَسْلِيمُهَا لِتُفِيدَ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذْ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِتَسْلِيمِهَا مُشَاعًا وَلَا تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (الْعِنَايَةُ) وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْأَبِ لِطِفْلِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: قَدْ وَهَبْتُك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ وَكَانَتْ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَائِمَةً تَمَامًا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَوْجُودَةً فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ هِبَةَ شَائِعٍ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ) .
اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنْ لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا شَائِعًا لِلْآخَرِ مَثَلًا لَوْ كَانَ قَصْرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو شَائِعًا وَوَهَبَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو حِصَّتَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَهَذِهِ الْهِبَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْهُمْ فَقَالُوا بِأَنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْهِبَةِ هُوَ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى أَمَّا ظَاهِرُ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْهِبَةِ لِلشَّرِيكِ أَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (851) إنَّ الْأَبَ لَوْ وَهَبَ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِطِفْلِهِ كَانَ صَحِيحًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - اُخْتُلِفَ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى كَوْنِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ فَاسِدَةً وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الدُّرَرِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَتَّهِبُهُ شَائِعًا. قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: يُفِيدُ الْمِلْكَ مِلْكًا فَاسِدًا وَبِهِ يُفْتَى.
فَعَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ الْعَرْصَةَ الْمَوْهُوبَةَ لَهُ هِبَةً فَاسِدَةً صَحَّ الْوَقْفُ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِعَدَمِ تَمَامِ هِبَةِ الْمُشَاعِ " أَبُو السُّعُودِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي " وَالْأَصَحُّ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ " الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا ".
وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا وُهِبَ مَالٌ مُشَاعٌ ثُمَّ أُفْرِزَ وَقُسِّمَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَسُلِّمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَصْبَحَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ تَامَّةً وَانْقَلَبَتْ إلَى الصِّحَّةِ " عَبْدُ الْحَلِيمِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 24 " وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَقَسَّمَ الْوَاهِبُ بِالذَّاتِ أَمْ أَنَابَ أَحَدًا فَقَسَّمَهُ أَمْ أَمَرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَقَسَّمَهُ مَعَ الشَّرِيكِ رَدُّ الْمُحْتَارِ.
مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْ عَنْ كَوْنِ هِبَةِ الشَّائِعِ غَيْرَ تَامَّةٍ: أَوَّلًا - إذَا تَصَرَّفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْبَيْعِ مَثَلًا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ " الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ " فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ دَارِهِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ وَسَلَّمَهَا كُلَّهَا بِهِ ثُمَّ بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ تَسَلُّمِهِ الْكُلَّ الْحِصَّةَ الْمَوْهُوبَةَ مِنْ آخَرَ فَلَا تَصِحُّ " الْهِدَايَةُ، وَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ " الزَّيْلَعِيّ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ ".
ثَانِيًا - يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَاَلَّذِي سُلِّمَ مُشَاعًا " الزَّيْلَعِيّ ".
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الشُّيُوعُ الَّذِي يَحِلُّ بِتَمَامِ الْهِبَةِ هُوَ الشُّيُوعُ الَّذِي يَكُونُ وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْهِبَةِ فَقَطْ " النِّهَايَةُ ".
وَالْحَاصِلُ - فِي هَذَا أَرْبَعُ صُوَرٍ:
الْأُولَى - كَوْنُهُ غَيْرَ شَائِعٍ وَقْتَ الْهِبَةِ وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ مَعًا. وَالْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحَةٌ وَالثَّانِيَةُ - كَوْنُهُ وَقْتَ الْهِبَةِ مُشَاعًا وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ غَيْرَ مُشَاعٍ وَالْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا.
فَعَلَيْهِ لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ دَارِهِ كُلَّهَا لِآخَرَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهَا هِبَةٌ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ صَدَقَةٌ صَحَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْقِسْمِ الْمَوْهُوبِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ تَمَامَهُمَا بِالْقَبْضِ وَلَا شُيُوعَ عِنْدَ الْقَبْضِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ مَالِهِ لِشَخْصٍ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَهَبَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَهُمَا لَهُ مَعًا صَحَّتْ الْهِبَةُ " الْبَحْرُ " وَعَلَيْهِ فَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ شُيُوعٌ وَقْتَ الْهِبَةِ وَلَكِنْ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا شُيُوعَ.
