الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَرَرٌ فَلَا يَضْمَنُ (الْخَانِيَّةُ) وَالسَّيْفُ كَالرِّدَاءِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِمْلِ وَالرِّدَاءِ هُوَ أَنَّ حَامِلَ الْحِمْلِ إنَّمَا وُجِدَ بِقَيْدِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى ذَلِكَ الْحِمْلِ، وَعَلَيْهِ: لَا مَشَقَّةَ فِي تَقْيِيدِ هَذَا بِوَصْفِ السَّلَامَةِ.
أَمَّا لَابِسُ الثِّيَابِ فَلَمْ يُقَيَّدْ بِقَيْدِ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِنْ السُّقُوطِ وَفِي تَقْيِيدِهِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ بَيْنَمَا كَانَ الْحَدَّادُ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فِي دُكَّانِهِ فَأَحْرَقَتْ ثِيَابًا لِآخَرَ كَانَ مَارًّا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ أَتْلَفَتْ دَابَّةً لَهُ كَانَ الْحَدَّادُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْخَسَارَةَ الَّتِي تَحْصُلُ بِسَبَبِ طَيَرَانِ الشَّرَارَةِ بِطَرْقِ الْحَدَّادِ الْحَدِيدَ كَالْخَسَارَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ الْحَدَّادِ مِنْ دُونِ قَصْدٍ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَوْ أَعْمَاهُ لَزِمَتْ الدِّيَةُ (الْخَانِيَّةُ) .
وَهُوَ يَطْرُقُ يَعْنِي: مِنْ طَرْقِهِ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَطَايَرْ الشَّرَارَةُ مِنْ طَرْقِ الْحَدَّادِ الْحَدِيدَ بَلْ مِنْ كِيرِهِ أَوْ أَطَارَتْ الرِّيحُ شَرَارَةً مِنْ الْحَدِيدِ الَّذِي أَحْمَاهُ فَأَحْرَقَتْ ثِيَابَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ قَتَلَتْهُ أَوْ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُتَسَبِّبًا فَلَيْسَ بِمُتَعَمِّدِ وَلَا مُتَعَدٍّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (924) وَشَرْحَهَا (الْخَانِيَّةُ) .
إنَّ الْعَمَلَةَ الْمُشْتَغِلِينَ بِقَلْعِ الْأَحْجَارِ وَكَسْرِهَا يَثْقُبُونَ الصُّخُورَ وَيَضَعُونَ فِي الثُّقْبِ بَارُودًا وَيَضَعُونَ ذُبَالَةً فِي الْبَارُودِ وَيُوقِدُونَ تِلْكَ الذُّبَالَةَ فَتَتَفَتَّتُ الصُّخُورُ وَتَتَطَايَرُ قِطَعُ الْأَحْجَارِ إلَى الْعَلَاءِ فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ ثُمَّ لَا تَلْبَثُ أَنْ تَهْوَى إلَى الْحَضِيضِ وَكَثِيرًا مَا تَقْتُلُ أُنَاسًا وَتَهْدِمُ بُيُوتًا.
