الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعُدُولُ فِي الرَّهْنِ وَالْأَوْصِيَاءِ والمُسْتَبْضِعِينَ هُوَ هَكَذَا أَيْضًا.
يَعْنِي أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْ أَحَدِ الْمُرْتَهَنِينَ مَثَلًا إذَا سَلَّمَ حِصَّتَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْآخَرِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَضْمَنُ بِضَمَانِ الْغَصْبِ.
كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (720) وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْوَاحِدِ أَنْ يَحْفَظَ بِإِذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ تَجُوزُ قِسْمَتُهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمْ (الْبَحْرُ) .
قِيلَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (بِدُونِ إذْنٍ) لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ إيدَاعَ الْمُسْتَوْدَعِ بِإِذْنِ الْمُودِعِ السَّابِقِ جَائِزٌ فَبِإِذْنِهِ اللَّاحِقِ جَائِزٌ أَيْضًا. كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (790 و 791) .
إذَا دَفَعَ أَحَدُ الْمُسْتَوْدَعِينَ كَامِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْبَعْضَ مِنْهَا إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِ الْمُودِعِ وَهَلَكَتْ بِيَدِ الْآخَرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْقَابِضِ يَعْنِي عَلَى الْآخِذِ ضَمَانُ تِلْكَ الْحِصَّةِ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُسْتَوْدَعُ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى مُسْتَوْدَعِ الْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (777)" الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ".
وَأَمَّا الدَّافِعُ فَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (790) . يَعْنِي يَضْمَنُ الَّذِي دَفَعَ خَمْسَ عَشْرَةَ ذَهَبًا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ آنِفًا وَعَشْرَ ذَهَبَاتٍ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي وَلَيْسَ عَلَى الْآخِذِ ضَمَانٌ. قِيلَ شَرْحًا تِلْكَ الْحِصَّةُ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ وَبِالذَّاتِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَأَمَّا عَدَمُ ضَمَانِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (777) .
[
(الْمَادَّةُ 784) إِن كَانَ الشَّرْط الْوَارِد عِنْد عَقْدِ الْإِيدَاع مفيدًا فَهُوَ مُعْتَبَر وَإِلَّا فَهُوَ لَغْو]
(الْمَادَّةُ 784) إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ عِنْدَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُفِيدًا وَمُمْكِنَ الْإِجْرَاءِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ. مَثَلًا إذَا أُودِعَ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يُحْفَظَ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَحَصَلَتْ ضَرُورَةٌ فَانْتَقَلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِوُقُوعِ الْحَرِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نُقِلَتْ الْوَدِيعَةُ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ ابْنَهُ أَوْ خَادِمَهُ أَوْ لِمَنْ اعْتَادَ حِفْظَ مَالَ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ لِإِعْطَائِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا يُعْتَبَرُ النَّهْيُ وَإِذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا أَعْطَاهَا وَلَمْ يَكُنْ اضْطِرَارٌ لِذَلِكَ يَضْمَنُ، كَذَلِكَ إذَا شَرَطَ حِفْظَهَا فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ الدَّارِ وَحَفِظَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي غُرْفَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ. وَاذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى الْغُرَفُ مِنْ الْحَجَرِ وَالْأُخْرَى مِنْ الْخَشَبِ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ لِكَوْنِهِ مُفِيدًا وَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا عَلَى حِفْظِهَا فِي الْغُرْفَةِ الْمَشْرُوطَةِ لَهَا. وَإِذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي غُرْفَةٍ أَدْنَى مِنْهَا فِي الْحِفْظِ وَهَلَكَتْ يَضْمَنُ.
لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يُورِدُهُ الْمُودِعُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ وَيَقْبَلُهُ الْمُسْتَوْدَعُ مُعْتَبَرٌ إذَا كَانَ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ يَعْنِي إنْ كَانَ تَنْفِيذُهُ وَإِيفَاؤُهُ مُمْكِنًا وَمُفِيدًا أَيْ نَافِعًا لِلْمُودِعِ. وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رِعَايَةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ حَتَّى إذَا لَمْ يُرَاعِهِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَضْمَنُ.