الثَّالِثَةُ - كَوْنُهُ وَقْتَ الْهِبَةِ غَيْرَ شَائِعٍ وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ شَائِعًا. وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَهَبَ شَخْصٌ مَجْمُوعَ مَالٍ بِتَمَامِهِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ مُتَفَرِّقًا كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً، قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَلَوْ وَهَبَ الْجَمِيعَ وَسُلِّمَ مُتَفَرِّقًا جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَكِنْ شُيُوعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ زَالَ بِتَسْلِيمِ الْقِسْمِ الْآخَرِ وَمَتَى زَالَ مَانِعُ الصِّحَّةِ عَادَ الْمَمْنُوعُ أَمَّا إذَا لَمْ يَزُلْ الشُّيُوعُ فَلَا تَصِحُّ فَلَوْ وَهَبَ شَخْصٌ دَارِهِ بِتَمَامِهَا لِآخَرَ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ عَنْ هِبَةِ نِصْفِهَا وَسَلَّمَ النِّصْفَ الشَّائِعَ الْآخَرَ فَيَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْهِبَةِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ تَحَرِّي مَسْأَلَتِهَا وَإِيجَادِهَا.
الرَّابِعَةُ - كَوْنُهُ شَائِعًا وَقْتَ الْهِبَةِ وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ مَعًا. وَالْهِبَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ لِلشَّرِيكِ اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى.
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ شَائِعًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ شَائِعًا. فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الشُّيُوعِ " الْقُهُسْتَانِيُّ ".
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي يُرِيدُ هِبَةَ حِصَّتِهِ الشَّائِعَةِ لِآخَرَ مِنْ مَالٍ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُبَرِّئَهُ مِنْ ثَمَنِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْوَاهِبُ قَدْ أَوْصَلَ لِلْمَوْهُوبِ تَمَامَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يُرِيدُ هِبَتَهَا لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - يُوجَدُ اخْتِلَافٌ فِي كَوْنِ الشُّيُوعِ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَانِعًا لِتَمَامِ الْهِبَةِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) فَلَوْ وَهَبَ مَالًا وَاحِدًا قَابِلًا الْقِسْمَةَ لِاثْنَيْنِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَاحِدًا وَوَكَّلَ شَخْصَيْنِ اثْنَيْنِ لِقَبْضِ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهِ فَلَا شُيُوعَ فِي ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ قَصْرَهُ بِقَوْلِهِ مُخَاطِبًا زَيْدًا وَعَمْرًا: قَدْ وَهَبْتُكُمَا قَصْرِي، أَيْ إذَا لَمْ يَذْكُرْ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
أَمَّا لَوْ وَهَبَ مَالًا وَاحِدًا قَابِلَ الْقِسْمَةِ لِاثْنَيْنِ جَازَ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَا شُيُوعَ فِي هَذَا. أَمَّا إذَا فُصِّلَتْ الْحِصَصُ الْمَوْهُوبَةُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ هَذَا التَّفْصِيلُ رَافِعًا بَعْدَ الْإِجْمَالِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّفْصِيلُ مَعَ التَّفْضِيلِ أَمْ لَا. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا مِثَالٌ لِلتَّفْضِيلِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ خِطَابًا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهَبْتُكُمَا أَنْتُمَا الِاثْنَانِ هَذَا الْقَصْرَ لَك يَا زَيْدُ الثُّلُثَانِ وَلَك يَا عُمَرُ الثُّلُثُ.