وَبِنَاءً عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ تَضْمِينُ وَاقِدِ الذُّبَالَةِ دِيَةُ الْقَتِيلِ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ. وَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةِ مِنْ مَادَّةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ فَرْعٌ مِنْ الْمَادَّةِ (912) كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
[
(مَادَّةُ 927) الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]
(مَادَّةُ 927) - (لَيْسَ لِأَحَدٍ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَوَضْعِ شَيْءٍ فِيهِ وَإِحْدَاثُهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَإِذَا فَعَلَ يَضْمَنُ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ يَتَوَلَّدَانِ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ. بِنَاءً عَلَيْهِ: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَدَوَاتِ الْعِمَارَةِ أَوْ الْحِجَارَةِ وَعَثَرَ بِهَا حَيَوَانٌ آخَرُ وَتَلِفَ يَضْمَنُ كَذَلِكَ لَوْ صَبَّ أَحَدٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا يُزْلَقُ بِهِ كَالدُّهْنِ وَزَلَقَ بِهِ حَيَوَانٌ وَتَلِفَ يَضْمَنُ)
؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لِلْمُرُورِ، وَالْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْمَالٌ لِلطَّرِيقِ لِغَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ جَلَسَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَتَلِفَ شَيْءٌ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ يَكُونُ مُتَسَبِّبًا مُتَعَدِّيًا أَمَّا إذَا جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِإِذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَا يَضْمَنُ الضَّرَرَ الْمُتَوَلِّدَ عَنْ ذَلِكَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَإِنْ يَكُنْ قَدْ وَرَدَ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَفِي شَرْحِهِ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَحَدٍ لَكِنَّ هَذَا فِيمَا لَمْ يُمْنَعْ الْجُلُوسُ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَمَّا مُنِعَ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَقَدْ أَصْبَحَ مَمْنُوعًا.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَضْعُ شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَإِحْدَاثُ أَشْيَاءَ فِيهَا كَالْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ والجرصن أَيْ: الْغُرْفَةُ الْبَارِزَةُ عَلَى السُّوقِ وَإِذَا حَاوَلَ إحْدَاثَ ذَلِكَ يُمْنَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ.
وَلِكُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْمُرُورِ حَقُّ مَنْعِهِ.
وَسَيُوَضِّحُ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1213) وَإِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْ
إحْدَاثِهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ يُهْدَمُ وَيُرْفَعُ.
مَثَلًا: لَوْ أَنْشَأَ طَفَفًا وَاطِئًا بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أَوْ دَرَجًا مِنْ الْحِجَارَةِ فِي قِسْمٍ مِنْ الزُّقَاقِ فَضَاقَ بِهِ الزُّقَاقُ يُهْدَمُ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ وَكَانَتْ دَارُهُ عَلَى جَانِبَيْ الطَّرِيقِ وَعَمِلَ جِسْرًا لِلْوَصْلِ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ فِي مَكَان عَالٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الْمُرُورِ؛ فَيُهْدَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَيْضًا، وَلَا يُهْدَمُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْمَادَّةِ (1213) وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَادَّةُ قَائِلَةً بِعَدَمِ جَوَازِ رَفْعِ الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مُضِرَّةً بِالْعَامَّةِ.
وَتَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ هِيَ:
اخْتِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ: قَدْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِ إحْدَاثِ أَشْيَاءَ كَالْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ والجرصن وَفِي الْجُلُوسِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَيَجُوزُ إحْدَاثُ أَمْثَالِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ تَحْتَ شَرْطَيْنِ: أَوَّلِهِمَا أَنْ لَا تَكُونَ مُضِرَّةً بِالْعَامَّةِ.
وَثَانِيهِمَا: أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ مُنِعَ مِنْ إحْدَاثِهَا وَعَلَيْهِ: إنْ كَانَ الْإِحْدَاثُ مُضِرًّا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يُمْنَعْ كَمَا لَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ بَعْدَ مَنْعِهِ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا حَتَّى إنَّهُ يَأْثَمُ لَوْ أَحْدَثَهُ وَأَبْقَاهُ وَانْتَفَعَ بِهِ.
وَلَمَّا كَانَ قَدْ مُنِعَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْإِحْدَاثُ بِلَا إذْنٍ فَلَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ بَعْدُ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَمْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَكَمَا أَنَّهُ حَاوَلَ الْإِحْدَاثَ فَلِكُلٍّ حَقُّ مُمَانَعَتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَمْ لَمْ يَكُنْ، فَلَوْ أَحْدَثَهَا أَحَدٌ مُنْتَهِزًا فُرْصَةً مَا فَلِكُلٍّ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِبَعْضِهَا وَرَفْعِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهَا ضَرَرٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ بِالْعَامَّةِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ لَمَّا كَانَ عَائِدًا إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلِكُلٍّ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ آخِذِ هَذَا الْحَقِّ. وَقَوْلُهُ: كُلُّ أَحَدٍ، أَيْ: كُلُّ حُرٍّ بَالِغٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ غَيْرَ مُسْلِمٍ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى.
إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ لِلشَّخْصِ الْمُدَّعِي بِدَعْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُحْدَثَاتٌ كَهَذِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ.
وَإِذَا كَانَ لَهُ مُحْدَثَاتٌ تُعَدُّ دَعْوَاهُ تَعَنُّتًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ إزَالَةَ الضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ؛ لَبَدَأَ بِنَفْسِهِ.
إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُطْلَبُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ النَّاهِي مُتَبَاعِدًا عَنْهُ هَذَا الشَّرْطُ وَالْقَيْدُ فَلِمَنْ كَانَ لَهُ مُحْدَثَاتٌ كَهَذِهِ حَقُّ الِادِّعَاءِ أَيْضًا.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ حَقُّ الْمَنْعِ مِنْ إحْدَاثِ الْمُحْدَثَاتِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَمْ لَمْ يَكُنْ لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِنَقْضِهِ بَعْدَ إحْدَاثِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا.
وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُخَالَفَةِ وَلَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِنَقْضِهِ أَيْضًا.
وَظَاهِرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَكِنَّ الْمَادَّةَ (1213) كَانَتْ قَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ قَبُولَ قَوْلِهِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) اسْتِثْنَاءٌ: لِكُلٍّ أَنْ يُلْقِيَ الثَّلْجَ الَّذِي فِي بَيْتِهِ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِسَبَبِ عُمُومِ الْبَلْوَى.
فَعَلَيْهِ: لَوْ زَلَقَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَحَدُ الْمَارَّةِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَلَا يَضْمَنُ.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91)(الْخَانِيَّةُ) قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُنَازَعَةِ أَوْ الْأَبْنِيَةِ السَّارِي
فِي زَمَانِنَا إحْدَاثُ جرصن أَوْ طَنَفٍ أَوْ إحْدَاثُ قَنَاةٍ وَتَطْهِيرُهَا وَحَفْرُ بِئْرٍ.
جَوَازُ إعْطَاءِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ: قَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاءُ الْإِذْنِ إذَا كَانَ لَا يَلِيقُ إعْطَاؤُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِسَبَبِ الْمُحْدَثَاتِ تَضُرُّ بِالنَّاسِ لِضِيقِ الطَّرِيقِ وَكَانَ ثَمَّةَ مَصْلَحَةٌ وَمَنْفَعَةٌ فِي إعْطَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا تُرْفَعُ تِلْكَ الْمُحْدَثَاتُ فِيمَا إذَا أَحْدَثَهَا الْمُحْدِثُ لِنَفْسِهِ.
أَمَّا إذَا أَحْدَثَهَا الْعَامَّةُ وَلَمْ تَكُنْ مُضِرَّةً فَيَجُوزُ بَقَاؤُهَا وَلَا تُرْفَعُ.
مَثَلًا: لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ فِي زَاوِيَةٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَجَرَةً تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ وَالْعَابِرِينَ وَأَمْكَنَ الْعَامَّةُ أَنْ تَسْتَظِلَّ بِهَا جَازَ وَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ مَا يَتَوَلَّدُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ.
تُوجَدُ قَاعِدَتَانِ فِي الْأَضْرَارِ الَّتِي تَحْصُلُ عَنْ الْأَشْيَاءِ الْمُحْدَثَةِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ.
الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ فِيهِ فِي أَيِّ مَكَان يُوضَعُ مِنْهُ.
فَلَا يُسْأَلُ عَنْ الضَّرَرِ الْمُتَوَلَّدِ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي وَضَعَهُ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ.
وَسَوَاءٌ أَوَقَعَ ضَرَرٌ كَالتَّلَفِ وَقْتَ وَضْعِهِ الشَّيْءَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ.
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْوَضْعِ فَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي وَضَعَهُ مَا بَقِيَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ.