رَاجِعْ الْمَادَّةَ (787) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ وَمُفِيدًا فَهُوَ لَغْوٌ. وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رِعَايَةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83) .
يَحْصُلُ مِنْ تَحْلِيلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: اثْنَانِ فِي جِهَةِ الْمُثْبِتِ وَاثْنَانِ فِي جِهَةِ الْمَنْفِيِّ.
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُفِيدًا فَهُوَ مُعْتَبَرٌ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ غَيْرَ مُمْكِنِ التَّنْفِيذِ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ كَانَ مُفِيدًا.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ غَيْرَ مُفِيدٍ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ كَانَ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ.
، وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ بِصُورَةِ النَّشْرِ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ.
مَثَلًا لَوْ أُودِعَ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يُحْفَظَ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَحَصَلَتْ ضَرُورَةٌ لِنَقْلِهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِوُقُوعِ الْحَرِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ فَإِذَا نُقِلَتْ الْوَدِيعَةُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ هُنَاكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) . وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَرِيقُ غَالِبًا مُحِيطًا بِدَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرِيقُ مُحِيطًا بِدَارِ الْمُسْتَوْدَعِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يُخَافُ مِنْ أَنْ تَحْتَرِقَ الْوَدِيعَةُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي حَالَةِ تَسْلِيمِهَا إلَى شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ.
هَذَا الْمِثَالُ الْحُكْمُ الرَّابِعُ.
وَفِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ كَانَتْ رِعَايَةُ الْمُسْتَوْدَعِ بِهَذَا الشَّرْطِ مُمْكِنَةً فَإِذَا رَاعَاهُ يَكُونُ عَدَمُ نَقْلِهِ الْوَدِيعَةَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُودِعِ لَا بَلْ مُضِرًّا لَهُ بِاحْتِرَاقِ الْوَدِيعَةِ. وَلَكِنْ إذَا نَقَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَادَّعَى هَذِهِ الضَّرُورَةَ بِنَاءً عَلَى هَلَاكِهَا هُنَالِكَ فَأَنْكَرَ الْمُودِعُ لَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَادِّعَاءُ الضَّرُورَةِ ادِّعَاءٌ مُسْقِطٌ الضَّمَانَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهَذَا لَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ حُصُولَ الِاضْطِرَارِ لِلنَّقْلِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي دَارِهِ فَإِنْ كَانَ وُقُوعُ الْحَرِيقِ فِي دَارِهِ مَعْلُومًا يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ بِيَمِينِهِ.
خُلَاصَةُ الْكَلَامِ، مَتَى ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وُقُوعُ الْحَرِيقِ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَبْقَى احْتِيَاجٌ لِإِثْبَاتِ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِلْآخَرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَحْتَرِقَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا شَرَطَ الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِالذَّاتِ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ ابْنَهُ أَوْ خَادِمَهُ أَوْ شَخْصًا اعْتَادَ مِنْ الْقَدِيمِ حِفْظَ مَالَ نَفْسِهِ - أَيْ مَالِ الْمُسْتَوْدَعِ - أَوْ أَجْنَبِيًّا كَوَكِيلِهِ أَوْ شَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (780) فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ وَاحْتِيَاجٌ لِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ النَّهْيُ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرَيْنِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْإِمْكَانِ لِتَنْفِيذِهِمَا.
سُؤَالٌ، شَرْطُ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لَيْسَ أَمْرًا لَازِمًا إذْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحِفْظُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِعَقْدِ
الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (777) . فَلَا لُزُومَ إذَنْ لِلْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ " إذَا شَرَطَ وَأَمَرَ ".
الْجَوَابُ، مَقْصُودُ الْحِفْظِ بِنَفْسِهِ وَبِالذَّاتِ كَمَا وَرَدَ شَرْحًا.