مِثَالٌ عَلَى عَدَمِ التَّفْضِيلِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ خِطَابًا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو: وَهَبْتُكُمَا أَنْتُمَا الِاثْنَانِ هَذَا الْقَصْرَ نِصْفُهُ لَك يَا عَمْرُو وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَك يَا زَيْدُ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّفْضِيلُ ابْتِدَاءً يَعْنِي مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ الْإِجْمَالِ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، سَوَاءٌ كَانَ التَّفْصِيلُ بِالتَّفْضِيلِ أَمْ بِلَا تَفْضِيلٍ وَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْفِقْرَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. وَتَكُونُ هِبَةُ شَخْصٍ لِاثْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ الْإِجْمَالِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - كَوْنُ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفَيْنِ فَفِي هَذِهِ الْهِبَةِ الَّتِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شُيُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ (اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى) .
الْوَجْهُ الثَّانِي - كَوْنُ الْعَقْدِ مُتَّفِقًا وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفًا وَلَمَّا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِالْقَبْضِ كَمَا وُضِّحَ آنِفًا فَالْهِبَةُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَهِبَةِ شَخْصٍ مَالَهُ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ ابْتِدَاءً بِتَفْصِيلٍ وَبِعَقْدٍ وَاحِدٍ لِشَخْصَيْنِ وَتَسْلِيمِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّةً لِأَحَدِهِمَا وَمَرَّةً لِلْآخَرِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ - كَوْنُ الْعَقْدِ مُخْتَلِفًا وَالْقَبْضِ مُتَّفِقًا.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ - كَوْنُ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفَيْنِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْهِبَةِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. مَا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ بِالْمَعِيَّةِ وَاقْتَسَمَا جَازَتْ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ " أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ، الْبَحْرُ، الْهِدَايَةُ، الْفَتْحُ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 851 ".
تَنْعَقِدُ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ أَمَّا هِبَةُ الْكَبِيرِ، فَإِنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ وَبِذَلِكَ تَتَأَخَّرُ عَنْ هِبَةِ الصَّغِيرِ فَيَحْصُلُ بِالِاتِّفَاقِ الشُّيُوعُ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ " الْبَزَّازِيَّةُ وَالْبَحْرُ، وَالْحِيلَةُ لِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْهِبَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ أَوَّلًا لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ ثُمَّ يَهَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِوَلَدَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ " التَّنْقِيحُ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (846) لَا تَتَوَفَّقُ عَلَى التَّسْلِيمِ لِلْكَبِيرِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْ هِبَةِ الصَّغِيرِ وَكُلُّ حِيلَةٍ يَتَخَلَّصُ بِهَا مِنْ الْحَرَامِ أَوْ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْحَلَالِ فَهِيَ حَسَنَةٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - قَابِلِيَّةُ التَّقْسِيمِ هِيَ بِالنَّظَرِ إلَى الْحِصَّةِ الْمَوْهُوبَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ قَصْرًا إلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ وَكَانَ مُمْكِنًا تَقْسِيمُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ تَقْسِيمُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ بَلْ كَانَ مُمْكِنًا تَقْسِيمُهُ إلَى قِسْمَيْنِ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ أَيْضًا فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ رُبْعَ مَالِهِ الَّذِي يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إلَى قِسْمَيْنِ فَقَطْ جَازَ (التَّنْقِيحُ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إنَّ الشُّيُوعَ الَّذِي مِنْ طَرَفِ الْوَاهِبِ فَقَطْ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ تَمَامِ الْهِبَةِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَوْ وَهَبَ شَخْصَانِ أَمْوَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَةَ الْقَابِلَةَ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ الْمَالَ جُمْلَةً وَقُبِضَ جُمْلَةً جَازَتْ إذْ لَا شُيُوعَ فِي ذَلِكَ (الْقُهُسْتَانِيُّ؛ الْهِدَايَةُ) .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَا يَحِلُّ فِي الصَّدَقَةِ الشُّيُوعُ الَّذِي مِنْ طَرَفِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ فِي تَمَامِهَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْجَامِعِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ (الْهِدَايَةُ، وَهَامِشِ الْأَنْقِرْوِيُّ) .