أَمَّا لَوْ أَزَالَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا يُسْأَلُ عَنْ الضَّرَرِ الَّذِي يَحْصُلُ بَعْدَئِذٍ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْخَانِيَّةُ) .
كَمَا لَوْ وُضِعَتْ جَمْرَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَهَبَّتْ عَلَيْهَا الرِّيحُ وَأَزَالَتْهَا عَنْ مَكَانِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ وَكَذَا لَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ السَّيْلُ وَدَحْرَجَهُ فَكَسَرَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ قَدْ زَالَتْ بِالْمَاءِ وَالرِّيحِ (الْخَانِيَّةُ) .
وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: قَدْ أُشِيرَ إلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى بِرَقْمِ (1) وَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بِرَقْمِ (2) وَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بِرَقْمِ (3) وَهَا هُوَ بَيَانُ تِلْكَ التَّعْرِيفَاتِ:
1 -
فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ شَجَرَةً وَلَوْ وَضَعَ خَشَبًا أَوْ أَحْجَارًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ تُرَابًا فَوَطِئَهُ حَيَوَانٌ آخَرُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسُوقَهُ أَحَدٌ فَعَثَرَ وَعَطِبَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ كَذَا لَوْ وَضَعَ اثْنَانِ جِرَارَهُمْ أَوْ أَكْوَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَتَدَحْرَجَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَكُسِرَتْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا جِرَارَ الْآخَرِ (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةِ (93) وَشَرْحَهَا وَلَوْ عَثَرَ رَجُلٌ بِالْخَشَبِ أَوْ الْأَحْجَارِ الَّتِي وَضَعَهَا آخَرُ وَهَلَكَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دِيَتَهُ.
كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا.
3 -
لَكِنْ إذَا رَفَعَ أَحَدٌ تِلْكَ الْأَخْشَابِ وَالْأَحْجَارِ مِنْ مَكَانِهَا وَنَقَلَهَا إلَى غَيْرِهِ وَحَصَلَ بِسَبَبِهَا ضَرَرٌ لَزِمَ الضَّمَانُ هَذَا الشَّخْصَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ قَدْ انْفَسَخَ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: حَيَوَانٌ آخَرُ.
هَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ تَلِفَ إنْسَانٌ لَزِمَتْ دِيَتُهُ أَيْضًا.
فَلَوْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا كَالْحِجَارَةِ وَالْأَخْشَابِ فَعَثَرَ بِهَا إنْسَانٌ قَضَاءً وَسَقَطَ وَهَلَكَ لَزِمَ وَاضِعَهَا دِيَتُهُ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
الْقَيْدُ الثَّانِي: عَثَرَ بِهِ: قَدْ أُشِيرَ بِهَذَا التَّعْبِيرِ إلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ:
أَوَّلُهَا: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا فَجَفَلَ مِنْهُ حَيَوَانٌ أَيْ: لَوْ فَرَّ الْحَيَوَانُ مِنْ دُونِ أَنْ يَمَسَّهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَتَلِفَ أَوْ لَمْ يَتْلَفْ الْحَيَوَانُ الْعَاثِرُ بِالشَّيْءِ الْمَذْكُورِ وَأَتْلَفَ آخَرُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْخَانِيَّةُ) .
ثَانِيهَا: لَوْ أَنْشَأَ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ جِسْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى نَهْرٍ كَبِيرٍ يَمُرُّ مِنْهُ فَمَرَّ شَخْصٌ عَنْ ذَلِكَ الْجِسْرِ قَصْدًا وَعَمْدًا فَأَصَابَهُ ضَرَرٌ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
وَالْوَجْهُ هُوَ أَلَّا يَكُونَ تَعَمَّدَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ لَفْظِ (عَثَرَ) .
ثَالِثُهَا: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ جِذْعًا بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَأَضَرَّ بِشَخْصٍ مَرَّ عَنْهُ مُتَعَمِّدًا فَلَا يَلْزَمُ الْوَاضِعَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَصِيرًا وَهُنَاكَ مَوْضِعٌ آخَرُ لِلْمُرُورِ فَيَكُونُ بِمُرُورِهِ تَعَمُّدًا قَدْ أَتْلَفَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ وَأَضَرَّ بِهَا تَعَمُّدًا.
