الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَتَفَرَّعُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ عَنْ كَوْنِ مَئُونَةِ رَدِّ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ وَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ قَادِرًا عَلَى رَدَّهَا أَيْضًا وَامْتَنَعَ عَنْ إعَادَتِهَا لِلْمُعِيرِ بِقَوْلٍ لَهُ: اُحْضُرْ أَنْتَ وَخُذْهَا أَوْ أَرْسِلْ حَمَّالًا لِيَأْخُذَهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ فِي يَدِهِ بِلَا اسْتِعْمَالٍ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ عَنْ خِتَامِ الْمُدَّةِ قَائِلًا لِيَحْضُرْ الْمُعِيرُ لِيَأْخُذَهَا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا (الْبَحْرُ) .
الْإِجَارَةُ: إذَا كَانَ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمَأْجُورِ يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فَأُجْرَةُ نَقْلِهَا تَعُودُ عَلَى الْآجِرِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (595) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَأْجُورِ لِمَنْفَعَةِ الْآجِرِ إذْ إنَّهُ يَسْتَحِقُّ بَدَلَ الْإِجَارَةِ (الْبَحْرُ) .
وَيَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَيْضًا مَالِكٌ مَنْفَعَةَ الْمَأْجُورِ فَلِذَلِكَ كَانَ قَبْضُ الْمَأْجُورِ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَجِبُ لِذَلِكَ أَنْ تَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ مَئُونَةُ رَدِّ الْمَأْجُورِ أَوْ يَجِبُ عَلَى الْأَقَلِّ حَسَبَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ تَلْزَمَ الْمُؤَجِّرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ بِالسَّوِيَّةِ.
الْجَوَابُ: إنَّمَا يَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةُ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَبِمَا أَنَّ الْعَيْنَ مُرَجَّحَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَجُعِلَتْ مَئُونَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ.
الرَّهْنُ: مَئُونَةُ إعَادَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ فَكِّهِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَيْ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ " كِتَابُ الْخَامِسِ فِي الرَّهْنِ ". إنَّ قَبْضَ الْمَرْهُونِ هُوَ لِتَأْمِينِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ.
الْغَصْبُ: مَئُونَةُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَمَصَارِيفُ نَقْلِهِ " كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (890) عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمَغْصُوبِ لِمَالِكِهِ وَإِزَالَةُ مَا أَتَى مِنْ ضَرَرٍ لِصَاحِبِ الْمَالِ بِغَصْبِهِ مَالَهُ (الْبَحْرُ) .
اسْتِثْنَاءٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ لِيَرْهَنَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ فَكَّ الرَّهْنَ فَمَئُونَةُ رَدِّ هَذَا الْمَالِ وَإِعَادَتِهِ تَعُودُ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْعَارِيَّةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ وَالْفَائِدَةَ فِي الْعَارِيَّةِ الَّتِي تُسْتَعَارُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ هِيَ لِلْمُعِيرِ فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ يَسْقُطُ دَيْنُ الْمُسْتَعِيرِ فِي حَالَةِ تَلَفِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي سَقَطَ عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْعَارِيَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ (الْبَحْرُ) فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لُزُومُ مَئُونَةِ رَدِّ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُعِيرِ هُوَ مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
[
(الْمَادَّةُ 831) اسْتِعَارَةُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ]
(الْمَادَّةُ 831) - (اسْتِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْإِعَارَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ وَأَنْ يَطْلُبَ قَلْعَ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُوَقَّتَةً فَيَضْمَنُ الْمُعِيرُ مِقْدَارَ التَّفَاوُتِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً حِينَ قَلَعَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً فِي حَالَةِ بَقَائِهَا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً فِي حَالَةِ قَلْعِهَا فِي الْحَالِ اثْنَيْ عَشَرَ
دِينَارًا وَقِيمَتُهَا عَلَى أَنْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَطَلَبَ الْمُعِيرُ قَلْعَهَا فِي الْحَالِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ ثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ) .
اسْتِعَارَةُ الْأَرَاضِي لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ بِالشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ يَجُوزُ أَيْضًا بِالْإِعَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَيَانَ حَصْرِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْإِعَارَةِ إذْ إنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْأَرَاضِي أَيْضًا لِلْمَرَاحِ وَنَصْبِ الْخِيَامِ وَإِيقَافِ وَإِقَامَةِ الدَّوَابِّ وَلِلزِّرَاعَةِ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْحَيَوَانِ لِلرُّكُوبِ وَلِلْحَمْلِ وَلِلْحِرَاثَةِ وَلِإِيجَارِهِ لِآخَرَ وَرَهْنُهُ وَالْحُلِيِّ لِلتَّزْيِينِ وَتُزَيَّنُ الدَّارُ بِهِ، وَالثِّيَابِ لِلُّبْسِ وَالدَّارِ لِسُكْنَاهَا وَوَضْعِ أَمْتِعَتِهِ فِيهَا وَالْجُذُوعِ لِوَضْعِهَا فِي الْبِنَاءِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَافِعِ، بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأَحْكَامُ الْوَارِدَةُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ.
فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْإِعَارَةِ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَرْضِ بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ شَجَرًا وَالْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرٌ عَلَى رَفْعِ الْبِنَاءِ وَقَلْعِ الْأَشْجَارِ، مَا لَمْ يَكُنْ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. وَقَدْ جَازَ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (806) .
بِطَلَبِ قَلْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ شَغَلَ بِمِلْكِهِ مِلْكَ الْمُعِيرِ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ: مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (909) : لَوْ شَغَلَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ بِوَضْعِ كُنَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا يُجْبَرُ عَلَى رَفْعِ مَا وَضَعَهُ وَتَخْلِيَةِ الْعَرْصَةِ (الْبَحْرُ) .
وَإِذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ لَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمُحَرَّرُ فِي الْقَضِيَّةِ الْآتِيَةِ: وَكَذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ تَضْمِينُ الْمُعِيرِ النُّقْصَانَ الطَّارِئَ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ فِقْرَةِ " ثُمَّ إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً " لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ فَلَا يَكُونُ الْمُعِيرُ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُغَرِّرًا لِلْمُسْتَعِيرِ بَلْ يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ هُوَ الَّذِي أَغَرَّ نَفْسَهُ وَقَدْ ظَهَرَ فِي هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ سَبَبُ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَظَهَرَ الْفَرْقُ الْمَوْجُودُ بَيْنَهُمَا.
تَمَلُّكُ الْمُعِيرِ الْبِنَاءَ وَالْأَشْجَارَ: لِلْمُعِيرِ حَقٌّ آخَرُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَ قَلْعُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مُضِرًّا فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا مَقْلُوعَةً وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعِيرُ. يَعْنِي لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ بِقِيمَتِهَا فِي الْحَالِ وَقْتَ رُجُوعِهِ مَقْلُوعَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَرَأَ عَلَى أَرْضِ الْمُسْتَعِيرِ نُقْصَانٌ فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ ذَلِكَ مُسْتَقِلًّا لِدَفْعِ ضَرَرِهِ.
وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ تَمَلُّكُ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ يَطْرَأُ نُقْصَانٌ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِنَاءِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَعِيرُ صَاحِبُ وَصْفٍ. أَمَّا الْمُعِيرُ فَصَاحِبُ أَصْلٍ فَلِذَلِكَ يُرَجَّحُ طَرَفُ صَاحِبِ الْأَصْلِ.
لَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَلْعُهُمَا مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُمَا جَبْرًا يَعْنِي بِدُونِ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ، أَمَّا إذَا رَضِيَ الْمُعِيرُ بِالتَّمَلُّكِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُسْتَعِيرُ أَيْضًا بِالتَّمْلِيكِ وَالْبَيْعِ كَانَ تَمَلُّكُ الْمُعِيرِ وَشِرَاؤُهُ صَحِيحًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 531) وَشَرْحَهَا.
وَالْحَاصِلُ - إذَا كَانَ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلِلْمُعِيرِ الصَّلَاحِيَّةُ فِي تَمَلُّكِهِمَا جَبْرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُعِيرَ عَلَى التَّمَلُّكِ الْمَذْكُورِ. وَالْمُسْتَعِيرُ مَجْبُورٌ عَلَى الْقَلْعِ وَلَوْ كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فِي
حَالَةِ طَلَبِ الْمُعِيرِ ذَلِكَ.
وَإِسْنَادُ الرُّجُوعِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إلَى الْمُعِيرِ لَيْسَ لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ فَسْخُ الْإِعَارَةِ وَقَلْعُ الشَّجَرِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ.
وَالْحَاصِلُ - تُفْسَخُ الْعَارِيَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَقَدْ صَارَ إيضَاحُ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (806) .
وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ بِأَنْ قَالَ الْمُسْتَعِيرُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ: إنَّ هَذَا الْبِنَاءَ قَدْ عَمِلْته أَنَا أَوْ هَذِهِ الشَّجَرَةُ قَدْ غَرَسْتهَا، فَقَالَ الْمُعِيرُ: إنَّ هَذَا الْبِنَاءَ أَوْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ كَانَا مَوْجُودَيْنِ قَبْلًا فِي الْأَصْلِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (826) فَبِمَا أَنَّ الرُّجُوعَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ يَتَضَمَّنُ خُلْفًا الْمَوْعِدَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيَضْمَنُ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ قِيمَةَ مِقْدَارِ التَّفَاوُتِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً حِينَ قَلَعَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً فِي حَالَةِ بَقَائِهَا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْمُعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى تَمَلُّكِهَا وَضَمَانِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَمَّا صَرَّحَ بِرِضَاهُ بِتَرْكِهَا إلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَيَكُونُ قَدْ خَدَعَ الْمُسْتَعِيرَ وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ حَالِ الْإِنْسَانِ الثَّبَاتَ عَلَى وَعْدِهِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمُعِيرُ عَلَى وَعْدِهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَصْبَحَ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.
وَالْمُعِيرُ يَضْمَنُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُحِيطِ يُفِيدُ ضَمَانَ جَمِيعِ الْقِيمَةِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ قَوْلَ الْمُحِيطِ هَذَا (الْبَحْرُ) .
فَعَلَيْهِ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ وَكَانَ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ ضَرَرًا فَاحِشًا وَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيَمْلِكُهَا بِقِيمَتِهَا وَقْتَ خِتَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْوَقْتِ لَا تَكُونُ مُسْتَحَقَّةً لِلْقَلْعِ وَلِذَلِكَ لَا يَتَمَلَّكُهَا بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً فِي الْحَالِ.
وَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ مِنْ ضَمَانٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِي حَالَةِ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا أَيْ وَإِنْ لَزِمَ الْمُعِيرَ ضَمَانٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إذَا رَجَعَ عَنْ الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يُلْزَمُ الْمُعِيرُ بِضَمَانٍ مَا بَلْ لَهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الضَّرَرِ لِلْأَرْضِ مِنْ قَلْعِهِمَا أَنْ يَتَمَلَّكَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا مَقْلُوعَةً.
سُؤَالٌ وَجَوَابٌ: وَيَرِدُ السُّؤَالُ الْآتِي عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ.
ضَمَانُ الْغَرُورِ يَكُونُ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اذْهَبْ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، فَذَهَبَ مِنْهَا فَسَلَبَهُ اللُّصُوصُ فَلَا يَلْزَمُ قَائِلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ ضَمَانٌ، وَعَلَيْهِ فَلِمَاذَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْعَارِيَّةِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ.
كَمَا أَنَّهُ إذَا لَحِقَ الْمَوْهُوبَ لَهُ ضَمَانٌ بِسَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَا يَكُونُ الْوَاهِبُ ضَامِنًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 658) .