مَثَلًا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِمَالِ لَهُ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ عَلَى شَخْصَيْنِ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ مَعًا كَانَ صَحِيحًا كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ إلَى فَقِيرَيْنِ أَوْ وَهَبَهُمَا إيَّاهُمَا جَازَ لَا لِغَنِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ فَلَا تَصِحُّ لِلشُّيُوعِ أَيْ لَا تُمْلَكُ فَلَوْ قَسَّمَهَا وَسَلَّمَهَا صَحَّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْهِبَةِ أَيْ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ: أَنَّهُ يُقْصَدُ بِالصَّدَقَةِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا وَاحِدٌ وَالْفَقِيرُ نَائِبٌ عَنْهُ أَمَّا فِي الْهِبَةِ فَيُقْصَدُ وَجْهُ الْغَنِيِّ وَهُمَا اثْنَانِ (الْهِدَايَةُ، وَأَبُو السُّعُودِ، الْبَحْرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
أَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِنِصْفِ الشَّائِعِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ عَلَى أَحَدٍ فَلَا تَصِحُّ وَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ مَا لَمْ تُسَلَّمْ بَعْدَ الْإِفْرَازِ كَمَا فِي الْهِبَةِ (الْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - الشُّيُوعُ الْمَانِعُ لِتَمَامِ الْهِبَةِ هُوَ الشُّيُوعُ الْمُقَارَنُ وَلَيْسَ الشُّيُوعُ الطَّارِئُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَهَبَهُ غَيْرَ شَائِعٍ وَبَعْدَ أَنْ تَمَّتْ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ الْكَامِلِ ثُمَّ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ شُيُوعٌ فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ هَذَا الشُّيُوعُ طَارِئًا عَلَى مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحَادِثًا بَعْدَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يُنَافِي هَذَا الشُّيُوعُ الْمِلْكَ وَلَا يُخِلُّ بِالْهِبَةِ الَّتِي صَحَّتْ وَتَمَّتْ سَابِقًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَجْمُوعَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ رَجَعَ عَنْ نِصْفِهِ وَإِنْ طَرَأَ بِرُجُوعِهِ هَذَا شُيُوعٌ عَلَى الْمَالِ الْمَوْهُوبِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا الشُّيُوعُ طَارِئًا غَيْرَ مُقَارَنٍ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (56) فَلِذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ دَارِهِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ سِوَاهَا لِآخَرَ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهَا وَلَمْ يُجِرْ الْوَرَثَةُ الْهِبَةَ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ وَتَبْقَى فِي الثُّلُثِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (879)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - وَالشُّيُوعُ الْعَارِضُ ضَبْطُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بِالْبَيِّنَةِ فَهُوَ شُيُوعٌ طَارِئٌ لَا يَضُرُّ بِالْهِبَةِ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَالْكَرْمَانِيُّ وَالنِّهَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ. إلَّا أَنَّ قَاضِيَ خَانْ وَجَامِعَ الْفِقْهِ والظهيرية وَالْكَافِيَ قَالُوا بِعَدَمِ تَمَامِ الْهِبَةِ لِمُقَارَنَةِ الشُّيُوعِ الْمَذْكُورِ. مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ دَارًا قَابِلَةَ الْقِسْمَةِ إلَى قِسْمَيْنِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِنِصْفِهَا الشَّائِعِ مُسْتَحِقٌّ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي بَاقِيهَا أَيْضًا. حَتَّى أَنَّ صَاحِبَ الدُّرَرِ قَدْ خَطَّأَ الْقَائِلِينَ بِكَوْنِ الشُّيُوعِ الْمَذْكُورِ طَارِئًا وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ التَّخْطِئَةُ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (55) وَالْمَادَّةِ (430) .
وَمَسْأَلَةُ كَوْنِ الشُّيُوعِ الْعَارِضِ لِلْمَوْهُوبِ لِاسْتِحْقَاقٍ وَبِالْبَيِّنَةِ شُيُوعًا مُقَارَنًا مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلتَّرَدُّدِ (نُوحٌ أَفَنْدِي) . وَقَدْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ نُقِلَ فِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشُّيُوعَ الْمَذْكُورَ مُقَارَنٌ وَالْآخَرَ طَارِئٌ.
وَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ فَيُقَالُ مَعَ بَيَانِ كَوْنِ الشُّيُوعِ مُقَارَنًا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ مِلْكًا لِلْمُسْتَحِقِّ فِي وَقْتِ الْهِبَةِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ بُسْتَانًا وَاسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَثْمَارَ الْحَاصِلَةَ فِي الْمُدَّةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ الِاتِّهَابِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَزِمَهُ ضَمَانُ حِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْأَثْمَارِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ الْمِلْكَ مِنْ الْأَصْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) وَشَرْحَهَا. أَمَّا إذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْإِقْرَارِ فَإِذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْوَاهِبِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ الَّذِي بِحَقِّ أَخْذِ الْمَوْهُوبِ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَهَذَا بَاطِلٌ. وَإِذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيُؤَاخَذُ بِلَا شَكٍّ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِإِقْرَارِهِ هَذَا وَلَكِنْ هَلْ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِعُرُوضِ الشُّيُوعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . قَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا الْمَسَائِلَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ لِلْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْهِبَةِ وَلِأُبَادِرَ، الْآنَ إلَى بَيَانِ رَأْيِي الْعَاجِزِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ:
إذَا عَرَضَ شُيُوعٌ لِلْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهَذَا الشُّيُوعُ طَارِئٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ تَحَقَّقَ أَنَّ الْوَاهِبَ فُضُولِيٌّ فِي هِبَةِ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ وَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ وَالْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الْفُضُولِيِّ مُسْتَلْزِمًا انْفِسَاخَ الْعَقْدِ الْوَاقِعِ أَمْ غَيْرَ مُسْتَلْزِمٍ. وَيَتَبَيَّنُ مِنْ الْمَادَّةِ (638) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَيْضًا أَنَّ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ لَا يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْهِبَةَ جَازَتْ وَنَفَذَتْ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (857) وَإِذَا لَمْ يُجِزْهَا تَنْفَسِخُ الْهِبَةُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ. وَلِذَلِكَ يَحْدُثُ الشُّيُوعُ فِي زَمَانِ عَدَمِ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا قَبْلًا فَلِذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ التَّخْطِئَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يَسْتَحِقُّهُ مُخَطِّئُوهُ وَهَذَا إنْجَازُ مَا وَعَدْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (55) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - إنَّ هِبَةَ حِصَّةٍ مِنْ مَالٍ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ كَحُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَدَابَّةٍ، وَاحِدَةٍ وَثَوْبٍ وَاحِدٍ وَحَائِطٍ وَاحِدَةٍ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي مُشَاعٍ كَهَذَا فَيَلْزَمُ الِاكْتِفَاءُ بِالْقَبْضِ الْقَاصِرَ، (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ فِي هَذَا أَيْضًا لَاقْتَضَى ذَلِكَ انْسِدَادَ بَابِ الْهِبَةِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَمْوَالِ.
سُؤَالٌ: تَسْتَلْزِمُ هِبَةُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ إيجَابَ الْمُهَايَأَةِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِيجَابَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ غَيْرُ جَائِزٍ.
جَوَابٌ: بِمَا أَنَّ الْمُهَايَأَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (419) عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَالتَّبَرُّعُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْعَيْنِ وَالْإِيجَابُ الْمَذْكُورُ وَاقِعٌ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يُتَبَرَّعْ بِهِ وَلَا ضَرَرَ مِنْ ذَلِكَ (الزَّيْلَعِيّ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا: تَصِحُّ هِبَةُ حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رِيَالٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ (الْهِدَايَةُ وَالْبَهْجَةُ) .
وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ الْمَوْهُوبَةُ مَعْلُومَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (858) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ حِصَّتَهُ فِي دَابَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمِقْدَارِ الْحِصَّةِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الَّذِي وُهِبَ لَهُ مَالٌ مُشَاعٌ كَهَذَا أَنْ يَطْلُبَ الْقِسْمَةَ مَعَ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّ لَهُ طَلَبَ الْمُهَايَأَةِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1130)(1183) وَالدَّيْنُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1123) .