أَمَّا إذَا لَمْ يَمُرَّ مُتَعَمِّدًا كَأَنْ كَانَ أَعْمَى أَوْ مَرَّ لَيْلًا كَانَ الْوَاضِعُ ضَامِنًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى، وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
2 -
لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَنَفًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ الَّذِي أَمَامَ دَارِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُحْدَثِ ضَرَرٌ لَزِمَ الْمُتَسَبِّبَ الضَّمَانُ وَلَا يَخْلُصُ مِنْهُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
3 -
لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ نَارًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ فَأَشْعَلَتْ الرِّيحُ النَّارَ فَاشْتَعَلَتْ وَسَرَتْ إلَى مَا يُجَاوِرُهَا فَأَحْدَثَتْ فِيهِ ضَرَرًا كَانَ ضَامِنًا أَمَّا لَوْ أَلْقَى النَّارَ فِي وَقْتٍ لَا رِيحَ فِيهِ ثُمَّ هَبَّتْ فَسَرَتْ بِهُبُوبِهَا عَلَيْهَا وَتَحْرِيكِهَا إيَّاهَا إلَى مَا حَوْلَهَا وَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْبَهْجَةُ) .
2 -
لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ قِدْرَ الْقَطِرَانِ الْمَغْلِيِّ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مِنْ دُونِ إذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فَمَرَّ رَجُلٌ أَعْمَى مِنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ وَسَقَطَ فِيهِ فَلَحِقَ الْأَعْمَى ضَرَرٌ كَانَ الْوَاضِعُ ضَامِنًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
1 -
لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ عَلَى حَائِطٍ جِذْعًا فَسَقَطَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقٌّ فِي وَضْعِهِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُتَعَدِّيًا (الْخَانِيَّةُ) 2 - كَذَلِكَ لَوْ صَبَّ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا يُزْلَقُ بِهِ كَالدُّهْنِ أَوْ الْقَشِّ أَوْ الْمَاءِ وَزَلَقَ بِهِ حَيَوَانٌ فَتَلِفَ هُوَ بِسُقُوطِهِ أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ تَلِفَ الْحِمْلُ؛ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ضَامِنًا.
مَثَلًا: لَوْ أَلْقَى قِشْرَ الْبِطِّيخِ فِي الزُّقَاقِ فَمَرَّ حَيَوَانٌ حَامِلًا زَيْتًا فَزَلَقَتْ رِجْلُهُ فَتَلِفَ الزَّيْتُ؛ كَانَ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فِعْلًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ وَيَلْزَمُ مَنْ يُحْدِثُ فِعْلًا كَهَذَا ضَمَانُ الضَّرَرِ الَّذِي يَحْدُثُ بِسَبَبِ فِعْلِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
2 -
لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ أَنْ يَرُشَّ أَمَامَ حَانُوتِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَاءً وَرَشَّهَا الْآخَرُ فَزَلَقَتْ رِجْلُ
حَيَوَانٍ لِأَحَدٍ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَتَلِفَ يَضْمَنُ الْآمِرُ اسْتِحْسَانًا.
وَلَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
بِلَا إذْنٍ، وَسَبَبُ هَذَا الْقَيْدِ هُوَ لَوْ أَذِنَ وَلِيُّ الْأَمْرِ لِذَلِكَ الشَّخْصَ بِمَا فَعَلَ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُعَارَضَتُهُ.
وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا كَالْكَنِيفِ أَوْ الجرصن أَوْ كَوَّمَ أَحْجَارًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ لِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَمَا يُحْدِثُهُ أَحَدٌ بِإِذْنِهِ وَأَمْرِهِ فِي الطَّرِيقِ كَانَ فِي حُكْمِ إحْدَاثِهِ إيَّاهُ فِي مِلْكِهِ.
لَكِنْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ لَا يَأْذَنَ بِإِحْدَاثِ أَشْيَاءَ تَضُرُّ بِالنَّاسِ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا.
(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
الطَّرِيقُ الْعَامُّ، سَبَبُ هَذَا الْقَيْدِ.
أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ مِلْكًا لِأَصْحَابِهِ؛ فَلَيْسَ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا بِوَجْهِ حَقٍّ التَّصَرُّفُ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ إلَّا بِإِذْنِ أَصْحَابِهِ جَمِيعِهِمْ.
حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ أَجْنَبِيٌّ بِنَاءً فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ بِإِذْنِ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ وَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَابْتَاعَ دَارًا فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلِذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْمُرَ الْأَجْنَبِيَّ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا تَصَرُّفُ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ بِالْوَجْهِ الْمَوْجُودِ فِي السَّكَنِ جُمْلَةً كَوَضْعِ الْأَخْشَابِ.
وَصَبِّ الْمَاءِ.
مَثَلًا: لَوْ صَبَّ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَمَامَ دَارِهِ تُرَابًا أَوْ رَبَطَ دَابَّةً أَوْ وَضَعَ حِجَارَةً لِيَدُوسَ عَلَيْهَا حَالٍ دُخُولِ الدَّارِ وَخُرُوجِهِ مِنْهَا فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَلْقَى أَحَدُ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الثَّلْجَ الَّذِي فِي دَارِهِ إلَى الطَّرِيقِ فَزَلَقَ بِهِ أَحَدٌ وَتَرَتَّبَ ضَرَرٌ مَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِي هَذَا عَامَّةٌ.
كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إلْقَائِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا بُيِّنَ سَابِقًا (الْخَانِيَّةُ) .
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (122) .
كَذَلِكَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْجُلُوسُ فِيهَا إذَا تَرَتَّبَ ضَرَرٌ مَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُونَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (924) .
3 -
الْحَيَوَانُ، فِيمَا إذَا سَقَطَ إنْسَانٌ وَزَلَقَ هَلَكَ تَلْزَمُ الْوَاضِعَ دِيَتُهُ كَمَا تَلْزَمُهُ لَوْ تَمَزَّقَتْ ثِيَابُهُ بِسُقُوطِهِ ضَمَانٌ لَكِنَّ ضَمَانَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ سُقُوطِ الْإِنْسَانِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا اسْتَغْرَقَ الْمَصْبُوبُ أَوْ الْمَوْضُوعُ الطَّرِيقَ الْعَامَّ كُلَّهُ وَلَمْ يَبْقَ مَحَلٌّ خَالٍ لِلْمُرُورِ.
أَمَّا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْضُوعُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ جَوَانِبَ الطَّرِيقِ جَمِيعَهَا كَأَنْ كَانَ مَوْضُوعًا فِي جَانِبٍ مِنْهَا وَكَانَ الْمُرُورُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ مُمْكِنًا وَمَرَّ الْمَارُّ تَعَمُّدًا مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَحِقَهُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ كَمَا قَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ آنِفًا (الْبَزَّازِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
انْتِفَاءُ الضَّمَانِ: يَنْتَفِي الضَّمَانُ بِشَيْئَيْنِ:
أَوَّلُهُمَا: الْمُرُورُ تَعَمُّدًا.
ثَانِيهِمَا: كَوْنُ الْوَضْعِ وَالْإِحْدَاثِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
لَكِنْ لَوْ قُيِّدَ الْإِذْنُ الْمُعْطَى مِنْ طَرَفِ وَلِيِّ الْأَمْرِ بِشَرْطٍ مُوَافِقٍ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لَزِمَ الْمُحْدِثَ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ.
مَثَلًا: لَوْ أَمَرَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَدًا بِحَفْرِ حُفْرَةٍ لِتَجْتَمِعَ فِيهَا الْمِيَاهُ بِوَاسِطَةِ مَجَارٍ مُسَلَّطَةٍ عَلَيْهَا وَشَرَطَ أَنْ تُحَاطَ