مَتَى تَحْصُلُ ضَرُورَةُ الْإِعْطَاءِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، تَحْصُلُ ضَرُورَةُ الْإِعْطَاءِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ حِينَمَا تَكُونُ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُحْفَظُ بِيَدِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ الْمُجَوْهَرَاتِ وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ فَرَسًا وَنَهَاهُ عَنْ دَفْعِهَا إلَى السَّائِسِ.
فَإِذَا أَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا - وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِيَدِهِ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ مُرَاعَاةِ الشَّرْطِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ مُفِيدٍ إذَنْ (الْبَحْرُ) . الظَّاهِرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنِ التَّنْفِيذِ. (الشَّارِحُ) .
مَثَلًا إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ حَيَوَانًا وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهِ إلَى خَادِمِهِ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ خَادِمَهُ جَبْرًا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا لِإِعْطَائِهِ إيَّاهَا لِعَدَمِ وُجُودِ أَمِينٍ يَحْفَظُهَا فَضَاعَتْ بِيَدِهِ لَا يَضْمَنُ. وَأَمَّا إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا مَعَ وُجُودِ خَادِمٍ غَيْرِهِ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ يَكُونُ ضَامِنًا.
وَكَذَلِكَ إذَا نَهَى الْمُودِعُ عَنْ إعْطَاءِ عَقْدِ الْجَوْهَرِ الْمُودَعِ إلَى زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَمِينَةٌ أُخْرَى تَحْفَظُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ كَزَوْجَةٍ أُخْرَى مَثَلًا فَالنَّهْيُ مُعْتَبَرٌ وَإِلَّا فَلَا. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) .
وَفِي الشَّخْصِ الَّذِي حَصَلَ النَّهْيُ عَنْ إعْطَائِهِ الْوَدِيعَةَ احْتِمَالَانِ:
الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُحَافَظُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الشَّخْصِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ جَوْهَرًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهِ زَوْجَتَهُ أَوْ فَرَسًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهَا سَائِسَهُ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا لَا يُحْفَظُ بِيَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ جَوْهَرًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهِ خَادِمَهُ أَوْ فَرَسًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ. وَنَظَرًا لِإِيضَاحِ الزَّيْلَعِيّ أَنَّ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَجَلَّةِ هِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى وَأَمَّا حَيْثُ إنَّ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مُفِيدٌ فَمُخَالَفَتُهُ تُوجِبُ الضَّمَانَ هَذَا الْمِثَالُ مِثَالُ الْحُكْمِ الثَّالِثِ وَيَكُونُ مِثَالًا لِلْحُكْمِ الثَّانِي أَيْضًا بِاعْتِبَارِ الْفِقْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ الْآتِي ذِكْرُهَا.
مِثَالٌ ثَانٍ لِلْحُكْمِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ - إذَا اقْتَرَبَ أَجَلُ الْمَرْأَةِ الْمُسْتَوْدَعَةِ وَسَلَّمَتْ الْوَدِيعَةَ إلَى جَارِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَذْكُورَةِ أَمِينٌ يَجُوزُ دَفْعُ وَتَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ لَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَيْهَا (الْخَانِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .
مِثَالٌ ثَالِثٌ عَلَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ - إذَا قَالَ الْمُودِعُ لَا تَحْفَظْ الْوَدِيعَةَ فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ حَصِينَةٍ وَحَفِظَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي تِلْكَ الْغُرْفَةِ وَضَاعَتْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَحِلٌّ حَصِينٌ غَيْرَ تِلْكَ الْغُرْفَةِ لَا يَضْمَنُهَا الْمُسْتَوْدَعُ.
وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَحِلٌّ غَيْرَهَا وَكَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى نَقْلِهَا إلَيْهَا يَجْرِي حُكْمُ الْمِثَالِ الْآتِي.
