الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ.
عَلَيْهَا خَمْسِينَ كِيلَةً فِعْلِيَّةً لَا تَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ بِصُورَةِ الزِّيَادَةِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْمُخَالَفَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الْحِمْلِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهَا ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ بِنِسْبَةِ الزَّائِدِ عَنْ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهِ لَوْ حَمَّلَ سِتَّ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ فَقَطْ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ وَكَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَ السِّتِّ الْكِيلَاتِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ سُدُسَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الضَّمَانِ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَالْمِقْدَارِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْمِقْدَارِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ الْحِمْلَ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ كُلَّ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ اسْتَهْلَكَ تِلْكَ الدَّابَّةَ.
وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِجَارَةِ قَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُهَا اللَّازِمَةُ فِي الْمَادَّةِ (559) وَشَرْحُهَا لِلْأَقْسَامِ الْأُخْرَى فِي الْمُخَالَفَةِ: الْمُخَالَفَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْمِثْلِ وَالْقَدْرِ مَعًا أَوْ تَكُونَ فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ مَعًا إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ دَاخِلٌ فِي الثَّالِثِ كَمَا أَنَّ الثَّانِيَ مِنْهُ دَاخِلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ عَدُّهَا أَقْسَامًا أُخْرَى.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تَدْخُلُ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ مِمَّا مَرَّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ لَأَنْ يُعَدَّ أَقْسَامٌ أُخْرَى. فَلَوْ طَحَنَ إحْدَى عَشْرَةَ كِيلَةً عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى أَنْ يَطْحَنَ عَلَيْهَا عَشْرَ كِيلَاتٍ أَيْ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهَا الطَّحْنُ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ كَانَ ضَامِنًا جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَحَنَ عَشْرَ كِيلَاتٍ انْتَهَى إذَنْ الْمُعِيرُ وَالِاسْتِعْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَحْنِ الْكِيلَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَ بِلَا إذْنِ الْمَالِك. وَبِنَاءً عَلَيْهِ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ غَاصِبًا لَكِنَّ الْحِمْلَ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِمْلَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَعَلَيْهِ يَقْتَضِي ضَمَانَ جَمِيعِ الْقِيمَةِ فِي الطَّحْنِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحِمْلِ الضَّمَانُ أَحْيَانًا بِمِقْدَارِ الزِّيَادَةِ.
[
(الْمَادَّةُ 819) أَطْلَقَ الْمُعِيرُ الْإِعَارَةَ بِحَيْثُ لَمْ يُعَيِّن الْمُنْتَفِعَ]
(الْمَادَّةُ 819) :
إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ بِحَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُنْتَفِعَ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَارِيَّةَ عَلَى إطْلَاقِهَا يَعْنِي إنْ شَاءَ اسْتَعْمَلَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعَارَهَا لِغَيْرِهِ لِيَسْتَعْمِلَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالْحُجْرَةِ أَمْ كَانَتْ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَدَابَّةِ الرُّكُوبِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك حُجْرَتِي، فَالْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُسْكِنَهَا غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعَرْتُك هَذَا الْفَرَسَ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَهُ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُرْكِبَهُ غَيْرَهُ.
وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ يُفَسَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَقَدْ فَسَّرْتُ عِبَارَةَ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُنْتَفِعِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْمَادَّةِ (816) عِبَارَةُ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُنَاكَ بِمَعْنًى آخَرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقَانِ: أَوَّلُهُمَا - الْإِطْلَاقُ الَّذِي فِي عِبَارَةِ (إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ) . وَمَعْنَى هَذَا الْإِطْلَاقِ يُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي.
الْمُعَارُ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالدَّارِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْمُعَارُ الَّذِي
يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالثِّيَابِ وَالْفَرَسِ لِلرُّكُوبِ وَيُوجَدُ فِي الْإِطْلَاقِ أَيْ الْإِطْلَاقِ الْوَارِدِ فِي عِبَارَةِ (إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِمَالَانِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى الِاحْتِمَالُ حَتْمًا الْأَوَّلُ النَّصُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي كَأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُك هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ تُرْكِبَهَا مَنْ شِئْت. فَعَلَى تَقْدِيرِ نَصِّ الْمُعِيرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَارُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ.
وَالْإِطْلَاقُ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ بِمَعْنَى النَّصِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 522) .
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ الْإِطْلَاقُ الشَّامِلُ لِلسُّكُوتِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُك حَيَوَانِي هَذَا سَوَاءٌ أَقَالَ: لَكَ إرْكَابُهُ مَنْ شِئْت أَمْ لَمْ يَقُلْ، أَيْ وَلَوْ لَمْ يَضُمَّ هَذَا التَّعْبِيرَ عَلَى كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى مَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لَا اشْتِبَاهَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ أَمَّا فِي النَّوْعِ الثَّانِي فَقَدْ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الْإِعَارَةِ لِلْغَيْرِ فَقَالَ الزَّيْلَعِيّ بِعَدَمِ جَوَازِ إعَارَتِهِ وَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْإِطْلَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ كَاللُّبْسِ وَالزِّرَاعَةِ عَلَى مَا إذَا قَالَ: عَلَى أَنْ أُرْكِبَ عَلَيْهَا مَنْ أَشَاءُ كَمَا حُمِلَ الْإِطْلَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا بِخِلَافِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَمَاكِنَ إعَارَتِهِ وَقَالَ (لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَيُعِيرَ غَيْرَهُ. .. إلَخْ) .
وَكَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَلْتَفِتْ إلَى مَا بَيَّنَهُ الزَّيْلَعِيّ وَقَدْ أَخَذَتْ بِمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْهِدَايَةُ.
وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ يَلْزَمُ النَّصُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِذَا لَمْ يُعَيَّنْ الرَّاكِبُ كَمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 552) . أَمَّا فِي الْإِعَارَةِ فَيَكْفِي السُّكُوتُ وَالْفَرْقُ فِي هَذَا الْبَابِ يَظْهَرُ لَك بِمُرَاجَعَةِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (408) .
الثَّانِي - وَيُفَسَّرُ الْإِطْلَاقُ الْوَارِدُ فِي جُمْلَةِ " لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ فِي التَّفْسِيرِ " الْآتِي يَعْنِي لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهِ بِإِعَارَتِهِ لَهُ دُونَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَمَّا كَانَتْ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (812) عِبَارَةً عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ فَتَجُوزُ إعَارَةُ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعَارَ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمَلِّكَ غَيْرَهُ مَا يَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِيجَارَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 587) الْبَحْرُ.
جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (إنْ شَاءَ. . وَإِنْ شَاءَ. .) فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ اخْتِيَارُ إحْدَى تِلْكَ الْمَنْفَعَتَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْعَارِيَّةِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَنْفَعَتَيْنِ وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ بِقَيْدِ (فَقَطْ) .
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَرَكِبَهَا هُوَ وَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَيْضًا يَعْنِي أَرْدَفَهُ خَلْفَهُ وَتَلِفَتْ فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ قَادِرَةً عَلَى حَمْلِ الِاثْنَيْنِ مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَاصِلٌ مِنْ رُكُوبِ الِاثْنَيْنِ وَبِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ فَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُهُ هَدَرٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ قَادِرَةً عَلَى حَمْلِهِمَا فَيَضْمَنُ كُلٌّ قِيمَتَهَا. اُنْظُرْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (551) لَكِنْ هَلْ يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ؟ وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (428) أَنَّ لَهُ فِي الْإِجَارَةِ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالْغُرْفَةِ أَمْ كَانَتْ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَفَرَسِ الرُّكُوبِ يَعْنِي أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنْ يُعِيرَ الْمُسْتَعَارَ لِآخَرَ.
جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَرَسُ الرُّكُوبِ. وَقَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (427) أَنَّ فَرَسَ الرُّكُوبِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ.
أَمَّا فَرَسُ التَّحْمِيلِ مِنْ الْأَنْوَاعِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 551) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك حُجْرَتِي وَقَبِلَ الْمُسْتَعِيرُ الْإِعَارَةَ أَيْضًا فَالْمُسْتَعِيرُ إذَا شَاءَ أَقَامَ فِي الْحُجْرَةِ وَإِذَا شَاءَ أَسْكَنَ غَيْرَهُ فِيهَا. لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا هُوَ وَيُسْكِنَ غَيْرَهُ مَعَهُ؟ أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (428) .
وَهَذَا الْمِثَالُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك فَرَسَ الرُّكُوبِ هَذَا وَقَبِلَ الْمُسْتَعِيرُ الْإِعَارَةَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَهُ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يُرْكِبَهُ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ قَدْ أَمَرَ الْمُسْتَعِيرَ بِالِانْتِفَاعِ مُطْلَقًا وَالْمُطْلَقُ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلِانْتِفَاعِ كَمَا يَشَاءُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) . وَجِهَةُ التَّعْيِينِ عَائِدَةٌ إلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَهَذَا يَعْنِي التَّعْيِينَ يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ.
وَهَذَا مِثَالٌ لِمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَتَحْتَاجُ مَسْأَلَةُ تَحْمِيلِ الْفَرَسِ حِمْلًا إلَى إيضَاحٍ فَهَلْ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَنْ يَحْمِلَ حِمْلَهُ أَوْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ؟ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْفَرَسُ جَوَادًا مُعَدًّا لِلرُّكُوبِ مَثَلًا فَلَيْسَ لَهُ التَّحْمِيلُ وَلَوْ أُعِيرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا مَرَّ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْجَوَادَ الْعَرَبِيَّ لَا يَحْمِلُ وَالْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) .
وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَمَلَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهِ حِمْلًا وَتَلِفَ لَزِمَ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَ مَا حَمَلَهُ مِمَّا يُطِيقُهُ الْجَوَادُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك هَذِهِ الثِّيَابَ، فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَلْبَسَهَا أَوْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْتِفَاعٍ آخَرَ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ بَعْدَ تَعْيِينِ فِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ يَعْنِي لَوْ أُعِيرَ مَالٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إعَارَةً مُطْلَقَةً وَكَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ بَعْدَ أَنْ تَعَيَّنَ الِانْتِفَاعُ بِفِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهِ، يَعْنِي لَوْ أَرْكَبَ الْمُسْتَعِيرُ أَوَّلًا غَيْرَهُ عَلَى الْفَرَسِ الْمَذْكُورِ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ فَلَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ الْفَرَسَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيّ بِصُحُفِ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ مُوَافِقٌ أَيْضًا لِلْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (552) . وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ أَوَّلًا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ وَتَلِفَ الْفَرَسُ لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ ثُمَّ أَنْزَلَهُ وَرَكِبَ هُوَ الْفَرَسَ وَتَلِفَ الْفَرَسُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَ الرَّاكِبُ بِالْفِعْلِ فَالْمُخَالَفَةُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ تَعَدِّيًا مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالُوا بِأَنَّ