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: وَهَبْتُك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ وَاسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ تِلْكَ الْحِصَّةَ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (873) . وَالْمَالُ الْقَابِلُ لِلْقِسْمَةِ سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1131) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ - كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مُحْرَزًا يَعْنِي يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَزًا مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَحُقُوقِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْأَرَاضِي بِدُونِ الْمَزْرُوعِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ زَرْعُهَا قَائِمًا وَغَيْرَ مَحْصُولٍ وَلَا الشَّجَرِ بِدُونِ ثَمَرٍ قَبْلَ جَمْعِ ثَمَرِهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ لَمَّا كَانَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ بِمَنْزِلَةِ هِبَةُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَالْبَهْجَةُ) وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الْهِبَةُ هَذِهِ هِيَ فِي حُكْمِ هِبَةِ الْمُشَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَهَبَ مَزْرَعَتَهُ مَعَ زَرْعِهَا فَوَهَبَ أَوَّلًا الْمَزْرَعَةَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ وَهَبَ أَوَّلًا الزَّرْعَ ثُمَّ الْمَزْرَعَةَ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ كَانَتْ هِبَةُ الِاثْنَيْنِ جَائِزَةً وَأَمَّا إذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ فَسَلَّمَ أَوَّلًا الْمَزْرَعَةَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ أَوَّلًا الزَّرْعَ ثُمَّ الْمَزْرَعَةَ فَلَا تَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الثَّالِثَةَ. كَذَلِكَ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ أَشْجَارَهُ الْمَمْلُوكَةَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ الْمَرْبُوطَةِ بِالْمُقَاطَعَةِ أَيْ فِي الْأَرْضِ المستحكرة بِدُونِ أَنْ يُفْرِغَ الْأَرْضَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي أَوْ وَهَبَ كَرْمَهُ الْمَزْرُوعَ فِي أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ بِدُونِ أَنْ يُفْرِغَ الْأَرْضَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عُرُوقٌ كَانَتْ الشَّجَرَةُ دَاخِلَةً فِي الْأَرْضِ أَصْبَحَتْ فِي حُكْمِ الْمُشَاعِ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) أَمَّا الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ فَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (851)(عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
إلَّا أَنَّهُ إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ الْبِنَاءَ بِدُونِ عَرْصَةٍ أَوْ الزَّرْعَ بِدُونِ أَرْضٍ أَوْ مَا عَلَى الشَّجَرِ مِنْ الثَّمَرِ بِدُونِ شَجَرٍ وَأَذِنَ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ أَوْ حَصَادِ الزَّرْعِ أَوْ جَمْعِ الثَّمَرِ وَنَقَضَ الْآخَرُ الْبِنَاءَ وَحَصَدَ الزَّرْعَ وَجَمَعَ الثَّمَرَ وَقَبَضَهُ كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِأَمْرِ الْوَاهِبِ كَفِعْلِ الْوَاهِبِ بِالذَّاتِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْهُ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَوْ بَعْضَ الْمَوْهُوبِ أَوْ حَصَدَ أَوْ جَمَعَ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
لَكِنْ تَجُوزُ هِبَةُ الدَّارِ الَّتِي عَلَى أَرْضِ وَقْفٍ ذِي مُقَاطَعَةٍ أَيْ محكرة وَالدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ الَّتِي عَلَى أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ وَالدَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ مَاثِلَةً لِلْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ كَالْغَرْسِ وَلَمَّا كَانَ اتِّصَالُهُ بِالْأَرْضِ ضَعِيفًا فَلَيْسَ فِي حُكْمِ الشَّائِعِ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) .
وَبِمَا أَنَّ الْهِبَةَ فِي ذَلِكَ تَكُونُ هِبَةً لِلْأَبْنِيَةِ فَقَطْ فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَأْمُرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِرَفْعِ الْأَبْنِيَةِ وَلَا تَكُونُ الْعَرْصَةُ مَوْهُوبَةً تَبَعًا لِلْأَبْنِيَةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي قُبَيْلَ نَوْعٍ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ. هِبَةُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ
الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشْرَ) .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ - هِبَةُ الشَّاغِلِ جَائِزَةٌ يَعْنِي لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الشَّاغِلَ مِلْكَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَشْغَلُ الظَّرْفَ أَمَّا الظَّرْفُ فَلَا يَشْغَلُ الْمَظْرُوفَ (الْحَمَوِيُّ) .
مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَا فِي دَارِهِ مِنْ أَشْيَاءَ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهَا مَعَ الدَّارِ لَهُ صَحَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ كُلَّ مَا فِي مَكْتَبَتِهِ مِنْ الْكُتُبِ لِابْنِهِ وَسَلَّمَهَا مَعَ الْمَكْتَبَةِ وَقَبَضَ الْآخَرُ الْكُتُبَ وَالْمَكْتَبَةَ تَمَّتْ الْهِبَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الدَّقِيقَ الَّذِي فِي غِرَارَةٍ وَسَلَّمَهُ مَعَ الْغِرَارَةِ جَازَ. كَذَا لَوْ وَهَبَ حَمْلَ الدَّابَّةِ فَقَطْ وَسَلَّمَهُ مَعَ الدَّابَّةِ أَوْ وَهَبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْقِرْبَةِ فَقَطْ وَسَلَّمَهُ مَعَ الْقِرْبَةِ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ غَيْرُ مَشْغُولٍ بَلْ شَاغِلٌ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ يَدِ الْوَاهِبِ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَالْوَاقِعُ أَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فِي الظَّرْفِ فَبِمَا أَنَّ الظَّرْفَ آلَةٌ لِلْحِفْظِ فَهُوَ تَابِعٌ فَثُبُوتُ الْيَدِ التَّابِعِ لَا يُوجِبُ قِيَامَ الْيَدِ فِي الْأَصْلِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
أَمَّا هِبَةُ الْمَشْغُولِ فَلَا تَجُوزُ أَيْ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَالِ الْمَشْغُولِ بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ وَمِلْكِهِ (الْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ كَانَ كَالْمُشَاعِ وَفِي حُكْمِهِ. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَشْغُولَةَ بِأَمْتِعَتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَا تَجُوزُ. إلَّا إذَا سَلَّمَهَا بَعْدَ تَخْلِيَتِهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْهِبَةُ كَمَا تَصِحُّ لَوْ وَهَبَهُ الْأَمْتِعَةَ أَيْضًا وَسَلَّمَهُ الْكُلَّ مَعًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24)(الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ إذَا سَلَّمَ الْمَوْهُوبَ وَالْمَشْغُولَ بِهِ مَعًا لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ وَحْدَهُ وَتَمَامُ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْلَى فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمَوْهُوبَ وَحْدَهُ:
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ هَاتَيْنِ الْغُرْفَتَيْنِ وَسَلَّمَ إحْدَاهُمَا مَشْغُولَةً فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي كِلَيْهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيَلْزَم أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ.
وَلَا اعْتِبَارَ لِلْإِذْنِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. كَمَا لَا اعْتِبَارَ لِلتَّسْلِيمِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. إلَّا أَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ إذَا وُجِدَ فِي الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ إنْسَانٌ أَجْنَبِيٌّ حُرٌّ وَلَا تُعَدُّ مَشْغُولَةً بِقُعُودِهِ لَكِنْ لَوْ سَلَّمَ الْوَاهِبُ الدَّارَ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا أَوْ أَهْلُهُ فَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّسْلِيمُ (الْهِنْدِيَّةُ عَنْ الْخَانِيَّةِ) . مُسْتَثْنَيَاتٌ، تَجُوزُ هِبَةُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ لِلْمَشْغُولِ.
أَوَّلًا - لَوْ وَهَبَ الْأَبُ الْمَشْغُولَ لِطِفْلِهِ جَازَتْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَشْغُولَةَ بِأَمْتِعَتِهِ أَوْ مَزْرَعَتَهُ الْمَشْغُولَةَ بِزَرْعِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِمَا عَلَيْهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا أَمَّا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ السَّاكِنَ مَعَهُ فِي مَنْزِلِ مَمْلُوكَ، ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَتَاعِهِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَا تَخْلِيَةٍ وَتَسْلِيمٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
ثَانِيًا - لَوْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ دَارَهَا السَّاكِنَةَ فِيهَا وَزَوْجُهَا وَاَلَّتِي فِيهَا أَمْتِعَتُهَا لِزَوْجِهَا جَازَتْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَكَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعْنًى فَصَحَّتْ الْهِبَةُ
الطَّحْطَاوِيُّ ".
حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الزَّوْجُ، قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلِلْوَرَثَةِ إدْخَالُ تِلْكَ الدَّارِ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَعَ مَا فِي يَدِهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ فِي يَدِ الزَّوْجِ،، (الْحَمَوِيُّ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
ثَالِثًا - لَا يُخِلُّ تَمَامُ الْهِبَةِ انْشِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَالِكِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دُكَّانَهُ الْمَمْلُوكَةَ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِأَغْلَالِ شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ مَعَ الْأَغْلَالِ تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي الدُّكَّانِ (الْبَهْجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ الدَّارَ الَّتِي شُغِلَتْ بِأَمْتِعَتِهِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (أَبُو السُّعُودِ) لَوْ أَعَارَ دَارًا إنْسَانًا ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَعِيرَ غَصَبَ مَتَاعًا وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ وَهَبَ الْمُعِيرُ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّاغِلَ مِلْكُ غَيْرَ الْوَاهِبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَا لَوْ سُلِّمَتْ الدَّارُ وَفِيهَا الْمَتَاعُ الَّذِي غَصَبَهُ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ يَدَ غَيْرِهِ قَاصِرَةٌ عَنْهَا فَلَمْ يَظْهَرْ أَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ (الْبَحْرُ) وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا لَوْ وَهَبَ دَارًا بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ أَوْ وَهَبَهُ جَوَالِقَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ فَالْهِبَةُ تَامَّةٌ فِي الدَّارِ وَالْجَوَالِقِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَى الدَّارِ وَالْمَتَاعِ جَمِيعًا حَقِيقَةً فَصَحَّ تَسَلُّمُهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي وَهَبَ فِيهِ دَارِهِ لِحَفِيدِهِ بِأَنَّهُ وَهَبَ دَارِهِ هَذِهِ لِحَفِيدِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِي الدَّارِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَ وَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْمُوَرِّثِ حِينَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ ذَلِكَ الشَّخْصِ هَذَا صَحِيحٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1587) . (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَهَامِشَ الْبَهْجَةِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ - الْحِيلَةُ فِي هِبَةِ الْمَشْغُولِ هِيَ أَنْ يُودَعَ الْمَالُ الشَّاغِلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُسَلَّمَ إلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ تُسَلَّمُ، الدَّارُ إلَيْهِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ صَحِيحَيْنِ. (الْحَمَوِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ)
. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ - إذَا وُهِبَ الْمَشْغُولُ وَالشَّاغِلُ عَلَى انْفِرَادِهِمَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ. يَنْظُرُ إذَا وُهِبَتْ الدَّارُ أَوَّلًا وَسُلِّمَتْ مَشْغُولَةً فَالْهِبَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ (14) أَمَّا إذَا وُهِبَ الْمَتَاعُ أَوَّلًا وَسُلِّمَ ثُمَّ وُهِبَتْ الدَّارُ وَسُلِّمَتْ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ عَنْ الْخَانِيَّةِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ - لَيْسَتْ هِبَةُ الْمَشْغُولِ فَاسِدَةً بَلْ هِيَ غَيْرُ تَامَّةٍ وَمَوْقُوفَةٌ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْبِنَايَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْحَمَوِيُّ فِي أَوَّلِ الْهِبَةِ) .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ - قَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا كَانَ قَبْضُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ هِبَةً فَاسِدَةً يُفِيدُ الْمِلْكَ فَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (الدُّرَرُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَعَ ذَلِكَ فَتَفْتَرِقُ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ عَنْ الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ.
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - كَمَا أَنَّ الْقَرَابَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَادَّةِ (866) وَسَائِرِ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ لَا تَمْنَعُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الرُّجُوعِ فَلَوْ تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ أَيْضًا فَلِلْوَارِثِ الرُّجُوعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