مِثَالٌ رَابِعٌ عَلَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ - إنَّ قَوْلَ الْمُودِعِ لِلْمُسْتَوْدَعِ احْفَظْ الْوَدِيعَةَ بِيَدِك وَلَا تَتْرُكْهَا
مِنْ يَدِك لَيْلًا وَنَهَارًا شَرْطٌ مُمْكِنُ التَّنْفِيذِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَهُوَ لَغْوٌ وَإِذَا أَعْطَاهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ وَاحْتِيَاجٌ لِذَلِكَ وَتَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَحَيْثُ إنَّ النَّهْيَ مُفِيدٌ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا إنْ كَانَ هَلَاكُهَا حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَغَيْبُوبَتِهِ عَنْ عَيْنَيْهِ وَيَجْرِي فِي هَذَا الضَّمَانِ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (790) .
وَسَبَبُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ أَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي الْأَمَانَةِ وَالْكِيَاسَةِ وَالدِّينِ وَمَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجِبُ الشَّيْنَ.
فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفِيدًا.
وَأَمَّا إذَا وَقَعَ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ وَضَيَاعُهَا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ الْمُسْتَوْدَعَ الثَّانِيَ فَحَيْثُ إنَّ الْوَدِيعَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ فِي حِفْظِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فَعَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي.
يَكُونُ عَدَمُ وُجُودِ اضْطِرَارِ إعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ لِلْغَيْرِ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَوَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ (إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ) .
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا خَفِيفًا كَسَاعَةِ جَيْبٍ وَخَاتَمٍ فَيُعْطِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِأَمِينِهِ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى حِفْظِهَا وَاسْتِصْحَابِهَا بِنَفْسِهِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَهَا بِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ أَمِينَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ شَيْئًا خَفِيفًا لِغَيْرِهِ لِأَجْلِ حِفْظِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَمِينٌ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ غَيْرَ الْأَمِينِ الَّذِي نَهَى الْمُودِعُ عَنْهُ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ إذَا شَرَطَ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ الدَّارِ وَحَفِظَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ - سَوَاءٌ أَنَهَى عَنْ حِفْظِهَا فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا أَمْ لَمْ يَنْهَ - وَعَلَى تَقْدِيرِ حِفْظِهَا فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ أَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْغُرْفَةُ الْأُخْرَى أَقْوَى فِي الْحِفْظِ فَحَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ غَيْرُ مُفِيدٍ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ الدَّارِ حِرْزٌ وَاحِدٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا: أَنَّهُ إذَا نَقَلَ السَّارِقُ الْمَالَ مِنْ غُرْفَةٍ إلَى أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ حَدُّ السَّرِقَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَمَا لَوْ شَرَطَ وَضْعَ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ فِي كَذَا كِيسٍ وَوُضِعَتْ فِي غَيْرِهِ وَفُقِدَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ النَّقْدِ الْمُودَعِ بِشَرْطِ وَضْعِهِ فِي الْكِيسِ فِي الصُّنْدُوقِ يَجُوزُ حِفْظُ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ بِشَرْطِ أَنْ تُوضَعَ فِي الصُّنْدُوقِ فِي الْغُرْفَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَإِنْ كَانَتْ مُمْكِنَةَ التَّنْفِيذِ فَلَيْسَتْ مُفِيدَةً.
وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ فِي أَمْثِلَةِ الْحُكْمِ الرَّابِعِ وَالْحُكْمِ الثَّالِثِ فَلَا يَلْزَمُ فِي هَذَا أَيْضًا.
وَكَذَلِكَ الشُّرُوطُ الَّتِي مِثْلُ (خُذْ الْوَدِيعَةَ بِيَدِك الْيُمْنَى وَلَا تَأْخُذْهَا بِالْيَدِ الْيُسْرَى) أَوْ اُنْظُرْ الْوَدِيعَةَ بِالْعَيْنِ الْيُمْنَى وَلَا تَنْظُرْ إلَيْهَا بِالْعَيْنِ الْيُسْرَى لَغْوٌ وَمُخَالَفَتُهَا لَا تُوجِبُ الضَّمَانَ.
كَمَا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ إلَى دَارِ آخَرَ وَنَقَلَ بِلَا إذْنٍ الثَّوْبَ مِنْ إحْدَى غُرَفِهَا إلَى غُرْفَةٍ أُخْرَى يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي الْحِرْزِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَسَاوِيَةٍ.